الأقباط متحدون - لماذا أصبحت الحياة قاسية؟؟
أخر تحديث ٠٤:٠٣ | السبت ١٦ مارس ٢٠١٣ | ٧برمهات ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٦٧ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

لماذا أصبحت الحياة قاسية؟؟

أبدا لن استسلم ..سأظل أقاوم حتى أخر العمر من اجل عالم وحياة افضل 
بقلم: صبحى فؤاد
اشعر هذه الأيام أنى إنسان محاصر من كل مكان..محاصر فى البيت والعمل والشارع الذي امشي فيه وأسوق سيارتي ..اشعر أن هناك قوى متعددة تستهدفني وتستهدف وجودي على هذه الأرض كانسان من دم ولحم يسعى لكي يعيش حياته ككل البشر فى كرامة وبساطة وهدوء وعزة نفس ..
 
صحيح أنهم فى استراليا لا يحاصروك بالدبابات والمصفحات  وقوات الجيش الخاصة ورجال الأمن المركزي والشرطة او البلطجية الذين يحملون السيوف والمطاوي والسنج كما هو الحال فى مصر ودول اخرى ولكنهم هنا يحاصروك بكاميرات السرعة التى تتربص بك  فى كل شارع وحارة وتنتظر أخطاءك فى الطريق لمعاقبتك - إذا زادت سرعة عربتك كام كيلومتر فوق السرعة المحددة - بغرامات مبالغ فيها جدا واخذ ما فى جيبك بقوة القانون ..
 
هنا فى استراليا يحاصروك بالفواتير التى لا تتوقف يوما واحدا من كهرباء وغاز وماء ورسوم لمجلس الحي وشركات التأمين من كل شكل ونوع وتليفون وانترنت ..ناهيك عن الارتفاع الفلكي فى أسعارها وأسعار احتياجاتك اليومية الضرورية من طعام  وبنزين وغيرها .. لا احد يعطيك فرصة النقاش او الاعتراض او محاولة الفهم .. عليك ان تدفع شأت ام لم تشأ وإلا يبهدلوك وقد يسجنوك بالقانون ..عليك ان ترضخ وتسلم وتستسلم لأنك لو رفعت رأسك وحاولت ان تكون بطلا سوف تجد نفسك وحدك فى الميدان تحارب طواحين الهواء الى ان تسقط على الارض من فرط الإعياء والتعب !!.
اشعر برغبة فى البكاء والصراخ بصوت مرتفع فى وسط اكبر ميادين مدينة ملبورن من الغيظ ..من الغلاء ..من اليأس ..من محاولات الجميع اخذ قطعة منك رغم انه لم يعد عندي شيئا باقيا فى جسدي او عقلي لكى يستقطعوا منه المزيد ..
 
اشعر بالعجز لانى فشلت فى تغير العالم الى الأفضل بكلماتي التى اكتبها او أقولها ..اشعر انه لم يعد لكلماتي معنى او فائدة لأنها لا تغير بشرا او فكرا او شيئا فى الكون ..اشعر بالعجز والألم لأني لست مسيحيا أخرا يصنع المعجزات ويحيا الأموات ويغفر الخطايا ويشبع الجوعى والعطاشى ..
 ما ذنبي انى ولدت فقيرا ؟ ما ذنبي أنى ولدت على ارض مصر مصريا أصيلا؟ ما ذنبي انى ولدت أنسانا حساسا مهموما بمتاعب ومشاكل الآخرين أكثر من نفسي ؟ ما ذنبي أنى لا املك عصا النبي موسى لأقنع فرعون مصر الجديد بالرحيل ورفع الظلم عن شعب الله المختار ؟
لماذا أصبحت الحياة بهذه القسوة ؟ لماذا تحجرت قلوب الناس وعقولهم أيضا ؟ اين الضمير البشرى والحس الإنساني مما يحدث على ارض الله من ظلم وغياب للعدل وجشع وأنانية ؟
 
فى مصر يوعد رئيس الجمهورية شعبه بالخير والرفاهية وبعد شهور قليلة يفرض على شعبه تناول ثلاثة أرغفة عيش فقط لا غير فى نفس الوقت الذي نجده كل يوم والثاني يسافر الى دولة أجنبية خارج مصر مكلفا ميزانية الدولة الملايين التي لا تملكها وإنما تقترضها من الخارج ..حتى أولاده نجدهم لا يركبون الا احدث موديلات السيارات العالمية التى ثمن الواحدة منها يكفى لإعاشة عشرات الأسر سنويا فى مصر !!
اما فى استراليا حيث أعيش تتقاضى رئيسة الوزراء ما يقرب من نصف مليون دولار استرالي راتبا سنويا بجانب الإقامة المجانية والسفر والخدم والحشم وبقية الامتيازات الأخرى ورغم هذا تفرط فى الحديث عن معاناة الغلابة والفقراء والعمال والأسر الكادحة !!
ما هذا الزمان القبيح الذي نعيش فيه .. هل هو زمن الدجل والنصب والمافيا الدينية  وأصحاب الذقون الاصطناعية والضمائر الملونة بألوان الطيف ؟ هل هو زمن الكذابين والقتلة والداعرين فكريا وثقافيا وأخلاقيا ؟ 
 
ما ذنبي أنا فى كل هذا ؟ ولماذا لا أعيش مثل كل البشر مهموما فقط بمشاكل نفسي ؟
لقد حاولت كثيرا ان أغير المجتمع الاسترالي منذ مجيء الى هنا بطرق مختلفة فكانت محاولاتي مثل من كان يحاول الإمساك بضوء الشمس او الريح ..قل إصرار ..قل كبرياء ..قل عدم يأس ..قل حسن نيه وحب لعمل الخير ولكن فى النهاية أدركت انه الغباء بعينه ..أدركت أنى اغبي جميع مخلوقات الله على الأرض .
ونفس الشيء بالنسبة لمصر ..حاولت كثيرا ..كتبت مئات المقالات فى القدس وإيلاف ووطني والنهار والتلغراف والأقباط متحدون وغيرهم ..رفضت الانضمام للطبالين والمزمارين رغم الإغراءات المالية والوعود والذهب والفضة..كتبت ضد السادات ومبارك ..كنت أول من نادي  بسقوط الطاغية .. حلمت بمصر أفضل وأحسن فى غيابه ..كانت كلماتي التى اكتبها  جزء من أحلامي بمصر العظيمة ام الدنيا ..وليتني ما كتبت او قلت شيئا انا او غيري لأننا أسقطنا شيطانا صغيرا وقمنا بإجلاس شيطانا أعظم مكانه لكى يدمر ويقضى على ما تبقى فى مصر من حضارة وأمل وقيم إنسانية وتاريخ  حى يعيش فى دماء المصريين وأعماق أعماقهم .
 
على اى حال.. رغم قسوة الحياة سواء فى مصر والغربة أو اى مكان أخر فى العالم ..ورغم الحصار المعنوي والمادي المفروض ..أبدا لن استسلم..ابدأ لن انحنى او اقبل الأيادي ..أبدا لن أسير فى موكب الشياطين او الطغاة ..لن احفر قبري بيدي..لن أعطيهم فرصة التمتع بقهري او هزيمتي  ..سأظل أقاوم وأقاوم حتى أخر العمر من اجل عالم وحياة أفضل للفقراء والمظلومين والمقهورين والأجيال القادمة فى مصر واستراليا وبقية ارض الله.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter