الأقباط متحدون - خصوصية الست باكينام
أخر تحديث ٠٦:٤٨ | الخميس ١٤ مارس ٢٠١٣ | ٥ برمهات ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٦٥ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

خصوصية الست باكينام

بقلم: إسماعيل حسني
 لم يكتف الإخوان المسلمون بإفساد الحياة الفكرية والسياسية والأخلاقية في بلادنا بما يبثونه في عقول الناس من أفكار فاشية شاذة، فقرروا إرسال الست باكينام الشرقاوي إلى الأمم المتحدة لتقوم فضيلتها بنشر هذه الأفكار المريضة في أرجاء المعمورة.
 
 ذهبت الست باكينام إلى الأمم المتحدة لتعلن للعالم أن مصر التي كانت دائما في طليعة الأمم المدافعة عن حقوق الإنسان قد انتكست وارتدت قرونًا إلى الوراء على يد الإخوان المسلمين، وأنها قد تركت ركب الحضارة والتقدم لتنضم إلى مجموعة صغيرة من الدول الفاشية like Minded تناصب هذه الحقوق العداء وتتنكر لها. هذه المجموعة تضم دول ومجتمعات فاشلة أمثال أفغانستان وإيران وباكستان والسودان والسعودية والصومال وأشباهها.
 
 ولقد أثارت كلمة الست باكينام في لجنة المرأة بالمنظمة الدولية زوبعة كبيرة من التعليقات السلبية والساخرة نظرا لمحاولتها إخفاء حقيقة تراجع حقوق المرأة في عهد نظام الإخوان، فضلا عما تضمنته الكلمة من رؤى المجتمع الأبوي الاستبدادي الذي يحط من كرامة الإنسان وذلك باستخدامها مصطلح "الخصوصية الثقافية" ذو المدلولات المعادية للقيم الإنسانية وحقوق الإنسان.
هذا المصطلح الذي ابتكرته القوى الفاشية للالتفاف على مكتسبات الشعوب والاستمرار في اضطهاد المجتمعات واستعبادها بعد أن تم تجريم دعاوى التمييز الديني والعرقي التي اكتوى العالم بنارها لقرون طويلة.
 
ويتوسع الفاشيون اليوم في استخدام هذا المصطلح المزيف لتبرير أفكارهم العنصرية وتفسير تعارضها مع قيم الحرية والعدالة والمساواة، وللتهرب من الإلتزام بالقيم التي تفرضها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان في تشريعاتها المحلية.
 إننا نفهم الخصوصية البيولوجية في عالم الحيوان، ونعترف بالخصوصية الكيميائية في عالم المادة، أما في عالم الإنسان فيستحيل على أي منطق ديني أو قومي أن يبرر إطلاق هذا المصطلح على أي مجتمع بشري، ذلك أن القول بالخصوصية الثقافية لإنسان ما يعني إخراجه من المشترك الإنساني، وهو أبلغ إهانة يمكن أن توجه إلى هذا الإنسان إذا لم يكن مصابا بالتوحد أو من ذوى الاحتياجات الخاصة.
 
 إن هذا المصطلح يدعي جهلا وزورا أن الاختلاف الثقافي بين الشعوب لابد أن يؤدي إلى اختلاف قيمي وتشريعي، وبالتالي فما يصلح للتطبيق على بعض شعوب العالم من نظم وقوانين لا يصلح للتطبيق على شعوب أخرى، بينما الواقع العملي يؤكد أن ثقافة الأفراد والشعوب في حركة وتغير دائمين ولا تعرف الثبات لأنها انعكاس لحركة المجتمعات وتطورها الدائم.
 
ويلقى هذا المصطلح الأصولي قبولا بين العامة في بلادنا لما يقوم به من تضخيم للذات، وتعظيم الثقافة المحلية، والإدعاء بتفوقها على سائر الثقافات الأخرى، وهي الجريمة التي يرتكبها المتطرفون في كل الأديان والمذاهب. ولعل أطرف ما قرأناه في هذا الصدد ما ذكره يوسف القرضاوي في كتابه الخصائص العامة للإسلام "إن للإسلام سبعة خصائص تميزه عن غيره من الأديان وهي: الربانية ، الإنسانية ، الشمول ، الوسطية ، الواقعية ، الوضوح ، والجمع بين الثبات والمرونة". ووجه الطرافة هنا أن القارئ لو اطلع على أي مرجع في أية ديانة سماوية أو أرضية سيجدها تصف نفسها بنفس الخصائص وربما بنفس الألفاظ، كما سيجد الإدعاء أن هذه الصفات تخص هذه الديانة وحدها دون غيرها من الأديان.
 
 إن الأنظمة الفاشية تتبنى مصطلح "الخصوصية الثقافية" لكي تبرر تشريعاتها المقيدة لحقوق شعوبها، وهو ما فضحه الشيخ ياسر البرهامي حين اعترف "إن الدستور المصري الجديد به قيود غير مسبوقة على الحريات".
ولعل أصدق من عبر عن تلك الخصوصية المزعومة التي نادت بها الست باكينام هو الحبر اليهودي الأكبر أ. كوك حين قال‏:‏ إن الفرق بين روح اليهودي وروح غير اليهودي‏،‏ هو أعظم وأعمق من الفرق بين روح الإنسان وروح الماشية‏. 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter