الأقباط متحدون - أصعب أيام التاريخ
أخر تحديث ٠١:٠٣ | الثلاثاء ١٢ مارس ٢٠١٣ | ٣ برمهات ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٦٣ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

أصعب أيام التاريخ

دماء المصريين لم تتوقف منذ أحداث يناير 2011
دماء المصريين لم تتوقف منذ أحداث يناير 2011
بقلم: ماجد سوس                                               
 رائحة الموت و الدماء ملأت أنوف المصريين مع بداية عصر من عصور الظلام. ففي كل مكان تجد أم ثكلى وأب مكلوم مع تزايد عدد القتلى والجرحى  في حرب ضروس تدور لا في ساحة معركة بين مصري و عدو بل للأسف بين أبناء الوطن الواحد .فها هم مجموعة من خيرة شباب مصر فقدوا في غفلة من الزمن القاسي . وها هم مجموعة من أطهر نساء مصر و بناتها أغتصبن و تم هتك أعراضهن في وضح النهار في ميدان الحرية ، ميدان التحرير، كواحدة من أخس و أقذر  جريمة عرفتها البشرية هي وصمة عار أطفأت  فرحتهن و حبهن للحياة فقتلت أحلامهن ووأدت آمالهن .
 
 الحال ليس بأفضل مع رجال مصر الشرفاء الذين تم تعذيبهم و الاعتداء الجنسي عليهم في منطقة الجبل الأحمر فكسرت رجولتهم وتهتكت نفوسهم و تحطمت أيضا أحلامهم التي كادوا أن يحققوا بعضا منها دون قبل أن يفيقوا على حاضر مخيف و مستقبل مجهول .
 
 في هذا الصدد صرح أحد ضباط الشرطة السابقين : " إتصل بي عشرات من الشباب الذين تم اختطافهم بمعرفة ميلشيات الإخوان وهم يبكون والنار تشتعل في قلوبهم وأكدو لي أنه تم هتك عرضهم من ميلشيات الإخوان يعاونهم بعض ضباط الشرطة وتم تصويرهم في أوضاع مشينة بكاميرات الموبايلات .." - هذا بخلاف من خجلوا من أن يبيحوا بما جرى واكتفوا بالصمت الذي غالبا ما يؤدي للأمراض العصبية والنفسية التي يصعب الشفاء منها. ألوان من الذل و المهانة و  التعذيب في السجون المصرية  ليس له مثيل منذ العهد الناصري.
 
 أما حال الأقباط فهو أكثر سوءا من عهود كثيرة مضت. فاختطاف بناتهم مازال مستمرا ولكن الأشد خطورة هو إلصاق التهم بأي شخص قبطي و القصاص منه بطريقة بشعة دون اللجوء للقانون وهو ماحدث في الشاب المسيحي بمنطقة الدخيلة بالإسكندرية الذي وجد مذبوحا وملقى في البحر لأنه عاكس بنت مسلمة. وما حدث في مدينة الغردقة التي اهتزت كلها من مصرع رجل كان يتدخل في مشاجرة بين مسيحيين فقتل خطأً، فإنقلبت المدينة وانتفض الكثيرون يريدون الهجوم على الأقباط والاعتداء على كنائسهم و تظاهروا أمام قسم الشرطة طالبين تسليم المتهم المسيحي ليفتكوا به رغم انها جريمة مثل باقي الجرائم لادخل لدين الجاني او المجني عليه فيها .
 
 حتى الأطفال الصغار لم يسلموا من القتل و السحل والاعتداء الوحشي؛ يحكي الطفل كامل مصطفى خلال فيديو نشرته مجموعة «مُصرِّين» للإعلام الشعبي على «يوتيوب»،  ما جرى له بعد تعرضه للاعتقال في 1 فبراير من العام الجاري، أنه أصيب بطلقتين في قدمه ويده، ورغم ذلك تمت «كلبشته»، حسب تعبيره، في سرير المستشفى دون أي مراعاة لحالته الصحية. كما أضافت والدته أنها تعرضت للتهديد من قبل ضابط شرطة، فتقول: «ضابط اتصل بيَّ وقال لي رئيس الوزراء بعت لك رسالة.. لو أي حد من الصحافة أو الإعلام خد خبر، حناخد ابنك ومش حتعرفي عنه حاجة.
 
وسط هذه الأجواء القاسية ظهرت مجموعة مخلصة من أبناء الوطن قامت بتكوين حملة أطلقت على نفسها اسم  "وطن بلا تعذيب" و في أول مؤتمر صحفي لها حضرته والدة الشهيد خالد سعيد ، شهيد الشرطة بالإسكندرية، وقالت :  إن وزارة الداخلية طورت أساليب التعذيب، لكي تقضي على الشباب الثائر حتى لا يقف في وجه ظلم النظام الحاكم وأكدت خلال كلمتها بالمؤتمر الصحفي ، أنها مستمرة مع أسر الشهداء في النضال ضد النظام حتى الأخذ بالثأر لولدها وكل الشهداء الذين سقطوا ظلما على أيدي قوات الأمن.
 
أما محمود عفيفي ، محامي خالد سعيد وسيد بلال ( شهيد التعذيب السلفي،) أكد أن التعذيب فى مصر ممنهج، ويتم بعده تشويه الضحية بأي شكل من الأشكال، ثم يأتي دور الطب الشرعي لطمس الحقيقة من خلال تقاريره المزورة  حسب قوله.
وطالب عفيفي بوضع تعريف واضح للتعذيب كخطوة أولى للوصول إلى وطن خال من التعذيب، مطالبا جماعة الإخوان المسلمين التي تحكم مصر بالرجوع إلى الدين، لتتعلم احترام كرامة الإنسان.
 
هل تعلم، عزيزي القارئ، أن عدد حالات الاعتقالات التى وقعت خلال الفترة من 24 يناير حتى 20 فبراير من هذا العام فقط ، تعدت 1200 حالة من بينها 459 حالة بالقاهرة و 350 حالة بالإسكندرية، منهم 400 طفل، بجانب 70 حالة وفاة بينها 5 غير معلومي الهوية؟
 و العجيب أن الدستور المعيب الذي وضع بالتزوير لإرادة الشعب و في غفلة من الزمن ، ينص في المادة «36» منه على أن: "كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته بأى قيد، تجب معاملته بما يحفظ كرامته. ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا. ولا يكون حجزه ولا حبسه إلا في أماكن لائقة إنسانيا وصحيًا، وخاضعة للإشراف القضائي. ومخالفة شىء من ذلك جريمة يُعاقب مرتكبها، وفقًا للقانون. وكل قول صدر تحت وطأة أى مما تقدم، أو التهديد بشىء منه، يهدر ولا يعول عليه".
 
ما يحدث في مصر الآن شيء مريع بشع  ، تقشعر له الأبدان. فهو غير آدمي ، غير انساني ، فاق حد التصور. أكاد أن أجن... أشعر أنني في كابوس. مرارة في حلقي. طار النوم من أجفاني. لم يفعل المستعمرون أو الصهاينة مع الشعب المصري مايفعله الإسلاميون. لقد حولوا أفراح المصريين بالحرية الى دموع لاتجف ، إلى حزن و عويل في كل شوارع مصر فاتشح الكل بالسواد ،عدا هؤلاء المجرمون  المتاجرون بدينهم وبأوطانهم .
 كيف يصلي رئيس الدولة ورئيس حكومته و وزراؤه وأيديهم ملطخة بدماء صحاياهم من المصريين باغتصابهم وهتك أعراضهم؟ كيف يصلون و لمن يصلون ؟! كيف يتجرأون على الله ؟ أيتاجرون بدماء و أوجاع المصريين؟  لمصلحة من؟ وما هو الهدف من إيذاء وإذلال أبناء وطنهم ؟ و تدمير اقتصاد الوطن ومقدراته ؟ من الذي يقف وراء كل هذا؟ هل أماتوا الانتماء أم هم لم يعرفوه يوما ... الاسئلة كثيرة محيرة جدا وقد لا نجد إجابات مقنعة لأغلبها و علينا أن ننتظر. 
 
على أنني، عزيزي القاريء، لم أتعود أن اتركك بلا قبس من أمل. فبالرغم من قتامة المشهد إلا أننا نرى بصيصاً متجددًا  من أمل تجده جليًّا في كل ثائر لا يخشى الموت فيخرج و يقف و يهتف بكل قوة  ضد الظلم والغدر و الطغيان.
 
 يسقط شهيد فيقوم عشرات آخرون يحملون منه مشعله ويكملون مسيرته .أبدا لن تسقط مصر ولن تستسلم  أنظروا، لم يعد للخوف مكان ولم يعد للجبان مكان وسط الثوار الحقيقيين. أما القتلة المغرضون فتجمعهم بوتقة واحدة سوداء يتصارعون و يتنافسون في الشر. ينقسمون على ذاتهم. لقد شبههم المسيح  بمملكة الظلمة، تسقط حين تنقسم على ذاتها .
 
أما في الجانب المضيء فتجد مصريين حقيقيين يفدون بلادهم بدمائهم.   وها هم أخواننا المسلمون، سواء من هم من رجال الإعلام الشرفاء أو المثقفين أو من جموع الشعب الوفي الذين وضح لهم من هوالفاسق الشارد المتستر بالدين ومن هو المتدين الحقيقي .فطنوا لتلك اللعبة الدنيئة التي تحيق بالوطن خرابًا، و باتوا غير منخدعين بلحية أو بجلباب يخفي وراءه ألد أعداء الإنسانية. لقد عرفوا الحقيقة التي أعلنها يعقوب الرسول حينما تحدى الزائفين بكلماته الذهبية: "أنا بأعمالي أريكَ إيماني" .
 
 نعم، إننا نمر بأصعب أيامنا و أكثرها مرارة،  لكن النصر قريب. وسيعظم الرب الصنيع معنا وسنفرح ونبتهج لأن وقت الفرج قد لاح.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع