بقلم يوسف سيدهم
الإعلام اليوم بكل مستوياته-المقروء والمسموع والمرئي-أصبح يشكل الجزء الأكبر من وعي المواطن ووجدانه وثقافته,ولذلك يعد الإعلام من الأدوات الخطيرة التي تحمل مسئولية جسيمة تبعا لكيفية أدائها لدورها
الإعلام اليوم بكل مستوياته-المقروء والمسموع والمرئي-أصبح يشكل الجزء الأكبر من وعي المواطن ووجدانه وثقافته,ولذلك يعد الإعلام من الأدوات الخطيرة التي تحمل مسئولية جسيمة تبعا لكيفية أدائها لدورها,بينما يمكن التحكم في التعليم من خلال تدقيق وتطهير وتحديث مقرراته ومناهجه,نجد الإعلام خارج السيطرة يتبع توجهات وأغراضا وأهواء شتي ويقتحم العقول والقلوب بلا استئذان...ولعل ما نعيشه اليوم في ظل سطوة إعلام الفضائيات هو أبلغ دليل علي أن المتلقي يجب أن يتسلح بالكثير والكثير من الفحص والعقل والحكمة لئلا يقع فريسة لإعلام غير أمين أو مضلل يزيف وعيه ويفسد وجدانه ويوغر صدره.
وإذا كان هذا هو الأمر بالنسبة لإعلام الفضائيات عموما,تتضاعف درجة الحساسية والخطورة بالنسبة للفضائيات التي تقدم نفسها للمتلقي علي أنها تحمل رسالة دينية أو تنطلق من توجه ديني,ففي هذا الإطار يقع عليها عبء أكبر في الالتزام القيمي والأخلاقي بجانب الالتزام المهني والحرفي,وينظر الناس إلي كل قادم جديد إلي الفضاء الإعلامي الديني بقدر غير قليل من الترقب والتوجس حتي يثبت مدي احترامه لتلك المعايير.
ونحن فيوطنينشعر بمسئولية كبيرة إزاء الفضائيات المسيحية علي وجه الخصوص ونهتم بأن نفرز الغث من السمين بينها لإدراكنا لخطورة العمل تحت ذلك المسمي في ظل خلط واضح بين التوجهات وتباين الأداء في هذا المجال... وبالرغم من عدم ارتباطنا مهنيا بأي من الفضائيات المسيحية إلا أن الأمر لايخلو في كثير من الأحيان من تلقينا موادا إعلانية تروج لتلك الفضائيات. وصحيح أن المبدأ الثابت في مجال الإعلام أن الإعلان مسئولية المعلن بمعني أن حامل الإعلان ليس مسئولا عن مضمونه,لكن إذا كان ذلك ينطبق علي أي سلعة أو خدمة فهو لا يستقيم مع الترويج لرسالة إعلامية من خلال فضائية مسيحية قد يثبت أنها تنتهج سياسات تتنافي مع المتوقع منها مهنيا وأخلاقيا ودينيا.
ولست أقول ذلك من فراغ,فلنا خبرات سابقة في هذا الإطار حين سبق لنا نشر إعلان عن فضائية قدمت نفسها للقراء في ثوب فضائية مسيحية,وعقب نشر الإعلان مباشرة تلقينا عددا غير قليل من التساؤلات والاحتجاجات من القراء ومن الزملاء تعترض علي مضمون برامج تلك الفضائية ولا تعفيوطني من مسئولية الترويج لها إعلانيا,الأمر الذي دعانا إلي الاعتذار عن استمرار نشر ذلك الإعلان استشعارا منا لخطورته ومشاركة في استنكار ورفض المضمون الذي يقف وراءه.
في هذا السياق ذاته ثارت منذ عدة أسابيع قضية مماثلة مرتبطة بقادم جديد إلي فضاء الإعلام المسيحي...فضائية جديدة تحمل اسمقناة الحرية تبث برامجها من خارج مصر باللغة العربية-ولعل هذا كان مكمن التوجس والحساسية لدي البعض في استقبال هذه القناة-وفتش البعض عن خلفيات القناة وانتماءاتها ومصادر تمويلها وسارعوا بإطلاق الاتهامات في وجهها حتي قبل أن تطلق برامجها أو يبدأ بثها الفضائي. وقد تابعت أنا باهتمام واجب كل ما أثير حول هذه القناة في محاولة للوصول إلي الحقائق....فكونها فضائية مسيحية لا يعني بالضرورة الترحيب بها ضمنيا ولا يعني في الوقت نفسه الاندفاع بأخذها بجريرة من ضلوا السبيل من سابقيها.
وقد تلقيت في هذا الخصوص رسالة بعنوانقناة الحرية بين الحقيقة والافتراء بتوقيع الدكتور رأفت وليم تتناول رسالة وسياسة وتوجهات قناة الحرية أعرض منها المقاطع الآتية:
0قناة الحرية تأسست لتكون مجري روحيا يربط تاريخ الكنيسة بكل زخم تراثها الآبائي بحاضر المجتمع واحتياجاته المتجردة ليكون منهلا للحق المحرر الذي جاء به مخلصنا الصالح عندما قال:وتعرفون الحق والحق يحرركم.قناة الحرية هي رؤية جادة لاستقراء الخبرة الآبائية الكامنة في تراثنا الكنسي وربطها بالحياة اليومية لتخرجها من حيز التاريخ المكتوب إلي رحب الحاضر المعاش.
0قناة الحرية تستمد جذور نبتتها من تربة كنيستنا القبطية المجيدة الضاربة في أعماق التاريخ والتي حفظت الإيمان المستقيم وستبقي علي مدي الأجيال ملحا للأرض ونورا للعالم...رؤية الحرية أن تكون قناة ربط بين السماء والأرض,لتربط الحاضر بكل آلامه وأفراحه بجذور الماضي المجيد وتفتح بالأمل نافذة علي أحلام المستقبل,هي قناة تسع الكل وتخدم الكل,مشاهدوها مجموع الناس مهما تعددت مذاهبهم أو أنماطهم الفكرية ومهما تباينت خلفياتهم الدينية أو الثقافية أو الاجتماعية أو شرائحهم العمرية.
0قناة الحرية ترصد نبض الشارع وتتواصل مع الأحداث من منظور روحي,تتناول أمور السياسة,تدافع عن حقوق المظلومين,تهتم بأحداث الرياضة,تنافش أمور الطب والعلم,تجد المرأة فيها مكانا مرموقا يليق بدورها المساوي والمكمل للرجل,يحظي فيها الشباب باهتمام خاص,ستكون القناة من خلال برامجها الصوت الصارخ لمن صمتت أفواههم من الطبقات المهمشة والمطحونة.
0قناة الحرية تحقق رؤيتها من خلال البث المباشرة والبرامج الحوارية,برامج الاستنارة الروحية من خلال كلمة الله وأقوال الآباء,برامج للمواهب والإبداع في الفن والشعر والرسم والترنيم,برامج للتواصل مع المشاهدين من خلال شتي وسائل وروافد التواصل.
000استقطعت هذه المقاطع من الرسالة التي وصلتني لألقي الضوء علي أسس وتوجهات قناة الحرية وتركت ما تضمنته الرسالة من الرد علي السهام التي صوبت إليها لتنال منها قبل أن يبدأ بثها...لأني لست في موقف المدافع عن القناة فتلك مهمة القائمين عليها,ولكني حرصت علي تسجيل المعايير التي تحكم أداءها حتي يستطيع المتلقون متابعتها ومحاسبتها تبعا لدرجة التزامها وتمسكها بتلك المعايير.