الأقباط متحدون - الأزمة وثقافة الجزمة
أخر تحديث ٠١:٥١ | السبت ٩ مارس ٢٠١٣ | ٣٠ أمشير ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٦٠ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الأزمة وثقافة الجزمة

محمود شعبان يرفع الحذاء على إسلام البحيري وطوني يمنعه من إلقاءها
محمود شعبان يرفع الحذاء على إسلام البحيري وطوني يمنعه من إلقاءها
بقلم: فاروق عطية
تتميز الشعوب العربية عن باقى شعوب العالم بثقافة الجزمة, فهى ثقافة متجذرة لدينا ولها تاريخ طويل. وللجزمة أسماء عديدة تختلف من منطقة لأخرى, منها الحذاء والكندرة والمداس والبلغة والنعل، وإذا أصابها الكبر والانهاك يطلق عليها الصرمة أوالصرماية والبرطوشة. فى ثقافتنا العربية لا نستخدم الجزمة فقط لحفظ القدمين بل نستخدمها فى التعاملات اليوية للتعبير عما يختلج فى نفوسنا, فإذا طالب دائن المدين برد ما عليه يقول له بكل ثقة: غدا أرد لك الدين ع الجزمة القديمة, وفى لبنان يقولون: ع صرمايتى. وحين يريد شخص تحقير آخر يقول عنه: ده ابن جزمة وبلغه تحياتى ـ أى تحيتى إليه بالبُلغة.
 
وفى الأدب الشعبى قصة حذاء أبو القاسم الذى تضخم حذاؤه من كثرة ما اضيف له من رقع ولُوَز فأراد التخلص منه, وكلما ألقاه عاد إليه بمشكلة. كما استخُدم القبقاب كسلاح فتاك استخدمته شجرة الدر فى قتل زوجها عز الدين أيبك كما استخُدِم أيضا فى قتلها. ويمكن استخدام الجزمة كسلاح من أسلحة الدمار الشامل خاصة لو زوده صاحبه بحدوتين حديديتين فى الأمام والكعب, ويزداد فتكا إذا كان صاحبه ممن لا يراعون نظافة القدمين وغسل الجوارب فحين استخدامه تنطلق منه غازات سامة أشد فتكا من غاز الخردل أو الفوسجين إضافة لقوته التدميرية الهائلة. وفى تاريخنا الحديث منذ أعوام (فى عصر المخلوع)  حدثت معركة حامية الوطيس بين عضوين موقرين بمجلس الشعب المصرى أحدهما ينتسب لعائلة رئيس سابق استخدم فيها سلاح الجزم المحرمة دوليا, وتلتها واقعة أغرب فى ملتقى رياضى نسى فيها مستخدم سلاح الجزمة أن الرياضة تنافس شريف يهذب النفوس وينقيها من النزعات العدوانية.
 
والكارثة الأكبر أن الواقعة تمت فى وجود نائب رئيس الجمهورية, حدث ذلك إبان مباراة كرة القدم فى نهائى كأس مصر بين أكبر الأندية المصرية بل العربية والإفريقية, حين أحرز الأهلى النصر ثار رئيس نادى الزماك والمفترض فيه أنه رجل قانون فاضل, تناسى الرياضة وتناسى القانون وتناسى تواجد نائب رئيس الجمهورية ورئيس اتحاد كرة القدم, وخلع المستشار مرتضى منصور حذاءه الفاخر المستورد وألقاه على ضيوف المقصورة بمنتهى البجاحة. 
 
   أما فى باقى أنحاء العالم الجاهلون بثقافة الجزمة واستخداماتها كسلاح فتاك ـ للجزم عندهم أيضا تاريخ يذكرـ منها حذاء سنديللا الذى تركته فى منتصف الليل بعد حفل راقص بقصر الأمير نتج عنه زواج سندريللا المعدمة من أمير البلاد وزين شبابها. أيضا عشق ايميلدا ماركوس للجزم التي امتلكت أكبر دولاب منها وصل عددها لأكثر من الألف ويقدر ثمنها بملايين الدولارات, ونابليون ونلسون اللذان تنافسا في طول الحذاء "البوت" الذي يتعدي الركبة, هتلر وموسوليني اللذان كان الحذاء جزءا من شخصيتهما الطاغية, وخروتشوف رئيس الاتحاد السوفيتتى الذي دق علي منصة الأمم المتحدة بالحذاء في الستينات.
 
أما عندنا كعرب مقدسى ثقافة الجزمة أصبح منتظر الزيدي منذ الأحد 14/12/2008 صاحب أشهر حذاء في التاريخ المعاصر, فهو الذي حول جزمته لقذيفة ثناية الطلقات عيار 44، هزمت بوش في المكان الوحيد الذي يعتقد أنه حقق فيه انتصاره. والغريب أن الشارع العربي اعتبر تصرف الزيدي شجاعة وبطولة و أعربت كافة النقابات المهنية العربية عن تضامنها مع الزيدي وطالبت بالحفاظ علي حياته والإفراج عنه, كما قررت عائشة ابنة الزعيم الليبي (المغدور) معمر القذافي ورئيسة جمعية "واعتصموا" للأعمال الخيرية منح وسام الشجاعة له. ولكن هل كان بوش هوالوحيد المُلام فيما حدث للعراق ؟ بالقطع هوملام ولكن الأكثر استحقاقا للوم هم قادتنا الأشاوس الذين انبطحوا ولبّوا نداء بوش كأنه القدر. وما حدث من الزيدى يمثل برهانا للعالم لمتحضر على أننا شعوبا غوغائية لا نراعى احترام رؤساء الدول والأعراف الديبلوماسية, خاصة أن السياسة لا تعرف العواطف كالحب والكراهية بل هى لغة المصالح.
 
   هذا ما كان قبيل ثورات أو فورات ما أطلق عليه الربيع العربى, وكنت أظن أننا بعد الثورة سننتهج ثقافة مغايرة ولكن يبدو أن الطبع يغلب التطبع, وأن ثقافة الجزمة لدينا ثقافة متينة تتحدى الزمن والثورات. وكنت أظن أن المتفقهين فى الدين يكونون أكثر سلاسة وروية وحكمة ولا ينجرفون لثقافة الجزمة المتدنية, ولكن خاب ظنى وأيقنت أننا كلنا فى الهم شرق, لا فرق بين جاهل وعالم الكل فى ثقافة الجزمة سواسية. وتشرفَتَ ثقافة الجزمة بحدثين بارزين من شخصيتين متأسلمتين هما الشيخ أبو إسلام والشيخ محمود شعبان الشهير بهاتولى راجل.
 
 ففى يوم الأحد 24/2/2013 فى حوار ببرنامج العاشرة مساء الذى يقدمه وائل الإبراشى, احتد النقاش بين أحمد دومة والشيخ أبوإسلام, وحين شعر الأخير بالهزيمة والعجز عن قرع الحجة بالحجة خلع حذاءه ووضعه على منضدة الحوار.  وفى يوم5/3 /2013 فى مناظرة بين الشيخ هاتولى راجل والكتب إسلام البحيرى فى برنامج آخر كلام الذى يقدمه طونى خليفة على قناة القاهرة والناس, تبادل الطرفان النقاش الحاد على إثره خلع الشيخ هاتولى راجل حذاءه ليضرب به مناظره لولا تدخل طونى لوقف المهزلة.
 
http://www.youtube.com/watch?v=QEiEo_cDIWE
 
http://www.nmisr.com/vb/showthread.php?t=468476

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع