كتب: ليديا يؤانس
عقدت محكمة الإنسانية الدولية بوسط العالم جلسة خاصة مِستعجلة للحُكم في قضية هامة جداً. قاعة المحكمة تضُج بالألآف من الجنسين رِجالاً ونِساءاً. الرِجال تَجمَعوا وأخذوا أماكِنهُمْ على جانب من قاعة المحكمة وكذلك النِساء على الجانب الآخر من القاعة كما لو كانا جيشان واقِفان على أُهبة الإستعداد لينقض كُلا مِنهمُا على الآخر. كاميرات التصوير والستالايت تُلهِب القاعة بِأضوائِها. الأصوات تتعالى والكلمات تتراشق وتختلط بالدموع تارة وبالوعيد تارة أُخرى. نظرات ساخرة وتَكَبُرْ وجبروت تُقابلها نظرات عِتاب وألم.
وفجأة إرتفع صوتُ حاجِبْ المحكمة لِيُعلن عن مجئ القاضى. القاضى دخل القاعة التى تََعِجُ بالحاضرين وأذهَلهُ ما رآه من هَرَج ومرج وصِياح وتراشُق بالكلمات. القاضى دَق المنضدة التى أمامه بالمطرقة لِينُبه الحاضرين لوجودهِ وليُعلن عن بدء جَلسة المُرافعة. القاضى حدَقَ بِنَظرة قوية ثاقبة في الحاضرين وقال سَننظُر اليوم الدعوى المُقامة من المجنى عليها حواء ضد الجانى آدم وبدأ في قِراءة بنود الإتهام الموجهه ضد آدم وهى كالآتى:
• أرفُضْ المُعاملة على اني إنسان من الدرجة الثانية.
• أرفُضْ عدم المساواة بيني وبين آدم في حقي الإنسانى والفكرى.
• أرفُضْ المُعاملة على اني لا أصلُح إلا لِلمُتعه.
• أرفُضْ إجباري على إرتداء الحجاب.
• أرفُضْ إجباري على الزواج وأيضاً الزواج في سن صغير.
• أرفُضْ مُعاملة جسدي على انهُ عَورة أو شئ يجب أن أخجل مِنهُ.
• أرفُضْ عدم السماح لي بِمُمارسة العمل خارج المنزل.
• أرفُضْ إجباري على عدم التعليم والتثقيف وممارسة الهوايات البَنَاءة.
• أرفُضْ أن تُطلقني وقتما تشاء وبدون موافقتي.
• أرفُضْ أن تحرمني من أبنائي في حالة الطلاق أو الإنفصال.
• أرفُضْ الخِتان
• أرفُضْ أن تَهجُرني في الفراش كنوع من العِقاب.
• أرفُضْ عدم الأخذ بشهادتي ووصفي بأنني ناقصة عقل ودين.
• أرفُضْ أن تَقتُلني لا لشئ إقترفتهُ ولكن فقط لأنني أُنثى.
• أرفُض أن أكون وسيلة للكسب المادى في سوق الدعارة.
• أرفُض التحكُم من ذكور العائلة في شئوني الخاصة.
• أرفُضْ القمع والإرهاب والتخويف.
• أرفض نون النِسوة.
• أرفض التمييز في الميراث.
إنتهى القاضى من قراءة عَريضة الدعوى وحول بصره في إتجاه الجانب الذى يجلس به الرجال وقال: ماذا تقول يا آدم في هذة التُهم الموجههة إليك؟
وقف آدم بكل قوة بارِماً شواربهُ ؛ نافِخاً صدرهُ ؛ رافِعاً رأسهُ مُتحدياً مع إبتسامةِ ساخرة. وبدأ يَدُك أرض قاعة المحكمة بعصاه قائلاً بصوت جهورى: اللهم أشكرك على انك خلقتني ذكراً لكى يكون لي السُلطان على كُل شئ في الكون بما فيه أيضاً حواء. اللهم أشكرك على انك خلقتني ذكراً وليس أُنثى حتى لا أُعاني مِما تُعانيه المرأة. سيدي القاضى لستُ أنا المُذنب بل الله لأنهُ خلقني أنا الأول ثم خلق حواء من ضلع من ضلوعي فقلتُ لِنفسي "هذة عظمُ من عِظامي ولحمُ من لَحمى" فَدعوتها إمرأة لأنها مأخوذة من أمرئ أى مِني أنا. أيضاً الرب الإله أعطاني سُلطان على كل المخلوقات وبما أن حواء مأخوذة مني إذن أنا لي كُلْ السلطان عليها. هل يجوز ياسيادة القاضى أن أُقصر في المُهمة التى أمرني بها الله!
وحينئذٍ ثار الحاضرين وتعالت الأصوات ووقفت حواء مُعترضة على كلام آدم قائلة: كلامك يَدُلْ على عدم محبة وفِهمْ خاطئ للإنسانية ولِحكمة الله في خلقهِ. الله خَلقني لكى أكون مُعيناً لك وخلقني من ضِلعكْ لكى أكون قريبة من قلبك لكى نتحد معاً بالمحبة وأكون رفيقة لك في الحياة. لم يخلقني من رأسك حتى لا نتنافس على قيادة دفة حياتنا. لم يخلقني من رجلك حتى لا تتسلط عليّ وتحتقرني. آدم لا تنسى أنني أُمك وزوجتك وحبيبتك وأختك وإبنتك وصديقتك وزميلتك في العمل. آدم لا تنسى أنك بالغريزة تحتاج لي كأنثى وأنا أيضاً أحتاجُ إليك كَرَجُل. آدم لا تنسى أنك بدوني أنتَ لا شئ!
إلتهبت القاعة بقذائف الكلمات المُتراشقة بين الطرفين مما جعل القاضى يرفع الجلسة ويُعلن أن الحُكم بعد المُداولة.
رجع القاضى بعد إستراحة قصيرة لِيُعلن الحُكم في قضية آدم وحواء وهو كالآتى:
أولاً: إلزام آدم بدفع التعويضات المادية نظراً للتعديات والجرائم الإنسانية التى إرتكبها فى حق حواء على مدى الزمان.
ثانياً: يجب على المرأة أن تتمسك بحقوقها قدر إستطاعتها وخصوصاً حقها في التعليم والثقافة وإختيار الزوج.
ثالثاً: يجب على الدول المُتقدمة أن تقوم بعمل المؤتمرات والندوات الثقافية لتسليط الضوء على مشاكل المرأة وخاصة في الدول التى يُهدَرْ فيها حق المرأة.
رابعاً: يجب على المُنظمات الحقوقية والهيئات الدولية التدخُل لِحماية المرأة وخاصة الفتيات الصغار والأطفال من تعسف بعض الثقافات في مُعاملة المرأة والطفلة الصغيرة.
خامساً: وضع عقوبات دولية على الدول التى ترتكب جرائم في حق المرأة.
سادساً: يجب أن تكون هناك ثورة فكرية للمُطالبة بِحُرية المرأة من تَعسُف بعض الثقافات.
ضجت قاعة المحكمة بالتصفيق والتهليل وهتفت النساء "يحيا العدل."