الأقباط متحدون - أبو الهول يَستَغيث .. ويَطلُب البوليس !!!
أخر تحديث ٠٤:٤٠ | الأحد ٣ مارس ٢٠١٣ | ٢٤ أمشير ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٥٤ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

أبو الهول يَستَغيث .. ويَطلُب البوليس !!!

بقلم / حنان بديع ساويرس
إن جزء كبير من إقتصاد مصر يعتمد على السياحة ، والتى بدورها تعتمد بشكل كبيرعلى الآثار ، ولاسيما أن مصر دولة زاخرة بالآثار الفرعونية والقبطية والإسلامية ، لذا تُعتبر الآثار من أهم مصادر رواج السياحة وجذب السياح لها ، وقد إعتَدنا فى الشهور الآخيرة أن نسمع من حين لآخر بعض الآراء الشاذة التى تَصُب فى النهاية نحو دمار السياحة وإنهيارها  ، فقد خرج علينا بعض السلفيين مُنذ فترة قليلة بآفكار فَذة وعَبقَرية لم يَسبِق لها مثيل ، وأعتقد أن الزمان لن يجود علينا بشبيهاً لها !! فقد تكررت تصريحاتهم بأنه يجب تغطية التماثيل بالشمع أو هدمها لأنها أصنام !!

-    الحقيقة أننى أقف فى حالة من الذهول أمام مثل هذه التصريحات التى أقل ما توصف بأنها "مُهاترات" لأشخاص غير مسؤولين ، فهؤلاء الجهابذة يريدون طمس تاريخ وحضارة شعب عريق ،  كما حدث قديماً عندما حُرقت مكتبة الأسكندرية ، فهؤلاء إما أنهم ليسوا مصريون أو أنهم مُغيبون أو من كوكب آخر غير كوكب الأرض ، فقد خرجوا علينا فى كل وسائل الإعلام وببساطة شديدة يطلبون " تغطية الأثار بالشمع" وكأنهم يتحدثون عن "دِهان سور منزلهم" أو عن ميراث خاص قد تركه لهم السيد الوالد ،  وليست ثروة وطن ، وآثار تشهد على تاريخ وعظمة مصر عبر الحضارات المُختلفة والمُتلاحقة التى مرت بها ، وموروث ثقافى وحضارى تركه لنا أجدادنا القُدامى !!

-    أما ما يثيرالسخرية ، وربما يُصيب المرء بوصلة من الضحكات التى لا تنقطع هو تصوير التماثيل الأثرية على أنها أصنام !! ، وكأنهم يرون المصريون يومياً يقدمون لها القرابين ويواظبون على التبخير لها ، أو السجود أمامها !! ، لذلك قرروا القضاء على الكُفر بالبلاد ، وإنهاء عبادة الأصنام بمصر!! عن طريق تغطية أوهدم المعابد والأصنام  !!  فالمصريون شعب معروف بتدينه الشديد وحبه لله أياً كانت ديانته ، فلايختلف على إيمانه بالله أثنان ،  فالآثار بما فيها من تماثيل موجودة بمصر مُنذ قرون طويلة ، بمعنى أنها ليست بجديدة أو مُستحدثة علينا ، حتى يُشعرونا بأنهم أستيقظوا من النوم ذات يوم .. وفجأة وجدوها فقرروا القضاء عليها !!      
    فقد إنتهت عبادة الأصنام والأوثان من مصر مع دخول الديانات لها ورغم أن الآثار قديمة قِدم مصر ، إلا أنها لم تؤثر على إيمان المصريين  بالإله الواحد بعدما عرفوه ، ولم يَرتَد المصريين لعبادة الأصنام بعدما ترك عبادتها كل شعوب الأرض ، وليسوا المصريون وحدهم ولاسيما أن مصر هى معقل الديانات فهل يتصور المفوضون أنفسهم وكلاء الله على الأرض أن المصريون سيتركون عبادة الخالق ليتعبدوا للأصنام ؟؟!! ، فنحن نعرف جيداً  القيمة الحقيقية للآثار والتى تكمن فى كونها تُعبر عن تاريخنا ، وما تجلبه من خيرات لبلادنا بعيداً عن فتاوى الجهلاء ، لذا وَجَبَ على المسؤولون  ردع هؤلاء ، وأن لا يمر حديثهم الأهوج هذا مرور الكِرام  مما له من أضرار جسيمة قد تحدث لو صغى لهم ذو الأنفس المريضة .
 
•    وقبل أن نستريح بُرهة من الحديث عن تغطية التماثيل إلا وقد  تردد بوسائل الإعلام المُختلفة أنباء عن تأجير قناة السويس لقطر .. وما أدراك ما هى قناة السويس ، فقناة السويس قد حفرها المصريون القُدامى بالسُخرة فأختلط عرقهم بدماءهم  لصالح الغُرباء المُحتلين ، إلى أن أصدر الرئيس الراحل عبد الناصر قراراً بتأميمها أى جعلها "ملكاً للأمة" ، "ملكاً للمصريين" وهذا قرار جرئ وشُجاع يُحتسب له ويشهد به التاريخ عبر الأزمنة ، رغم خطورة هذا القرار حينئذ  وخطورة ردود الأفعال التى جاءت لنا بالعدوان الثلاثى على مصر ، ولكن فى نهاية المطاف زال العدوان وبقيت القناة مصرية خالصة للمصريين ، وبعد كل ذلك العناء والشقاء إلا ويتردد الخبر بأن قطر تريد تأجير القناة وكأننا إنتزعناها من يد مُحتل أجنبى لنضعها فى يد مُحتل عربى !!

•    واليوم نحن بصدد كارثة آخرى صاحبة البطولة فيها أيضاً هى دولة " قطر" بعد أن تردد مؤخراً بجميع وسائل الإعلام أن هناك دولة خليجية تريد تأجير الآثار المصرية !!                          وقد أكد محمد البيلى رئيس قطاع الأثار المصرية بوزارة الأثار أن الدولة صاحبة العرض والتى تجرؤ على ذلك هى "قطر" وهذا لعلاقتها الوطيدة بتنظيم الإخوان المُسلمين وحزب الحرية والعدالة ، فتريد تأجير الآثار فى مزاد علنى ونقل القطع الأثرية للخارج ، وأن هذا العرض قُدم من الأمير الشيخ حمد بن خليفة الثانى ، وأن الدكتور محمد إبراهيم وزير الدولة لشؤون الآثار يروج دائما لفكرة عمل معارض للآثار فى دول الخليج ، فلم تكن تلك الأخبار مُجرد تكهنات ، وهذا لما أكده بالفعل عادل عبد الستار ، أمين عام المجلس الأعلى للأثار، وكما جاء على لسانه أن ما ذكر عن تأجير الآثار المصرية صحيح تماماً ، مُستطرداً بأنه قد وصلتنا مُكاتبات من وزارة المالية لبحث تأجير أبو الهول والأهرامات الثلاثة وخمسة أماكن أثرية هامة منها  معبد أبو سمبل ، ومعبد الأقصر ، بحق الإنتفاع لمدة 5 سنوات لدول خارجية مقابل 200 مليار دولار ، وبعد ذلك روجوا لفكرة أن هذا بناء على إقتراح لأحد المواطنين قدمه لوزارة المالية بتأجير الأماكن الأثرية سالفة الذكر لشركات السياحة العالمية !!
•    لا أعلم ما هى قصة قطر بل بالأحرى ما هى خطتها فى إحتلال مصر وتدميرها ولا أدرى ماذا تريد دولة صغيرة كقطر، فمساحتها وعدد سكانها لايُضاهى أصغر مُحافظات مصر ،  فهل تريد التعدى على حضارتنا ونهب خيرات بلادنا مُقابل حِفنَة من الدولارات ، فلم يحدث من قبل  بأن تجرأت دولة ما على طلب مثل هذه الطلبات الغريبة من مصر!! ، فحسب بل لم تتجرأ قطر ذاتها قبل ذلك الحين عبر الحُكام والأنظمة المُختلفة التى مرت بمصر فى أن تطلب تأجير مُمتلكات مصرية ، وهنا سؤال يطرح نفسه .. لماذا تجرأت الآن ؟؟!! ولاسيما بعد دورها المشبوه المُريب التى لعبته أثناء ثورة ينايرعن طريق قناة الجزيرة التابعة لها ، فالآن ظهرت نواياها وتجلت مآربها !!!                                                      فإذا إهتمت مصر بالسياحة سوف تدر لها ربما أضعاف هذا الرقم المعروض مع إحتفَاظَنا بكنوزنا ومُمتلكاتنا من عبث الغرباء المُنتفعين الذين يريدون خير بلادهم على أطلال وأشلاء بلادنا  فحقاً كما قيل من شباب الثورة أن أمر التأجير هذا ما هو إلا مُقدمة للبيع مُستقبلاً .
•    فقدأعلنت وزارة المالية أن الخطاب الذى أرسلته لوزارة السياحة ما هو إلا إقتراح مُقدم من أحد المواطنين ، وهذا معناه أن الوزارة بريئة وحَسِنة النية وما هى إلا مُجرد وسيط نقل بأمانة رغبة أحد المواطنين الشرفاء الذين يريدون مصلحة البلاد لمن يهمه الأمر!! وهذا طبعاً لأننا بلد تحترم مواطنيها وشكاوى وآراء وإقتراحات مواطنيها فيرفع المسؤولين طلبات المواطنين على رؤوسهم من فوق إلى أن يصل صوت المواطن لذوى الأمر والنهى ،  وعمار يا مصر .. وعجبى !!!!!!!!                             - فهذا المواطن المجهول الهوية قد أَنهَكَ نفسه بتعب التفكير وأتى لنا بعُصارة زِناد فكره للرقى والإرتفاع بالسياحة ، فلم يجد حلاً يُتحفنا به سوى أن يتخلص من مصادر السياحة ذاتها !! وأقترح تأجير الآثار حتى يوفر علينا عناء التفكير فى كيفية جذب السياح وإنعاش السياحة !! وهذا الإقتراح له عدة فوائد ، فمنها أن لا نحمل هم ومشاكل السياحة مابين صعود وهبوط مُعدلاتها ، ومنها أن لا نتحمل وزر الأصنام الموجودة بمصر ، وبهذا نضرب عصفورين بحجر وهما أن نُعاقب قطر الطامعة فى مصر فتحتمل هى وزر الأصنام التى سنأجرها لها !!  وأيضاً نستريح من الفتاوى الخاصة بالسياحة التى سترفع ضغط المصريين وحينها يتحمل المُستأجر الأعباء والمُناوشات وحده!!!!                                           - فهذا ذكرنى بأسوأ شئ فعله الرئيس السابق مُبارك خلال عهده الا وهو خصخصة القطاع العام وبيع الشركات والمصانع المصرية لعرب وأجانب وتشريد آلاف العاملين بها ، بل يَعِد هذا أسوأ مما فعله مُبارك ، وهذا لأنه ربما نستطيع الإستعاضة عن هذه الشركات والمصانع بإنشاء غيرها حتى لو على الأجل البعيد ، لكن آثارنا وتاريخ بلادنا يستحيل أن نستعيض عنها ببدائل .
•    فلم تنل الإحتلالات المُتتالية من آثارنا وحضارتنا وتاريخنا وتراثنا الثقافى ، فهل هذا يحدث ونحن بكامل حريتنا ، ولمصلحة من هذا ؟ فهذه الآثار ليست مِلك لدولة أو فرد أو حاكم أياً كان فالحُكام والأنظمة إلى زوال والباقية هى مصر ، فمصر مِلك للمصريين وآثارها تتوارثه الأجيال ، فقد كانت مِلكاً لأجدادنا وإنتقلت مِلكيتها إلينا ، وبعد ذلك ستكون مِلكاً لأولادنا وأحفادنا ، فليس من حق أى مسؤول كان أو سيكون المساس بها .                                           * ما هو مؤسف أن مجلس إدارة المجلس الأعلى للأثار قد إجتمع لنقاش هذا الإقتراح حسب تصريحاتهم ، وهذا فى حد ذاته إن دل على شئ لايدل إلا عن نية إحتمالية الموافقة على هذا الإقتراح ، وإن رفض اللجنة بالإجماع حسب إدعائهم هو من حال دون وقوع ذلك ، فحتى لو كانت نتيجة هذا الإجتماع هو رفض التأجير إلا أننا يجب أن نضع مليون خط تحت "إنعقاد هذا الإجتماع" ، بل تحت إرسال وزارة المالية بدورها خطاب الإقتراح ، فأتصور أن أى مصرى غيور على وطنه وكنوز بلده كان يجب أن يُمزق هذا الخطاب ويلقيه فى وجه من أرسله وليس التشاور من أجل إتخاذ قرار بشأنه ، لذا فيوجد علامات إستفهام جراء هذا التصرف ؟؟؟!!!
•    أن كثرة الحديث فى الآونة الآخيرة عن تأجير أو هدم أو تغطية أوبيع شئ من أثارنا وثرواتنا القومية جعلنى أتصور أن أبو الهول وهو الشامخ الصامد كل هذه القرون ، وهو الشاهد على حضارات ، وإحتلالات مُختلفة مرت بمصر، وحروب وصراعات ودماء شهداء، وظلم وطغيان حُكام ، وغُزاة وطامعون فى أرضها ، وكل ذلك فى كفة ومايحدث له الآن فى كفة آخرى  ولاسيما بعد أن كثر الحديث عن تغطيته أو هدمه تارة أو تأجيره أو بيعه تارة ، فأتصور أن  صبر أبو الهول قد نَفَذ وأصبح على وَشَك الإنفجار فأتخيله صارخاً مُستغيثاً طالباً النجدة من هول ما يحدث له ولنا .. لكن هل من مُغيث؟؟!!


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter