ونبدأ بالقرآن الكريم ليكون حجة لنا أو علينا جميعا:
«قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً» (الكهف).
ثم نعود لنسأل جماعة الإخوان ورئيسهم وحكومتهم: إلى أين؟ وإلى متى؟ فتحكمكم فى عنق مصر، وإصراركم على الهيمنة على كل مفاصلها كرس مناخاً شديد الخطر والخطورة، تسوده ظلمة التأسلم ويخيم عليه الفكر الظلامى سواء فى المماحكات العملية أو القرارات الرئاسية أو ما يزعمون أنه أفعال حكومية، أو فى هذا السيل المتأسلم من فضائيات مجهولة التمويل لكنها شديدة الثراء وكأنها كرست للكيد لصحيح الإسلام بزعم أنها تدعو له، وتمدد هذا الفيض المتأسلم من فكر متطرف ليتنافس معه أو حتى يتصارع من هو أكثر تطرفاً أو أشد تأسلماً.. ونتأمل هذه الخيمة السوداء من فكر ينحرف عن صحيح الإسلام ويزهو أصحابه ليس فقط بزعمهم أنهم يدافعون عن الدين، والدين برىء منهم، وإنما أيضاً بحماية الحكم والحكومة. ألم يقل رسولنا الكريم «رجلان من أمتى يحرمان من شفاعتى: ملك ظالم، ومبتدع غال فى الدين متعد فى الحدود». ومع صمت حكومى متعمد تتوالى أعمال تثير الغضب والحسرة.
ففى ظل الحكم الإخوانى قام مأفونون بوضع نقاب على تمثال سيدة الغناء العربى أم كلثوم التى تزهو مصر كلها وكل العرب بفنها. ونتذكر أن سيد قطب خلال مشاركته فى السيطرة على وزارة الإرشاد، فى أوائل أيام ثورة يوليو، قد قام بمنع إذاعة أغانى أم كلثوم ونفذ القرار حتى سمع به عبدالناصر فألغاه.وتنشر صحيفة يومية حواراً مع أبوإسلام، صاحب قناة «الأمة»، قال فيه ما يفزع. هاجم شباب ٢٥ يناير فقال «بعضهم يسمون أنفسهم أحراراً وهم يتربحون من ورائها، وأصبح بعضهم يمتلك سيارات فارهة، فقد أصبحت الثورة مهنة والبعض الآن لا يعملون إلا (ثوارا) وهى وظيفة مربحة جداً». ويؤكد «أن الديمقراطية كفر» ويهاجم البابا شنودة قائلاً إنه كان مثالاً للكفر وأكبر عدو فى مصر للإسلام والحمد لله أنه رحل. و«تواضروس أشد من شنودة»، وتهنأ جماعة الإخوان بذلك أو تصمت صمت الراضى.
وأكاد أسمع صوت أبى ذر الغفارى صائحاً «والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها، والله ما هى من كتاب الله ولا سنة نبيه، والله إنى لأرى حقاً يطفأ وباطلاً يحيا، وصادقاً مكذباً وأثرة بغير تقى». وتأملوا هذه العبارة وتطابقها مع ما نحن فيه وما يسوقوننا إليه. ويكرهوننا على تحمله بما يزيد من همومنا، وهى كثيرة، ويصب نار التفكيك والتوتر والطيش والتأسلم والفتنة فى وطن لا يحتمل، والناس لا تحتمل ما يفعلون ولا ما يقولون ولا ما يؤخونون به مفاصل دولة شعبها كاره لهم، وتذكروا قول الرسول «لا يؤم رجل أناسا هم له كارهون».. والناس لكم كارهون فكفى.