الأقباط متحدون - جنب الكنيسة
أخر تحديث ١٤:٤٤ | الثلاثاء ٢٦ فبراير ٢٠١٣ | ١٩ أمشير ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٤٩ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

جنب الكنيسة

تعودت عينى على شكل الكنائس المصرية، فمنذ طفولتى وأنا أسكن بمحاذاة كنسية السيدة العذراء بمدينة نصر.

كانت الكنسية حينذاك «فى عام 1975» مبنى صغيرًا وجميلاً جداً، وكانت دائما مليئة بطيور الهدهد والكروان، خاصة ساعة الغروب، فمدينة نصر فى ذلك الوقت كانت صحراء يتناثر فيها بعض البيوت الصغيرة الهادئة، كانت الكنسية خلف منزلنا، السور مشترك، وكان راعى الكنيسة يسكن فى العمارة التى أمام منزلنا، وكنا نلعب سويا مسلمين ومسيحيين فى الشارع الذى قلما تمر فيه سيارة، بسبب قلة سكان مدينة نصر، الأطفال على فطرتهم، لا يعرفون الأحقاد، ولا يملكون مبررات الكره، الأطفال أحباب الله، لأن قلوبهم بيضاء، ولم يطبعها الزمن بأقدامه الثقيلة، الحقد لعبة الكبار، أما نحن فكنا نلعب «الاستغماية» فى رمضان حتى قبيل الفجر، ونجمع علب «البيروسول» ثم نوقد نارا فى قطعة أرض خلاء ونلقى فى النار تلك العبوات فتنفجر واحدة تلو الأخرى، مسببة إزعاجا وهلعا فى الحى كله، وحينها يتدخل الأهل بالزجر والتأنيب، لا فرق فى ذلك بين مسلم ومسيحى!
هذا البلد العظيم لا يعرف الحقد، ولا يعرف أهله البغضاء، والأصل فى فطرتهم الحب والوئام، ولكن الفتنة من الممكن أن تدخل بين الأخ وأخيه، وبين المرء وزوجه، وبين الأب وابنه، فلماذا لا تدخل بين المسلم والمسيحى؟!

كل مسيحى فى مصر يشعر بالظلم، وهذا أمر نعرفه وإن كان بعضنا لا يعترف به، والآن بعد أن قامت ثورة عظيمة يشعر إخوتنا الأقباط بالظلم، وبالخوف، بدأ بعضهم بالهجرة، وبدأ بعضهم بتصفية أعماله، وبيع ممتلكاته، وهذا عار علينا جميعا، ولا عذر فى ذلك لأحد، وأول من يلام على ذلك هو من يجلس على مقعد السلطة، وبدلا من أن يطمئن الناس يزيدهم فزعا وخوفا، سيقول البعض إن الكل مظلوم، وهذا صحيح، ولكن لابد أن نعترف بأن المسيحى له نصيبان من الظلم، نصيب لأنه مصرى، ونصيب آخر منه لأنه مسيحى، منظومة الحياة فى مصر كلها بدءا من منظومة القيم، ووصولا إلى منظومة التعامل مع الدولة لا بد أن يتم إعادة صياغتها لكى نضمن العدل والأمن لكل مصرى، مسلما كان أو مسيحيا، ولا خير فينا إذا تركنا إخوتنا لا يشعرون بالعدل والأمن فى وطنهم، عاشت مصر للمصريين وبالمصريين.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع