الأقباط متحدون - فلت الزمام...
أخر تحديث ٠٠:٥٠ | الاثنين ٢٥ فبراير ٢٠١٣ | ١٨ أمشير ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٤٨ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

فلت الزمام...

بقلم : منير بشاي
عادة لا أميل الى استعمال التعبيرات المطلقة كما فى عنوان هذا المقال. والسبب اعتقادى ان قضايا الحياة نادرا ما تكون بيضاء أو سوداء، فهى غالبا رمادية تتراوح بين الفاتحة والقاتمة. ولهذا كتبت فى ابريل سنة 2011 مقالا مشابها ولكن فى صورة سؤال: "هل فلت الزمام؟".  والآن بعد مرور حوالى سنتين من كتابة ذلك المقال لا أرى حاجة الى عرض الموضوع فى صيغة سؤال، ففى اعتقادى ان الزمام قد فلت فعلا وهذا يؤيده ما نراه فى مصر حاليا من حالة التخبط والارتباك.

فلت الزمام عندما لجأ النظام الى قمع المتظاهرين بدلا من الاستماع لمطالبهم
 التظاهر السلمى حق من حقوق الانسان المعترف به دوليا. النظام الحاكم فى مصر كان المنتفع من هذا المفهوم عندما جنى ثماره بعد ان اجبرت المظاهرات الرئيس السابق على ترك منصبه منذ عامين. ولكن الغريب ان النظام الجديد ينقلب على نفس الآلية التى أوصلته للحكم، ويعامل من يتظاهرون على انهم جماعة من البلطجية والخارجون على القانونا عوضا عن ان يسمع لصوتهم ويدخل فى حوار معهم للوصول الى حل عملى مقبول للخروج من الأزمة. لقد وجدت الحكومة ان الطريق الأسهل هو قمع المظاهرات باستخدام اساليب وصلت الى السحل والتعذيب والتصفية الجسدية. وهذا اعلان عن افلاس النظام واعترافا منه انه اصبح عاجزا عن القيام بأعباء وظيفته بالطريقة الديمقراطية الشرعية التى وعد بها ويتوقعها منه الشعب والمجتمع الدولى خاصة بعد ثورة قامت لاقرار مبادىء الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية.

فلت الزمام عندما استخدم النظام الدين على هواه لتمكينه من الحكم
 حاول النظام تصوير نفسه بأنه حامى حمى الدين. وتصور انه يحكم بامر الله ولذلك فكل شىء مباح له. وتم الخلط بين الدين او ما هو مقدس وثابت والسياسة او ما هو دنيوى ومتغير. واصبح ترزية الفتاوى آلة مواتية للنظام يستخدمها لتفصيل الفتاوى التى تبيح لهم أى شىء وكل شىء.  من هذه الفتاوى فتوى تبيح للنظام قتل المعارضة لأنها تنازع ولى الأمر (الحاكم) على سلطته وهو الذى بايعه الشعب ليكون امامهم الأكبر حسب قولهم. ومنها فتاوى تقضى بتحييد دور النساء وتحريم اشتراكهم فى العمل العام وهم أكثر من نصف المجتمع.  وبذلك تبتعد الدولة عن النظم الحديثة للحكم وتقترب الى الحكم بنظام دولة الفقيه.

فلت الزمام عندما استسهل النظام لوم الضحية عن محاسبة الجانى
 بدلا من عقاب الذين يتحرشون بالنساء وجد النظام انه من الأسهل لوم النساء على اختلاطهم بالمتظاهرين من الرجال. وبدلا من أن يلام من عذبوا وسحلوا وقتلوا المتظاهرين يلام المتظاهرين على خروجهم على طاعة الحاكم. وبدلا من اعطاء الأقباط حقوقهم يوجه لهم اللوم الكاذب انهم كانو 80% من المتظاهرين أمام الاتحادية وأنهم يتعاونون مع الفلول ضد الوطن وأنهم صوتوا لصالح شفيق وكأنها خيانة عظمى سوف تذكر لهم الى الأبد. وعندما فرمت المدرعات 20 قبطيا وجرحت 200 فى ماسبيرو وجدنا المحاكمة تركز على استجواب الأقباط وكأنهم هم الذين قتلوا أنفسهم. وفى النهاية يصدر الحكم على قبطيين بالسجن المشدد فى قضية كان ضحاياها من الأقباط.

فلت الزمام عندما أصبح النظام يعتمد على القروض والاعانات وليس الانتاج
 تمر مصر بأزمة اقتصادية خطيرة فالدخل القومى لا يكفى تسديد الالتزامات الأساسية. وبدلا من اقامة مشروعات انتاجية تشغل العاطلين وتدر دخلا يساعد البلد على القيام بأعبائها نجد ان ما يتم هو محاولة الاقتراض لاضافة اعباء جديدة على ما هو قائم فعلا.  نجد رئيس الجمهورية يطوف العالم مادا يده لمن يتحنن علينا ويعطينا مما أعطاه الله.. وهذه المنح ليست مجانية كما نتصور فكل لها شروطها ا.  عندما ترك مبارك الحكم، كان قد ترك رصيدا من العملة الصعبة يقدر بحوالى 35 مليار دولار. هذا الرصيد تناقص الأن الى حوالى 13 مليار. ولا أدرى ماذا سيعمل النظام عندما يصل هذا الرصيد الى الصفر ويصبح عاجزا عن شراء ما يحتاجه الشعب من طعام- ؟

 عندما نجد رجال الشرطة فى مصر يخشون البلطجية وليس العكس، وعندما نرى رجال الأمن يرهبون المواطن بدلا من أن يحموه، وعندما تصبح كل آمال المواطن فى مصر أن يملأ بطنه من العيش (الحاف) فلا يضمنه، وعندما ينظر المواطن الى الغد بخوف أن يصبح أسوأ من اليوم الذى هو سىء بما فيه الكفاية، وعندما يصبح رجلا قتل رئيس الجمهورية الأسبق نجما لامعا فى وسائل الاعلام، وعندما يستمر رجل فى ازدراء الدين المسيحى يوما بعد يوم وتخشى السلطات ان تقترب منه بينما يحكم القضاء باعدام أقباط أبرياء بتهمة ازدراء الدين الاسلامى، وعندما تحكم مصر جماعة محظورة، ويجلس على كرسى الرئاسة رجل هارب من السجن الذى دخله بتهمة التخابر مع دولة أجنبية....عندما يحدث هذا وغيره يكون قد فلت النظام.

 وعندما نرى الوطن يهوى فى منحدر سحيق، ومن يجلس وراء عجلة القيادة لا خبرة له، ولا يعرف متى يدير العجلة الى اليمين أو اليسار، بل ولا يعرف اين توجد دواسة البنزين والفرامل، ولا يوجد الى جانبه انسان كفء يستطيع ان يوجهه، تدرك ان الزمام قد فلت، وان السؤال ليس ما اذا كان الصدام الكبير سيحدث... ولكن متى؟
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter