الأقباط متحدون - الدعوى مرفوضة !!
أخر تحديث ١٩:٢٢ | الأحد ٢٤ فبراير ٢٠١٣ | ١٧ أمشير ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٤٧ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الدعوى مرفوضة !!

بقلم: مدحت بشاي

medhatbe@gmail.com
 
يقولون أننا في مرحلة لا ينبغي أن ننشغل بأي شواهد أو نماذج من الماضي نستدعيها ونتباكى بها على زمن فات بدعوى مقارنة تصل بنا إلى نتيجة حتمية مفادها أننا نسير إلى الخلف ، ومن ثم تسود حالة من الإحباط العام ، رغم أن أن البلاد والعباد لديهم ما يكفيهم من أحزان فرض وجودها مرحلة انتقالية أراد من آلت إليهم السلطة والسلطان خلالها لإدارتهم أن تذهب لصالح تمكينهم من كل مفاتيح ومقدرات البلد دون النظر إلى تبعات تلك التوجهات في مجال تقليص الحريات وتراجع النظم الاقتصادية والإدارية ..
 
ولكنني أندهش كثيراً ، وأسأل كيف لمسئول جديد في أي مؤسسة يذهب إليها دون أن يتعرف على تاريخ تلك المؤسسة وإنجازاتها وإخفاقاتها وإمكاناتها البشرية ، ومناطق الضعف والقوة ؟!!
 
لدي هواية وشغف هائل بإقتناء الإصدارات الصحفية القديمة ، قد يكون لداء مرضي " نوستالجيا "وهو مايعني باليونانية القديمة " الحنين إلى الماضي " يتهمونني وأمثالي أننا يستغرقنا الوقوف في محطات الماضي مما يساهم في تعطيل الذهاب لمناطق الحداثة والتطوير ، ولكنني كمثال أمسكت بعدد قديم من مجلة " المصور" منذ نصف قرن وتحديداً بتاريخ 13 فبراير 1953 ، وجدت أنني أمام مجلة غاية في الإبداع المهني من حيث تنوع المواد وحداثتها وحرفية إعدادها للكتابة والطرح .. وهنا أبدي دهشتي وأسأل لماذا لم يطلب رؤساء تحرير ذلك الإصدار على مدى نصف قرن نماذج من الأعداد القديمة ليطلعوا على نجاحات وإخفاقات من سبقوهم ؟ .. لقد لفت نظري حالة تدهور غير مسبوقة لمعظم إصدارات دار الهلال ومنها " مجلة المصور " بينما كان لها تاريخ رائع ومتميز وفريد في متابعة الأحداث بالصورة في أزمنة لم يكن للصورة ذلك الوجود المهني الرائع ..
 
وعلى سبيل المثال جذب نظري وجود باب ثابت لمتابعة أغرب و أطرف مايحدث في ساحات محاكم العالم ، وبشكل ينقل للقارئ حالة الجريمة في العالم ويتيح له ثقافة قانونية متنوعة ، وأطرح المثل التالي من إحدى ساحات محاكم فرنسا ، وعنونها المحرر "الزمن الذي تستغرقه القُبلة"  .. مُثلت أخيراً رواية مسرحية جديدة على مسرح " ماتورينز " في باريس اسمها " رولز رويس " .. وفي أحد المواقف الغرامية يقبل " البطل " البطلة ، قبلة طويلة حارة ، وكان بين النظارة في إحدى الليالي مهندس باريسي رجعي ، احتج على هذه القبلة ، وقدم بلاغاً إلى البوليس ضد إدارة المسرح والممثلين ، وقال في بلاغه " لا ينبغي أن تكون نفكر في تبادل  قبلة الممثل طويلة عميقة بهذا الشكل ، إن الممثلين بقبلتهما تلك خرجا عن دائرة الثمثيل ، وقاما بأمر لا يخلو من خطر على أخلاق المتفرجين " ..
وقُدمت القضية إلى المحكمة وقال الممثل المتهم : إنني لا أتصور أن قبلة تؤثر على الأخلاق ، إنني وزميلتي " فرانس " لا نفكر في تبادل القبل ، وإنما نحاول أن نندمج في أدوارنا بحيث نخرجها أقرب إلى الحقيقة ، ولا أحسب أن في تمثيلنا ما نؤاخذ عليه ..
 
وطلبت المحكمة من الممثل أن يؤدي القبلة مع زميلته أمامها .. ففعل .. ثم طلبت من المهندس المدعي أن يحل محل الممثل ويريها كيف يجب أن تكون القبلة في نظره .. ففعل .. ثم التفت القاضي إليه وقال له : لقد استغرقت قبلة الممثل نصف دقيقة .. أما قبلتك يا سيدي فقد استغرقت دقيقة واحدة .. إن الدعوى مرفوضة ..
ويبقى سؤال : ماذا لو طلب القاضي المصري المنوط به محاكمة الرجل الذي أساء للفنانة الهام شاهين بعد أن تابع الرجل بكل دقة أعظم مشاهد الخروج عن القيم والتعاليم الدينية .. ماذا لوطلب من الرجل أن يُعيد تمثيل تلك المشاهد بشكل لا يخدش حياء المشاهد للوصول إلى الحقيقة الدرامية التي يصبو إليها أصحاب العمل ؟! .. طبعاً القياس مع الفارق وأنا هنا أتناول المسألة بشكل عبثي ساخر للربط بين مواطن فرنسي ومواطن مصري جمع بينهما فكرة الدفاع عن القيم والأخلاق ، ولكن بينهما فقط اختلاف توقيت الحدث الذي طال إلى نصف قرن من الزمان !! 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter