الأقباط متحدون - ياسر على .. السقوط الكبير لرئيس الكهنة
أخر تحديث ١٤:٠٩ | السبت ٢٣ فبراير ٢٠١٣ | ١٦ أمشير ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٤٦ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

ياسر على .. السقوط الكبير لرئيس الكهنة

 بعد الثورة اجتهد الدكتور ياسر على المتحدث الرسمى السابق باسم رئاسة الجمهورية فى ترجمة دراسة أمريكية عن الأنظمة السياسية بعد الثورات، ووصل إلى قناعة حاول أن يمررها عبر مكتب الإرشاد.. وهى أن النظام الذى يتولى الحكم بعد الثورات الشعبية محكوم عليه بالفشل الحتمى، ولذلك فلا داعى لترشيح أحد من الإخوان للرئاسة، لكن الجماعة أصرت على الترشيح، وكان هذا إصرارًا مبكرًا على عكس ما كانت الرئاسة تعلنه.
 
ياسر وكأى إخوانى ملتزم بكلمة الجماعة، عكف على العمل فى مشروع النهضة – الذى وصفه هو نفسه بعد ذلك بأنه فكرى – وربما يكون هذا ما أهله لأن يصبح متحدثا رسميا باسم حملة مرسى الرئاسية، ثم متحدثا رسميا فى مؤسسة الرئاسة.
 
لم يكن ياسر فى حقيقة الأمر مجرد متحدث رسمى عابر يلتزم بما يأتيه من بيانات أو نفى، ولكنه كان واحدا من الذين أسهموا فى صياغة شكل ومحتوى مؤسسة الرئاسة، بل كان الرجل وطبقا لمن شهدوا على عمله واحدا من مراكز القوى فى القصر الرئاسى.
 
لكل هذا لم يكن الاقتراب من ياسر على سهلا، عندما فجرت فى وجهه قضية زواجه من الزميلة عبير عبد المجيد صحفية «اليوم السابع»، وهو الزواج الذى تم لثلاثة أيام فقط ثم حدث الطلاق، لم تطلب عبير كثيرا ولا قليلا من ياسر، أرادت فقط أن تحصل على أوراقها الرسمية التى تثبت أنها تزوجته، راوغها ياسر بطريقة جعلت ظهرها إلى الحائط، ولما قالت كانت صادقة.
 
توقعت أن يجمع ياسر شتات نفسه جميعا، لكنه استجاب لغواية نفسه الأمارة بالسوء، التى أوهمته أنه بقوته يمكن أن يسيطر على الجميع ويسكت أصوات الجميع حتى لو كانت على حق.. فذهب إلى مكتب النائب العام يتهم الجميع بالكذب والافتراء، وتجرأ محاميه على ذبح الضحية والادعاء عليها بما لم يحدث على الإطلاق.
 
بعد نشر القضية أحجمت عن متابعة ما يجرى، خاصة أنها تحولت إلى ملف فى محكمة الأسرة لا تزال وقائعها يتم تداولها إلى الآن، لكن كان هناك ما يستحق أن يروى، وأعتقد أن الوقت حان، لأن قضية ياسر على لم تكن مجرد قضية مسئول سياسى استغل نفوذه وسخر إمكانيات مؤسسات الرئاسة فى أمر شخصى، ولا هى قضية مسئول كبير تزوج من صحفية على سنة الله ورسوله، ثم تنكر لها، ولكنها كانت قضية تمس مصداقية جماعة الإخوان المسلمين وأخلاقها وهى الجماعة التى أصبحت حاكمة ومتحكمة فى كل شىء.
 
بعد النشر مباشرة كان أن اجتمع عدد من أعضاء مكتب الإرشاد بياسر على، ولما اعترف لهم بحقيقة ما جرى، ووعدهم أن يعالج الموقف بطريقته دون أن يتطور إلى ما هو أكثر.. اعتبروا أن ما فعله مجرد زلة أو كبوة حصان جامح، ولا مانع من تجاوزها.. وقال لهم أحدهم بالنص: سنمنحك فرصة ثانية.. لكنها ستكون الأخيرة.
 
خيرت الشاطر الذى كان يعتبر ياسر على أحد رجاله، بل كان من مساعديه فى إعداد ما يسمونه مشروع النهضة فى مكتب بعباس العقاد.. كان غاضبا جدا من ياسر على، ويشهد على ذلك ما جرى فى جنازة شقيقة محمد مرسى فى الشرقية.
 
أثناء إجراءات الدفن لاحظ ياسر على أن خيرت الشاطر يُعرض عنه، اقترب منه وتودد إليه، وطبقا لرواية شهود قال له ياسر على: إنت زعلان منى ولا إيه يا باشمهندس، فرد خيرت: أزعل منك إزاى.. دا أنا فرحان لك رغم إنك اتجوزت من غير ما تقولى.
 
لم يكن رد خيرت الشاطر الذى خرج من تحت أسنانه كما يقولون مبشرا، فقد أقر الرجل فى نفسه أن يبعد ياسر على من مؤسسة الرئاسة، لكن خيرت الذى تأخذه العزة بالإثم.. كانت لديه وجهة نظر أخرى، وهى ألا يخرج على مباشرة بعد نشر قصة زواجه، حتى لا يقال إن الصحافة هى التى أقصت رجلهم المهم من قصر الرئاسة.
 
وطبقا لرواية مباشرة من أحد الذين حضروا اجتماعا فى مكتب خيرت الشاطر، أنه سأل: هل يمكن لم الموضوع والتفاهم مع الجريدة – يقصد الفجر؟ كان رد البعض أن الأمر صعب خاصة أنه وصل إلى القضاء، فصمت خيرت وقال: على أية حال لن يكون مناسبا أن يخرج ياسر الآن.
 
كان خروج ياسر على من قصر الرئاسة إذن أمرا مفروغا منه، لكن الإخوان الذين لا يريدون الاعتراف بالفشل أبدا قرروا أن يتم ذلك بعد أن ينسى الرأى العام الموضوع تماما، وخلال ذلك حاول عدد من قيادات الإخوان ورجال الأعمال التابعين لهم والموالين لمشروعاتهم أن يستوعبوا عبير عبد المجيد، وكان من بين ذلك أن ينفذوا لها كل ما تريد بشرط أن تصدر بيانا تكذب فيه ما نشرته، لكنها بشهامة يفتقدها كثيرون من رجال الإخوان رفضت أن تفعل ذلك تماما.. حتى لو حصلت على مال الدنيا.
 
عندما تأكد خبر خروج ياسر على من مؤسسة الرئاسة إلى وظيفة أقل شأنا وأهمية وهى مدير مركز المعلومات فى مجلس الوزراء حاول الجميع أن يبحثوا عن أسباب للخروج، وابتعدوا جميعا عن السبب الرئيسى، وهو أن الرجل تطارده قضية تمس الأخلاق والشرف.
 
قالوا إن ياسر على كان متحدثا رسميا فاشلا، وهو ما لم يحدث على الإطلاق، ولن يكون غريبا إذا قلت إن ياسر على كان متحدثا رسميا ناجحا لإدارة فاشلة مترددة.. أكثر ما تفعله هو نفى قراراتها، كان ياسر كمتحدث يذيع ما يأتيه من بيانات، وعندما تتراجع مؤسسة الرئاسة يخرج هو لينفى.. وعليه فلا مسئولية على الرجل على الإطلاق.
 
وقالوا إن سر خروج ياسر هو غضب سلفيى حزب النور عليه، فبعد أن خرجوا من اجتماعهم مع مرسى وأعلنوا أنهم اتفقوا معه على إقالة حكومة هشام قنديل وأن مرسى استجاب لهم تماما، خرج ياسر ليؤكد تمسك الرئيس بهشام قنديل، يومها شكا رجال حزب النور ياسر على وقالوا لمرسى إما أن تقيله أو نخرج لنكذبه، لكن هذه أيضا رواية لا تصمد أمام أخطاء كثيرة وقع فيها ياسر على وغيره من العاملين فى مؤسسة الرئاسة دون أن يقترب منهم أحد، أحمد عبد العاطى مدير مكتب الرئيس تورط فى أزمة النائب العام الأولى ولم يحاسبه أحد حتى الآن.
 
لا يوجد أى سبب لخروج ياسر على إلا زلل قدميه فى قضية زواجه الذى كان رسميا بالمناسبة وعلى يد مأذون – رغم أن البعض يحلو له الترويج إلى أنه كان زواجا عرفيا – وأن الرئاسة صبرت عليه حتى يتبدد دخان الأزمة قليلا لتنفذ ما قرره مكتب الإرشاد، الذى لم يغفر لياسر أنه عرّض منصبه وعرض الجماعة للقيل والقال، ففى اجتماعهم الأول به، قالوا له إن خصوم الجماعة يخترعون الحكايات للهجوم عليهم، وأنت تأتى بقصة حقيقية وتهديها للرأى العام ببساطة.
 
منصب مدير مركز المعلومات الذى يحتله ياسر على الآن يمكن أن يكون خطيرا بالفعل، وهناك من أبدى مخاوفه من استغلال المركز لأغراض إخوانية بحتة، لكنه فى النهاية انكسار لياسر، فهو لا يناسب طموحه على الإطلاق، ثم إنه لن يوفر له حالة الأبهة والنفوذ التى كان يتمتع بها وهو أحد رجال قصر الرئاسة الكبار والمقربين بشدة من الرئيس مرسى.
 
لقد انتشر خبر صباح الثلاثاء الماضى يؤكد أن نيابة الدقى حفظت بلاغ ياسر على الذى تقدم به ضدنا فى «الفجر» واختصم خلاله زوجته السابقة عبير عبد المجيد، وذلك لصحة الواقعة، سارع الجميع لنشر الخبر، لكننا عرفنا أن النية كانت متجهة إلى حفظ البلاغ، خاصة أن عبير قدمت ما يكفى من أدلة على أن العلاقة الزوجية كانت قائمة بينهما، وأنه لا ادعاء على الإطلاق فيما تقوله، لكن يبدو أن هناك ضغوطًا كثيرة مورست فى منتصف الطريق أجلت القرار، أو أنها على الأقرب أبعدته تماما، وهذه جولة أخرى يبدو أنه علينا أن نخوضها من جديد.
 
أعترف أننى شعرت بزهوة النصر عندما خرج ياسر على من مؤسسة الرئاسة، وإن كان النصر منقوصًا، لأن هناك إصرارًا من جماعة الإخوان أن تتمسك برجالها حتى لو كان الدليل واضحا وكافيا على أنهم أخطئوا خطأ بالغا.
 
كان الأولى بمؤسسة الرئاسة أن تقيل ياسر على تماما من أى منصب رسمى، لا أن ترسل به إلى مجلس الوزراء فى مشهد عبثى، يقوم على أن رئيس الوزراء هشام قنديل هو الذى عرض عليه منصب مدير مركز المعلومات وأنه ألح عليه ليقبل، خاصة أن ياسر كان يفكر فى ترك منصبه بالرئاسة.
 
حالة من الكذب الكامل والمتعمد لإخفاء الحقائق كاملة.. وكأنه لا أحد يريد أن يتحمل مسئوليته حتى النهاية، قد يكون نزول ياسر على من مؤسسة الرئاسة الذى كان يعتبر رئيس الكهنة الذين يعملون لخدمة مرسى والجماعة فيها، إلى رئاسة الوزراء.. نوعا من التخزين المؤقت، وبعد فترة تتم الإطاحة به تماما.. وبذلك تنتهى صفحة ياسر على من الحياة السياسية المصرية.
 
لقد تحولت قضية ياسر على إلى سبة فى جبين الجماعة، ورغم أن الجماعة السلفية تتدعى أنها تتعفف فى خصومتها، إلا أنها وفى أول أزمة مع مؤسسة الرئاسة بعد الخروج المذل والمهين للدكتور خالد علم الدين مستشار مرسى لشئون البيئة، تحولت سيرة ياسر على إلى مضغة تلوكها الأفواه.
 
علم الدين فى إحدى مداخلات ياسر على على الفضائيات يرد له الضربة ويقول له أنت متهم فى قضية وصلت إلى محكمة الأسرة دون أن يحاسبك أحد، ونادر بكار صديق الرئاسة الوفى فى إحدى تدويناته يلسن على حكاية زواج المتحدث الرسمى.. ولا يمكن أن يلوم ياسر أحد من هؤلاء على الإطلاق، فهو الذى وضع نفسه والرئاسة فى هذا الوضع الحرج.
 
لم يكن ياسر على مؤهلا للمنصب الذى شغله من البداية – وهذا أمر طبيعى جدا فلم يكن أحد من الإخوان مؤهلا لأى شىء – وقد أبهرته الحياة الجديدة، حاول أن يقترب من الصحفيين والإعلاميين ونجوم المجتمع، قرر أن يتحول هو الآخر إلى نجم، وهو ما أوقعه فى الزلل، وذلك لأنه اعتبر كل شىء حلاً له، ثم إنه كان يستعرض كثيرا فى جلساته بما لديه من معلومات، بل إنه كان لا يتردد فى تقييم أداء زملائه وقياداته فى الجماعة.. ولما لا وهو الطفل المعجزة الذى طفا على سطح الحياة السياسية فجأة وأصبحت له كل هذه الصلاحيات.
 
بقى أن أعترف لكم بشىء وهو أننى متعاطف جدا مع الدكتور ياسر على.. فالرجل طغت عليه رغباته.. غلبت إمكانياته وقدرته على التحمل.. فانفجر فى وجه الجميع، وبدلا من أن يلملم أشتات نفسه، استطاب له الدور الذى اعتقد أنه مناسب له، فسقط على عنقه من أعلى قمة فى مصر.. وهو السقوط الذى لن يبقى ولن يذر على شىء فيه.
 
ما الذى استفاده ياسر على من الأضواء التى أحاط نفسه به، لا شىء.. لقد خسر كل شىء وأعتقد أن الخسارة لن تتوقف عند حد الإطاحة به من الرئاسة إلى جراج مجلس الوزراء.. فالخسارة الكبرى قادمة.. وليس عليكم إلا أن تنتظروا الأسبوع القادم.. فقد دار بينى وبينه ما هو أوقع وأفدح وأوجع.

نقلان عن الفجر


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع