أدولف موسى
اذا اردنا ان نعلم الحقيقه كحقيقه و ليست كوهم فلابد لنا ان نكون صادقين على الاقل مع انفسنا. فهناك سؤال مهم يُسأل فيه كثيرون ممن يدعوا الفهم فى الاقتصاد و النهوض الاقتصادى و هو نفس السؤال الذى اريد ان اطرحه هنا:
كيف تستطيع مصر الوصول الى النهضه؟
الاجابه بسيطه، بالنهوض الاقتصادى.
سؤال سهل، و الاجابه اسهل اليس كذلك؟ و لكن التوضيح هو الاصعب و فى مصر يصل محاولة التوضيح الى درجة المستحيل لأن الدروشه تمكنت من العقول. فلنحاول ان ندعى على انفسنا اننا لنا القدره على الفهم المنطقى و نعرض بعض النقاط الواقعيه وننسى و لو للحظه واحده الهباب المسمى بالدروشه.
الاستقرار! كلمه سحريه، لن تستطيع بلد مهما كان الوصول الى النهضه الاقتصاديه الا بالاستقرار. الاستقرار لا يعنى فقط استقرار القياده و ان هناك، رئيس، وزاره، برلمان و هلم جرى بل الاهم من ذلك استقرار القوانين و التشريع التى يستطيع ان يتكل عليها كل من اراد استثمار ماله او فكرته فى اى مشروع يحقق الربح فى هذا البلد. لا تستطيع مثلاً ان تضع فى قوانينك او فى دستورك تشريع دينى يفسر من كل من يريد ان يفتى كما يترآى له و ندعى بعد ذلك اننا وصلنا للاستقرار. القوانين القائمه على الفتاوى امثال فتاوى السيد محمد حسان و نوعيته هى الخراب نفسه و سوف اعرض اهم الاسباب لذلك.
علينا كمصريون ان نسلم بالواقع اننا بلد لا تمتلك الابداع الكافى للنهضه الصناعيه مثلاً. نعم ان بعض الابداع موجود فى الشعب المصرى و لكن نسبته ليست كافيه للنهوض. و لكننا نمتلك قوة العماله الهائله و لكنها غير مدربه و نستطيع تصديرها لانفسنا. اذاً لابد ان نعلم اننا بجانب العماله المتوفره لدينا بوفره شرسه فى اشد الحاجه الى
1. رأس المال الخارجى
2. رأس المال القومى
3. الابداع الخارجى
4. القياده الخارجيه
5. الخضوع للقوانين العالميه التى يعرفها و يثق فيها العالم و ليس للقوانين وليدة الفتاوى المحليه المتخلفه
حتى و ان وجد مصريون من الخارج لديهم رأس المال الذى يريدون استثماره و تشغيله فى مصر فلابد ان نعترف انه رأس مال خارجى ايضاً لانه يأتى من الخارج و من مكاسب من الخارج. لن تجد مستثمر واحد يخاطر بمشروع فى مصر الا اذا توفرت له كل الضمانات انه لن يخسر هذا المشروع لسبب اهبل او لأن مشرع ما صبح يوماً و افتى بفتوى دينيه تقضى على هذا المشروع. نقول مثلاً، ان وجود مادة فى الدستور المصرى تجبر المشرع القانونى المصرى على اصدار القوانين فقط من منبع عقائدى معين فهذا يعنى انه على المشرع القانونى قبل ان يضع اى قانون لابد له ان ينتظر الفتوى العقائديه ممن يدعون على انفسهم بعلماء الدين اولاً. فنجد ان احد علماء العقيده اليوم يفسر شئ من العقيده عن طريقة فهمه لها و يأتى آخر بعد قليل ليشرع بشئ آخر لان وجهة نظره اخرى فى تفسير العقيده. انها طريقة التشريع على الطريقه الحسانيه الكاوتشوكيه. فمثلاً يفتى اليوم السيد العلامه محمد حسان ان سرقة اثار مصر و التجارة بها حلال و بعد قليل يخرج بفتوى اخرى تحرم ما افتى به من قبل. اليس هذا الشيخ و امثاله الجهله هم اساس التشريع الان فى مصر؟ اننى لا اريد ان اهاجم اى انسان لكننى واثق ان هؤلاء المتخلفون يعانون تحت اخطر مرض و هو مرض الانفصام فى الشخصيه. للأسف الشديد تعطى القيادة المصريه الحاليه لهؤلاء حجم كبير لا يستحقوه فى تشريع قوانين البلاد و هذا مثبت فى الدستور المصرى الذى يعانى من التخلف العقلى و يضع مصر محل البؤساء على الارض التى ليس لها قدره حتى على وضع دستور فيه قليل من العقل! هل يمكن لأى مستثمر بعد ذلك ان يضع مشروعه و ماله تحت رحمة هؤلاء المشرعين المرضى؟
ارجو من كل انسان قبل ان ينطق بدون فكر او يتشنج ان يفكر فيما كتب هنا؟ هل هذه حقيقه ام افتراء؟ النتيجه تظهر دائماً من يقول الحق.
هنا نأتى لشى اخطر و هى القياده الرسميه للبلاد. نجد ان القياده الرسميه ليست القياده الحقيقيه. فهناك من يتحكم فى القياده الرسميه من الخفاء و على هذا الهيكل العظمى الذى يحمل فوقه اللحم و الدهن و الذقن و الذى قبل على نفسه بان يكون سيادة الرئيس الطرطور السمع و الطاعه! عندما يخرج علينا سيادة الرئيس الطرطور ليؤكد لنا انه هو وحده صاحب القرار تصبح المصيبه اكبر لان الكل يعلم على الاقل الآن بعد خوض تجربته كرئيس انه لا يصلح لأى نوع من القياده. انسان مهزوز، يصدر قرارات بلا تفكير مسبق و بلا مسئوليه و بلا وعى، عندما يجد ان الشارع قد قام عليه يتراجع عن قراراته بطريقه حمقاء اقل من طفل، حتى اعطى احد له فكرة "سياسة جس النبض" و التى اتبعها لأول مره بوضوح فى محاولة التخلص من وزير دفاعه. هذه الفكره يتبعها كثيرون من القاده فى العالم و الذين يعرفون على انهم قاده ضعفاء. هذا يتم كالتالى:
يريد القائد معرفة حجم استيعاب الشعب لقرار يريد اصداره و لكن هذا القرار ليس سهلاً. يعمل اجتماع و لابد ان تكون فيه الصحافه كعنصر اساسى او اجتماع مغلق يعطى فيه القائد احد الحاضرين المقربين له و الذى يثق فيه رتبة جاسوس يعمل لحسابه. يجعل احد الحاضرين من المقربين له ايضاً من اهل الثقه ان يخرج فى الاجتماع بالفكره المطلوب ايصالها للناس. عندما تطرح الفكره لا يعلق هو عليها و يعطى الايحاء للحاضرين انه لم يسمعها او لم يهتم بسماعها. تخرج هذه الفكره عن طريق الصحافه او عن طريق المسمى بالجاسوس المكلف من القائد. يدوى هذا الخبر فى اركان البلاد على ان القياده تريد تطبيق هذه الفكره. ان استوعب الشعب هذه الفكره و لم يثار بطريقه كبيره اصبحت هذه الفكره محل تنفيذ، يخرج القائد بعد ذلك و يقر هذه الفكره و يضعها للتطبيق. اذا قامت الدنيا و لم تقعد يخرج القائد ليدعى انه لم يسمع عنها من قبل و لم تخرج من لسانه! من باب المعرفه، اول من ابتدع هذه الطريقه هى المستشاره الالمانيه الحاليه انجيلا مركل التى نجحت عن طريقها بالاحتفاظ بالسلطه الى يومنا هذا رغم انها ضعيفه سياسياً لكن مستحيل ان تمسك عليها خطأ واحد.
من الاشياء الاخرى التى اخترعتها المستشاره الالمانيه و غشها منها السيد الهمام محمد مرسى هى "فن الغطس" او بمعنى اوضح، "فن استخدام طقية الاخفاء فى الوقت المناسب". نجد ان المستشاره عندما يحدث استياء فى المانيا من شئ ما و يطالب منها التوضيح. تدخل الى جحر السكينه و لكن بعد ان ترتدى تقية الاخفاء الى فترة معينه، تتكلم على كل شئ الا عن هذا المراد ايضاحه. يخرج الاخرون بأقتراحات كثيره، تنتظر الى ان يفوق احد الاقتراحات المقدمه و لكن من آخرين و يصل الى اعلى نسبة قبول من الشعب، تخرج هى لتقره فقط فيظن الجميع انها عبقرية زمانها التى لا تخطئ.
اخذ السيد مرسى هذه الفكره ليطبقها و لكن بغشامه! ثار الناس عليه، هاجموه، طلبوا منه ايضاحات كثيره، حاصروا قصره عملوا المستحيل و اين كان هو؟ فى جحره و لابس طقية الاخفاء الى ان تهدأ الامور. نجح مرسى فى صد الناس من امام الاتحاديه بهذه الطريقه و لكن هل سوف ينجح على الدوام؟
عندما نجد ان انسان مهزوز يلتثق على عرش مصر و يساعده انسان يعانى من التقلص فى عقلية المنطق و التفكير على رأس الحكومه اى الوزاره. يتمتعان هؤلاء بالضعف الواضح فى القياده التى شرحتها من قبل. اصبح الانسان المصرى فى كل مكان مشهور بمرض الانفصام فى الشخصيه و هذا اخطر شئ يقف امام الاستثمار حتى الداخلى.من هم الاخوان المسلمون؟ ما منهجهم؟ دينى؟ سياسى؟ اى شئ آخر؟ المنهج الحقيقى للاخوان المسلمون هو منهج الحرباء الفاشله التى اذا ارادت ان تتلون بالاحمر جاءت بالاخضر و ان ارادت ازرق جاءت بالاسود. لصق بها اللون الاسود على الدوام. لاحظ كل الناس انها لا تمتلك الا اللون الاسود فقط الان بعد كشفها، لكن الحرباء لم تستطيع النظر فى المرآه لانها تخاف الحقيقه و تظن انها لازالت حرباء ناجحه. عندما يراد منهم ظهور الدروشه الدينيه تجدهم اول ما يتمسك بالدين! عندما يقال ان الشعب لا يريد حكم دينى، يقولون نحن لا نحكم بالدين بل بالسياسه! و لكن ماهو لونهم الحقيقى؟ كما قلت الاسود. اصعب لون يمكن تلوينه هو اللون الاسود لانه لا يقبل ان يغطى عليه لون آخر. الجهل لا يقبل ان يتعلم لانه فى نظر نفسه الوحيد الذى يعلم كل شئ و الاخرون بالنسبة له فقط حمير! لابد ان يحطم هذا الحجاب الاسود حتى يستطيع الناس معرفه ما يخفيه وراءه و يعرف الناس ان وراء هذا الحجاب الاسود هاوية الدمار.
لا يحق لشعب مصر تسمية نفسه بالشعب العظيم الا ان استطاع معرفة الواقع المرير و يحرر نفسه من ظلمة الجهل و الدروشه التى تجعل مثل حسان و مرسى و الشئ التافه المسمى بابو اساعيل و امثالهم القدره فى التحكم فيهم. لابد ان نعيش الواقع و ارجوكم اتركوا الدروشه لانها اكبر عدو لاى شعب يدعى انه يريد ان يسمى بالشعب العظيم.