الأقباط متحدون | دنشواي / بني سويف .. الشبه والخلاف
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٨:٤٨ | السبت ٢٣ فبراير ٢٠١٣ | ١٦ أمشير ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٤٦ السنة الثامنة
الأرشيف
شريط الأخبار

دنشواي / بني سويف .. الشبه والخلاف

السبت ٢٣ فبراير ٢٠١٣ - ٠٤: ٠٢ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم : أنطوني ولسن / أستراليا
أولا : دنشواي
من لا يعرف قرية دنشواي نقول هي قرية تابعة لمركز شبين الكوم محافظة
 المنوفية . قرية بسيطة اشتهرت بأبراج الحمام الكثيرة والمتواجدة حول بيوت  أهل القرية وأجران الغلة. أهلها مثل بقية أهالي القرى في الريف المصري سواء في شمال مصر في الدلتا ، أو في جنوب مصر المعروف باسم صعيد مصر يتميزوا عن أهل البندر في المدن بالطيبة والتسامح ومساعدة الغير وقت الحاجة حتى لو كان هذا الغير غريب ومحتل . وهذا ما حدث مع أهل هذه القرية في عام 1906 بما عرف بأحداث دنشواي والتي عرفها العالم بأجمعه في ذلك الزمان وأعطى للقرية وأهلها سمعة طيبة وتضامنا معهم للظلم الذي وقع عليهم .
حدث في الساعة الثانية من بعد ظهر يوم الأربعاء 13 يونيو من العام 1906 بعد أن أخذت مجموعة من جنود الاحتلال البريطاني التوجه إلى قرية دنشواي الشهيرة بأبراج الحمام للاصطياد، وهذا يحدث من وقت لأخر لكن ليس كما حدث في ذلك اليوم .
أراد أحد الجنود أن يصطاد الحمام الواقف عند أحد الأجران يلتقط حبات الغلة. جرى صاحب الجرن يحذر الجندي ويطلب منه الابتعاد لوجود التبن خوفا من الحريق الذي قد يندلع .
كان من الطبيعي أن لا يفهم الجندي ما قاله صاحب الجرن فأطلق بندقيته لكنه أصاب امرأة وتسبب في اندلاع النار بالفعل مما أثار حفيظة أهل القرية فخرجوا أفواجا يلاحقون جنود بريطانيا العظمي .
 قبض خفراء القرية على ثلاثة من الجنود البريطانيين  وهرب اثنان كابتن الفرقة وطبيبها. لكن مع الأسف وقع أحدهم  وكان قد أصيب بضربة شمس فتركه زميله وجرى طالبا النجدة .
لسوء حظ القرية أن أحد شبابها عندما رأى الجندي في حالة إغماء أراد إسعافه بتقديم الماء له . لكن الجندي كان قد فارق الحياة ، وفي الوقت نفسه كانت النجدة قد وصلت فقتلت الشاب اعتقادا منهم بأنه قاتل الجندي وتم القبض على عدد كبير من أهالي القرية .
من الطبيعي أن يأمر  اللورد كرومر الحاكم العام بتشكيل محكمة لمحاكمة من تم إلقاء القبض عليهم . ومن الطبيعي أيضا أن تكون المحكمة مشكلة من المصريين فاختار بطرس غالي باشا رئيسا للمحكمة . وهذا الاختيار لم يكن حبا لبطرس غالي باشا . لكن محاولة منه في تهيج الرأي العام المصري من المسلمين ضد المسيحيين بعد أن فشل في استقطاب المسيحيين المصريين لجانب الاستعمار البريطاني . ونعرف مقولته الشهيرة عندما تحدث عن الشعب المصري وقال عنهم  ، أنك لا تستطيع أن تفرق بين المصريين لتعرف من منهم المسلم ومن منهم المسيحي غير في يوم الجمعة يذهب المسلم ليصلي في المسجد، ويوم الأحد يذهب المسيحي ليصلي في الكنيسة  .
تشكلت المحكمة على النحو التالي :
** بطرس باشا غالي رئيسا للمحكمة .
** أحمد فتحي زغلول باشا " شقيق الزعيم سعد زغلول " كاتب حيثيات الحكم.
** إبراهيم الهلباوي المحامي الذي عين من قبل المحكمة للدفاع عن المتهمين . لكنه مع الأسف لم يقم بمهمته كما يجب أن تكون . فكرهه الشعب وعاش منبوذا حتى وفاته .
قُدّمَ إلى المحاكمة عدد 52 قروي بتهمة القتل العمد. تم إثبات التهمة على 35 منهم بتاريخ 27 يونيو 1906، والحكم على البعض بالجلد، والبعض بالأشغال الشاقة، والحكم بالإعدام على أربعة من المتهمين .
تم تنفيذ حكم إعدام الأربعة قرويين داخل قرية دنشواي في الثانية من بعد ظهر يوم الخميس 28 يونيو عام 1906 أمام أعين أهل القرية وذويهم .
تم اغتيال بطرس باشا غالي ونبذ من اشتركوا في المحكمة منهم شقيق الزعيم سعد زغلول باشا، ولم تحدث فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين سواء على مستوى القرية أو الأمة كما كان يتمنى كرومر . ذلك بسبب الوعي الوطني لدي كل المصريين وليس مثل هذه الأيام التعيسة الحزينة التي تمر بها مصر.
سمع مصطفى كامل باشا بالحادثة فكتب وهو في باريس مقالا نشر بجريدة الفيجلرو الفرنسية تحت عنوان :
إلى الأمة الانجليزية والعالم المتمدن .
ثم سافر إلى لندن وأخذ يخطب في الناس عن بشاعة الحادثة ويعقد المؤتمرات منددا بحكم اللورد كرومر في مصر ومطالبا برحيل الانجليز المستعمرين عن أرض مصر.
بالفعل قد تم نقل اللورد كرومر الى بريطانيا بعد أن استمر حكمدارا حاكما في مصر لمدة 25 سنة .
ثانيا : بني سويف
مدينة بني سويف هي عاصمة محافظة بني سويف وتعتبر ثاني محافظة على طريق الجنوب لمصر بما عرف بصعيد مصر أو الوجه القبلي .
شعب بني سويف مثله مثل باقي الشعب المصري بسيط ومحب للسلام والمحبة ولا يميل للعنف . من الطبيعي أن تحدث أحداث من هنا أو هناك . مع زيادة العدد البشري في مصر تتغير تركيبة المجتمع والبيئة .
كنت مع من سافر من طلبة التوجيهية بمدرسة التوفيقية الثانوية بشبرا عام 1955في رحلة على حساب وزارة التربية والتعليم إلى كل من الأقصر وأسوان .
في أسوان كانت المفاجأة بالنسبة لي على الأقل أنني رأيت المحلات التجارية بغير أبواب تغلق وتفتح بأقفال مثلما الحال في القاهرة أو باقي المدن في ذلك الوقت ، لكن المحلات تغلق بستارة من البلاستيك يوضع أمام المحل كرسي صغير فيعرف الناس أن المحل مغلق وصاحبه إما ذهب ليصلي الفرض أوعاد إلى منزله .
عملت بوزارة الداخلية في نفس العام . بعدها بعامين ذهبت إلى أسوان مرة أخرى وكان الوضع كما هو بالنسبة للمحلات . تكرر ذهابي في مأموريات متقطعة سواء إلى الجنوب " الصعيد " أو في الشمال " وجه بحري " فأنا من هواة السفر وكنا بالمصلحة يوكل إليّ وثلاثة آخرين مثل هذه المأموريات أقصى ما كنا نقضيه أسبوع للقيام بما يوكل إلينا في تلك المأموريات .
بدأ العمل في بناء السد العالي . في زيارة لي في تلك الفترة إلى أسوان لاحظت تغيرًا أذهلني، المحلات باتت تغلق بأبواب وأقفال مثلما يحدث في القاهرة وغيرها من مدن مصر، عندما استفسرت كانت إجاباتهم الوضع قد تغير وأصبح عندنا عمال وغيرهم من بحري فكان يجب علينا الحيطة والحذر.
وهذا مع مدينة بني سويف المعروف عن أهلها الطيبة وسماحة الخلق والمحبة والتعاون بين الأهل في المدينة ، تغيرات غيرت الكثير من صفات المصريين .
بلطجي في مدينة بني سويف قتل ضابطا للشرطة في المدينة فماذا حدث للبلطجي وللمدينة ؟!!..
الأجابة العفوية هي أن يتم القبض على البلطجي ولا مانع من ضربه كما هي العادة مع الشرطة والأهالي في بعض الأحيان مع أخذ المتهم مهما كانت تهمته إلى قسم الشرطة ليتم تحرير محضر بالحادثة ويتم حبس المتهم لحين عرضه على النيابة للتحقيق وإجراء اللازم ، إن كان بريئا فيتم الإفراج عنه،أما إذا كان متهما فيأمر وكيل النائب العام بحبسه على ذمة القضية لحين عرضه على المحكمة .
لكن ماحدث للبلطجي في بني سويف تعدى كل الأعراف القانونية بتعدي رجال الشرطة أنفسهم من ضباط وأمناء وجنود شرطة ومن أنضم إليهم من الشعب، وقد يكون قد أنضم إليهم أعداد من مليشيات الأخوان الذين شوهدوا في كثير من الأحداث تدخلهم مع جنود الشرطة لقمع المتظاهرين .
نعود إلى ما حدث للبلطجي الذي قتل ضابط شرطة في مدينة بني سويف بعد القبض عليه .
في حالة غضب شديد عارم نسى رجال الشرطة مهمتهم التي أقسموا اليمين عليها والتي تحتم عليهم تطبيق القانون وتقديم المتهم إلى القضاء ليحكم عليه طبقا للحيثيات التي ستكون أمام القضاء ، وأخذوا القصاص بأنفسهم ولم يتركوا البلطجي إلا بعد أن أصبح جثة هامدة ممزقة وهم يكبرون ويركلون ويدهسون في حالة أقل ما يوصفوا بها أنها حالة جنونية . وهذه وصمة عار تتكرر هذه الأيام من رجال شرطة الأخوان والذين لا نعرف بعد السماح لهم بإطلاق لحاهم ماذا سيحدث للشعب المصري الذي لا حول له ولا قوة .
وجه الشبه بين دنشواي وبني سويف
**في حادثة دنشواي كان القتيل الذي مات من ضربة شمس وليس بيد أحد ’ ضابطا في الجيش البريطاني المحتل لمصر .
** والقتيل في بني سويف كان أيضا ضابطا في قوة شرطة بني سويف وقتل بيد بلطجي .
** غضب الشعب في دنشواي .
** وغضب الشعب في بني سويف .  
 نأتي إلى وجه الخلاف بين دنشواي وبني سويف .
** في دنشواي . الضابط البريطاني كان جنديا في جيش الأحتلال البريطاني .
** في بني سويف . الضابط المصري كان جنديا في شرطة مصر المفروض فيها حماية الناس وتقديم كل خارج على القانون إلى القضاء ليحكم بالقانون المدني ، ليس بقانون الغاب .
** في دنشواي . تم تشكيل محكمة لتنظر القضية .
** في بني سويف . تم أخذ القصاص بأيدي رجال الشرطة وليس بالقانون . وهذا مؤشر لأنتشار الفوضى بين أبناء وطن واحد وأصبح القوي يقتل الضعيف ولا مكان للقانون في مصر. وقد بدأت البشاير في الشرقية خيث تم قتل أثنين من البلطجية ذبحا بالسكين ثم سلخهما وسحلهما . ولا مكان لا للشرطة ولا للقانون . كذلك تم ذبح مسيحي وإلقاء جثته في النيل لأدعائهم بأنه عاكس امرأة أو ما شابه، دون اعتبار للشرطة أو القانون
** في دنشواي . إستطاع مصري أصيل في بلاد الغربة أن يكتب عن الحادثة ويهين بريطانيا العظمى وجنودها ، وذهب إلى عقر دارهم في لندن وأخذ يتحدث عن ما حدث في دنشواي مدينا ما فعله البريطانيون في مصر . وقد نجح في إبعاد اللورد كرومر الحكمدار الحاكم في مصر وإعادته إلى بلده إنجلترا .
كلنا نعرف من هو هذا الإنسان .. أنه مصطفى كامل باشا رحمه الله .
فهل يوجد في مصر من يستطيع إقالة وزير الداخلية المصري لعدم قدرته على تطبيق القانون من قبل رجال الشرطة وأخذ القصاص بأيديهم ؟
ومع إقالة وزير الداخلية تأتي إقالة رئيس الوزراء الذي لا يهش ولا ينش ولا له في الطور والطحين، مجرد رئيس وزراء لا سلطة له ولا يعرف كيف يدير وزارة .
بوادر القصاص الشخصي البعيد عن القانون قد تقود مصر إلى فوضى عارمة يقتل فيها القوي الضعيف، والتي قد تبشر بحدوث حرب أهلية بين أبناء مصر المضطهدين والمهملين من حكامهم الأخوان وأتباعهم .
فهل من مُخَلّصْ يُخَلّصْ مصر والشعب المصري من كارثة على وشك الوقوع ؟

 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :