حلت الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي ضيفة على الإعلامي مارسيل غانم في حلقة مميزة جداً من برنامجه الشهير "كلام الناس" وجهت فيها رسائل لجمهورها وللشعب اللبناني في توقيت حرج وصعب، وأطلقت حركة "لا للتطرف" للوقوف بوجه تقسيم الشارع اللبناني.
بيروت: ماجدة الرومي هي أكثر من فنانة مجتهدة، أو موهبة جميلة، هي نبض الشعب، وصوت ضميره، التي تؤكد دوماً أنها لا تجيد السياسة ولاتفهم بها، وبأنها تتحدث بصوت المواطن وحسه الوطني، ورغم أنها حقيقة، لأن من يجيد السياسة عليه أن يتقن فن الكذب وهي إنسانة صادقة، إلا أن كثر يتمنون أن ترتقي السياسة في لبنان لتصبح وسيلة لخدمة الوطن والمواطن لا الحزب أو الطائفة، وأن يستمع السياسيون اللبنانيون الى صوت ماجدة، ويتأثرون به، علهم يفلحون في إنقاذ الوطن من التقسيم والضياع، ويبدأون ببناء دولة حرة مستقلة".
تكريم من الدولة الفرنسية
البداية كانت عن أحدث تكريم نالته من الشعب الفرنسي ممثلاً برئيسه فرانسوا أولاند، بمنحها وسام الفنون والآداب من رتبة ضابط، ولكن في لبنان وسط أهلها وأحبائها، وقلده إياها السفير الفرنسي في قصر الصنوبر، وقالت بأنها لم تتوقعه، وهو أول تكريم لها من دولة أجنبية.
وعلقت ماجدة على المشهد الفني في السنوات الأخيرة قائلة بأن البعض سلك درب الفن من أجل التجارة، ولكن هناك طريق آخر يجب أن نسلكه.
مشهد عرسال ذبحني
كما تحدثت عن إعجابها بالثورة الفرنسية لأنه برأيها تم إستثمارها في سبيل مصلحة فرنسا العليا، وقالت بأن الهم اليوم هو بناء الدولة اللبنانية، وأضافت بأن الجميع معني بالمقاومة اللبنانية وتمنت، لو يتحول إسمها الى المقاومة اللبنانية، بشكل يشبه المقاومة الشعبية الفرنسية للإحتلال.
وإنتقدت الشحن الإعلامي الذي يسهم في شرذمة الشعب، ويوغل في إنقسامه، وقالت بأن تأسيس الدولة يجب أن يبدأ من مكان ما، بعد 37 عاماً من الغلط. ورأت بأن السبيل لتحقيق ذلك هو وضع الثقة بلبنان "الرسمي" ومن يمثل هذا البلد حصرياً. وأضافت: " اقدر بشكل كبير المقاومة الاسلامية ولكن كل من يموت ويستشهد يعنينا".
وعن رأيها بالمشهد في عرسال ردت بأن المشهد ذبحها، وشددت على أهمية الحفاظ على الجيش وعدم المساس به.
ثم عرض تقرير عن تكريم ماجدة الرومي من قبل الرئيس الراحل الياس الهراوي والرئيس ميشال سليمان، وقالت تعليقاً على التقرير: "رئيس الجمهورية يشعرني بانتمائي للدولة اللبنانية ونحن نحتاج الى الكبار في هذا البلد. يمكن للرئيس تحقيق الكثير اذا ساعدناه".
لا 8 ولا 14 .... مشروعها "لا للتطرف"
وقالت ماجدة بصوت حزين مستنكر: "أريد أن أكون صوتاً جامعاً للبنان لا 8 ولا 14"، ووجهت نداءها:" لنقف في وجه الإنقسام الذي سيهدر أعمارنا وهو أقل تقدير لشروره". وأضافت:" أٌعلي صوتي ضد التطرف وأنادي المثقفين، والفنانين، وطلاب الجامعات ... وكل من يؤمن أن المستقبل يكمن في الغد وليس بالأمس، لكي ينظم الى حركة "لا للتطرف" وأنها أول أعضائها". وعلقت بألم: "لم يعد الناس يضحكون في بلادي وادعوا كل الفنانين ان يكونوا صوتاً جامعاً مكان السياسة التي تفرّق".
ووصفت الإغتيالات بأنها:" اهانة كبرى لنا ان يموت شبابنا بالطريقة التي يغتالون بها".
وختمت جملتها بالقول: "نستحق وطناً سيداً وحرًا نعيش فيه".
ضد القانون الأرثوذوكسي...
وتعقيباً على سؤال مارسيل حول رأيها بالقانون الأرثوذوكسي قالت بأنها في البداية كانت معه لأنها لم تفهم كل أبعاده لكنها الآن تتمنى إعادة النظر فيه، رغم أنه يعني تمثيلاً أفضل للمسيحيين، لكنه سيتسبب في إنقسام الشارع...".
ورفضت إيحاء مارسيل بأنها بوصفها القانون بأنه يحقق تمثيلاً أفضل للمسيحيين في لبنان فهي تميل الى فريق 8 آذار، متسائلة كيف تقول هذا وأنا قلت لك رغم أنني مسيحية وأشعر بأن القانون سيتيح تمثيلاً أفضل للمسيحيين إلا أنني ضده لأنه سيقسم الشارع".
وأضافت: "إكتشفت أن المطلوب أن يجعلوننا مشرذمين ومفتتين، والربيع العربي جزء من هذا المخطط، وهناك لعبة أمم جهنمية في هذا المجال. وهناك شعوب تعيش على تفتيتنا وتشرذمنا".
وختمت: " لست محسوبة إلا على لبنان وحريته وكرامته وإستقلاله وكل من يفكر مثلي أنا معه... ولاتهمني السياسة ولا أفهم بها همي ووجعي هو وطني".
مع الزواج المدني
وحول موقفها من الجدل الدائر حول إقرار قانون الزواج المدني في لبنان قالت بأنها بالتأكيد معه. فلا إكراه في الدين والإنسان حر بإختياراته.
وعندما واجهها مارسي بتدينها وأنه يتناقض مع موافقتها على الزواج المدني ردت: أنا شخصياً مع الزواج الكنسي، والمسلم المتدين مع الزواج الديني، لكن هذا لا يعني أن نحجر على رأي ورغبة الآخر الذي يرغب بالزواج المدني، لذا أنا مع إقراره، أيماناً بحرية الآخر".
لست متصوفة
ثم إنتقل مارسيل للحديث عن رحلتها الى لورد، وما يقال حول تصوفها الديني، فردت بانها ليست متصوفة، هي مؤمنة تصلي في الصباح وفي المساء، لكنها تهتم بشؤونها الأخرى، وصوتها، وفنها.
وقالت مبتسمة: نبهتني والدتي عن بعض المواضيع قبل ان آتي الى الحلقة، وأعطتني حوالي ٢٥٠ نصيحة ! خوفاً من أنتقد على تكرار الحديث عن الإيمان، وخشية من عدم تصديق الناس والإعتقاد بأنه مجرد إدعاء".
وسألها مارسيل لم تتحدثين في الموضوع إذن، فردت لأنك وجهت لي سؤالاً عن علاقتي بالله ولورد، وقالت: "احب سيدة لورد والشهر الماضي زرت العذراء، وكنت محظوظة لأن هذه الزيارة كانت في توقيت خفت فيه زحمة الزوار، فجلست اكلم السيدة العذراء وجهاً لوجه وهي تسمعني وتعطيني ايمان كبير."
وتمنت ماجدة خلال رحلتها في الحياة أن تشهد لانسانيتها مثل الام تيريزا او الاخت ايمانويل او الابي بيار. وحول الغيرة الفنية قالت: " لا اشعر بالغيرة من اي فنان بل امارس نعمتي من الله في غنائي ولو لم اكن اعتاش من صوتي لكنت شاركت به كل فقراء لبنان والارض".
وحول التزامها العمل الخيري عبر جمعية "رسالة حياة" قالت: " لانهم يهتمون بعدد كبير من الناس بنفس الوقت. وأنها قدمت لهم صوتها، وهم يهتمون بالمعوزين والفقراء".
الربيع العربي لم يصل بعد
وتعليقاً على وضع العالم العربي بعد الثورات قالت: "لا أسمي ما يحصل اليوم "ربيعاً" عربياً. نحن في شتاء عاصف، لكننا موعودون بربيع قادم، إلا أن الوقت لايزال مبكراً عليه، نحن كمن يعيش مرحلة ما بعد فوران البراكين، بحاجة لبعض الوقت كي تبرد الحمم وتزهر الارض".
وأضافت: "اشعر باننا جميعنا ذبيحة تشفي غليل "الشر" لذلك نحن بحاجة ماسّة للخير ولنشهد للخير ويكفيني فخراً انني اشهد للخير".
تونس ومصر والإسلاميين
وعن رأيها بما يحصل بتونس بعد رحيل بن علي ترى ماجدة أن تونس تطل على الدنيا من واجهة حضارية، ثقافية، فنية، عريقة، وبمنتهى الغنى والأهمية، ومن الصعب على من يريد إدخالها في الظل أن يحقق ذلك.
وقالت: انا مع تونس "بورقيبه" وحقوق الانسان والحرية، وأن الناس في تونس عبرّت عن رأيها واثمرت دماء البوعزيزي في هذا المجال ولكن لعبة الامم دخلت عليهم لاحقاً.
وشبهت الشعب التونسي بالمارد الذي خرج من القمقم، ومن الصعب جداً إعادته اليه، أو الإقفال عليه من جديد".
وأضافت: " الشعب التونسي نسر تعوّد على الصدارة. لا يمكن أن تقصّ له جناحيه ليصبح دجاج، ويتوقف عن التحليق"
وعن وسام الاستحقاق التونسي الذي نالته في عهد الرئيس زين العابدين بن علي قالت: الوسام قدم لي بالنيابة عن الشعب التونسي وعلاقتي بتونس قديمة، وطالما كان الرئيس جالساً على الكرسي، كان علينا إحترام تمثيله للشعب التونسي الذي أبادله المحبة بالمحبة.
وللإنتقال بالحديث الى مصر عرضت مشاهد لماجدة من فيلم "عودة الإبن الضال" وعلقت عليه بالقول بأنها لاتحب مشاهدة صورها القديمة، لأنها تذكرها بأنها تشيخ، "مش حلو الواحد يختير". وذكرها مارسيل هنا بأنها أصبحت جدة، فردت بأنها سعيدة للفرح الذي تعيشه إبنتها، وبأنها واقعية وتدرك أن لكل مرحلة جمالها".
وحاول مارسيل جرها لإنتقاد الرئيس مرسي، لكنها رفضت التعليق على الأشخاص أو الدخول في متاهات التفاصيل وإكتفت بالقول: أشعر بأنه تم حرف الثورة المصرية عن مسارها، ومن الصعب كتيراً أن ينجحوا في إطفاء نور مصر، فهي خلقت لتعيش وتوزع على العالم فرحاً وحضارة".
وختمت جملتها بالقول: "أسهل على النظام الحالي أن يحبس النيل بقنينة من أن يعيد مصر الى الوراء".
كما تحدثت ماجدة عن جريمة بوش الأب تجاه العراق، والتي وصفها بالغلطة، وقالت أي غلطة هذه التي تكلف شعباً نصف مليون قتيل، وإهدار ثرواته، وأمنه وإستقراره". من سيحاسب على غلطة كهذه؟.
لا يقلقها وجود اللاجئين السوريين في لبنان
وإنتقل مارسيل بالحديث عن اللاجئين السوريين في لبنان وفيما إذا كان وجودهم يقلقها، فردت بأنها رغم تحفظها على بعض الأخطاء التي إرتكبتها سوريا في لبنان، لكن وجود اللاجئين لا يقلقها، فهم لا علاقة لهم بالسياسة، وإنما بشر منكوبين، هاربين من وضع صعب، ويتمنون العودة الى بلادهم اليوم قبل الغد، وكيف لنا ألا نتعاطف معهم إنسانياً، ونحن كشعب لبناني مررنا بنفس الموقف من قبل ولقينا منهم كل تعاطف".
وحول تعليقها على زيارة الراعي الى سوريا ردت: "إذا كانت زيارة الراعي الى سوريا تساهم في حلحلة الامور فأنا معها".
لن أسمح بتقزيم حلمي
وكان الجزء الأخير من الحلقة شهادات من العائلة والعاملين مع ماجدة عنها. وسألها مارسيل عن الحب في حياتها وكان جوابها: الحب كالهواء والشمس ولا أحد يحب أن يعيش لوحده، والإنسان لم يخلق ليعيش وحيداً... أنا مع الحب إن وجد، وإن لم يوجد عندي أمور كثيرة غير الحب أعيش معها ولأجلها".
وعن ألبومها الأخير وتكلفته العالية قالت ماجدة بأنها كانت قادرة على الإحتفاظ بهذه الأموال أو شراء بيوت وسيارات وكماليات أخرى بها، لكن هذه الأمور لم تعد تعنيها، فالفن بات وسيلتها لتوصل من خلاله رسالتها، وتحدثت عن ضرورة تدخل الدولة لحماية الأعمال اللفنية من القرصنة، التي بسببها توقف الإنتاج الفني، وأن على المهرجانات أن تدعم الفنان ليستمر في الإنتاج لنفسه، وطالبت بوضع الأوركسترا الوطنية بتصرف الفنانين لدعمهم".
وكانت خلال الحلقة بررت عدم مشاركتها في مهرجانات بعلبك بأن رؤيتها للطريقة التي يجب أن تقف بها بين أعمدة بعلبك تختلف عن رؤيتهم، فلا يمكن لها أن تقدم حفلاً عادياً في هذا المكان، ولكن في النهاية لهم قدراتهم وإمكانياتهم وأحترم رأيهم لكن أرفض تقزيم حلمي".
وتعليقاً على الواقع الإنتاجي الصعب أكدت بأنه: "لو لزم الأمر سأغني على البيانو أو لوحدي لن أتوقف عن رسالتي وهي أكبر من صوتي، لست صوتاً فقط".
وكانت كلمتها الأخيرة: "بان أغنية لبنان عم بحلمك تختصر لبنان الذي نريد ولا نخلّص لبنان الا اذا تعاطينا مع القضية على حجم الوطن وليس على حجم أحزابه.
أطلقت حركة لا للتطرف عبر برنامج كلام الناس