الأقباط متحدون | أمى الحبيبة الطيبة و دروس من الحياة (1931-2009م)
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٠:١٧ | الخميس ٢١ فبراير ٢٠١٣ | ١٤ أمشير ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٤٤ السنة الثامنة
الأرشيف
شريط الأخبار

أمى الحبيبة الطيبة و دروس من الحياة (1931-2009م)

الخميس ٢١ فبراير ٢٠١٣ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 بقلم: ماجد عزت إسرائيل

 
ولدت أمى الحبيبة فى 19 أغسطس 1931م،فى عهد ملك مصر (فؤاد الأول) (1917-1936م)؛وتزامن مولدهـــا بتطبق دستور عام( 1930م)،وكانت البلاد فى ذات الفترة يسودها حالة من المظاهرات للمطالبة بالــعودة لدستـور 1923م،ونجحت مطالب الثوار فى عام( 1935م)،بعد أن أجبرالملك" فـــــؤاد الأول" على أصدار قراره الشهير بالعوده إلى  دستور عام ( 1923م)،لتوافق قوى الشعب المصرى عليه، فهـــل يستطيع الرئيس الحالى"محمد مرسى"(24 يونيو 2012م) أصدار قرار بإلغاء دستور(منتصف الليل) الذى صدر فى( آواخر ديسمبر 2012م)، وتشكيل لجـنة تأسيسية جديدة من جميع طوائف الشعب لوضع دستور جديد؟ وربــما يستـــطيع بذلك القرار كسب ود الشــــعب المصرى،وضرب قوى المعارضة،أما إذا ظل على موقفه من عــدم الأستجابة لمطالب شعبه، هل تستطيع قوى المعارضة الوطنيةــ الأنقـاذ الوطنى ــ تنــــحيه عن السلــطة؟ هـذا ما سوف يتضح فى الأيـام القادمة. 
 
على أية حال، كانت أمى الحبيبة الطيبة ذات حكمة وشخصية قوية، اكسبتها حكمتها المحافظة على على أسرتها بعد رحيل زوجها،فكانت معلمة ناجحة،بالرغم من تعليمــها البسيط،فكانت كل يوما دراسياً بعد عودتى أنا وباقى الأخوة والأخوات من المـــــدرسة، تقوم بمراجعة الكراسات،وبخفة الـدم المصرية،عندما لا تجد علامة صح باللون الأحمر بداخل الكراس،تقول يا فلان....... لماذا لم تعمل الواجب أنا عارفة إلا حصل، قول ولا تخاف،ومن هــنا نبدأ معها الحوار،وكان الواحد يتـــلوه الآخر،كل واحد على حـده،فكان هدفها المتابعة والمحافظة على الاستمرارية،ونجاح أبنائها.
 
وفى ذات السياق،بعد أن تزوج كــاتب هـذه السطور،ورزق بولدان وإلحقهم بإحدى مدارس اللغات،ففى ذات مرة كانت أمى الحبيبة الطيبة فى زيارة لنا،فكان الولدان كــثير الأسئلة لها باللـغة الإنجليزية،فطلبت تعلم بعض الكلمات لمجاوبتهم على الأسئلة ــ كانت كلمات بسيطة ــ وعندما ناقشتـــها، قالت لو حس أبنك أنك لا تـــعرف شىء للــرد على أسئلته،فسوف يعتمد على الآخرين،ومن هنـــا تتعد المشاكل وخاصة فى بـــداية مرحلة الطفولة المتاخرة.
 
وفى مجال الأمانة قدمت أمى الحبيبة الطيبة، درساً عملياً للعاملين باحدى البنوك بذات المدينة القريبة من قريتنا،فقبل وفاتها إى قبل( 23 فبراير 2009م)،ذهبت للبنك كالمعتاد سحب مبلغ نقدى لاحتياجه إليه،فجلست فى أنتظار دورها حتى جاء،فطلبت من موظف البنك المبلغ فكتبه بداخل الدفترــ لم يكن هنــاك المستر كارت ـــ واستلمت المبلغ النقدى ،و كانت مستعجله لذهبها لمصلحة حكومية ولديها معــــاد مسبق،فلم تقوم بعـــد النـقود، وقالت فى نفسها سوف اعده فيما بعد،وعندما بدأت فى عد المبلغ النقـــدى،وهى بوسيلة المواصلات، وجدت المبلغ زأئداً  كبيراً،فلم تكمل مشوارها وعادت بسرعة للبنك،وقالت للموظف الذى قام بعملية السحب ،المبلغ ناقــــص،بعدها سمـعت كلمات وإلفاظ صعبة ، فقالت له"أنتى مثل أبنائى فأنا لا أريـــــد الرد عليك،فـــهذا مبلغ زائد أنتى أعـــطيته لى خطأ،فبدأ الرجل فى الأعتــــذار وهو فى حالة لا يـــرثى لها"،فقالت له كان هناك حلول آخرى، ولكنك أخــترت الـــطريق السهل.
 
وبمناسبة موجة التكفير التى تمر بها مصرنا الحبيبة، فى وقت كتابة هذه السطور،أذكر لأمى الحبيبة الطيبة درساً مع أحد هؤلاء الشيوخ،ففى ذات مرة كانت ذاهبه من مــدينة أهناسيا المدينة إلى مدينة بنى سويف ــ الموطن الأصلى لمرشد الأخـــوان حاليا "محمد بديع" ــ فركبت المكروباس (سيارة تستطيع حمل من 12-16 راكب) وإذا باحد الشيوخ يركب بالطريق، فكان هناك مكان للجلوس بجوار أمراة،وقال له السائق أجـلس فرفض، وقال هذا حرام وكفر،فتكلمت أمى الطيبة،وقالت له هـــذه أمراة كبيرة مثل أمك،أتفضل أجلس،فرفض،فقالت له مين بيغسلك ملابسك ويطبخلك ويصحيك من نومك لمتــــابعة أمورك إلم تكن أمك،أم انتى بتعمل كل حاجــــة بنفسك،فإذا كنت تعمل كل حاجة بنفسك ،فأنتى مثل الرهبان،فليس هذا مكانك، فمكانك الصحارى والجبـــال،فقــــال لها ليس هذا وذاك، فقالت له بجراه الفرسان "أكـــيد أنتى شكـــل تانى،مش من أولادنا المصريين إلا عرفينهم".
 
 ومن الدروس الحياتية التى قدمته أمى الحبيبة الطيبة لنا،التعرف برموز رجال الفكر والثقافة عن طريق تماثيلهم التى توجد بالشوارع والميادين ــ تتساقط وتهـــــدم الآن فى ظل حكومة قنديل (2012-2013م) ــ فإذكر له ذات مـــتترة وأنا صغير  كنت مسافراً معها عند خالتى بمركز مطاى،ففى الطريق ما بين بنى سويف ومـــطاى مركز مغاغة، والشهير بموطن عميد الآدب المصرى"طة حسين" فأخذت تحدثنى عنه كيف أستطـــاع هــــــذا الرجل من قهر الظلام (فقدان البصر) وكافح حتى أصبح من أشهر الأدبـاء،وتمثاله بمدينة المنيا شاهداً على نبوغه وتقدير الدولة لهذا الرجل ــ للأ سف الشديد تم الاطاحة برأس التمثال وأختفائه فى أثناء كتابة هذه السطور ـــ   ،أمــــا تمثال الست"أم كلثوم" فكانت تعتبره فخر للمرأة المصرية،التى أعطت لبلدها بدون مقابل"،أما تمثال النهضة بمنطقة جامعة القاهرة،فكانت تقول على ناحــــــــته بــ" الفنان الموهوب" تقصد "محمود مختار.
 
وربما أعتقد لو قدر لأمى الحياة حتى يوماً هذا لشاركت أهالى بورسعيد بصفة خاصة، ومدن القنال بصفة عامة عصيانهم المدنى من أجل أرواح الشهداء التى فقدتهم المدينة عبر تاريخها الحديث، فكثيراً، ما كانت تذكرنا بأحداث المنطقة فكانت تقول" بين  عامى( 1969-1972 ) شهدت المنطقة حرب الأستنزاف، ونتيجه لذلك أجبر سكان المدن الثلاثة على الهجرة الاجبارية، بل أن الغالبية العظمى رفضت ترك المدن من أجل الدفاع عنها، وهذا ما أكدته حرب 6 أكتوبر 1973، وضرب أهل السويس مشهدا تاريخيا آخر فى 24 أكتوبر 1973، بالدفاع عن هذه المدينة العريقة، وراح العديد من الشهداء، وخربت المدينة بالكامل، وطال هذا الخراب الجوامع والكنائس".وبعـد.. ألا تستحق مدينة بورسعيد ومدن القنال منا جمعيا،كل التقدير والتعظيم على ما قدمته من شهداء؛ يخلدهم التاريخ يوما بعد يوم.
 
 على أية حـال،مر على رحيلك يا أمى الحبيبة الـــطيبة أربـع سنوات (23 فـبرايـر 2013م)،ولكننى لا ازل أتذكر تعليمك ودروسك  اليومية التى أسترجعتها  من دفــــــتر الزمــان،واليوم كتبت من صفحتها البعض كنموذجاً لعلـــها تفيد أجـيال وراء أجيال،كنت يا أمى خيراً نموذجاً للمرأة المصرية المحبة لوطنها.   




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :