الأقباط متحدون - الشعب المصرى والرغيف .. وانتظار الجوع المخيف
أخر تحديث ٠٢:٣٥ | الاربعاء ٢٠ فبراير ٢٠١٣ | ١٣ أمشير ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٤٣ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الشعب المصرى والرغيف .. وانتظار الجوع المخيف


بقلم :  سمير حبشــــــــــــى
يا إخوتى : فى أم الدنيا يعيش الإنسان فى قلاع من حلم يأمل فى الإنفراج ، يأمل فى بسمة أو ضحكة  ولو من وهمّ ، فقد خيم على حياته الغلُ والجورُ وَ الحاجة والإضطراب  !..
خرج وجرح فى القدم ، ويملأ يديه العدم ، وزفيره شعُورُ من ندم ، ففى غرفته المظلمة وعلى الأرض الباردة يتلوى من الجوع الصغار ، يدفعه فى الطريق يأسُ وَ بأسُ وَ أنتحار .. فهو يعلم أنه لابد أن يعود وبين يديه رغيف الخبز ، بالرغم من  الفَقر وَ القفر وَ القهر ..
فلابد أن يعود للبطون الصارخة من الجوع فى  الظلام ، نعم فهو يعلم أن هناك بُكاء من دمٍ
و عيونا  لا تنام .. يخرج وفى داخله ولد ، وعلى كتفيه بلد تشتاق إلى رغيف الخبز ..

رغيف الخبز .. نعم رغيف الخبز .. رمانة ميزان حياة البشر .. رغيف الخبز هو المرآة الحقيقية للحاكم الطاغى ، والقاضى الباغى ، وللوزير والمدير والساعى .. وهو الإنعكاس الواضح والصريح لرغد العيش وزينة الحياة والطيش .. ولكن فى مصر للأسف مِنْ فرْطِ البلاء أصبح الرغيف عليلا يَبْحَثُ عَنْ دَوَاءِ ، بل أصبح الخبز مُراً وهو للشعب كل الغذاءِ ، بعد أن تسربل بنعْش الغـلاءِ .. فرغيف الخبز هو قصة كل يوم يراها الناس من قاص ودانى ، أما الحاكم فلا يشعر بالشعب وما يعانى .. ولأهمية رغيف الخبز فى حياة المصرى ، أطلق على رغيف الخبز لفظ ( العيش ) ، اي الحياة ، وعلى العمل ( لقمة العيش ) .. لذا فرغيف الخبز نرى فيه دائما كل عيوب النظام الحاكم من فشل فى الإدارة إلى الفساد والإستبداد ، ويتكلم الرغيف أيضا عن كل نجاحات الحاكم وبطانته  ، ولا يشعر بأهمية رغيف الخبز  إلا الفقراء الذين لا يستطيعون العيش بدونه ، ولذا فرغيف الخبز هو دائما محرك ثورات الفقراء ..
فالجائع لا يتذوق  ..ولا يمكن للجائع أيضا أن يستمتع بمنظر غروب الشمس ، أو شمس الشروق .. إن الجائعين هم الذين يصنعون التاريخ ،  فالجائعون المعدمون في فرنسا هم الذين اقتلعوا عرش لويس الرابع عشر وهم أيضا من قادوا روسيا من دولة قياصرة إلى دولة عباقرة .. ولرغيف الخبز فى مصر وقفات ومحطات لها بصمات ظاهرة فى تاريخ مصر .. فقبل الغزو الإسلامى لمصر ، وفى سنواته الأولى وبالذات فى عام الرمادة ،  أنقذ القمح المصرى رغيف الأمة الإسلامية من الموت ، بالرغم من القيود والمذلة التى عاشها رغيف الخبز فى مصر تحت الشروط الثلاثة المجحفة " الإسلام أو الجزية أو القتل ".  وفى عهد الملك فاروق كان الجنيه المصرى يساوى دولارين ونصف أمريكى ، وكان رغيف الخبز يرقص متباهيا بين أرغفة خبز العالم ..

ثم قامت هوجة العسكر التى أعطوها إسم ثورة 23 يوليو .. وغاص رغيف الخبز فى الأعماق ، وأصبح الجنيه المصرى ورقة بلا قيمة .. وفى عهد عبد الناصر زادت البطالة المقنعة و الرشاوي و الروتينية في المؤسسات الحكومية .. وقد يصمت الشعب على طغاة  السلطة ، أو التلاعب فى مصير الإنتخابات  ، أو الإستفتاءات حتى لو وصلت بالتزوير إلى 99.9 ..  وما اكثر أن عاش شعب مصر هذه الحالات ، ويمكن أن يغمض الشعب عينيه ويستكين وهو يرى  من يسرق آمالهم ومستقبلهم  ، لكن العبث  برغيف الخبز يعني أن يخرج ثعبان الجوع من جحره ، ليقف فى وجه الحاكم ،ولن ننسى ما حدث في يناير 1977 عندما حاول السادات أن يرفع أسعار رغيف الخبز والكيروسين فإذا بالشعب المصري الذي تعود أن يراه العالم شعبا هادئا مستكينا،  يخرج فى شكل النمور الغاضبة  ليهدد السادات وسلطاته ،حتى لاذ  بالفرار إلى "أسوان " ليأمن بطش وغضب الجائعين .. وكانت هتافات الشعب  " عايزين حكومة حرة دي العيشة بقت مرة " و "عاوزين حكومة جديدة .. الناس بقت على الحديدة" ، وسيد مرعي ياسيد بيه كيلو اللحمة بثلاثة جنيه "،وكان سيد هذا هو رئيس مجلس الشعب فى هذا الوقت ..
أما فى عهد مبارك فقد تفاقمت أزمة الخبز فى مصر ، ووصلت الى حد الاقتتال من اجل الحصول على رغيف خبز ثمنه ( 25 قرشا ) ، بعد ان كان مدعوما من الدولة وثمنه ( 5 قروش فقط ) . رُفع عنه الدعم فى غفلة من الزمن فتضاعف ثمنه خمس مرات .. و لم يكن يتخيل "حكام مصر" و لاغيرهم يوما أن يكون رغيف الخبز المغموس بالدماء الزكية التي تُهرق نتيجة جشع من يجلس على الكرسى ومن حوله . هو الذى سيلقى بهم فى مزابل التاريخ .

وفى نظام استعذب صرخات شعب مصر، واقسم على تدميره للإنسان المصري . ظهر مرسى العياط والإخوان .. ليجعلوا  المشكلة ليست في إن البعض لايجدون رغيف الخبز بل يجعلوهم لا يحلمون بأكثر من رغيف الخبز.. و يقتنعون بعيش من أي نوع ..شرط ضمان رفقة الرغيف .. فلا أحزاب ولا صحافة ولا نقابات ، ولا ديمقراطية إن غاب رغيف الخبز أو أكلته وحوش الأسعار.. ويا إخوتى وكأن الماضي يسكن بيننا ،أو كأن اليوم يولد من رحم الأمس ،حكومات  الأزمات في مصر مستمرة من عبد الناصر للسادات إلى مبارك ومرسى العياط ، تختلف الأسماء ومشنقة رغيف الخبز واحدة .. وأمام المخــابز  في كل بلاد مصر مشهد يذكرك بالمجاعات ، ويحارب الناس هذه الأيام من أجل رغيف الخبز ،  وقتالهم وصل إلى إستعمال الأسلحة البيضاء حسب المثل القائل " عض قلبى ولا تعض رغيفى " .. لهذا لابد وأنا أقول لابد من الثورة وبسرعة على هذا النظام الإخوانى الفاسد  ، والقضاء على كل مظاهر الفساد التى جعلت وجه أم الدنيا قبيحا مخجلا أمام العالم أجمع  ، وأكرر لا إصلاح إلا بالتخلص من هذا النظام الفاشل ، وتوفير رغيف الخبز لكل فم جائع .. والا فالموت ينتظر أرض الكنانة الغالية على أبنائها  .
وإلى مرسى العياط والإخوان أقول : أيها العابثون برغيف الوطن ، ألم تقرأوا تاريخ من قبلكم
وتعرفون إن الرغيف و السياسة وجهان لوطن واحد  .. متى ستنتبهون إلى صراخ نمور الشوارع الجائعة  ، لقد كسر الرغيف حواجز الصمت ، و كسر حواجز الأمن ، وكسر أطواقا صلبة عنيدة لحكام أكثر صلابة وعناداً منكم .. وإن غدا لناظره قريب .
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع