كتب : هشام خورشيد
للسياسة حسابات أخرى قد تتضارب فيها مصالح شركاء اليوم ليكونوا خصوم الغد والعكس صحيح , وبحكم الحنكة السياسية التي يتمتع بها قطبا المعارضة عمرو موسى ومحمد البرادعى قد اكتشفا أن الشارع المصري بدء تتقلص ثقته في المعارضة التي لم تطرح رؤية واقعية سوى الدعوة إلى التظاهرات التي تطالب بإسقاط النظام , ومع الوقت أدركوا أن الدعوة إلى إسقاط نظام الحكم الاخوانى ليس متاح في الوقت الحالي بحكم أن أدوات الثورة والإسقاط غير مكتملة وهو ما جعلهما يتفقا على إتاحة فرصة للتقارب بين طرفي المعادلة ليكسبوا تضامن التيار السلفي الذي يرفض تماما فكرة إسقاط الرئيس , ولكنه يعيش مناوشات شديدة مع الأخوان المسلمين وحزبها ومؤسسة الرئاسة خاصة وان مبادرته فتحت باب الوساطة بينه وبين جبهة الإنقاذ قبل أن تتوتر العلاقة بين النور والرئاسة مؤخراً.
لم يكن لقاء الكتاتنى مع البرادعى هو الأول , لكنه سبقه لقاءات جمعت بين رئيس حزب الوفد السيد البدوي وزعيم غد الثورة أيمن نور للتمهيد للقاء يجمع عمرو موسى مع أحد قيادات الجماعة وكان اللقاء الأول يوم الأربعاء الموافق 6 فبراير بعد وساطة حزب النور والبدوي ونور وفى نفس اليوم علم حمدين صباحي زعيم التيار الشعبي بشأن هذا اللقاء وكان الصدام الأول بين صباحى والجبهة خاصة وان صباحي لم يعلم بشان المفاوضات التي اعتبرها تتم فى الخفاء
حاول موسى إقناع حمدين صباحي بالتخلي مؤقتاً عن مطلب الإسقاط والهبوط بسقف المطالب بعد أن أبدى البرادعى تخوفه من عرض وجهة النظر على صباحي الذي ابدي اعتراضاً شرسا وتمسك بالمنهج الثوري واعتبر ان ما يطالبونه به بيع للثورة وهو جعل موسى يرفض رأى صباحي واعتبره مزايدة على شخصه وخرج صباحي مسرعاً وترك خلفه تساؤلات عديدة عن مصير التيار الشعبي الذي يمثله مع جبهة الإنقاذ الوطني بعد أن قرر اعتزال حضور اجتماعات الجبهة ولقاءاتها
وتزامن موقف عضوا جبهة الإنقاذ من المفاوضات مع جماعة الأخوان المسلمين مع ممارسة قوة إقليمية ضغوطها عليهما لإعطاء الرئيس فرصة لتقديم رؤية وتنفيذها في وضع مستقر بعض الشئ خاصة وان اتهامات إشاعة الفتنة والتحريض على العنف بدأت تطل برأسها ضدهم , جاءت أول خطوات التقارب مع مغازلة "موسى" بعرض منصب رئاسة الوزراء عليه لكنه رفض خشية اتهامه بالتراخي في تحيق مطالب الثورة والتعاون مع الإخوان في إفشالها وهى النظرة التي ينظرها المعارضة والقوى الثورية إلى كل من يتقلد منصب في ظل حكم مرسى
نجحت وساطة أيمن نور والسيد البدوي بقيادة رموز حزب النور السلفي في عقد اتفاق بين موسى والبرادعي مع الرئاسة على ممارسة المعارضة الإصلاحية والابتعاد عن المناداة بإسقاط النظام بعد أن على تعهدات شفهية بأن الوضع الاقتصادي للبلاد سيتعافى بالإضافة إلى الوصول بالاحتياطي النقدي من العملة الصعبة إلى ما كان عليه قبل اندلاع الثورة وتشغيل مشروع "محور قناة السويس" وبدء العمل فيه قبل نهاية العام الجاري , وان لم تحدث تلك الاتفاقات يعودوا إلى ألمطالبه بإسقاط النظام لان في تلك الحالة سيكون المطلب شعبي لما ستشهده مصر من انهيار اقتصادي حتمي.
وبرغم إنكار صباحي وأعضاء التيار الشعبي انفصاله عن جبهة الإنقاذ إلا أن حالة من التوتر قائمة بين الثلاثة إطراف "موسى والبرادعى وصباحي" بالتزامن مع محاولات رأب الصدع الذي حدث بين قيادات الجبهة.