الأقباط متحدون - سيدات وليسوا حريم..
أخر تحديث ١٠:١٧ | الاثنين ١٨ فبراير ٢٠١٣ | ١١ أمشير ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٤١ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

سيدات وليسوا حريم..

بقلم منير بشاى
    تجرى فى مصر حاليا محاولات لتغيير طبيعة الحياة كما نعرفها لتتمشى مع توجهات رجعية عفى عليها الزمن. وعلى رأس هذه محاولات قمع المرأة ومعاملتها كما يعامل الحريم فى المجتمعات القبلية، لا يراها أحد ولا يسمع صوتها ولا يحق لها ابداء الرأى.  ولكن المرأة المصرية التى كانت دائما ندا للرجل لن تقبل ان تمشى ورائه بخطوات، بل ولن يقبل هذا كل رجل شريف، ليس فقط من أجل المرأة ولكن من أجل نفسه ومن أجل مصر كلها.
ارفعى رأسك
    لم ترتكبى جرما من أجله تنكسى الرأس.  انت نصف المجتمع وبدونك لا يستطيع النصف الآخر ان يرفع رأسه.  أنت الجدة والأم والزوجة والابنة والأخت.  انت شريكة الحياة ومدبرة البيت ومصدر الحب والحنان، أنت مرساة الأمان لسفينة الاسرة والمجتمع والوطن.  مكانتك اللائقة بك انك سيدة Lady، وكرامتك من كرامتنا كلنا. من أجلك ضحى محمد الجندى بحياته عندما رفض ان تهان أمه أمامه. وكل رجل لديه نخوة الرجولة قد يسكت على الاهانة الشخصية، ولكنه لا يقبل أبدا ان تهان أمه أو زوجته أو أخته أو ابنته أو أى امرأة.
اكشفى وجهك
    وجهك الجميل هو من ابداع الله. وفى عالم حوله  الانسان الى قبح وكآبة، أراد الله أن يعوضنا عن ذلك القبح بومضات من الجمال الربانى مثل منظر وجه تتوهج منه ابتسامة، أو طفل ترتسم على ثغره فرحة، وعتدما نتأمل زنابق الحقل التى يلبسها الله أعظم من سليمان، او يبهرنا منظر قرص الشمس الذى يلمع كالذهب وهو يغوص فى الأفق وقت الأصيل. ان الله جميل يحب الجمال.  وجه المرأة ليس فيه عوار يؤذى الناظرين. العوار هو فى عين المشاهد الشريرة، وتغطية المرأة لا تمنع المشتهى من ان يطلق خياله المريض فيتصور فى عقله ما لا يراه بعينيه، لأنه من الداخل من قلوب الناس تخرج الشرور.
اطلقى صوتك
    صوتك الجميل أيضا ليس عورة، انما العورة هى فى آذان السامعين.  لقد أدخل صوت امرأة البهجة فى نفوس الناس عندما أطربتنا كوكب الشرق أم كلثوم بكلمات أحمد رامى: فاكر لما كنت جنبى والغمام داعب جبين القمر..والليل سارى والنيل جارى والموجة تجرى ورا الموجة عايزة تطولها تضمها وتشتكى حالها من بعد ما طال السهر.  كما أسرنا صوت فيروز الملائكى وهى تغرد رائعة جبران خليل جبران:أعطنى الناى وغنى فالغنا سر الوجود وأنين الناى يبقى بعد أن يفنى الوجود..هل اتخذت الغاب مثلى منزلا دون القصور فتتبعت السواقى وتسلقت الصخور..هل تحممت بعطر وتنشفت بنور وشربت الفجر خمرا فى كؤوس من أثير..هل جلست العصر مثلى بين جفنات العنب والعناقيد تدلت كثريات الذهب..هل فرشت العشب ليلا وتلفحت الفضاء زاهدا فى ما سيأتى ناسيا ما قد مضى..اعطنى الناى وغنى وانسى داء ودواء انما الناس سطور كتبت لكن بماء...
اعلنى رأيك
    من حقك كعضو فى هذا المجتمع الذى انت تمثلين نصفه على الأقل ان تعبرى عن رأيك لما يجرى فيه الآن وما يجب ان يكون عليه فى المستقبل.  ومن حقنا عليك نحن الرجال ان نسمع رأيك ونهتدى بفكرك.  فالمركب تجمعنا جميعا وان غرقت- لا قدر الله-  سنهلك معا وان نجت سننجو معا.
    مكانك ليس الحبس الانفرادى فى زنزانة البيت ولكن الى جانب الرجل: فى الحقل والمصنع والمدرسة والجامعة والوظيفة كمهندسة وطبيبة وممرضة ومحامية وقاضية وصحفية ووزيرة ومدافعة عن أرض الوطن وفى اى مكان يتفق مع امكانياتك وطبيعتك.
    ومن حقك ان تخرجى الى الشارع والميدان لتعلنى عن رأيك فى قضايا المجتمع وتؤيدى ما هو جيد وتعترضى على ما هو ردىء.  ومن واجب المجتمع ان يحميكى من مرضى التحرش الجنسى الذين يهدفون الى تحييد دورك والتخلص منه باعادتك الى داخل سجن البيت.  والقول، ان المرأة عندما تشارك الرجل فى الميدان انما تسعى الى التحرش ولذلك فاغتصابهن جائز، هو قول مريض من اناس مرضى وللاسف فان هؤلاء هم الذين قد استفردوا بالسلطة ويحاولوا السيطرة على مفاصل الدولة، وتغيير ملامح المجتمع، فيختفى منه الجنس اللطيف ولا نرى غير وجوه المتعصبين الكئيبة ولا نسمع سوى آرائهم العقيمة التى ستعود بمصر قرونا للوراء.
    لنساء مصر ان يفخرن انهن جزء من حضارة فرعونية عظيمة تعود للوراء خمسة آلاف سنة، وأن جدتهن الملكة نيتوكريس كانت أول امرأة تصل الى الحكم فى تاريخ البشرية (2195 قبل الميلاد).  وان ما حققته المرأة المصرية فى كل تاريخها، والذى توجته هدى شعراوى بجهودها لتحرير المرأة المصرية فى عصرنا الحديث، لن يستطيع طيور الظلام ان يمحوه، فالمرأة سيدة وليست (حرمة) وهى أيضا ليست دمية يلعب بها الرجال.
Mounir.bishay@sbcglobal.net
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter