الأقباط متحدون - الدولة المدنية بين استبداد العسكر والاستبداد الديني
أخر تحديث ١٩:٣١ | الاثنين ١٨ فبراير ٢٠١٣ | ١١ أمشير ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٤١ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

الدولة المدنية بين استبداد العسكر والاستبداد الديني


خرجت الدولة الوطنية في العالم العربي من قبضة الاحتلال الأجنبي، إنجليزياً كان أو فرنسياً، بعد كفاح طويل ضد الاستعمار شاركت فيه كل الطبقات باستثناء تلك التي إختارت الإرتباط بالاستعمار وفق مصالحها الضيقة وعزلت نفسها عن التيار الوطني الشعبي العارم المعادي للإستعمار.

ولكن التحالفات الواسعة المنظمة أو العفوية التي تشكلت في مواجهة الإستعمار الأجنبي سرعان ما تآكلت تحت ضغط الصراع الطبقي في ظل الدولة الوطنية، ولم تفلح الطبقات البورجوازية في إدارة السلطة منفردة نتيجة لضعفها التكويني من جهة وغلبة الطابع الزراعي الإقطاعي على التشكيل الإجتماعي فضلا عن قوة ونفوذ القبائل والعشائر والأسر إستمراراً لتراث وتقاليد ما قبل الحداثة من جهة أخرى ، ولحقيقة أن الأستعمار الذي خرجت قواته العسكرية من البلاد ظل يمارس نفوذا خفياً ومعلناً على سياسات هذه البلدان من جهة ثالثة مع وجود القصور المليئة التي غالبا ما تحالفت مع المستعمرين .

وكان هذا الواقع سبباً في تقدم الجيوش باعتبارها القوى المنظمة والعصرية للإستيلاء على السلطة في عدد من البلدان ومن ثم نشوء الدول العسكرية في عدد كبير من بلدان الوطن العربي.

وتاريخياً لعب الدين الإسلامي دوراً محوريا لا فحسب في تشكيل ثقافة هذه البلدان وإنما صبغ أيضا سياساتها وظل دائماً ملاذاً للجماهير العريضة متواضعة التعليم أو منعدمته والتي تعيش غالبيتها في بيئة ريفية تقليدية خاصمتها الحداثة ودخلت إليها الصناعة والنظم الجديدة في الإنتاج ببطىء شديد، ولم تتح فرص حقيقية لهذه الجماهير ـ البائسة غالباً ـ للإنفلات من أسر الخرافة التي جرى في كثير من الأحيان الربط الزائف بينها وبين الدين ، وتكاتفت المؤسستان التعليمية والدينية اللتان اتفقتا على مبدأي التلقين والطاعة لإسكات صوت العقل النقدي الذي يسأل ويسعى للتوصل إلى إجابات عبر إعمال العقل في الواقع كما في النص كما أمرنا القرآن الكريم.

ورغم أن الإمام محمد عبده، مفتى الديار المصرية في نهاية القرن التاسع عشر، قد كتب بوضوح أنه "ليس في الإسلام سلطة دينية سوى سلطة الموعظة الحسنة، وأن أصلا من أصول الإسلام قلْب السلطة الدينية والإتيان عليها من أساسها وأن الحاكم مدني من جميع الوجوه " (1) .

ورغم ذلك نشأ صراع سياسي ثقافي ما يزال متواصلا حتى الآن منذ الإستقلال حول دور الدين في السياسة، وهل كانت الدولة الإسلامية تاريخياً دولة دينية أم دولة مدنية، وطبع ذلك الصراع شكل الدولة التي لجأت إلى نظم الإدارة ونمط العيش الحديثين، وحين توسعت في التعليم قدمت مناهج عصرية وإن كانت هذه المناهج لا تزال ميدان صراع عنيف بين رؤيتين للعالم هما الرؤية الميتافيزيقية والرؤية العلمية ، وهما الرؤيتان القويتان المتصارعتان على كل الأصعدة حتى الآن .

وعبر التاريخ وفي الحاضر لم تكن هناك رؤية واحدة للإسلام جرى الإجماع عليها، فهناك 72 طائفة دينية عملت وتعمل كلها في إطار الإسلام .

وعن التاريخ الإسلامي يقول الباحث " إرا . إم . لا بيدوس " في كتابه "تاريخ المجتمعات الإسلامية" الذي درس فيه تشكل هذه المجتمعات في ظل دخول الإسلام لها ، ويقع في ألف صفحة:

"واقع الأمر فإن الإسلام جسد لا مثلا دينيا واحداً وإنما مثلا عدة ، فقد غرست الصوفية السنية نمطاً من العيش الأخلاقي والروحي في هذه الدنيا ، بينما تطلع الشيعة إلى الأئمة طلباً للإرشاد والإنقاذ"(2) وهو ما يمكننا إذا إمتد هذا المنطق إلى نهايته أن نعتبره بذرة لأشكال من الصراع بين الدنيوي والديني في إطار الإسلام ذاته.
وكان ذلك الصراع يشتد ويخفت لأسباب كثيرة. وتفاعل الإسلام جدلياً مع الحضارات والثقافات المجاورة أو في البلدان التي فتحها والتي كانت أكثر تقدماً مما هو قائم في الجزيرة العربية إبان ظهور الرسالة المحمدية ، ونقل المسلمون عن هذه الحضارات والثقافات وتعلموا منها وهم يبعثون إليها برسالتهم الروحية العظيمة التي تقول إن الله واحد والإنسان واحد .


يقول " لا بيدوس " :
"أدى إنتشار الإسلام، ودخول شعوب جديدة فيه في قلب آسيا، في الهند، وجنوب غرب آسيا، وتركيا، وبلاد البلقان وشمال وغرب إفريقيا وأقاليم أخرى لتشكل هذه المجتمعات عبر إمتزاج الحضارات ما قبل الإسلامية بالخصائص العامة للإسلام لتتخلق من هذا الإمتزاج أسرة جديدة من المجتمعات الإنسانية .." .

وهي الفكرة التي سبق أن حققها عشرات الباحثين ووصلت أوجها في زمن الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس .

ويضيف الكاتب: "أنه مهما كانت التنوّعات فإن الإسلام لم يكن أبداً عنصر التنظيم الوحيد والكلي في المجتمعات الإسلامية ما قبل الحديثة، فقد ورثت كل منها هوية ثقافية، وتنظيماً إجتماعياً، ومؤسسات سياسية، ونظاماً إقتصادياً تحددت جميعاً بعوامل غير إسلامية".

ثم يواصل: "إنه في كل المجتمعات الإسلامية كانت الثقافة السائدة مزيجاً من المفاهيم والرموز الإسلامية والمؤسسات والهويات غير الإسلامية ، وعلى أهميته ، كان الإسلام وما يزال واحداً من وجوه كثيرة لمجتمع أكثر تعقيداً "(3).

ويعود لابيدوس بجذور الصراع إلى زمن أقدم كثيراً من زمن الحداثة الرأسمالية، ويبرهن على ولادة نزعة علمانية مبكرة تعد سنداً قوياً لقول الرئيس الماليزي السابق مهاتير محمد: أنا مسلم علماني، وهو يشير إلى ولادة الانفصال بين الدولة والمجتمع.

"ففي القرنين الثامن والتاسع، كانت دولة الخلافة تتطور في إتجاه أمبريالي ونظام سياسي علماني، بينما كانت الجماهير المسلمة قد نظمت نفسها في كثرة من الروابط، والمنظمات أو التكوينات المجتمعية ذات الطابع الديني ". ويضيف: "وكان الانفصال على المستوى المؤسسي بين كل من مؤسسات الدولة والتجمعات الدينية هو القاعدة السائدة في ظل الخلافة العباسية ودولة السلاجقة، وسلطنات المماليك، والأمبراطوريات العثمانية والصفوية والمغولية ونظم إسلامية أخرى.

"ولم يكن هذا الإنفصال مع ذلك قاطعاً ولا كاملاً، فبينما كان هذا الإنفصال جلياً على المستوى المؤسسي والتنظيمي ومستوى الموظفين، والأخلاقيات والمفاهيم الثقافية، ظل هناك غموض عميق حول كل من الدولة والروابط الدينية المجتمعية، فبينما جرى اعتبار الدول الإسلامية من جهة أدوات للقوة العلمانية العالمية، إستمدت شرعيتها من إدعاءات وراثية تنحدر من سلالات متفوقة، ورعاية الدولة للثقافات الفنية والأدبية المستمدة من الفلسفات والمفاهيم الكونية، نهلت هذه المجتمعات ثقافتها من دويلات ما قبل إسلامية وغير إسلامية حكمتها هذه الإمبراطورية "(4).

وهو ما يؤكد الفكرة الموضوعية القائلة أنه ما من ثقافة نقية ، وأن تلاقح الثقافات والديانات قديم ، وهو ما كان ينتج دائماً حضارات جديدة تستمد فرادتها من تفاعل كل مكوناتها ما قبل إسلامية وإسلامية .

كما أنه يرّد على دعاة الدولة الدينية الذين يرون أن هناك مفاهيم إسلامية خالصة حول نظم الحكم والدولة وهو ما نفاه الشيخ علي عبد الرازق في كتابه "الإسلام وأصول الحكم" الذي صدر سنة 1925 حيث جاء فيه أن ثمة مذهبين في مسألة الخلافة عند المسلمين، المذهب الأول أن الخليفة يستمد سلطانه من الله ولذلك فإن الله نفسه هو الذي يختار الخليفة ويساند الخلافة، وهذا المذهب فاشٍ عند المسلمين .

أما المذهب الثاني فهو القائل بأن الخليفة يستمد سلطانه من الأمة ، إذ هي مصدر قوته. ويلفت علي عبد الرازق الانتباه إلى أن ثمة تماثلاً بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية في تناول مسألة الحكم المطلق(5).

ويشير هذا التاريخ الذي دققه "لابيدوس" إلى أن للدولة المدنية التي يستقل فيها الدين عن السياسة تاريخاً أقدم من المرحلة ما بعد الكولونيالية التي اعتدنا أن تؤرخ بها لنشوء الدولة المدنية، أو على الأقل لبدايات تشكل مثل هذه الدولة .

وتفاعلت مجموعة من العوامل لينتج الإنفصال بين المجتمع والدولة ، وهو انفصال يعمل ـ ضمن قضيتنا ـ على مسارين متناقضين تحدد ملامحهما معطيات كثيرة : الأول هو مواجهة ميل الدولة للإستبداد والتسلط ، والثاني هو إغراق المجتمع في الدين كما تبين التجربة الإيرانية .

ففي إيران استطاعت النخبة الدينية أن تؤكد إستقلالها كما كان هو الحال في كل من الهند وجاوه وكانت النخبة الدينية في هذه البلدان غالباً ما تتخذ موقفاً نقدياً من سياسات الدولة والثقافات التي تتبناها .

وفيما قبل الفترة الحديثة كان هناك مفهومان بديلان للمجتمع المسلم ، الأول هو مجتمع الخلافة الذي دمج الدولة في المجتمع ، وجمع مجالات السياسة والدين في كل لا ينفصل أما الثاني فكان نموذج السلطنة ، أو الدولة العلمانية التي حكمت الروابط الدينية شبة المستقلة وكانت هذه الروابط هي الحاملة الحقيقية للحياة الدينية الإسلامية "(6).

ويؤكد الباحث د.سيار الجميل حقيقة هذا التعدد والتنوع في إطار الإسلام، والذي ينكره كل فريق ممن يسمون أنفسهم بالإسلاميين، إذ يعتبر أنه هو وحده حامل الحقيقة وهو يسجل حقائق باتت معروفة: الإسلام دين سماوي لم يزل واحداً بركائزة وفروضة وعقيدته، ولكنه متعدد الألوان والهويات والتباينات بين البيئات والازمان(7).

ثم يضيف : "إن الاختلافات السياسية هي أقسى ما أضر بالإسلام على امتداد تاريخه كله والتي إتخذت لها مذاهب وطرقا وطرائق وأساليب ومللا وفرقاً وفروعاً وطوائف" .

ويتساءل " لماذا ننكر اليوم وجود " إسلامات " متعددة في مجتمعاتنا المسلمة؟".

* * *

وقد اخترت أربعة مناطق تبرز فيها قضايا رئيسة يؤثر فيها كل من الإستبداد العسكري والاستبداد الديني تأثيراً ضاراً للغاية بما يعطل التطور الديموقراطي بأوسع معنى ويدمر عملية التجانس الوطني ويشوة ولادة الدولة المدنية والتي أفضّل أن أصفها بالعلمانية لأن بعض جماعات الإسلام السياسي تقول انها تدعو لدولة مدنية أي غير عسكرية .

مع ملاحظة أن العلمانية لا تعني الإلحاد على إطلاقها فهناك علمانية مؤمنة وهي الأكثر شيوعاً في العالم كله. والمناطق الأربعة هي على النحو التالي :
• قضية الجماعات المختلفة دينياً أو عرقياً أو قوميا .
• حرية الفكر والتعبير .
• قضية تحرر النساء .
• تجديد الفكر الديني .

ففي كل من هذه القضايا يسفر الاستبداد دينياً كان أو عسكرياً عن قمع التنوع والتعدد
وفيما يتعلق على سبيل المثال بالجماعات المختلفة دينياً أو عرقياً أو قومياً ، سوف نجد أن الدولة العسكرية في الممارسة قامت بالإندماج ، إما في أقلية من مواطنيها وفرضت سيطرتها على الآخرين، أو إندمجت في مجموعة الغالبية ، وإنحازت لهذه الأغلبية بحكم منطلقاتها الفكرية الأساسية التي عادة ما تتعامل مع الأمة باعتبارها جسداً واحداً عصياً على الإنقسام، والتعدد لابد من ضبطه والتقرير نيابه عنه، وغالباً ما ينحدر العسكريون الحكام من صلب هذه القبيلة أو العشيرة أو الأسرة أو تلك التي يفرضون سيادتها على الجماعات الأخرى . وتتولد أشكال متباينة من المقاومة والتمرد على هذه السيادة مما يدفع بهذه الجماعات بدورها إلى مقاومة الإندماج الوطني ، والتفتيش في تاريخها بحثاً عن مناطق التميز وفرادة الهوية الخاصة بها وتناوئ الإندماج في الهوية الوطنية الجامعة التي عادة ما تجسدها الدولة العلمانية أو المدنية ، وهو ما يؤدي غالباً إلى أشكال من الاحتقان التي تتفاقم عبر الزمن فتفصح عن نفسها في شكل إنفجارات شتى تندلع في ذرى الأزمات المركبة والمتشابكة وإن برز منها على السطح غالبا ذلك الطابع الطائفي أو العرقي أو الجهوي المكبوت . ويخبرنا التاريخ عن حروب أهلية نشبت في بلدان كثيرة نتيجة لتسلط أسرة أو قبيلة أو طائفة دينية على الحكم بالقوة وقامت بتهميش الآخرين .

ولعل ما يجري في اليمن الآن من قتال بين الحكم العسكري والحوثيين المتمردين في الشمال أن يكون أفضل نموذج راهن يمكن تقديمه لمثل هذا الوضع الذي تهيمن فيه مجموعة قبلية ودينية في نفس الوقت هم سنة حاشد بينما يجري تهميش المجموعة الشيعية التي سبق لها أن حكمت البلاد لعدة قرون إلى أن سقطت الإمامة عام 1962 بإنقلاب عسكري وأخذ يتعاقب عليه حكام عسكريون منذ ذلك الحين .

ورغم أن "صدام حسين" لم يكن عسكريا بل إنحدر من صفوف حزب البعث إلا أنه قدم نموذجاً للإستبداد العسكري دون أن يكون هو نفسه عسكرياً فإنحاز للعرب على حساب الأكراد وللسنة الأقل عدداً ضد الشيعة الأكثر عدداً ، وأخذ الإحتقان الوطني والطائفي يتفاقم ويتجذر عميقاً في بنية العلاقات الاجتماعية والسياسية ، وأخذت مساحة المسكوت عنه في هذه العلاقات تزداد إتساعاً مع توحش القمع والاستبعاد .

ويفضي كل من التعصب والتعصب المضاد إلى ولادة الأفكار الشوفينية والإنعزالية الضيقة التي تنكر حقيقة وإمكانية تلاقح الثقافات وتغير المفاهيم بإنتقالها من بيئة لأخرى والروافد الكثيرة التي تصب جميعاً في نهر كبير هو الوطنية الجامعة ثم تتجه إلى البحر الأكبر للإنسانية لتغنية بمياهها وخصائصها.

وتعزل كل من الدولة العسكرية والدولة الدينية الجماعات المختلفة مع خياراتها. ويحضرنا هنا التعبير الذي برعت الأدبيات الصهيونية في إستخدامه وهو تعبير "الأغيار" أو "الغرباء" والذي ينمّ عن روح الإقصاء التي يمارسها الكل المتفوق طبقا لهذا المفهوم العنصري المستند إلى خرافة تقول بتميز الجنس اليهودي الذي يزعمون ان الله سبحانه وتعالى إختاره دون العالمين. وتستند كل عنصرية إلى خرافة ما.

ويترتب على هذه الرؤية للعالم، الكامنة في مناهج الاستبداد عسكرية كانت أو دينية نفي للحقوق والحريات الديموقراطية من حرية الفكر والتعبير لحرية الاعتقاد ومن حق التنظيم لحق التظاهر التي يتساوى فيها المواطنون كافة في النظم الدستورية الحديثة.

ويتساءل جون رولز المفكر السياسي :كيف يمكن لأصحاب مذاهب دينية، تستند بعضها إلى سلطة دينية، على سبيل المثال، الكنيسة أو الكتاب المقدس، أن يعتنقوا في الوقت نفسه تصوراً سياسياً ومعقولا يؤيد النظام الديموقراطي الدستوري المعقول؟ هل يمكن لتلك المذاهب ان تظل متفقة للأسباب الصحيحة مع تصور سياسي ليبرالي؟ لا يكفي أن تقبل هذه المذاهب حكومة ديموقراطية كوضع مؤقت، فكيف يمكن لمواطنين يتمسكون بمعتقدات دينية أن ينتموا إلى مجتمع ديموقراطي يأخذ بقيم ومثل عليا سياسية في جوهرها، إنتماء حقيقياً مخلصا وليس مجرد إذعان بتوازن للقوى السياسية والاجتماعية؟ ولنطرح السؤال بشكل أكثر وضوحاً كيف يصبح من الممكن ـ أو هل من الممكن- لذوي الإيمان الديني، وكذلك لغير الدينيين (العلمانيين) أن يؤيدوا نظاماً دستورياً، حتى لو أن مبادئهم الشاملة يمكن ألا تزدهر في ظل هذا النظام، بل في واقع الأمر يمكن أن تتدهور؟(8).

ويصل الباحث إلى هذه النتيجة إذا استطاع أي طرف أن يسيطر على المجتمع كما يحلو له، فسوف يفرض مذهبه الديني على أنه الإيمان الوحيد الذي يسمح به المجتمع الذي توجد فيه عدة عقائد دينية وتشارك جميعها في هذا الاتجاه وتفترض أن العدد النسبي لكل منها سيبقى دون تغيير يذكر إلى مستقبل غير منظور . من الأفضل أن يتخذ إذن دستورا يشبه دستور الولايات المتحدة ، دستوراً يحمي تماما الحريات الدينية لاديان تختلف عن بعضها البعض إختلافاً حاداً لكنها بشكل أو بآخر متساوية في القوة السياسية ، يحترم الجميع هذا الدستور ، كما هو الحال ، باعتباره عهداً بالحفاظ على السلام المدني . في هذا المجتمع من الجائز أن نناقش المسائل السياسية من حيث هي أفكار وقيم سياسية ، وذلك حتى لا يفتح الباب أمام الصراع الديني وينشب أعمال عدوانية طائفية(9).

وتقف كل من الدولة العسكرية والدولة الدينية ضد مبدأ المواطنة الذي هو أساس الدساتير والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وإن كانت تقول بغير ذلك، فالدولة العسكرية التي تعتمد على فرض الطوارئ والأحكام العسكرية بصفة دائمة تهدر هذا المبدأ فمن حقها احتجاز المواطنين في أي وقت وصولا لتعذيبهم وإهدار كرامتهم.

في تقريره السنوي الأول لحقوق الإنسان في مصر قام المجلس القومي لحقوق الإنسان بتوثيق هذه الحقيقة، من خلال تتبع مسارها داخل أجهزة الدولة: ففي مراسلاته مع وزارة الداخلية طالبته الوزارة بعدم توجيه أي مراسلات متعلقة بالتعذيب أو الاعتقال أو الاختفاء إلى وزارة العدل أو النائب العام ، وقصر هذه المراسلات عليها فقط. ولكن لما كانت هذه الأمور في صميم مسؤوليات هاتين المؤسستين ولما كانت وزارة الداخلية لا تقدم للمجلس ردودا مقنعة، فقد استمر المجلس في مخاطبة وزير العدل والنائب العام، ولاحظ تقرير المجلس ـ بدهشة ـ أن الطرفين قد توقفا عن الرد على المجلس القومي على هذه النوعية من المراسلات بينما تلقى المجلس القومي الرد على ذات المراسلات من وزارة الداخلية.

ويضيف "برغم أن منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية لم تكفّ في تقاريرها عن اتهام جهاز مباحث أمن الدولة بتعذيب كثير من المحتجزين فيه فإنه على مدار 23 عاما لم يجر تحريك دعوى قضائية واحدة ضد أي ضابط من هذا الجهاز، وعندما كادت جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان أن تنجح في الزج بأحد هؤلاء الضباط في قفص الاتهام بعد حصولها على توكيل من أسرة ضحية توفى جراء التعذيب، فإن الأسرة قامت بسحب توكيلها من الجمعية ثم انتقلت فجأة من مسكنها إلى مكان مجهول وقامت وزارة التضامن بحل الجمعية الحقوقية ... ".

بعد يوم عاصف من الاشتباكات العنيفة بين أنصار المعارضة والشرطة في إيران اتهمت وزارة الخارجية الأمريكية ، إيران بالتحول إلى دولة بوليسية ، وقال فيليب كراولي المتحدث بإسم الخارجية الأمريكية إن إيران تظهر أكثر بأكثر في صورة الدولة البوليسية عبر استخدام كل الوسائل والقوة الأمنية في قمع طموحات الشعب الإيراني(10).

ومن المعروف أن نظام الولي الفقيه يعطي المرشد الأعلى السلطة المطلقة والصلاحيات اللامحدودة، وهو يستمد سلطاته طبقا لأنصاره من الله وليس من الشعب. أما الدول الدينية فإنها تعتبر المواطن هو المؤمن بدينها وهي بدورها دولة بوليسية (11).

وبعد مقدمة يقول فيها برنامج الإخوان المسلمين أن الدولة الإسلامية هي دولة مدنية بالضرورة وهي مدنية بالمعني الذي سبقت الإشارة له أنها لا عسكرية .. يضيف البرنامج:
"وللدولة وظائف دينية أساسية ، فهي مسؤولة عن حماية وحراسة الدين، والدولة الإسلامية يكون عليها حماية غير المسلم في عقيدته وعبادته ودور عبادته وغيرها، ويكون عليها حراسة الإسلام وحماية شؤونه والتأكد من عدم وجود ما يعترض الممارسة الإسلامية من العبادة والدعوة والحج وغيرها، وتلك الوظائف الدينية تتمثل في رئيس الدولة أو رئيس الوزراء طبقا للنظام السياسي القائم.

ولهذا نرى أن رئيس الدولة أو رئيس الوزراء، طبقا للنظام السياسي القائم، عليه واجبات تتعارض مع عقيدة غير المسلم ، مما يجعل غير المسلم معفيا من القيام بهذه المهمة . طبقا للشريعة الإسلامية ، والتي لا تلزم غير المسلم بواجب يتعارض مع عقيدته ، كما أن قرار الحرب يمثل قراراً شرعياً ، أي يجب ان يقوم على المقاصد والأسس التي حددتها الشريعة الإسلامية ، مما يجعل رئيس الدولة أو رئيس الوزراء طبقا للنظام السياسي القائم ، إذا اتخذ بنفسه قرار الحرب مساءلا عن استيفاء الجانب الشرعي لقيام الحرب ، وهو بهذا يكون عليه واجب شرعي يلتزم به".

ويستند إهدار مبدأ المواطنة إلى الشريعة في عرف الدولة الدينية التي تستمد من هذه الشريعة معنى وجودها وشرعيتها ، ويتأكد هذا المعنى حين تنص الدساتير على دين الدولة وعلى الشريعة مصدراً للتشريع. وقد وهدد وزير الاستخبارات الإيرانية بتقديم زعماء المعارضين للمحاكمة بتهمة محاربة الله والردة عن الإسلام (12).

في 11 فبراير المقبل تكون قد مضت ثلاثون سنة على تربع رجال الدين على بساط السلطة والحكم في إيران ، خلال هذه الحياة الطويلة نسبياً اقتصرت المعارضة على الاحتجاج على أسلوب النظام، فشله في مصالحة المذهب الشيعي مع العصر، فشلة في التوفيق بين الإيمان والحرية ، فشله في الإستجابة لطموح وآمال الأجيال الشبابية.

ثم يضيف غسان الإمام: والآن هناك رفض واسع لإيديولوجيا النظام الثيوقراطي (حكم رجال الدين)، هناك عدم قبول لقداسة النظام الديني القائمة على معصومية الفقيه (على خامنيئ)(13).

ولمصادرة حرية الفكر والتعبير وصولا إلى حبس المفكرين وقتلهم تاريخ طويل مليئ بالآلام ، وسجل الدولتين الدينية والعسكرية فيه متخم بالوقائع:

قال الشيخ الراحل محمد الغزالي في شهادته أمام المحكمة عقب مقتل الباحث د. فرج فودة الذي اطلق عليه الرصاص شابان أميان استجابة لتحريض ممن يسمون أنفسهم برجال الدين الذين وصفو "فودة" بالمرتد الملحد! رغم أنه أعلن أكثر من مرة أنه مسلم موحد ومؤمن بالله ورسوله .. قال الشيخ "إن من يعترض علنا على تطبيق شريعة الله فهو كافر ومرتد ومن الواجب إهدار دمه، أما قاتله فلا تجب معاقبته" .

كذلك أهدرت الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية دم الفنان المصري عادل إمام وإدعت أن أمثال عادل إمام هم المتسببون في إنهيار قيم الأمة حسبما جاء في بيان أحد قادتها بإسم عبد القادر المجاهد الذي اعتبر إهدار الدم للمرتدين والمرتزقة والفجرة والخونة شرعاً تقره الشريعة الإسلامية ، وهو جزء لا يتجزأ من الجهاد في سبيل الله .

واعترض دعاة وشيوخ في إطار الجدل داخل الجماعة لا على مفهوم إباحة إهدار الدم وإنما على من له الحق في ذلك قائلين : إن الذي يحكم بإهدار الدم هو ولي الأمر ـ أي الحاكم - ودم الإنسان مصان من عند الله ولابد لمن يصدر حكم بإهدار دمه أن يكون قد إرتكب ما يخرجة من دائرة الدين. وكان الفنان عادل إمام قد انتقد منظمة حماس وهو ما جعله في نظر الجماعة السلفية خارجاً عن دائرة الدين.

وفي تصريح له بثته قناة الجزيرة التليفزيونية في الثامنة من صباح 1ـ1ـ2010 قال وزير الاستخبارات الإيرانية أن الحكم في إيران هو في طريقه إلى تقديم بعض زعماء المعارضة الذين شككوا في نتائج الإنتخابات الرئاسية وقادوا المظاهرات للمحاكمة بتهمة محاربة الله والردة عن الإسلام وأن بعضهم سوف يحكم عليه بالإعدام.

وتتكرر مثل هذه الوقائع بالعشرات في كل بلدان العالم الإسلامي بلا استثناء، إضافة إلى مصادرة الكتب والأفلام فضلا عن قتل المثقفين. وقد سقط بالفعل ما يقارب المائتي مثقف جزائري اغتيالا بأيدي الجماعة الإسلامية حين اعتبرتهم مرتدين عن الدين بينهم شعراء وعلماء اجتماع وموسيقيون رجالا ونساء، ومحاولة قتل نجيب محفوظ بسبب روايته أولاد حارتنا معروفة للكافة، وقد نجا حامل نوبل من القتل بأعجوبة بينما جرى قتل المفكر فرج فودة وثارت في مصر معركة مازالت تداعياتها تتلاحق حول البهائيين، وقال أحد المحامين - في معرض رفضه لحكم محكمة القضاء الإداري بأحقية البهائيين في وضع شرطة أو ترك خانة الديانة في كل الأوراق الثبوتية خالية - قال إن مصر دولة إسلامية ، والشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع ، بما يعني أن الشريعة- من وجهة نظره ـ تعادي مبدأ المواطنة الذي يساوي بين كل أصحاب الديانات والملل والطوائف والأجناس دون تفرقة، وهو الموقف الذي يكشف عن حجم التناقضات في الدساتير التي تنطلق من مبدأ المواطنة وتساوي بين المواطنين دون تفرقة ثم تعلن إنتماء الدولة لدين.

وما يزال النقاش دائراً على أشده حول حق المواطن في تغيير دينه، وبينما يجري الترحيب والتهليل لدخول غير المسلمين إلى الدين الإسلامي تجري ملاحقة الذين يشرعون في الخروج من الإسلام إلى ديانة أخرى وصولا إلى تهديدهم بالقتل رغم أن القرآن الكريم صريح في قوله "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، ورغم أن الذين يعلنون عن رغبتهم في الخروج من الدين الإسلامي حتى الآن لا يقولون أنهم ملحدون، وإنما ينتقلون إلى ديانة أخرى من الديانات الكتابية أي المسيحية أو اليهودية التي اعترف بها الدين الإسلامي الذي اعتبر العالم الإسلامي أمة أهل الكتاب، واعتبر أصحاب الديانات الثلاثة أبناء إبراهيم وساوي بينهم واعترف القرآن الكريم بكتبهم ورسلهم .

هذا فضلا عن أن الدين الإسلامي يكاد يكون الدين الوحيد الذي يواصل الانتشار بإيقاع منتظم، وهو إذن ليس في حاجة لإجبار معتنقيه على البقاء تحت جناحه.

كذلك جرت معاقبة مفكرين وإقصائهم وقصف أقلامهم حين دخلوا في المناطق المسكوت عنها وأستخدموا الفكر النقدي في الرصد والتحليل والاستنتاج ، ولعل ما حدث للشيخ علي عبد الرازق و طه حسين ونصر حامد أبو زيد. وسيد القمني ونوال السعداوي ونجيب محفوظ ومئات آخرين في كل أنحاء الوطن العربي والإسلامي أن يكون شاهدا على هذه المحنة .

حين صدر كتاب الشيخ علي عبد الرازق "الإسلام وأصول الحكم" قدمت إلى مشيخة الازهر عرائض وعليها إمضاء جمع غفير من العلماء بدعوى أن كتاب على عبد الرازق يحوي أموراً مخالفة للدين ، ومن أهم هذه الأمور قول مؤلفه أن حكومة النبي والخلفاء الراشدين من بعده كانت لا دينية.

وفي 15 أغسطس عام 1925 صدر حكم من شيخ الجامع الأزهر بإجماع أربعة وعشرين عالماً من هيئة كبار العلماء بإخراج الشيخ علي عبد الرازق من زمرة العلماء وطرده من وظيفته وعدم أهليته للقيام بأي وظيفة عمومية دينية كانت أو لا دينية(14).

ولولا أن الكثير من المثقفين المتنفذين في الوطن العربي وفي العالم الإسلامي بقوا أسرى الخوف لا من بطش السلطات الحكومية فقط وإنما أيضا من بطش المجتمعات الجاهلة لكان موضوع اختيار الدولة المدنية العلمانية قد جرى حسمة منذ زمن بعيد. ويعود تراث لعب المثقفين الانتهازين على الحبال إلى زمن ابن رشد الذي قال عن الغزالي ما معناه أنه كان يلعب على حبال عدة ، فهو متصوف مع المتصوفة ، متكلم مع المتكلمين ، فقيه مع الفقهاء، وفيلسوف أيضا ولو أنه كان يخفي ذلك خوفا أو تملقاً.


كان الموقف من تحرر المرأة ومساواتها وما يزال مركزيا في رؤية الدولتين العسكرية والدينية على السواء. ففي حين فتح النظام الناصري الباب أمام النساء للدخول إلى العمل والتعليم والمشاركة السياسية ، رفض أي إصلاح في قوانين الأحوال الشخصية التي تميز ضد النساء لأنهن لابد أن يبقين خاضعات لأبوية الحكم العسكري .

وعن المساواة وتكافؤ الفرص وحقوق المرأة يقول برنامج الإخوان المسلمين:
يعد مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص ضروريا لتحقيق العدالة وتعميق الانتماء للوطن ويتحقق ذلك عن طريق:
-عدم التمييز بين المواطنين في الحقوق والواجبات على أساس الدين أو الجنس أو اللون وحق التملك والتنقل والتعلم والعمل وممارسة العمل السياسي والتعبير عن الرأي ـ في ظل الحفاظ على القيم الأساسية للمجتمع ـ والترشح للمجالس المحلية والنيابية وتولي كافة الوظائف القضائية والتنفيذية ، في كل المجالات ، وعلى جميع المستويات باستثناء منصب رئاسة الدولة فيشترط فيمن يتولاه أو يترشح له أن يكون مسلماً ، ونرى أن للمرأة الحق في كافة الوظائف الإدارية في الدولة ماعدا رئاسة الدولة التي اتفق الفقهاء على عدم جواز تولّيها.

ثم يضيف البرنامج في مادة 4 من نفس الفقرة: تمكين المرأة من كافة حقوقها، وتكون ممارسة هذه الحقوق بما لا يتعارض مع القيم الأساسية للمجتمع(15).

وظلت الشريعة هي دائماً الأداة الحاسمة التي تبرر التمييز ضد النساء .

فعلى سبيل المثال تبيح المادة الخامسة والخمسين أ و د من قانون العقوبات الشمالي النيجيري (المسلم) ضرب الزوجة بدعوى تأديبها في حالة ما إذا كانت الزوجة تنتمي إلى تقاليد تعتبر مثل هذا التأديب قانونيا تبيح الضرب بعض القوانين المستمدة من الشريعة وهكذا تعاني بعض النساء من التمييز مقارنة بالرجال ومقارنة بالنساء اللاتي يخضعن لقوانين أخرى" (16) .

ويُرجع حسين عبد الرازق الأمر إلى ما سماه "طبيعة الإخوان كجماعة دينية دعوية وسياسية في نفس الوقت، وإنطلاق خطابهم من خارج خبرة الدولة الوطنية الحديثة" .

ويضيف أن محمد بديع المرشح الأوفر فرصا في الفوز بمنصب المرشد العام (والذي فاز فعلا بعد ذلك) بعد محمد مهدي عاكف المرشد السابع " أعلن رفضه تولي المرأة والأقباط منصب رئاسة الجمهورية وقال أن المرأة لا تصلح لقيادة الدولة وكذلك القبطي لأن دور قائد الدولة لا يقتصر على القيام بمهام إدارية فقط بل يقع على عاتقه أيضا القيام بواجبات دينية معينة، ونرى أن الأمر لا يترك للناس" الشعب ليقرره، "فليس من حق الناس أن يقرروا شيئا يتعارض مع الشرع"(17).

وعلق الشيخ محمد عبد الله الخطيب عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين ومفتي الجماعة على مطالبة البعض بافساح المجال للنساء والشباب لدخول كل من مكتب الإرشاد ومجلس شورى الجماعة وتعديل اللائحة من أجل هذا الهدف قائلاً "لا يوجد أي تفكير في تعديل اللائحة الداخلية، وسوف نقوم بتحويل كل من طالب بتعديلها للتحقيق تمهيداً لإيقاف وتجميد هؤلاء عن العمل داخل التنظيم "وأضاف" مستحيل أن نقبل مثل هذه الإقتراحات، والجماعة ترفض ذلك شكلا وموضوعا، والحديث عن تمثيل المرأة داخل مكتب الإرشاد كلام فارغ لا يُردّ عليه" وأضاف الخطيب "الجماعة لها سياسة عليا في عدم إشراك المرأة في العمل التنظيمي خوفا عليها ومنها ، والمرأة لا تصلح لكل الأعمال" ، وأرجع الدكتور عبد الحميد الغزالي المستشار السياسي للمرشد العام السبب وراء رفض تمثيل المرأة داخل مكتب الإرشاد إلى"المضايقات الأمنية".

مؤخراً أعادت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة حق الولاية الكاملة للأب المطلق على ابنائه، ومن ثم أحقيته في ممارسة الولاية التعليمية على ابنائه كولي طبيعي عليهم وثبوت مخالفة تعديل قانون الطفل للشريعة الإسلامية ويشوبه شبهة عدم الدستورية.

وبهذا الحكم تكون المحكمة قد حسمت الجدل المثار حول من له حق الولاية التعليمية على الأبناء المحضونين..(18).

وهكذا، وبإسم الشريعة نزعت المحكمة حق الولاية التعليمية من الأم حتى لو كانت هي الحاضنة، إذ أن قانون الطفل ينص على حق الولاية للحاضن أو الحاضنة.

ومازالت مسيرة تجديد الفكر الديني تتعثر منذ جرى حرق كتب إبن رشد المفكر الإسلامي العقلاني قبل ثمانية قرون وصولا إلى طرد نصر حامد أبو زيد أستاذ علوم القرآن وتطليق زوجته بدعوى إرتداده، ويدور الصراع على أشدة بين اتجاهين.. إتجاه التجديد والعقلانية والتأويل وإتجاه المحافظة والقراءة الحرفيّة للنصوص.

وكانت القوى الديموقراطية قد راهنت على التيار الإصلاحي داخل جماعة الإخوان المسلمين في الصراع الذي دار في داخلهم بين المجددين من جهة . وبين القطبين نسبة إلى سيد قطب في المرحلة الأخيرة من كتاباته من جهة أخرى وأدى لإنتصار المتشددين ، وضاعت فرصة أخرى لإجراء إصلاح ديموقراطي مدني يعتمد الروح العلمانية في الإسلام .

وكان الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، أبرز رموز التيار الإصلاحي الذي خرج مهزوما من هذا الصراع، قد قال أثناء احتدام الأزمة "إن البرنامج في نصه على عدم جواز تولي المرأة والأقباط رئاسة الجمهورية مخالف للشريعة الإسلامية، وانتقد إصرار عدد من أعضاء مكتب الإرشاد على وضع هذا البند ، كما رفض النص على وجود لجنة فقهية تعرض عليها القوانين قبل إصدارها لتقرر مدى مطابقتها للشريعة الإسلامية" (19).

ورغم احتدام الصراع فقد أصبح الإسلام المحافظ هو القوة الأيديولوجية المسيطرة الآن في العالمين العربي والإسلامي ، وسوف تواصل هذه الأيديولوجية هيمنتها طالما بقيت المنطقة تابعة تحظى فيها الأمبريالية الأمريكية بموقع متنفذ وينتشر فيها الفقر والبؤس والاستبداد .. لأن هذا الاسلام المحافظ نفسه يتخذ في مواجهة الاستعمار الخارجي موقف المقاومة كما في أفغانستان وفلسطين والعراق والصومال.. وذلك دون أن يفرق بين الغربيين الذين يساندون قضايا التحرر ويرفضون سياسات حكمهم وبين الإمبرياليين ويعتبر الغرب شيئا واحدا كافرا .

وكما أن هناك خوف من الإسلام هناك خوف المسلمين من الغرب وفي مقابلة لآية الله الخوميني مع " أوريانا فالاشي " قال عن الغرب " نحن خائفون من أفكاركم وكذلك عاداتكم ، مما يعني الخوف منكم سياسياً وإجتماعيا "(20).

وتنفجر المشاعر العربية والإسلامية في كل من الشرق الأوسط وجنوب آسيا وجنوب شرقها نتيجة للمكاسب الإيديولوجية الهائلة التي حصلت عليها الأصولية الإسلامية وهو ما كان أسامة بن لادن يأمل في تحقيقه في المقام الأول(21) ، وأهم شعارات هذه الأصولية هو مفهوم الجهاد الذي تقوم بتعريف التطرف فيه ويمنحها تبريراً للعنف، كما يمنح تبريراً للقوى الاستعمارية لغزو البلدان بدعوى مطاردة الإرهابيين.

مع ملاحظة أن الحركات الدينية المتطرفة هي ضرورة للأمبريالية ولا ننسى هنا ان "طالبان" كانت صناعة أمريكية ـ فرنسية ـ مصرية ـ سعودية لمحاربة الشيوعية، فهذه الحركات هي "الفزاعة" التي تبرر الغزو. وتعطي شرعية لمكافحة الإرهاب، لذلك تخشى الدوائر الاستعمارية من نزعات الاعتدال والحداثة "وربما تم شن الحرب على غزة العام الماضي لأن حركة حماس أبدت أخيراً إشارات تدل على توجه معتدل، فقد عبر المتحدثون الرئيسيون بإسمها بمن فيهم خالد مشعل رئيس المكتب السياسي عن استعدادهم لقبول دولة فلسطينية ضمن حدود 1967 وفوجئت إسرائيل بأنهم بدأوا بإبعاد أنفسهم عن شرعية الحركة التي انطلقت في العام 1987 والتي تدعو إلى تدمير إسرائيل"(22).

كذلك يتعرض الاعتدال في أوساط الشيعة إلى ضربات قاسية. اعترض آية الله حسن منتظري الفقيه الإيراني المعتدل، الذي مات قبل أسابيع، على الإعدامات الجماعية ضد مجاهدي خلق المعتقلين في السجون وكان يدعو لولاية فقيه غير مطلقة الصلاحيات ، ورفض الاعتراف بشرعية وقانونية الانتخابات الرئاسية الأخيرة ،وكان تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته أكثر من عشرين سنة .

وهكذا يتواصل الصراع بين العلم والدين، وبين التوجهات العلمانية والتوجهات الدينية المغلقة بل يدور الصراع أيضا بين التوجهات العلمانية ذاتها بين علمانية مؤمنة وعلمانية "ملحدة" فهناك من يرى أن البحث عن مقابل مستحيل للعلمانية وإخواتها في التراث هو مخاتلة وهروب من النقد إلى التلفيق(23).

بينما يرى علمانيون آخرون أن هناك أسسا قوية للعلمانية لا فحسب في تراث الفلسفة العربية الإسلامية وإنما أيضا في خبرة الدولة الإسلامية نفسها خاصة في تجربة الأندلس ، بل وفي خبرة أكبر بلد به سكان مسلمون الآن وهي أندونيسيا التي رفض قادتها النص على دين للدولة في دستورها .

ورغم كل هذه الصعوبات والمعوقات فإن التغيير العميق في المجتمعات الإسلامية يشق طريقة كحقيقة موضوعية يستحيل وقفها.

وقبل وفاته بأربعة أيام، وفي 16 ديسمبر 2009، أدان آية الله حسين على منتظري أحد مهندسي الثورة الإسلامية الإيرانية قتل الأبرياء وتوقيف المطالبين بالحرية والمحاكمات الصورية غير الشرعية للمعارضين، وقال في تصريحات نشرها موقعه الإلكتروني إذا واصلت السلطات نهجها هذا فمن الواضح أن الشعب سيبتعد تماماً عن النظام وأن الأزمة الحالية ستشتد . وفي الأشهر التي تلت الانتخابات الرئاسية التي قال المعارضون أنها مزورة قال إن الجمهورية الإسلامية لا هي جمهورية ولا إسلامية وأن المرشد الأعلى على خامنيئ فقد شرعيته(24).

الدولتان العسكرية والدينية هما أبويتان بالضرورة إحداهما تفرض الوصاية على الشعب كله باسم الخطر الخارجي والانضباط والثانية تفرضها بإسم الله سبحانة .

يقول الدكتور زكي نجيب محمود في كتابه "تجديد الفكر العربي" :

(( إن السماء قد أمرت وعلى الأرض أن تطيع، وأن الخالق قد خطط وعلى المخلوق أن يقنع، وأنه إذا ما تعارضت الآخرة والدنيا كانت الآخرة أحق بالاختيار، العلاقة بين الطرفين ليست بالأخذ والعطاء، بل هي علاقة الحاكم والمحكوم، والحاكم مطلق السلطان، تلزم عن هذه الحقيقة ثانية هي أن قوانين الأشياء والظواهر في الطبيعة قد تطرد أولا تطرد بحسب ما يشاء لها الحاكم السماوي المطلق، وإذا كانت هذه هي الصورة الكونية فلابد أن تكون كذلك هي الصورة لحياة الإنسان في مجتمعه، فلصاحب السلطان أن يريد، وعلى الناس أن يطيعوا))(25)

ويستدل الفيلسوف الدكتور مراد وهبة من هذه الكلمات على عملية إبطال مفعول العقل في الفلسفة وفي العلم ، وأضيف وفي الدين أيضا لأن هناك دعوة صريحة في القرآن الكريم لإعمال العقل.

وكثيرا ما تسارع المؤسسة الدينية إلى نجدة العسكر، هذا إذا لم تقم الدولة العسكرية بإستدعاء هذه المؤسسة لنجدتها .

فقد جرت عملية استغلال واسعة للإسلام من قبل المؤسسة العسكرية الحاكمة في عدد من البلدان العربية لتنقذ هذه المؤسسة شرعيتها المتآكلة بعد تصنيفها ضمن الدول الفاشلة، وبخاصة بعد تنفيذ روشتة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وهيئة المعونة الأمريكية ومنظمة التجارة العالمية، وأطلقت طبقا لهذه الروشتات سياسات الليبرالية الجديدة التي زادت الفجوة بين القلة الغنية والأغلبية الفقيرة واتسعت قاعدة الفقر والعشوائيات والبطالة واليأس وقمع الحريات وذلك رغم أن هناك طرقا مجربة عرفها التاريخ لإكتساب الشرعية.

* * *

...نستخلص الآن أن الدولة الإسلامية في عهود إزدهارها الأموي والعباسي والأندلسي كانت أقرب إلى الدولة المدنية العلمانية، وكانت دولة علمانية مؤمنة، أي أبعد مثالا عن مثال الدولة الإسلامية النموذجية الذي يعتقد فيه ويفترضه الإسلاميون الحركيون اليوم.

إن الدولة المدنية تعني بوضوح: الفصل بين الدين والدولة، لكل مجاله ولكل احترامه تعيشان معا دون أن يسيطر أحدهما على الآخر.

والدولة المدنية لا ترفض الأديان ، إنها ترفض تسييس الدين وتديين السياسة ، تحافظ للاديان على مكانتها واستقرارها وتُخضع السياسة للجدل والمناقشة والتغيير .

الدولة المدنية تتخذ القرارات بناء على علاقة السببية، أي أن تحقيق الهدف يرتبط باختيار الأسلوب الذي يقود إليه، وأنه من الممكن التعرف على أسس هذه العلاقة لإختيار السلوك المناسب، بينما الفكر الديني يقوم على الطاعة ولا يطلب منه تفسير"(26).

فما أحوجنا إذن للتوافق حول بناء الدولة المدنية العلمانية، وتحرير المجتمع من تراث الاستبداد والاستغلال والقمع الذي أفرزته الدولتان العسكرية والدينية وولّد كل هذا فسادا شاملا .

للدولتين العسكرية والدينية آليات عمل داخلية واحدة تنهض على المبدأين: الأمر والطاعة، فالحاكم في الحالتين يعتمد على إلقاء الأوامر ويعتاد تلقي الإذعان، ولذا ينساب الحكم من الأعلى إلى الأدنى دون تفاعل أو مراجعة أو حوار. وفي الحالتين يطلب النظام الإجماع بدعوى حماية المصالح الوطنية العليا في حالة الدولة العسكرية، وتنفيذ شرع الله في حالة الدولة الدينية، والخروج على هذا الإجماع هو خيانة للوطن في الحالة الأولى، وخيانة لله سبحانة في الحالة الثانية.

ويتعاظم نفوذ الدعوة في المجتمعات العربية والإسلامية للتحرر من تراث الدولتين العسكرية والدينية مع كامل الإحترام للدين وللعقائد عامة، وذلك رغم القوة الفائقة والمسلحة للأصولية.

ويعلن د. محمد البرادعي المدير العام السابق لوكالة الطاقة الذرية عن رفضه للمادة الثانية من الدستور الحالي الذي صدر في مصر سنة 1971 وتنص المادة على أن "الإسلام دين الدولة، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، مؤكداً أن غالبية المصريين يدينون بالإسلام ، ولكن الدولة ليس لها دين(27).

ويقول الصحفي وائل الإبراشي "لدينا حلم سياسي بسيط جدا هو أن تتحول مصر من دولة بوليسية إلى دولة مدنية تأخذ بالديموقراطية الحقيقية القائمة على مبدأ تداول السلطة".

ومثلما ترفض الدولة العسكرية فكرة التعددية المعادية للإنضباط وتؤجل الديموقراطية إلى ماشاء الله بفرضها للطوارئ الدائمة على البلاد، فإن الدولة الدينية تعادي الديموقراطية بأسم الدين. وكانت الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر قد أعلنت في مطلع التسعينات لدى ظهور مؤشرات فوزها في الانتخابات البرلمانية أنها تؤمن بالديموقراطية لمرة واحدة أي تلك الديموقراطية التي تأتي بها فقط إلى الحكم لأن الديموقراطية هي صنو الإلحاد!! كذلك هو حال كل من الإخوان المسلمين في مصر وحماس في غزة، فهما يقبلان بالديموقراطية على مضض ثم يعملان على إبطال مفعولها عندما تسنح أول فرصة.

ولما كانت الترجمة السياسية للحداثة تتجسد في المواطنة والعلمانية والديموقراطية دون إسقاط لأي منها، فإننا نستطيع أن نقول ونحن مرتاحون أن الدولتين العسكرية والدينية تخاصمان الحداثة وإن اتخذتا مظهراً حداثيا خارجيا من حيث استخدام آخر منتجات التكنولوجيا وأرقاها من الطائرات إلى أجهزة الكمبيوتر إلى شبكة الإنترنت، وذلك دون أن تعترف بفلسفة العلم التي نشأت من رحمها هذه الأدوات، فظل العلم غريبا في الوطن العربي وفي غالبية بلدان العالم الإسلامي. وانعكس ذلك في حقيقة أنها تصدر أقل مما تستورد وتنتج أقل مما تستهلك لأنها قمعت روح الإبداع في بلدانها، بل وقمعت الحريات العامة من حرية الفكر إلى حرية الإعتقاد، ومن حرية التعبير إلى حرية الاجتماع والتنظيم إلى حرية المرأة، وفرضت سطوة أبوية على المجتمع جعلت من الحاكم الفرد مطلق الصلاحيات المستبد أبا للأمة سواء بإسم العسكرية أو بأسم الدين، ولم يصبح الرعايا مواطنين.

ففي الحداثة يتم التحول من نمط معرفي إلى نمط آخر يختلف عنه جذريا قوامة تحرير العقل، والنظر العلمي إلى الاجتماع البشري ، والدفاع عن حرية الفرد والذات الإنسانية في خياراتها المعتقدية والاجتماعية والسياسية.

كذلك فإن الحداثة هي سيرورة كونية إرتبطت بنشوء الرأسمالية وتحلل العلاقات القديمة، وتجسدت في تحولات مجتمعية اقتصادية وسياسية وقيمية وثقافية إتخذت صبغة عالمية في المواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.

ولكن نحن العرب والمسلمين مازلنا بعيدين عنها رغم كل الخطوات الجبارة التي قطعناها في اتجاه مراكمة الثروة واستخدام الأدوات المادية للعصر دون أفكاره.

مازلنا نحن العرب والمسلمين نتلكأ في إنجاز إصلاح جذري للفكر الديني إنجاز نتعرف فيه بجدية على وثائق الفاتيكان الثاني الذي تحولت فيه المسيحية إلى الحداثة والديموقراطية والتسامح لنتعلم من الآخرين كما سبق أن تعلموا منا، والتعرف نقديا وبجدية على الثراء الذي لا حدود له في تراثنا المنتج في عصور الإزدهار للثقافة العربية الإسلامية حيث أضاء العالم لمدة ثمانية قرون حين رأت أن الله سبحانة كرّم الإنسان بعقله فأعملت هذا العقل وبخاصة في تجرية الأندلس، والتعرف بنفس الجدية على التجربة التاريخية للبلدان التي تعيش فيها أغلبية مسلمة لكنها إختارت دساتير علمانية تفصل بين الدين والسياسة وتنشئ دولا مدنية تقف محايدة بين الديانات وترعى حقوق كل المؤمنين وغير المؤمنين بديلا عن تلك الدول الدينية أو شبه الدينية بما تسببت فيه من مآسي وأشكال خراب رغم أنها بدأت دائماً بخداع البسطاء وتزييف وعيهم وتشويه رؤيتهم للعالم والتعتيم على حقيقة الصراعات الاجتماعية الاقتصادية السياسية تحت ستار غامض من الشعارات الدينية حمالة الأوجه.

ومازالت القوى الديموقراطية عاجزة عن مناوأة الدولة العسكرية بضوابطها القاسية واستبدادها وفسادها، ومع ذلك يدلنا التاريخ على أن المستقبل هو للدولة المدنية ، صحيح أن التاريخ يتلكأ، وصحيح أنه يفاجئنا بمعطيات جديدة كل يوم في ظل تسارع إيقاع العولمة الرأسمالية، وصحيح أيضا ان الإسلام إختلط في ذهن الكثير من المثقفين الغربيين برفض الحداثة والديموقراطية وحقوق الإنسان، كذلك هو في نظر البعض الآخر صنو للإرهاب والتطرف والعنف، بل ونشأت في الأوساط الشعبية الأوروبية والغربية عامة ظاهرة الخوف من الإسلام ومن تراجع التراث العقلاني للثقافة العربية الإسلامية.

ولا يكفي رداً على هذا أن يستدعي المثقفون الديموقراطيون تجربة الأندلس التي مثلت في التاريخ الإسلامي طفرة نوعية أثرت تأثيراً كبيراً على الإنسانية كلها حين تعايشت فيها الأديان والأفكار والاعراق والثقافات من أجل تحرير الشرط البشري وترقية الإنسان وبيّن هذا التعايش مدى خصوبة التجربة الأندلسية التي تقدم شهادة تحضّر للإسلام وقدرته على التجدد .

وهي فكرة رئيسية من أفكار محمد أركون الباحث في الإسلاميات في السربون، والذي سبق له أن جادل الكثير من المستشرقين حول معنى الأمة في القرآن الكريم، أمة أهل الكتاب سواء كان الكتاب توراه أم إنجيلا أم قرآنا.

ولكن التاريخ بكل دروسة، والأفكار بكل عظمتها شيئ والواقع الذي يعيشة العرب والمسلمون شيئ آخر، إذ تغرق الشعوب في الفقر والبطالة رغم الثروات الهائلة ، حيث يجري التمييز ضد أصحاب الديانات الأخرى وضد النساء ، وتضيق مساحة الحريات العامة ، ويجري قتل المفكرين والكتاب او طردهم من بلادهم بإسم الدين، وتنقطع مسيرة التجديد . وحتى نغير الصور الكئيبة نحن مطالبون أولا بان نغير الواقع وهذا التغيير هو عملية صراعية كفاحية طويلة المدى لابد لها من تضحيات وقوى اجتماعية حرة عقلانية ذات مصلحة أكيدة في إنجاز هذا التغيير إلى الأفضل ومفتاحه الأوّلي هو إطلاق الحريات الديموقراطية وبناء عدالة إجتماعية حقيقية.
نقلا عن الحوار المتمدن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter