بقلم الأب يسطس الأورشليمى
يطلق عليه الجليل في القديسين وكان رئيس أساقفة قسطنسة أو سلامينا (عاصمة قبرص)، وقد ولد في قرية فيسندوكي قرب مدينة بيت جبرين إحدى مدن الاراضى المقدسة الغربية من أبوين يهوديين وتوفي والده وتركه مع أخت له،
 
فقامت أمه بتربيته أحسن تربية وترك له والده دابة شاذة فطلبت منه والدته أن يبيعها، فقابله رجل مسيحي يدعى فيلوثاوس عرض عليه أن يشتريها منه، لكن الدابة رفصت ابيفانيوس في فخذه، فوقع مغشيا عليه، فصلب فيلوثاوس على فخذه فابرئ من ألمه، وصرخ على الدابة طالبا موتها،
 
فإستجاب اللـه لصلاته فسقطت ميتة، فأستفهم ابيفانيوس عن سر موتها، فأجابه فيلوثاوس أنه (الصليب) وأرشده عن يسوع المصلوب ابن اللـه الذي صلبه اليهود في أورشليم بإرادته لأجل خلاص العالم، فبقي هذا في خاطر ابيفانيوس، وأتفق أن رجلا غنيا من اليهود، مات دون أن يترك نسلا فأوصى بميراثه لأبيفانيوس،
 
وأتخذ من هذا الميراث فرصة للإنفاق على معلمي علوم الشريعة، وحدث وهو سائر مرة في الطريق ابصر سائلا يطلب صدقة من أحد  الرهبان، وإذ لم يكن معه نقودا ليعطيه، خلع ثوبه الذي عليه وأعطاه له، وعندما أخذ ذلك الفقير الثوب، رأى ابيفانيوس كأن حُله بيضاء نزلت على فلك الراهب مكان الثوب،
 
فتعجب من ذلك وتقدم من الراهب وسأله من هو وما هو دينه؟ فأعلمه أنه مسيحي، فطلب إليه أن يرشده إلى حقائق هذا الدين، فأجابه إلى ما طلب وآتى به إلى الأسقف وعلمه شرائع الدين المسيحي وعمده، ثم أحب ابيفانوس أن يترهبن فأرسله الأسقف إلى دير القديس لوقيانوس، وهناك تتلمذ للقديس ايلاريون وكانت نعمة اللـه عليه فأتقن علوم الكنيسة وفضائل الرهبنة وقوانينها،
 
وقد بنى فيما بعد ديراً قرب هذه المدينة بقى رئيسا عليه نحو ثلاثين سنة وتنبأ عنه القديس ايلاريون أنه سيصير أسقفا وأمره أن يمضي إلى قبرص ولا يرفض الأسقفية إذا عُرضت عليه، وقد أشتهر بعلمه فكان يعرف خمس لغات وهي الارامية (السريانية) واليونانية والقبطية والعبرانية واللاتينية، اشتهر جدا فأنتخب سنة367 أسقفا بل متروبوليتا لقبرص، ولما تنيح أسقف قبرص أتفق أن دخل القديس ابيفانيوس إلى المدينة ليشترى بعض مطالب الجسد وكان معه راهبان وأوحي إلى أسقف قديس أن يذهب إلى السوق ويختار الراهب الذي كان بيده عنقودان من العنب واسمه ابيفانيوس ليرسمه أسقفا على قسطنسة او سلامينا (عاصمة قبرص)،
 
ولما دخل السوق وجد معه الراهبان ووجد معه النقود فسأله عن اسمه، فعرف أنه المختار من اللـه فأخذه إلى الكنيسة ورسمه شماسا فقسا فأسقفا، وأظهر للشعب رؤياه وتمت نبوة القديس ايلاريون، وقد سار هذا القديس في الأسقفية السيرة التي ترى اللـه ووضع كتبا وميامر كثيرة وكان يعظ دائما عن الرحمة، وأتفق أن يوحنا أسقف أورشليم لم يكن رحيما فأستعار منه بعض أواني الطعام الفضية وباعها وتصدق بثمنها،
 
ولما طالبه بها ضربه بمئزرة فعميت عيناه وطلب من القديس أن يصلي لأجله ففتح اللـه إحدى عينيه، وفي السنة 402م استدعته الملكة افذوكيا للعمل على خلع القديس يوحنا ذهبي الفم، فذهب إلى القسطنطينية وسعى للصلح بينهما، ولكنه لم يفلح، فهددت بفتح هياكل الأوثان وإغلاق الكنائس، إذ لم يحكم بخلعة هو والبابا ثيؤفيلس،
 
وعموما يطلق على ابيفانيوس الجليل في القديسين وأصبح فيما بعد رئيس أساقفة سلامينا، وقد بنى فيما بعد ديراً قرب هذه المدينة بقى رئيسا عليه نحو ثلاثين سنة، وكان خصما شديدا لتعاليم أوريجانوس وهو السبب في تحول جيروم إلى العداء الشديد لأوريجانوس، وأمتاز بصدقاته وإحساناته إلى البائسين وقد خلف عدة تأليف أهمها المرساة ومجموعة كل المشهورين، وقد أنتخب سنة 367 أسقفا بل ميتروبولتيا لقبرص، وأصبح من أشهر أباء زمانه واستطاع دحض الهرطقات التي ظهرت في زمانه.
 
ولما وصل جسد القديس إلى جزيرة قبرص، عائدا من القسطنطينية في مركب، وصلت المركب في اليوم الثامن والعشرين من الشهر، فخرج إليه الكهنة والشعب بالصلبان والأناجيل والشموع والبخور، وحملوا الجسد الطاهر وهم يرتلون، إلى أن وضعوه في الكنيسة، ولما شرع الكهنة في حفر قبر له في الكنيسة تعرض لهم شماسان كان
 
القديس قد حرمهما لسوء سيرتهما فبقي الجسد وسط الكنيسة أربعة أيام، ولم يتغير منظره ولاخرجت منه رائحة، بل كان كأنه نائم، فنهض شماس قديس وتقدم من الجسد قائلا: " أنا عالم بدالتك عند اللـه، وأنك تقدر على دفع المعاندين الاشرار"، ثم تناول الفاس بيده وضرب بها الأرض، فسقط الشماسان المعارضان على وجهيهما مغشيا عليهما، فحملوهما إلى بيتهما وماتا في اليوم الثالث، أما جسد القديس فقد طيبه الكهنة بطيوب غالية ولفوه بلفائف ثمينة، ووضعوه في تابوت من الرخام داخل الكنيسة، وقد ظهرت منه أيات كثيرة، ويقام تذكاره في 12مايو في الكنيستين الشرقية والغربية.