بقلم: د.مديحة الملوانى
أخذنى موقف الناشر الثورى والمناضل محمد هاشم صاحب دار ميريت للنشر، بإعلانه الإضراب عن الطعام أمام مكتب النائب العام بالأمس الخميس 14/2/2013وحتى إخلاء سبيل 21 شابًا من شباب الثورة من أحد أقسام التجمع الخامس...
أخذنى الموقف للتفكير بجدية وبشىء أدعى أنه من المنطق، ليس بخصوص موقف المعلن عن إضرابه وليس بالطبع بخصوص الهدف من الإضراب أو الحق فى الأخذ به ، ولكن تفكيرى انصب هذه المرة فى المعلَن الإضراب فى مواجهته وهنا أعنى الجانى ذاته وليس سواه ...
وفى عجالة أرانى مضطرة لتعريفى للإضراب وجدواه، وأجدنى منجذبة لأصوله القديمة نوعًا، فى ارتباطها بالجوانب والدوافع الإنسانية لدى البشر، حيث عرفنا كيف أن الإضراب عن الطعام استخدم كوسيلة من وسائل الاحتجاج فى أيرلندا مثلًا قبل المسيحية فرأينا كيف كان يحدد مكان الإضراب أمام منزل الجانى حيث رأى الحكماء أن اختيار المكان هكذا يرجع إلى الارتكاز إلى أهمية حسن الضيافة آنذاك وأن الجانى لن يترك لنفسه فرصة أن يصمه التاريخ بأن يلقى المجنى عليه حتفه بسبب إضراب عن الطعام أمام منزله.
نعلم جميعا أن السلطة أى سلطة كانت، تأتى متسلحة بكل أدواتها القمعية لتكون فى النهاية جزءا من نسيج الدولة الآتية وعلى أولوياتها ردع كل من يقف أو يفكر فى مواجهتها باستبدادها وتسلطها... نحكى عن دول وأنظمة مستبدة نعم، قمعية نعم، عاصرناها سويًا محمد هاشم وأنا والرفاق فى السبعينات والثمانينات والتسعينات وحتى الآن . وكان الرصد من دولة ونظام مستبد، وصولًا إلى لا دولة ونظام أكثر استبدادًا.
وفى الطريق مرورًا بنظام يترنح حيث شبه دولة وهياكل مؤسسات خاوية . ومن دولة تحكمها قوانين عفنة تنحاز دائما لمن يملك السلطة ضد صاحب الحق من القاعدة الشعبية، وتنحاز دائمًا للغرب الاستعمارى الذى أتى بهم خدمًا لمصالحه وعلى حساب مقدرات الأوطان.. نعم هناك فارق بين مرحلة ساداتية ومرحلة مباركية ومرحلة الإخوان الحالية...نظام واحد ودولة أخذت تتفسخ مرحلة وراء مرحلة...واختلف وقع الإضراب عن الطعام تماشيًا مع كل مرحلة....
كنا وأصبحنا..كنا نعلن عن موعد الإضراب سواء فى معتقلات النظام أو مؤسسة عامة وكان المحضر والطبيب والنيابة وكان إعلان الأهداف من الإضراب وكان الانصياع من الجانى بتدخل البعض مؤسساته، فى ارتباط ذلك بحجم الإضراب وتصعيده كانت دولة ظالمة وكانت تستجيب لضغوطنا نسبيًا . ومع بدايات التهاوى والتحلل التى ارتبطت باختفاء القوانين رويدًا رويدًا، وانتشار الفوضى وتفاقمت أيضًا رويدًا رويدًا...
ولهذ أصبحنا أمام سلطة كشفت عن وجهها الفاشى، فاضرب عن الطعام ثم اضرب ثم مت إذا شئت، فبلاغك للقسم سيدشت كآلاف البلاغات، والنيابة لن تفتح تحقيقًا لانشغالها بمهرجانات براءات قتلة الثوار والمفسدين سياسيًا، رموز المرحلة المباركية، وأمام مكتب النائب العام، مشهد متكرر يجعلك ترى أنه من العبث أن توجه شكواك لممثل السلطة ذاتها شكواك موجهة للجانى، فنائبهم هو ضلع أساسى فى هيكل جماعة إرهابية حاكمة، نائب عام وضع خصيصًا لمناصبتك العداء، مصطفًا مع الجانى الذى هو جزء أصيل منه . فى النهاية يجب النظر بتروى فى كيفية الحفاظ علينا أمام عجلة القتل الجماعى الممنهجة لعصابة اغتصبت السلطة، ويكفى إيماننا بعدم شرعيتها أن نكف عن المثول أمام أبوابها .....
أهداف الثورة معلنة للعالم الحر ومسيرة الثورة ورسائلها فقط لهذا الشعب وأحراره وأحرار العالم . شعب يعيش ثورة، شرعيته الشارع وسلطته من الميادين والحوارى، وحتمًا النصر لثورته .