محرر الأقباط متحدون
في مرحلة كنسية دقيقة تشهد تحولات رعوية واجتماعية عميقة، أعلن قداسة البابا لاون الرابع عشر تعيين سيادة المطران تشارلز فيليب ريتشارد موث، أسقف أروندل وبرايتون، رئيسًا جديدًا لأساقفة وستمنستر، ليصبح الرئيس الثاني عشر للكنيسة الكاثوليكية في إنجلترا وويلز، خلفًا للكاردينال فنسنت جيرارد نيكولز، الذي قبل الحبر الأعظم استقالته بعد بلوغه سن الثمانين.
ويحمل هذا التعيين دلالات رعوية وشخصية لافتة، إذ يشترك رئيس الأساقفة الجديد مع البابا لاون الرابع عشر في شغفٍ خاص بركوب الخيل، في صورة رمزية لقيادة كنسية تمضي بثبات، ويقظة، وحسٍّ رعوي قريب من الأرض والناس.
ومن المقرر أن يُنصَّب رئيس الأساقفة الجديد رسميًا في كاتدرائية وستمنستر يوم 14 فبراير (شباط) 2026.
وفي بيان صدر في 19 ديسمبر، عبّر المطران موث عن امتنانه العميق للتكليف البابوي، قائلًا:
«إنني متأثر بعمق بالثقة التي وضعها فيّ قداسة البابا لاون الرابع عشر».
وأضاف، محددًا أولويات خدمته الرعوية:
«ستكون مهمتي الأولى أن أتعرف على كهنة وشعب وستمنستر، وأتطلع منذ الآن إلى خدمتهم».
وتابع بنبرة روحية تعبّر عن رؤيته للكنيسة ورسالتها:
«ومعهم، وبالارتكاز إلى الأسس المتينة التي أُرسيَت عبر السنين، أتطلع إلى مواصلة المغامرة العظيمة التي هي حياة الكنيسة، والشهادة للإنجيل».
من جهته، أعرب الكاردينال فنسنت نيكولز، الذي شغل كرسي وستمنستر منذ عام 2009، عن فرحه العميق بهذا التعيين، قائلًا في البيان الرسمي:
«إنني مسرور جدًا بهذا الاختيار، فخلفي يجلب معه عطايا كثيرة وخبرة أسقفية واسعة اكتسبها عبر سنوات طويلة من الخدمة».
وُلد المطران تشارلز فيليب ريتشارد موث في 8 يوليو (تموز) 1958 في مدينة تشينغولا في زامبيا، ونشأ في مقاطعة كِنت جنوب شرقي إنجلترا، حيث تلقّى تعليمه الابتدائي والثانوي في المدارس الكاثوليكية.
تكوّن كهنوتيًا في إكليريكية القديس يوحنا في وونرش (سَري)، ثم تابع دراساته العليا في جامعة القديس بولس في أوتاوا بكندا، حيث نال الإجازة في القانون الكنسي.
رُسِم كاهنًا في 3 يوليو (تموز) 1982 لأبرشية ساوثوارك المتروبوليتية، وخدم لاحقًا في عدد من الرعايا، كما شغل منصب قسيس لجيش الاحتياط البريطاني، لا سيما للفيلق الطبي العسكري.
بين عامي 1992 و2001، شغل منصب السكرتير الخاص لرئيس أساقفة ساوثوارك المطران مايكل بووين، وتولى في الوقت ذاته رئاسة المحكمة الكنسية الاستئنافية الثانية، وكان مديرًا للدعوات الكهنوتية، ثم عُيّن عام 2001 نائبًا عامًا ومستشارًا قانونيًا (كانسلر) للأبرشية، ونال لاحقًا لقب برلات شرفي.
و في 25 يوليو (تموز) 2009، انتُخب أسقفًا عسكريًا لبريطانيا العظمى، ونال السيامة الأسقفية في 29 سبتمبر (أيلول) من العام نفسه في كاتدرائية وستمنستر.
وخلال خدمته، برز بصوتٍ واضح في الشأن العام، إذ انتقد علنًا فشل الحكومة البريطانية في توفير التجهيزات المناسبة للقوات في أفغانستان، كما حذّر رئيس الوزراء آنذاك ديفيد كاميرون من تبعات التدخل العسكري في ليبيا.
وفي 21 مارس (آذار) 2015، عيّنه البابا فرنسيس أسقفًا لأبرشية أروندل وبرايتون على الساحل الجنوبي لإنجلترا، وتولى رئاسة قسم العدالة الاجتماعية في مجلس أساقفة إنجلترا وويلز.
خلال جائحة كوفيد-19 عام 2020، كان المطران موث من أبرز الأصوات الكنسية المنتقدة لتقارير تتحدث عن تقنين الرعاية الصحية.
وعندما كُشف عن إصدار تعليمات لبعض الأطباء بعدم محاولة إنعاش مرضى من ذوي الإعاقات الذهنية، وصف هذه السياسة بعبارات شديدة الوضوح، قائلًا:
«إن هذه السياسة غير مقبولة إطلاقًا وغير أخلاقية».
وأضاف: «من الصادم أن نسمع أن أشخاصًا من ذوي الإعاقات الذهنية يُجعلون ضحايا لهذا النوع من التمييز».
يشغل رئيس الأساقفة الجديد منصب رئيس مجلس أمناء جامعة سانت ماري في لندن، وهو منسق الأساقفة لشؤون السجون. وينتمي منذ أكثر من أربعين عامًا إلى رهبنة القديس بندكتس كأوبلات في دير بلاسكدن في اسكتلندا.
كما أنه عضو في فرسان القبر المقدس في القدس، ويقوم بزيارات متكررة إلى الأراضي المقدسة. وعلى الصعيد الشخصي، يُعرف بحبه لركوب الخيل والمشي في الطبيعة.
وبهذا التعيين، تفتح الكنيسة الكاثوليكية في إنجلترا وويلز صفحة جديدة من مسيرتها، بقيادة راعٍ جمع بين القانون والرحمة، والجرأة الأخلاقية والعمق الروحي، في زمن تتزايد فيه الأسئلة، وتشتد الحاجة إلى شهادة إنجيلية هادئة، واضحة، ومتجذّرة في خدمة الإنسان.




