دكتور مهندس/  ماهر عزيز

المقال الثامن ( 8 )

ثالثا : تاريخ أورشليم القدس ( تابع )


52 - الرومان يغيرون اسم يهوذا وإسرائيل إلى فلسطين إمعاناً فى إذلال اليهود : 
عمدت الإمبراطورية الرومانية إلى تغيير هوية أرض يهوذا واليهودية فبدلت 
اسم مقاطعة يهودا إلى سوريا فلسطين حوالى عام 135 م، حيث كان السبب الرئيسى لهذا التغيير محاولة متعمدة لمحو الهوية اليهودية للمنطقة كعمل عقابى بعد القمع الوحشى للثورة اليهودية الكبرى الثانية ضد روما، والمعروفة باسم ثورة "بار كوكبا" (132 م – 136 م)

 وكانت الأسباب الرئيسية :
1- العقاب والإذلال: كانت ثورة بار كوخبا تمرداً شرساً ومكلفاً لروما فسعى الامبراطور هادريان إلى معاقبة اليهود، وردع الانتفاضات المستقبلية. وكان تغيير اسم المقاطعة طريقة لمحو الارتباط التاريخى والدينى لليهود بأرض يهوذا. 

2- محو الارتباط اليهودى: من خلال إزالة اسم "يهوذا" وتغييره إلى "فلسطين"، أراد الرومان قطع الارتباط الذى دام آلاف السنين بين اليهود والأرض التي اعتبروها وطنهم. 

3- الإشارة إلى عدو قديم: اسم "فلسطين" مشتق من "فلسطيا" (Palaesina باللاتينية)، وهو اسم المنطقة الساحلية التي سكنها الفلسطينيون، وهم شعب قديم كان عدواً للإسرائيليين التوراتيين، وكان اختيار هذا الاسم تنكيلاً إضافياً لليهود. 

4- الدعاية والسيطرة: كان تغيير الاسم جزءاً من استراتيجية أوسع للسيطرة على المنطقة وسكانها. وشمل ذلك حظر بعض الممارسات اليهودية، وإعادة تأسيس أورشليم كمستعمرة رومانية تسمى إيليا كابيتولينا، التي طُرد اليهود منها. 

ومن المهم الإشارة إلى أنه بينما أشاع الرومان استخدام اسم "فلسطين" للمقاطعة بأكملها، كان الاسم موجوداً بالفعل في العصور القديمة، وقد استخدمه الإغريق (مثل هيرودوت) للإشارة إلى المنطقة الساحلية، ومع ذلك، كان الإجراء الرومانى بتطبيقه على مقاطعة يهودا بأكملها بعد الثورة عملاً سياسياً ذا تداعيات تاريخية عميقة.  

53 - هادريان يبني إيلياء كابيتولينا : 
في عام 138 م. أعاد هادريان بناء المدينة، وأطلق عليها اسم إيلياء كابيتولينا. ولعل مسار السور الجنوبي لإيلياء قد حددته التحصينات الجنوبية للمعسكر الروماني الكبير علي التل الغربي (الجنوبي الغربي)، ويحتمل أنه كان المسار العام للسور الجنوبي القائم الآن. ولقد كانت المنطقة التي يحتلها "قبر داود" خارج الأسوار في القرن الرابع. وقد أقيم تمثال لهادريان علي صهوة جواد في موقع "قدس الأقداس" [جيروم في تفسيره لإشعياء (إش 2: 8؛ مت 24: 15)]. وتوجد كتابة منقوشة علي السور الجنوبي لمنطقة الهيكل يذكر فيها اسم هادريان، لعلها تعود إلي ذلك العهد. وقد اكتشفت في المنطقة المجاورة لأورشليم مؤخرًا، رأس حجرية لعلها كانت جزءًا من تمثال هادريان. ولقد أقام هادريان نفسه، أو واحد من الأباطرة الأنطونيين، هيكلًا لفينوس علي التل الشمالي الغربي، حيث بعد ذلك كنيسة القبر المقدس (يوسابيوس: حياة قسطنطين- المجلد الثالث: 36). وعاد الحج إلي الأماكن المقدسة، التي يبدو أن جذورها تمتد إلي القرن الثاني، ويبدو أنها قد ازدهرت جدًا في القرنين التاليين، وفيما عدا ذلك لا نعرف سوى القليل عن المدينة في تلك الفترة.

54 - الامبراطور قسطنطين يبني كنيسة انستازيس : 
في 333 م، وبأمر من قسطنطين، بدأ العمل في بناء كنيسة انستازيس (القيامة) الجديدة فوق الموقع الذي يظن أنه القبر المقدس، والتقاليد المتعلقة بهذا الموقع وبالصليب المقدس الذي وجدته الامبراطورة هيلانة زوجة قسطنطين هناك وهذه التقاليد قد دونت في وقت لاحق لهذه الأحداث. ولابد أن البناء كان رائعًا وكان يغطي منطقة أكبر من المنطقة التي تغطيها الكنيسة الحالية. ويقال إن جوليان حاول في 362م. أن يعيد بناء الهيكل، ولكن انفجارًا أوقف العمل. 
وفي تاريخ - لا يعرف علي وجه اليقين - قبل 450 م، أدخلت "كنيسة جبل صهيون المقدس" داخل الأسوار، كما يذكر يوخاريوس الذي كتب في المدة من 345- 350م. مبينًا أن دائرة الأسوار تضم الآن جبل صهيون الذي كان -من قبل- خارج الأسوار، الذي يقع علي الجانب الجنوبي ويشرف علي المدينة كأنه "قلعة". ويحتمل أن يكون ذلك من عمل الإمبراطور فالنتنيان الذي نعلم أنه قام ببعض التعديلات في الأسوار.

55 - الإمبراطورة يودوكسيا تعيد بناء الأسوار : 
في 450 م. أقامت الإمبراطورة يودوكسيا - ارملة ثيودوسيوس الثاني- في أورشليم، وأعادت بناء الأسوار في مواقعها القديمة، وأدخلت كل التل الجنوبي الغربي بالإضافة إلي بركة سلوام داخل دائرة المدينة. وإدخال البركة داخل الأسوار، وصفه الشهيد أنطونيوس في 560 م، وأيده ما قام به "بليس" من تنقيب. كما بنت كنيسة القديس استفانوس، والكنيسة التي عند بركة سلوام وغيرها.

56 - جستنيان :
أقام الإمبراطور جستنيان- الذي لعله أعظم البناة المسيحيين- كنيسة عظيمة هي كنيسة القديسة مريم، التي يرى بعض التُّقاة أن بقاياها داخلة الآن في المسجد الأقصى. كما بني كنيسة "القديسة صوفيا" في "البراتوريوم"، وهو الموقع الذي كانت تحتله قلعة أنطونيا، وبنى أيضا مستشفي غربي الهيكل. ويبدو أن موقع الهيكل نفسه ظل أطلالًا حتى القرن السابع. 

57 - خسرو الثاني يفتح المدينة : 
وفي 614 م. فتح خسرو الثاني الفارسي فلسطين، فهدم كنائس أورشليم بما فيها كنيسة القبر المقدس، مما مهد الطريق أمام المسلمين- بعد ذلك بنحو نصف قرن- لاستخدام الكثير من أعمدة الكنائس المُهَدَّمة في بناء "قبة الصخرة".

58 - هرقل يدخل المدينة منتصرًا :
وفي 629م. عقد هرقل صلحًا مع خلفاء خسرو الثاني، ودخل أورشليم منتصرًا حاملًا معه بعض شظايا الصليب التي كان قد أخذها خسرو، ودخل المدينة عبر "البوابة الذهبية"، التي يعتقد الكثيرون أنها وصلت إلي شكلها الحالي نتيجة الإصلاحات التي قام بها هرقل، لكن هذا الانتصار لم يَدُمْ إلا لفترة قصيرة، فقبل ذلك بسبع سنوات حدثت الهجرة من مكة إلي المدينة، وفي 637 م. وصل المسلمون المنتصرون إلي المدينة المقدسة.

59 - عهد عمر بن الخطاب :
استسلمت المدينة بعد حصار قصير، وعامل الخليفة عمر بن الخطاب المسيحيين معاملة كريمة، فاستثنيت الأماكن المسيحية، ولكن أقيم مسجد خشبي فوق موقع الهيكل، الذي لم يكن حتى ذلك الوقت قد أقيمت عليه مبان مسيحية، ولكن صارت له قداسة خاصة عند المسلمين مرتبطة بقصة الإسراء والمعراج. وكان هذا المسجد الخشبي يتسع لثلاثة آلاف من المصلين. ثم بني الخليفة العاشر عبد الملك في 691 م. في نفس المكان المسجد الفخم "قبة الصخرة". وقد ظلت العلاقة بين المسلمين والمسيحيين علاقة صداقة ومودة علي مدي قرون. وكتب المؤرخ "المقدسي" في 985م. أن المسيحيين واليهود كانت لهم اليد العليا في أورشليم. وفي 969م. خضعت أورشليم لحكم الفاطميين في مصر. وفي 1010م قام الحاكم المصري المجنون "الحاكم بأمر الله" بإحراق الكثير من الكنائس، التي أمكن إعادة بناء بعضها بناء مبتذلاً.
[ يتبع ]

أهم المصادر :
1. ويكيبيديا: تاريخ فلسطين. 
2. ويكيبيديا: مملكة إسرائيل الموحدة ومملكة يهوذا. 

3. إسلام – أون – لاين: القدس – سيرة مدينة. 
4. قاموس الكتاب المقدس. 
5. دائرة المعارف الكتابية المسيحية. 

6.  Timeline for the History of Jerusalem(محفوظ) مؤرشف من الأصل في 25 نوفمبر 2016. وصل لهذا المسار في 16 أبريل 2007.
7.  Freedman, David Noel ( 1 يناير 2000) . Eerdmans Dictionary of the Bible. Wm B. Eerdmans Publishing  ص 694 – 95. ISBN:0802824005 مؤرشف من الأصل في 2020-11-07. اطلع عليه 

بتاريخ 2007-08-07.
8.  Greenfield, Howard (29 مارس 2005) .A Promise Fulfilled: Theodor Herzl, Chaim Weizmann, David Ben-Gurion, and the Creation of the State of Israel. Greenwillow.  ص.32.ISBN:006051504X. مؤرشف من الأصل في 2022-07-04. اطلع عليه بتاريخ 2007-01-18.

9. Jerusalem: Illustrated History Atlas Martin Gilbert, Macmillan Publishing, New York, 1978, p. 7
10.  دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، QID:Q1043319

11. https://web.archive.org/.../interacti.../Jerusalem,%20Israel.  مؤرشف من الأصل في 2017-12-09.
12. قضية القدس – الدكتور: عبد التواب مصطفى، سلسلة قضايا إسلامية سبتمبر 2006، العدد رقم (139)، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، مصر.أكتوبر 06.
13. د شريف العلمي كتاب "سين جيم".