دكتور مهندس/ ماهر عزيز

 المقال الرابع ( 4 )

ثالثا : تاريخ أورشليم القدس ( تابع )


12 - حزائيل ملك أرام (797 ق.م) : 
وكانت النتيجة أن الأراميين بقيادة حزائيل، حاربوا يهوذا وأورشليم وقتلوا الأمراء وضربوا الأرض، وأعطاه يوآش الكثير من خزائن القصر وبيت الرب (2 مل 12: 17-18؛ 2 أخ 24: 23). وأخيرًا فتن حزائيل عبيد يوآش عليه فقتلوه (2 مل 12: 20-21؛ 2 اخ 24: 25) "في بيت القلعة حيث ينزل إلي سليَّ".

13 - يهوآش ملك إسرائيل يستولى علي المدينة :
في أثناء حكم أمصيا (797- 729 ق.م.) ابن الملك المقتول، يبدو ان الانتصار علي أدوم جعل أمصيا يغتر بنفسه، حتى إنه أرسل يتحدي يهوآش ملك إسرائيل للحرب (2مل 14: 8-9)، وتقابل الجيشان في بيت شمس وانهزم يهوذا "وهربوا كل واحد إلي خيمته". ولم تستطع أورشليم أن تقاوم المنتصرين، فهدم يهوآش ملك إسرائيل "سور أورشليم من باب أفرايم إلي باب الزاوية أربع مئة ذراع "، ثم عاد بعد ذلك إلي السامرة محملًا بالغنائم والرهائن (عدد 14)، وبعد ذلك بخمسة عشر عامًا، قتل أمصيا في لخيش التي هرب إليها من (أو عزريا) فتنة ضده، ولكنهم حملوا جثته علي الخيل ودفنوه في أورشليم.

14 - عزيا يعيد بناء التحصينات (779- 740 ق.م.) : 

تذكر عزيا (أو عزريَّا) الإذلال الذى أصاب أباه فعمل علي تقوية نفسه، فهزم عزيا الفلسطينيين والعرب في جور، ووضع العمونيين تحت الجزية (2 أخ 26: 7-8) "وبني أبراجًا في أورشليم عند باب الزاوية وعند باب الوادي وعند الزاوية وحصَّنها" (عد 9)، كما أنه " عمل في أورشليم منجنيقات اختراع مخترعين لتكون علي الأبراج وعلي الزوايا لترمى بها السهام والحجارة العظيمة" (عدد 15). وقد استعادت أورشليم في عهده بعض أمجادها التي كانت لها في أيام سليمان في وقت السلم الطويل الذي تمتعت به مع جيرانها في الشمال. وفي أيامه حدثت في المدينة زلزلة كبيرة (زك 14: 5؛ عا 1: 1؛ انظر إش 29: 6؛ عا 4: 11؛ 8: 😎. وبني يوثام ابنه "الباب الأعلى لبيت الرب" (2 مل 15: 35؛ 2 اخ 27: 3). ويرجح أنه هو "باب بنيامين الأعلى" (إرميا 20: 2)، وبني كذلك معظم السور الذي علي الأكمة، والأرجح أن في ذلك إشارة إلي حصن صهيون القديم علي التل الجنوبي الشرقي (2 أخ 27: 3).

15 - آحاز يتحالف مع آشور (736- 728 ق.م) : 
كان علي آحاز (مملكة يهوذا) أن يشكر لأبيه وجده ما قاما به لتحصين المدينة، فقد نجحت أسوارها في الدفاع عنها ضد ملوك أرام وإسرائيل (مملكة إسرائيل) (2 مل 16: 5-6)، ولكن آحاز -وقد شعر بضعف مملكته الصغيرة- اشتري بالذهب والفضة التي أخذها من بيت الرب، تحالفا مع تغلث فلاسر ملك أشور، وذهب إلى ملك أشور في دمشق، وتملقه بأن بني مذبحًا مشابهًا للمذبح الذي كان في دمشق، ليقدم عليه الذبائح في الهيكل (2 مل 16: 10-12). وقد خيم الظلام علي عهده بالممارسات الوثنية، وبخاصة أنه "عبَّر ابنه في النار" - كذبيحة بشرية- في وادي بن هنوم (1 مل 16: 3-4؛ 2 أخ 28: 3).

16 - أعمال حزقيا العظيمة :
خلف حزقيا آحاز أباه علي العرش (727- 699 ق.م) في وقت خطر شديد، فقد سقطت السامرة ومعها مملكة إسرائيل، وبصعوبة بالغة تم رد أشور علي أعقابها، وكان الشعب في حالة ارتداد عظيم، ومع هذا فإن أورشليم لم تبلغ من قبل مثل هذه العظمة والتقدير في أعين الأنبياء (إش 7: 4-5؛ 8: 8، 10؛ 10: 28-29؛ 14: 25-32؛ إلخ.). وفي بداية ملكه، قام مرودخ بلادان الكلداني ضد أشور، عاملًا علي إراحة يهوذا من أعظم الأخطار التي كانت تتهددها، ودخل حزقيا في علاقات صداقة مع ملك بابل الجديد، عندما أطلع رسله علي كل كنوزه (إش 39: 1-2). ويبدو أن حزقيا قد قام -في ذلك الوقت أو بعده بقليل- بأعمال عظيمة، هيأ بها عاصمته للأوقات العصيبة القادمة "فسد مخرج مياه جيحون الأعلَى وأجراها تحت الأرض"، وأدخل الماء إلي المدينة ليمنع ملوك أشور من الوصول إليها (2 مل 20: 20؛ 2 أخ 32: 4، 30).

وحتى يكون للنفق الذي عملوه فائدة، لا بُد أن التل الجنوبي الغربي كان داخل دائرة السور، ومن المرجح جدًا أن ما جاء في (سفر أخبار الأيام الثاني 32: 5) من أنه " بني كل السور المنهدم، وأعلاه إلي الأبراج، وسورًا آخر خارجًا، يشير- في العبارة الأخيرة- إلي امتداد السور علي حافة التل الجنوبي الغربي إلي سلوام. ومن الناحية الأخرى، لو أن هذا كان من عمل سليمان، فإن "السور الآخر" قد يكون هو السد العظيم الذي يغلق فم التروبيون، فقد كان ذلك جزءًا أساسيًا في خطته ليمنع جيشًا يحاصر المدينة من الوصول إلي المياه. كما حصَّن القلعة علي التل الجنوبي الشرقي. وإذ أصبح حزقيا آمنًا داخل هذه التحصينات التي جعلت من أورشليم مدينة من أقوي المدن المسورة في أسيا الغربية، وإذ حصل كذلك على معاونة المرتزقة العرب- كما تشير الأقوال التي سجلها سنحاريب- كان قادرًا علي التخلص من الملك الأشوري العظيم، والاحتفاظ بمدينته عزيزة (2 مل 18: 13-16)، غير أنه واجه تهديدًا جديدًا بالهجوم علي المدينة (2 مل 19: 9-37).

17 - إصلاحاته الدينية :

قام حزقيا بإصلاحات كثيرة، "فأزال المرتفعات، وكسر التماثيل، وقطع السواري، وسحق حية النحاس التي عملها موسى.. ودعوها "نحشتان" أي قطعة من النحاس (2 مل 18: 4).

18 - تحالف منسي مع أشور : 
جاء منسي بعد أبيه حزقيا، وكان عمره حين ملك اثنتي عشرة سنة، وملك خمسًا وخمسين سنة (698 -643 ق.م.) في أورشليم، وكان خاضعًا لآسرحدون وأشور بانيبال كما نعلم من نقوشهم، ويشير أشور بانيبال في أحد نقوشه، إلي منسي بأنه ملك "مدينة يهوذا". (وملك أشور الذي أخذ منسي مقيدًا في سلاسل إلي بابل، يحتمل أنه كان أشور بانيبال [(2 أخ 33: 11)، انظر يوسيفوس- المجلد العاشر 3: 2]). ويتضح مدي تغلغل النفوذ الأشوري في البلاد، من اللوحين اللذين عثر عليهما حديثًا في جازر، وعليهما كتابة مسمارية من عهد هذا الملك الأشوري.
وقد امتد هذا النفوذ إلي المجال الديني حيث نقرأ عن منسي: "وبني مذابح لكل جند السماء في داري بيت الرب" (2 مل 21: 5). وهناك إشارات أخري لعبادة الأصنام التي أدخلها هذا الملك [انظر (إرميا 7: 18؛ 2 مل23: 5، 11-12 إلخ.)]، كما ملأ أورشليم من دم الشهداء الأزكياء الأمناء للرب (2 مل 21: 16؛ إرميا 19: 4). ويحتمل أن فترة السلام الطويلة مع الأمم المجاورة، قد أدت إلي ازدياد عدد السكان، خاصة بتدفق الغرباء من المناطق المتاخمة لها.

19 - ترميمه الأسوار : 
ونقرأ في (سفر أخبار الأيام الثاني 33: 14) عن الإصلاحات المعمارية التي قام بها هذا الملك لتحصين أورشليم: "وبعد ذلك بني سورًا خارج مدينة داود غربًا إلي جيحون في الوادي وإلي مدخل باب السمك". ولابد أن هذا السور كان سورًا جديدًا، أو سورًا أعيد بناؤه علي كل الجانب الشرقي من المدينة، وحوط الأكمة بسور وعلاَّه جدًا.
وكان منسي أول ملك من ملوك يهوذا يدفن بعيدا عن مدافن الملوك، فقد دفن (كما دفن ابنه آمون) "في بستان بيته في بستان عزا" (2 مل 21: 18)، ولعل هذه القبور هي المشار إليها في (حزقيال 43: 7-9) والقريبة من مباني الهيكل.

20 -  يوشيا والإصلاحات الدينية (640- 609 ق.م.) : 
وجد "سفر الشريعة" في زمن يوشيا، وبناء علي ذلك قام الملك بإصلاحات جذرية (2 مل 22-23). لقد أحرق السارية "في وادي قدرون ودقها إلي أن صارت غبارًا، وذري الغبار علي قبور عامة الشعب"، وأحرق كل آنية البعل، "ونجس توفة التي في وادي بني هنوم" (2 مل 23: 6-10). وبعد حكم دام 31 عامًا (2 مل 23: 29-30). حاول يوشيا أن يعترض طريق "نخو" فرعون مصر، حتى لا ينضم إلي ملك بابل ضد أشور، فهزم وقتل في مجدو، ودفن في قبره في أورشليم، ويحتمل أنه دفن في نفس المكان الذي دفن فيه أبوه وجده. وبعد ذلك أخذ "نخو" فرعون مصر يهوآحاز أسيرًا إلي مصر بعد ملك دام ثلاثة شهور فقط (2 مل 23: 34) ومات في مصر، ودفن-علي ما يبدو- في قبور الغرباء (إرميا 22: 10-12). أما أخوه ألياقيم- الذي غيَّر "نخو" ملك مصر اسمه إلي يهوياقيم -فقد خلفه علي العرش، وفي السنة الرابعة لملكه هزم البابليون مصر في كركميش، فكان علي يهوياقيم أن يتحول عن الخضوع لمصر إلي الخضوع لبابل (1مل 23: 35- 24: 7).
[ يتبع ]

أهم المصادر :
1. ويكيبيديا: تاريخ فلسطين. 
2. ويكيبيديا: مملكة إسرائيل الموحدة ومملكة يهوذا. 
3. إسلام – أون – لاين: القدس – سيرة مدينة. 
4. قاموس الكتاب المقدس. 
5. دائرة المعارف الكتابية المسيحية. 

6.  Timeline for the History of Jerusalem(محفوظ) مؤرشف من الأصل في 25 نوفمبر 2016. وصل لهذا المسار في 16 أبريل 2007.
7.  Freedman, David Noel ( 1 يناير 2000) . Eerdmans Dictionary of the Bible. Wm B. Eerdmans Publishing  ص 694 – 95. ISBN:0802824005 مؤرشف من الأصل في 2020-11-07. اطلع عليه 
بتاريخ 2007-08-07.

8.  Greenfield, Howard (29 مارس 2005) .A Promise Fulfilled: Theodor Herzl, Chaim Weizmann, David Ben-Gurion, and the Creation of the State of Israel. Greenwillow.  ص.32.ISBN:006051504X. مؤرشف من الأصل في 2022-07-04. اطلع عليه بتاريخ 2007-01-18.

9. Jerusalem: Illustrated History Atlas Martin Gilbert, Macmillan Publishing, New York, 1978, p. 7
10.  دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، QID:Q1043319

11. https://web.archive.org/.../interacti.../Jerusalem,%20Israel.  مؤرشف من الأصل في 2017-12-09.
12. قضية القدس – الدكتور: عبد التواب مصطفى، سلسلة قضايا إسلامية سبتمبر 2006، العدد رقم (139)، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، مصر.أكتوبر 06.
13. د شريف العلمي كتان جيم".