محرر الأقباط متحدون
كلمة الأمين العام ل كنائس الشرق الأوسط'>مجلس كنائس الشرق الأوسط البروفسور ميشال عبس خلال لقاء اللّجنة التنفيذيّة للمجلس مع رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون، يوم الخميس 11 ديسمبر 2025، في القصر الجمهوري في بعبدا.

الى فحامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون المحترم
البروفسور ميشال عبس
امين عام مجلس كنائس الشرق الاوسط

فخامة الرئيس، 

كما وعدنا وفينا وكما وعدت وفيت، والامر ليس بغريب عنك.

لقد وعدناك يوم زرناك منذ بضعة اشهر ان نعود اليك مع قيادات كنائس الشرق الأوسط'>مجلس كنائس الشرق الأوسط، الرؤساء واللجنة التنفيذية، وها قد عدنا اليك،

ووعدتنا يوم زرناك انك سوف تستقبل وفد المجلس عندما تلتئم قياداته في لبنان، وها انك قد استقبلتنا رغم ان هذه الفترة من السنة تكون شديدة الازدحام بالمواعيد، في قلب موسم المجيء، والبشرية برمتها تترقب مجيء طفل المغارة الفادي المخلص.

لقد اردنا ان تأتيك كامل قيادة المجلس، من اجل ان تتعرف على ممثلي كنائس الشرق الأوسط ومن اجل ان تتعرف اليهم،
الأعضاء الحاضرون هنا، أصحاب الغبطة والنيافة والسيادة وحضرات القسس والاباء المحترمين، يمثلون جل مسيحيي الشرق الأوسط الذي يعيش مخاضاً تلو الآخر، ولم يخرج من نفقه بعد. هم مندوبو واحد وعشرين كنيسة موزعة على أربع عائلات كنسية حسب لاهوتها.

قيادات المجلس تحمل قيم وتاريخ وثقافة كنائسها، ولكنها تحمل أيضا القيم المسكونية، أي قيم الانفتاح والحوار واحترام التمايز. هي قيادات اعتنقت المسكونية منذ زمن ليس بقليل وتفانت في العمل بموجبها ومن اجلها. هي قيادات تعي تماما تنوعها، ولكنها تحياه من ضمن وحدة الروح والعقيدة.

هي قيادات مسيحية مؤمنة وصلبة في ايمانها، تحمله رغم الصعوبات والألآم، ولكن ايمانها هذا، كما ذكرت لكم في الزيارة الأولى، ليس موجها ضد الغير، بل مع الغير ومن اجل الغير.

هذه القيادات والمؤسسات الكنسية التي تقودها، هي ضمان لمجتمعاتها، اكان على الصعيد الكنسي ام على الصعيد الوطني. هم يحملون هموم اوطانهم كما كل مواطن صالح ومتفان في خدمة وطنه.

لقد قدمت هذه القيادات الكنسية الجزيلة الاحترام الى لبنان لعقد اجتماع اللجنة التنفيذية ل كنائس الشرق الأوسط'>مجلس كنائس الشرق الأوسط، التي هي عضو فيها، وهي السلطة العليا في المجلس، تتخذ له القرارات التي تؤول الى حسن سير اعماله وخدمة الكنيسة والمجتمع بشكل افضل. هذه اللجنة التنفيذية منبثقة عن جمعية عامة تنتخبها وتسلمها مهامها في التخطيط والمراقبة.

هذه القيادات الحاضرة ههنا تكن اسمى مشاعر المحبة للبنان وتعتبره وكأنه بلدها الأساس. كل مسيحي في المنطقة – واكاد أقول العديد من المسلمين في محيطنا العربي، يعتبرون لبنان قبلة انظارهم ويتوقون اما الى المجيء اليه، او الى الاستقرار فيه.

لبنان يا فخامة الرئيس، موئل الحريات والحوار والتفاعل، لم يبطل يوما ان يكون الرمز والنموذج الذي تتطلع اليه الشعوب، وذلك رغم كل ما مر عليه من أزمات وكل ما أصابه من ملمات. هو كون مصغر وما يصح فيه يمكن تعميمه على المعمورة. انه فعلا الوطن الرسالة.

المجلس مرخص في لبنان، كمؤسسة اهلية مدنية، ولكنه عمليا مؤسسة قائمة على المعتقد، (FBO)، ويقوم بما يقوم به من اعمال في مجال الخدمة الدينية والاجتماعية انطلاقا من الايمان المسيحي الذي يجمعنا. هو الهيئة الإقليمية المسكونية في الشرق الأوسط.

والمجلس أيضا هو من رواد الحوار المسيحي-الإسلامي في هذه المنطقة، كما هو من المدافعين عن حقوق الانسان وعن الحريات، المسؤولة طبعا، وكان اول من ناصر الفلسطينيين في محنتهم التي لم تنته بعد والتي تأخذ مناحي خطيرة في المرحلة الحالية. منذ النكبة يقدم المجلس، وما زال، كافة أنواع الخدمات التنموية لمشردي فلسطين ويناصر قضيتهم في كل اصقاع المعمورة.

لقد عمل المجلس أيضا مع كافة المشردين الذين وردوا لبنان وبعض دول الشرق الأوسط، بالتنسيق مع هيئات الأمم المتحدة والهيئات الدولية المعنية.

اما اليوم فان نشاطاته تشمل التنمية، والتربية، والشباب والقيادة، والعمال النازحين، والبيئة، والحوار، ولجم خطاب الكراهية الذي يقود الى ابلسة الجماعات المكونة للوطن لبعضها البعض، كما انه يشكل جسر تواصل بين المنطقة والهيئات المسكونية الدولية، ينقل اليها معاناتنا ويتشارك معها تطلعاتنا، وقد شكلت هذه الهيئات، عبر عقود من الشراكة الروحية والمؤسسية، خير رسول لقضايانا.

كنائسنا في المنطقة يا فخامة الرئيس هي بيوت للناس، كما هي منارات تشع في محيطها محبة وثقافة، وهي قبلة انظار شعوبها، اكان في مواقفها الاجتماعية والوطنية ام في مؤسساتها التي تقدم للمجتمع شتى أنواع السند والدعم عبر خدماتها المتنوعة.

كنائسنا ونحن، نعمل بفلس الارملة، حيث ان الموارد المتوفرة للقيام بالواجب المطلوب قليلة، لذلك نحاول ان نكون الحصى الني تسند الخابية، علما ان حجم الحاجات في مجتمعاتنا تتطلب إمكانات لا تستطيع تأمينها سوى الدول، لان الازمات التي تعصف بنا تترك وراءها كوارث وتعيدنا الى المربع الأول مهما تقدمنا.

كنائسنا تنشد الاستقرار الذي تفتقر اليه المنطقة والذي يعتبر الشرط الأساس للنمو والازدهار، وتاليا لرفاه الشعوب وتقدمها، لذلك نتطلع بالكثير من الامل والرجاء الى لبنان مستقر يسر بخطى اكيدة نحو استقرار ثابت يفتح له آفاق مستقبلية واعدة. لقد شكلت زيارة الحبر الأعظم الى لبنان احدى علامات ومحطات الرجاء التي يحتاجها لبنان.

اننا، اذ نشكر لكم تكريس وقت لاستقبالنا رغم ازدحام المواعيد لديكم، نقدم لكم كتابين، واحد حول توحيد عيد القيامة، والآخر يشمل وقائع الندوات التي اقمناها على مدى ثلاث سنوات حول الكرامة الإنسانية، متمنين ان يكون لبنان في عهدكم وطن كرامة الانسان.
والله ولي التوفيق ويده مع الجماعة.