أكرم ألفي
المغرب نموذج عربي فريد من نوعه لتأثير تعليم البنات على تحول المجتمعات والنمو السكاني.. ففي المغرب تبلغ نسبة الطالبات في مدرجات الجامعة نحو 53.5% فمن بين 1.300 مليون طالب جامعي هناك تقريباً 700 ألف طالبة من بينهم 40% تقريباً يدرسون الهندسة والعلوم التطبيقية في اعلى نسبة لطالبات جامعيات يدرسن العلوم التطبيقية في العالم العربي وأعلى من نسبة فرنسا التي لا تزيد عن 26%. 

الاقبال التاريخي للفتيات على التعليم الجامعي ودخول سوق العمل بقوة قاد إلى تراجع معدل النمو السكاني في المغرب إلى 0.85% مقابل 1.4% في مصر واتخفاض معدل الخصوبة الكلية إلى 1.97 طفل لكل سيدة وهو اقل من معدل الإحلال 2.1 طفل لكل سيدة.. 

إن تعليم الفتيات وارتفاع نسبة الحضر (سكان المدن) إلى 62.8% من السكان قاد إلى نهاية أزمات الانفجار السكاني التي شهدها المغرب في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.. 

قد تثير التحولات الهائلة في التركيبة السكانية للمغرب المخاوف من ارتفاع كبار السن إلى نحو 14% من السكان وتداعيات شيخوخة المجتمع .. ولكن اقتصادياً فإن ارتفاع انتاجية الشباب والارتفاع غير المسبوق في انتاجية الفتيات وتحولهن إلى عمالة فائقة المهارة قاد إلى انتعاش الاقتصاد المغربي وسد هذه الفجوة، حيث بلغ النمو الاقتصادي نحو 5.5% خلال الربع الثاني من 2025.. 

ملف تعليم البنات في المغرب هو نموذج ودرس للمجتمعات العربية.. في نفس الوقت الذي منح فيه شباب المغرب درساً لمن يحاول تجاهل متطلبات الشباب ومن يدفع المجتمع نحو تلبية رغبات أبناء رجال الأعمال والمرفهين والبيروقراطية دون النظر إلى الشباب الحقيقي الباحث عن فرصة للصعود الاجتماعي.