نادر شكري
أخلت نيابة أمن الدولة العليا سبيل خمسة من المحبوسين على ذمة القضية رقم 6954 لسنة 2025، خلال اليومين الماضيين، منهم أربعة تشارك المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في هيئة الدفاع عنهم.
وكانت المبادرة المصرية قد وثقت القبض على 20 شخصًا في حملة ملاحقات أمنية على أساس الدين أو المُعتَقَد، بدأت في منتصف سبتمبر الماضي واستمرت لأسابيع.
استهدفت هذه الحملة أصحاب الآراء الدينية المخالفة للسائد ومنهم لادينيون ملحدون، ووجهَت لهم نيابة أمن الدولة تهم الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام الدستور والقانون، والتعدي بإحدى الطرق العلنية على أحد الأديان التي تؤدى شعائرها علنًا.
جاءت قرارات إخلاء السبيل هذه بعد عدة أيام من لقاء رئيس الجمهورية مع مجموعة من دعاة الأوقاف، أوصاهم خلاله أن يكونوا "حراسًا للحرية و الاختيار" مؤكدًا عليهم أن "ماحدش وصي على حد". ورغم تصريحات الرئيس وإخلاءات السبيل، ضمت النيابة شخصًا محتجزًا آخر على ذمة نفس القضية ويواجه حاليًا نفس الاتهامات بصحبة خمسة عشر شخصًا آخرين لم يُخلَ سبيلهم حتى الآن.
وأدانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حملة الاعتقالات التي تمثل انتهاكًا سافرًا للالتزامات الدستورية بضمان وحماية حريات الدين والمعتقد والرأي والتعبير، والتي وعدت الحكومة باحترامها في الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وأكدت مرارًا على كفالتها في تقاريرها المقدمة إلى الأمم المتحدة.
أتت هذه الاعتقالات في ضوء تزايد وتيرة الملاحقات الأمنية لمعتنقي ديانات وعقائد غير معترف بها في القانون المصري، أو أصحاب آراء تخالف أو تنتقد ما تتبناه المؤسسات الدينية الرسمية.
ووصل عدد المقبوض عليهم الذين وجهت لهم اتهامات مرتبطة بدينهم أو معتقدهم منذ بداية عام 2025 إلى 46 شخصًا موزعين على ست قضايا مختلفة.
وتعرض عدد من المقبوض عليهم للإخفاء عدة أيام قبل ظهورهم بنيابة أمن الدولة العليا التي تولت التحقيق معهم.
وتحذر المبادرة المصرية من ازدياد حالة التربص بحرية الرأي والتعبير وثيقة الصلة بممارسة الحق في حرية الاعتقاد، وهو حق مكفول لكافة المواطنين بموجب المادة 64 من الدستور التي أكدت أن "حرية الاعتقاد مُطلقة".
وتشدد على ضرورة الالتزام بما ورد في المادة 18 العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والذي يعد جزءًا من منظومة التشريع المصري بموجب الدستور.
فقد شددت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تفسيرها الرسمي للمادة 18 على أن المادة "تحمي العقائد التوحيدية وغير التوحيدية والإلحادية، والحق في عدم اعتناق أي دين أو عقيدة".
كما تحظر الفقرة الثانية من المادة الإكراه الذي من شأنه أن يضر بالحق في اعتناق دين أو معتقد، وفسرت اللجنة الأممية القائمة على مراقبة تطبيق العهد "الإكراه" بأنه يشمل استخدام التهديد باستخدام القوة الجسدية أو عقوبات جناية "لإكراه المؤمنين أو غير المؤمنين على التمسك بمعتقداتهم الدينية أو التخلي عنها".
وتُطالب المبادرة المصرية بإخلاء سبيل جميع المحبوسين على ذمة قضايا ذات صلة بحرية الدين أو المعتقد، كما تُطالب الأجهزة الأمنية بالتوقف عن ملاحقة المواطنين بسبب التعبير عن آرائهم، واحترام حقوقهم المكفولة دستوريًا وقانونيًا.





