ترجمة د. ماجد عزت إسرائيل 

أصبح أسقف هوكستر مطرانًا. البابا القبطي يكرّم الأنبا دميان بطريقة خاصّة أثّرت فيه حتى البكاء.
ومع ذلك، يصف خدمته بأنها تظل “خدمة الأب”، ويقول إنه أصبح “إنسانًا ريفيًا”.


بقلم: سيمونه فلوركه
برينكهاوزن / القاهرة –من أوّل الأسئلة التي وُجِب توضيحها في بداية الحوار: كيف يفضّل أن يُنادى بعد الآن؟
هل نقول: “صاحِب الغبطة” كما يقتضي البروتوكول؟

فيردّ الأنبا دميان، البالغ من العمر 70 عامًا: “أنا أفضل أن يُقال لي: أنبا دميان. فـ‘أنبا’ تعني الأب”. ويؤكد أنه يريد أن يبقى هكذا دائمًا، ثم يوضّح لاحقًا أن الأب يظل أبًا “إلى الأبد”، ولا يمكن فصله عن أبنائه. هذا الأسقف، الذي وجد في دير الأقباط ببرينكهاوزن وطنه منذ ثلاثين عامًا، وأسّس منه مركز الكنيسة القبطية في ألمانيا، تلقّى تكريمًا رفيعًا من البابا القبطي تواضروس الثاني: فقد رُقّي في القاهرة في احتفال رسمي إلى رتبة مطران، ليصبح واحدًا من نحو 20 مطرانًا فقط على مستوى العالم.

وعن معنى هذا الحدث بالنسبة له، وكيف عاش تلك اللحظات، وما هي مسؤولياته الجديدة—يجيب الأنبا دميان في هذا الحوار.ومن يزور دير الأقباط في برينكهاوزن هذه الأيام يلاحظ لافتات الترحيب المعلّقة في القرية وعند المدخل وفي ساحة الدير. أبناء إيبارشيته—وعدد الأقباط في ألمانيا نحو 20 ألفًا—استقبلوه عند عودته من القاهرة بترحاب كبير.

فيقول: “موجة غير عادية من الودّ والمحبّة والتهنئة”.

وقد أتته رسائل التهنئة من مختلف أنحاء العالم. فيشعر الأنبا دميان بالفخر والتواضع في آن واحد. ويعبّر عن امتنانه لأن خدمته، التي “زرع فيها بذور المحبة على مدى ثلاثين عامًا”، بدأت اليوم تثمر.

ويضيف: “كنت دائمًا أبحث عن ما يجمع الطوائف، وليس ما يفرّقها. لم أبحث أبدًا عن أخطاء الآخرين بالمجهر، بل أردت أن أتعلم منهم وأتعاون معهم”. ويستذكر الأنبا دميان أنه في اجتماع سينودسي في مايو الماضي انتشرت شائعات كثيرة حول ترشيحه، “ربما لاختبار ردود الفعل”، كما قال مبتسمًا.
ثم وصلت الرسالة الرسمية من البابا تواضروس الثاني قبل الترقية بتسعة أيام فقط.

“كانت كلماته مؤثرة جدًا وشخصية للغاية… بكيت من شدّة الفرح”، يقول الأنبا دميان.

وتبع الرسالة دعوة لحضور الاحتفال في كاتدرائية مار مرقس بالعباسية.

سافر قبل الموعد بعدة أيام، كما يقول: “إلى ديري الأم” يقصد دير الأنبا بيشوي ببرية شيهيت بوادي النطرون. لكن فور وصوله جاءت دعوة أخرى لزيارة مؤسسة تعليمية جديدة في صحراء مصر الغربية، ستستضيف قريبًا اجتماع مجلس الكنائس العالمي بحضور 500 ضيف.

وعاد بعدها إلى القاهرة لحضور عرض مسرحي، ثم رجع إلى ديره ليستعد روحيًا للاحتفال المنتظر: صلوات صغيرة، نزهات، زيارة أب الاعتراف.

وبدأت المراسم في الكاتدرائية الساعة السابعة صباحًا. وكان هو واحدًا من خمسة أساقفة تُرفع رتبهم إلى مطارنة في ذلك اليوم. الصدمة الكبرى له كانت أن أحد المطارنة الأربعة الآخرين هو صديقه القديم الأنبا يؤانس الذي عرفه منذ أيام الرهبنة الأولى.

يقول الأنبا دميان: “لم أكن أتوقع ذلك إطلاقًا”.وعن تفاصيل المراسم:“وضع البابا الصليب على رؤوسنا، ثم تسلّمنا الملابس الكهنوتية، والرداء، والتيجان”، مع تلاوة الطلبات والصلوات. واستمر الاحتفال حتى الظهر، ثم دُعي الجميع إلى مأدبة غداء في دار الضيافة البابوية. وكان مع الأنبا دميان نحو 15 ضيفًا، من بينهم السفير الألماني في مصر.

وعن معنى رتبة مطران بالنسبة له، يجيب:“أنا كما أنا. أنا خادم وسأظل خادمًا”. وتشمل واجباته الآن:دورًا استشاريًا للكنيسة الأم، مثيلًا دوليًا في الحياة العامة،والانخراط في الحوار المسكوني،والعمل من أجل وحدة الكنيسة.

وعند عودته إلى برينكهاوزن اصطفّ كثير من أبناء الإيبارشية لاستقباله. يقول وهو متأثر: “كان مشهدًا رائعًا… كنتُ مغمورًا بالمشاعر”.وفي الكنيسة شكروا الله بصلاة شكر، ثم تقاسموا الإفطار معًا.وعن بقائه في برينكهاوزن بعد أن صار مطرانًا، أجاب فورًا:“أنا أحب برينكهاوزن. أحب الدير هنا. أشعر بالراحة والسكينة. لقد أصبحتُ إنسانًا ريفيًا”.

ثم أضاف وهو يبتسم: “لديّ خطط كثيرة”. أبرز مشروعاته المقبلة: أن يعمل الصالح قدر استطاعته ما دام حيًا.فأن يسعى إلى الاعتراف بالكنيسة القبطية في ألمانيا ككنيسة رسمية، إذ إنها حتى الآن مسجّلة كجمعية خيرية فقط. بناء دار رعاية / دار ضيافة لاحتضان المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة بجوار بيت مرقس في برينكهاوزن.

ويختم نيافته قائلاً: “هذه هي الموضوعات التي تشغلني… ومن يعرفني يعلم أن هناك المزيد بالفعل”.