نيفين سوريال 
عندما نتحدث عن الزواج في المنظور المسيحي والكتابي، لا يمكن أن نعامله كاتفاق عادي بين شخصين، بل هو عهد مقدّس أمام الله. فالعهد أعمق وأسمى بكثير من العقد، لأن الزواج ليس مبنيًا على مصلحة أو منفعة، بل على حبّ صادق، والتزام ثابت، ومخافة الرب .
 
العَقـد
العقد هو اتفاق بين طرفين، يلتزم فيه كل طرف بما تمّ الاتفاق عليه من شروط قانونية.
المبدأ الأساسي في العقد هو المصلحة:
كل طرف يعطي شيئًا ليأخذ مقابله شيئًا آخر.
أهم ما يميز العقد:
• يقوم على المنافع والاحتياجات الدنيوية.
• يمكن فسخه بسهولة إذا اختلَّ أحد الشروط.
• ينتهي بانتهاء المصلحة أو بعدم الرغبة في الاستمرار.
• يربط الطرفين قانونيًا فقط، وليس روحيًا.
 
ولهذا السبب، يُعتبر العقد اتفاقًا قابلًا للكسر، لأنه مبني على ما يُناسب الإنسان ومصلحته فقط.
 
العَهـد
العهد شيء مختلف تمامًا.
هو ارتباط قلبي وروحي أمام الله، يقوم على الأمانة والوفاء والمحبة الصادقة، وليس على المصالح.
 
أهم ما يميز العهد:
• لا يقوم على المصلحة بل على الحب ومخافة الرب.
• التزام عمريّ مبني على الأمانة والثبات.
• لا يُنقض بسهولة لأن وجوده مقدّس أمام الله.
• مبني على الشَرَكَة، التضحية، والاتحاد الحقيقي.
 
في الكتاب المقدس، نرى الله يعمل دائمًا من خلال عهود:
مع نوح، إبراهيم، موسى، داود…
والأعظم هو العهد الجديد بدم يسوع المسيح.
 
الزواج… لماذا هو عهد وليس عقدًا؟
 
الزواج في الكتاب المقدس ليس صفقة ولا تبادل مصالح، بل هو:
 
اتحاد بين رجل وامرأة أمام الله
 
مبني على المحبة، الأمانة، والنعمة
 
يشبه علاقة المسيح بكنيسته
 
كما قال الكتاب:
 
“الربّ هو الشاهد بينك وبين امرأة شبابك… وهي قرينتك وامرأة عهدك.”
— ملاخي 2:14
 
الله يُسمّي الزواج عهدًا، لأنه:
• لا يُبنى على المال، ولا الشروط المؤقتة
• لا يعتمد على المصلحة أو الظروف
• لا يتغير بتغيّر المشاعر
• بل يقوم على التزام روحي مقدس تشهد عليه السماء
 
العقد يمكن أن يُلغى…
أمّا العهد فلا يُكسر إلا بخيانة خطيرة، لأنه قائم على إخلاص أمام الله.
 
الخيانه:-
الخيانة تبدأ عندما يحبّ الإنسان العالم، لأن محبّة وعبادة المال تفتح الباب لكل شر. وقد يسقط أحد الطرفين في أعمال شريرة أو يتعرّض للسحر من أشخاص يريدون الأذى، أو يقع أحد الزوجين في محبة شخص من الجنس الآخر، أو يُغوى بالشُهرة وحبّ المظاهر. كل هذه الأمور تُضعِف القلب وتُبعده عن مخافة الرب، فتكون بداية انهيار العهد الزوجي
 
أسباب زيادة الطلاق اليوم:
١) محبة المال
٢) السحر
٣) الجنس الآخر
 
مع أن الزواج في قصد الله هو عهد مقدّس، إلا أننا نرى اليوم ارتفاعًا كبيرًا في حالات الطلاق. هذه الزيادة لم تأتِ من فراغ، بل من عوامل خطيرة ضربت أساسات البيت والعلاقة بين الزوجين. ومن أهم هذه العوامل:
 
محبّة المال
كتب الرسول بولس:
“لأن محبة المال أصل لكل الشرور…” (1 تيموثاوس 6:10)
 
محبّة المال أصبحت السبب الأول لتفكك البيوت، لأن:
• البعض أصبح يقيم الزواج على المصلحة وليس المحبة.
• الزوجان يعملان بلا حدود، فيضيع الوقت معًا.
• يصبح المال هو معيار الكرامة والسعادة.
• تتزايد المقارنات بين البيوت، مما يخلق ضغطًا ونقص رضا.
 
عندما يسيطر المال على القلب، ينطفئ الحب، وتكبر الخلافات، وينهار العهد.
 
السحر وتأثيراته المدمّرة
السحر مذكور بوضوح في الكتاب المقدس كأحد أعمال الظلمة:
“وأعمال الجسد ظاهرة… السحر…” (غلاطية 5:19–20)
 
واليوم انتشر السحر بشكل مُخيف داخل البيوت لسببين:
• الغيرة والحسد من الآخرين
• استخدام أشخاص ضعفاء روحيًا أعمالًا شيطانية للتفريق
 
نتائجه:
• تغيّر مفاجئ في المشاعر بين الزوجين
• نفور غير مفهوم
• عصبية شديدة بدون سبب
• كراهية أو برود غير منطقي
 
— السحر يضرب العهد لأنه يستهدف المحبة ذاتها، ولهذا قال الكتاب:
“ليس عِيافة على يعقوب ولا عرافة على إسرائيل.” (عدد 23:23)
 
العلاج الوحيد هو الصلاة، الصوم، والالتصاق بالرب.
 
الجنس الآخر (الخيانة والانفتاح الزائد)
 
واحدة من أخطر أسباب الطلاق اليوم هي:
• علاقات التواصل الاجتماعي
• الرسائل السرّية
• المقارنات بين الزوج/الزوجة وأشخاص آخرين
• الإغراءات البصرية والسهلة المتاحة على الإنترنت
 
قال الرب يسوع:
“كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه.” (متى 5:28)
 
وهذه هي الخيانة التي تبدأ بالعين والقلب:
• إعجاب
• محادثات
• مشاركة أسرار
• التعلّق بشخص آخر
 
وهكذا ينكسر العهد، ويتلاشى الاحترام، ويُفتح الباب للطلاق.
 
الطلاق يزداد لأن:
• الناس اختاروا المصلحة بدل المحبة
• فتحوا أبواب بيوتهم لأعمال الظلمة (سحر، حسد)
• وسمحوا للجنس الآخر بالدخول إلى قلوبهم قبل بيوتهم
 
خاتمه
 
الزواج الحقيقي يصمد فقط عندما يكون عهدًا أمام الله، مبنيًا على:
 
المحبة
الأمانة
الإخلاص
الصلاة
مخافة الرب
 
الزواج ليس توقيع ورقة، وليس اتفاقًا بين عائلتين، وليس علاقة مبنية على الظروف.
الزواج هو عهد محبة، والتزام عمريّ، وقَسَم أمام الله بأن يسير الزوجان معًا في كل الظروف، في الفرح والحزن، في الغنى والفقر، في الصحة والمرض… بكل أمانة ومحبة.