كتب : حنان فكرى 

في مثل هذا اليوم منذ عامين .. كنت أمام قصر الاتحادية .. و عقب إعلان التنحي مباشرة هاتفنى رئيس التحرير يوسف سيدهم قائلا :" رجعنا للحكم العسكري .. اللي حصل ده مش صح يا ثوار "
 على اقدامى كنت عائدة من محيط قصر الرئاسة إلى التحرير، انتابتني حالة من البكاء مع الفرح الممتزج بالخوف،سرت على أقدامى معظم المسافة إلى التحرير و قبل أن ادخل الميدان التقيت بضابط جيش بصحبته زوجته و ولديه، يتابعون مظاهر الاحتفال بالتنحي، كنت فرحة باكية خائفة مما قاله لي رئيس التحرير، استوقفته و سألته عن مخاوفي ابتسم ابتسامة ساخرة  و امتنع عن الرد، أبرزت له كارنيه نقابة الصحفيين و بكيت :" أرجوك قوللى أنا فرحتي انطفت فهمني أنت اعلم منى و لا أريد معرفة اسمك " قال مبارك أدانا كلنا اكبر خازوق .. مبارك انتقم من مصر .. مبارك عمل زى نيرون بالضبط لما سلمها للجيش، و كان يقدر يعمل غير كده لكنها رغبته فى الانتقام و بكرة الإخوان هايركبوا و تخرب البلد، يا ترى فرحتك لسه مطفية و لا ماتت .. كنت عايزة تفهمي فهمتي ؟؟ " تركته و الذهول يلفني .. ظللت ابكي حتى وصلت ميدان طلعت حرب، حاولت جاهدة أن أتغلب على ما قاله و انخرط في الفرحة.. ابدا لم استطع، و فى اليوم التالي و الثالث - الأحد - عدت إلى الميدان فوجدت بعض الشباب معتصمون بجوار محل " كنتاكى" .. و كل من يمر ينتهرهم لبقائهم في الميدان بعد التنحي، فسالت احدهم لماذا أنت باق فأجاب :" لان الثورة لازم تحكم و إلا نبقى علمنا هوجة " .. تركته و رحلت و من حينها لم أر الثورة تحكم .
 
عامان من الدماء و الدموع و لم تحكم ، شباب يحلم و في اقرب مدفن يرقد هناك حلمه مطويا في ثنيات جسده الذي أعياه التظاهر و مبيت الليالي في الميادين و مقاومة القمع و الفاشية و لم تحكم ، عامان ارتدت مصر فيهما السوا د على اغلي من فيها – شبابها – ولم تحكم الثورة. 
 و اليوم يدعى اليمين المتطرف انه الثورة و من بشر بها و ينكل بالمعارضين و يصفهم بالمحرضين و الكافرين و يمارس كل صنوف الإقصاء مستخدمًا ذيوله الملوثة، حقا خير وريث لمبارك لو جاء جمال لما كان بكل هذا الولاء للإرث العفن بكل تفاصيله القذرة.