الأب رفيق جريش
فوجئ القائمون على المتحف المصرى الكبير ومعه قطاع كبير من المجتمع بهذا القدر الكبير من المصريين الذين أرادوا أن يزوروا هذا المتحف الجديد، فالعدد لم يكن متوقعًا وهذا الذى سبب زحامًا فى اليوم الأول والثانى والأيام التالية للافتتاح.

كأن المصريين يريدون أن يتعرفوا على أجدادهم أو بالأحرى على هويتهم الفرعونية والتى تجعلهم يشعرون بالفخر والتميز خاصة الشباب، ولا يخفى على أحد أن افتتاح المتحف الكبير الجديد أتى بعد ملحمة السلام فى شرم الشيخ والذى أثبت أن لمصر دورًا محواريًا إقليميًا لا يمكن تجنبه وقد كسبت مصر عدة جولات فى مباحثات السلام ضد من كانوا يريدون فشل هذه المباحثات ولكن الضغط المصرى على الولايات المتحدة الأمريكية ومن ثم إسرائيل وأيضًا حماس كان محسوسًا، فتلك الجماهير التى زحفت على المتحف الكبير الجديد كانت تحتفل بزعامة دولتها وكأنها تقول للعالم حضارة مصر وثقلها ليس فقط فى الماضى ولكنه انتقل من الماضى إلى الحاضر عبر الزمن.

اجتاحت موجة من التشبع بالهوية مع الافتتاح لدى كل فئات الشعب خاصة الشباب، وظهر ذلك جليًا فى الأعداد الغفيرة التى ذهبت فى الأيام التالية وأيضًا على مواقع التواصل الاجتماعى حيث شهدت نشاطًا غير اعتيادى فى إبراز التاريخ الفرعونى وهذا الحدث الجلل الذى كان خير إعلان وإعلام للعالم أن مصر هى الماضى والحاضر والمستقبل معًا.

الشباب بالذات هم أكثر فئة قابلة للبحث عن هويتها وانفتاحها الثقافى ليس على ماضيها فقط ولكن على حضارات العالم وثقافتها وتاريخها وأصولها ويكفى أن بعضًا من ذوى الاتجاهات المغرضة والذين أرادوا تنغيص الفرحة بأمور صبيانية لم يجدوا آذانًا مصغية من الجمهور العريض ومن الشباب خاصة.

لذا على الحكومة ومعها المفكرون والكُتاب وكل مسؤول العمل على فتح المجال واسعًا أمام الشباب حتى لو أخطأوا بسبب قلة الخبرة، ضعوا ثقتكم فيهم، كما أدعو وزارة التعليم أن تراجع بدقة وبعمق مادة «التاريخ» فى جميع المراحل حتى تواكب هذه الطفرة الجميلة والكبيرة من نزعة الانتماء التى اجتاحت الشعب المصرى والتى يجب أن تتم ترجمتها فى مناهج جديدة تعرّف الشعب المصرى تاريخه الأصيل الممتد على مدار ٧٠٠٠ سنة وأكثر والذى فيه غنى أثر على تكوين الشخصية المصرية ومواكبةً للحدث الكبير، وأحداث أخرى كبيرة سياسية واقتصادية وثقافية تنتظرها مصر.
نقلا عن المصري اليوم