الحلقة الثالثة عشر من سلسلة الحلقات التي تتناول أمجاد مصر القديمة
إعداد/ ماجد كامل
بردية " سميث " هي نص طبي قديم ، سميت بأسم " سميث " على أسم التاجر الذي أشتراها في عام 1862 ، وهي تعتبر أقدم بردية طبية . يعود تاريخها إلى الأسرات ال 16 و17 من عصر الأسرات ، وهي تعتبر بردية فريدة من نوعها ، إذ تتميز أنها قدمت منهجا علميا عقلانيا لعلاج الأمراض ، وليست مثل بقية البرديات التي تحوي نصوصا من السحر والشعوذة .
مؤلف البردية :
يجمع معظم علماء المصريات أن مؤلف البردية شخص غير معروف على وجه الدقة ، بينما يتكهن عالم المصريات الإنجليزي المعروف " جيمس هنري بريستد" James Henry Breasted( 1865- 1935 ) أن المؤلف قد يكون إمحوتب ( حوالي القرن 30 ق . م ) وهو مهندس معماري وطبيب من عصر المملكة القديمة ( 3000- 2500 ق . م ) .
مضمون البردية :
تتضمن البردية طريقة علاج 48 حالة ، مدرجة وفقا لكل عضو . وتبدأ البردية بعلاج إصابات الرأس ، ثم إصابات الرقبة والذراعين والجذع . وهي ترتب الإصابات بترتيب تشريحي تنازلي مثل الترتيب الحديث في علم التشريح . وبعد فحص الطبيب لحالة العضو المصاب ، يقرر ثلاث طرق للعلاج هي :
1- مرض سوف أعالجه .
2- مرض لا يمكن علاجه .
3- وضع خيارات أخرى للعلاج .
كيف وصلت البردية إلينا :
البردية عثر عليها أحد الفلاحين التجار في مدينة الأقصر يدعى " مصطفى أغا " باعها لأحد التجار الإنجليز ويدعى " أدوين سميث Edwin Smith (1822- 1906 ) عام 1862 . وظلت البرية في حوزة سميث حتى وفاته . ثم تبرعت أبنته بها لجمعية " نيويورك التاريخية " وظلت في حوزة الجمعية حتى وصلت إلى يد عالم المصريات جيمس هنري بريبستد ، فأهتم بترجمتها إللى اللغة الإنجليزية في عام 1930 . وفي عام 1935 ، اتنقلت البردية إلى متحف بروكلين عام 1938 ، وفي عام 1948 انتقلت لأكاديمية نيويورك الطبية .
الحالات الموصوف علاجها في البردية :
1-27 إصابة في الراس ، وأخذت الأرقام من ( 1-27 ) في البردية .
2-6 إصابات في الحنجرة والرقبة وأخذت الارقام من ( 28- 33 ) .
3-2 إ صابات في الترقوة وأخذت الأرقام من ( 34- 35 ) .
4-4 إصابات في الذراع وأخذت الأرقام من ( 36- 38 ) .
5-إصابات البطن والجروح العميقة وأخذت الارقام من ( 39- 48 ) .
الأهمية التاريخية لهذه البردية :
يذكر عنها العالم الأمريكي هنري بريستد ، أنها تعتبر من أقدم البرديات عن الجراحة في العالم . وأنها لا بد أن تكون قد أثارت ضجة كبرى عند ظهورها . بينما يؤكد الأستاذ الدكتور " محمد كامل حسين " ( 1901- 1977 ) أستاذ جراحة العظام ، الذي أهتم بترجمة مقتطفات منها إلى اللغة العربية ، أنها كانت نقطة تحول كبرى في فن العلاج وعلم الطب ، كما أهتم بتحليل نفسية مؤلف البردية تحليلا أضاء به ظروف مزاولة الطب في تلك الفترة ، إذ رأى فيه شخصا مختلفا عن الكاهن الساحر ، فهو يلازم المريض ليالي طويلة يرتقب فيها أدنى علامات الإبراء فيهم ، ثم يقوم بترتيب وتبويب ملاحظاته ، ولا يقصر في تشريح الموتى حتى يعرف سر وفاتهم . ثم يملي ملاحظاته بعدها في لغة طبية راقية ( طبقا لأسلوب عصره بالطبع ) متجنبا أسبوب المتفقهين . ويخمن حسين أنه نظرا لأن معظم الأصابات المذكورة في البردية تأتي من ارتفاع شاهق ، فمن المرجح أن يكون مؤلف البردية من عصر بناة الأهرامات ، التي كثرت فيها حوادث الأصابة من إرتفاع عالي . بل ويرجح أنه قد يكون قد شارك نفسه في بناء الأهرامات .
ألم أقل لكم مرارا وتكرارا " الحضارة تحت جلود المصريين " .





