أحمد الخميسي
صرح الرئيس اللبناني جوزيف عون يوم الخميس 6 نوفمبر الحالي بقوله: " كلما عبر لبنان عن انفتاحه على نهج التفاوض السلمي كلما أمعنت اسرائيل في عدوانها على السيادة اللبنانية".
وبذلك أوجز الرئيس أن اسرائيل لم تسع إلى السلام يوما رغم كل العروض اللبنانية السخية واتفاقيات السلام مع لبنان في 17 مايو عام 1983، واتفاقية وقف إطلاق النار عام 2006، واتفاقية وقف الصراع مؤقتا العام الماضي.
وتتذرع إسرائيل في ضرباتها بوجود حزب الله، وتتناسى أنها قامت بغزو لبنان عام 1982 حينما لم يكن لحزب الله وجود أصلا، وتواصل إلى الآن قصف الجنوب، كما تقصف غزة بذريعة وجود حماس، لكن بمراجعة سريعة يتبين أن قصف غزة بدأ منذ العدوان الثلاثي في 1956، بينما لم تظهر حماس إلا بعد ثلاثين عاما سنة 1987، فليس السبب إذن حزب الله، ولا السبب منظمة حماس. كما لم تلق إسرائيل بالا إلى اتفاقية أوسلو عام 1993 التي وقعها ياسر عرفات واسحق رابين واعترف فيها عرفات بحق اسرائيل في الوجود.
وليست مصادفة ألا تأبه إسرائيل بكل اتفاقيات السلام تلك، وأن تنحيها جانبا وتواصل القصف والعدوان. ذلك أن الكيان الصهيوني هو حصاد التاريخ الاستعماري الطويل للمنطقة العربية، منذ أن بدأت فرنسا وبريطانيا عام 1915 مفاوضات سرية لاقتسام تركة الامبراطورية العثمانية التي راحت تتفكك، وحينذاك في مايو 1916وقع مارك سايكس البريطاني وجورج بيكو الفرنسي اتفاقية سايكس بيكو لاقتسام تركة الخلافة العثمانية، وبناء عليه تم وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني الذي أعقبه وعد بلفور في 2 نوفمبر 1917، وبذلك بدأ الاستعمار البريطاني في خلق قاعدة عسكرية تنوب عنه في اخضاع المنطقة العربية بالعدوان والتهديد واحتلال الارادات السياسية جنبا إلى جنب مع الأراضي العربية، وولدت وبرزت القاعدة العسكرية الصهيونية دولة معلنة في مايو 1948، تغطى وجودها ودورها بأساطير دينية، وأخرى قومية، بينما لم يعرف تاريخ البشرية دولة قامت على الدين ولا شعبا تم تجميعه فجأة من شتى بقاع الأرض.
وقد أتاح العرب لذلك الكيان أكثر من فرصة سلام، وأكبر من فرصة سلام، لكن المشكلة أن السلام يتنافى مع طبيعة الكيان التي خلق بها ولأجلها، وهي اخضاع المنطقة وشعوبها، كما يتجاهل السلام أن الكيان الصهيوني حصاد تاريخ استعماري طويل، وتركة الاستعمار القديم. ومقتل الكيان الصهيوني في السلام! بينما يجدد العدوان دماءه بالإمدادات من واشنطن وغيرها.
ولا بأس إذا قلنا أن الانسان لا يغير من طبيعة الأفعى بالمودة وحسن الجوار، وأنه لن يقنع الأفعى أن تعتلي غصن شجرة وتغرد، ولن يغير شيء من طبيعة ودور القاعدة العسكرية إلا مقاومتها كما فعلت غزة خلال عامين من بطولة منقطة النظير. وسوف يواصل الكيان عدوانه ويمارس طبيعته لا توقفه سوى المقاومة.





