الأحد ١٠ فبراير ٢٠١٣ -
٣٩:
٠٨ ص +02:00 EET
بقلم: مدحت بشاي
medhatbe@gmail.com
رغم أن الأسد تمخض فولد ذلك الكيان الضعيف " جبهة الإنقاذ" ، إلا أن وجودها ومنذ ظهورها تسبب حالة من القلق رغم تراجع فعالية دورها يوماً بعد يوم للأسف ، واختلاف بين الرموز في تقييم المواقف وبالتالي ضعف في ردود الفعل الجماعي ، وهذه الحالة من القلق والخوف يشير إلى حالة وهن أهل الحل والربط إلى حد الذهاب إلى مواجهة العنف من وجهة نظرهم بإقامة أسوار خرسانية بينهم وبين قوى المعارضة ، أو تعلية أسوار القصر السلطاني لتحجب عنهم رؤية شعب بات يرفض وجودهم ، ثم التباكي في كل وسائل الإعلام والمنتديات واتهام جبهة الإنقاذ بإنها تشكل الغطاء السياسي لتمرير جرائم العنف على الأرض وتهيئة مناخ صالح لممارسته ، وعليه خرج بعضهم ليطلق على الجبهة " جبهة التخريب " ، ثم وفي استمرار لتداعيات الفشل يذهبون كعادتهم للتدثر بغطاء الدين ، فيحدثوننا عن " جبهة الضمير " ليختصوا أنفسهم فقط بأنهم ومن ينضم إليهم هم المعنيون وحدهم بأمر إكاء الضمير الوطني !!!
والطريف أن تشكيل جبهة الضمير وكأنه بمثابة واجهة تجميلية للحزب الحاكم ومن لف لفيفهم وانتمى فكرياً وتنظيمياً إلى جماعة الإخوان رغم التأكيد على تنوع انتماءات أعضاء الجبهة الجديدة ، ثم المفارقة الطريفة أن تُعلن الجبهة بضميرها الحي اليقظ عن انضمام الكاتب الصحفي الرائع سامح فوزي عضو مجلس الشورى ، بل وتوقيعه على بيان الجبهة الأول ، ليظهر الرجل ليعلن كذب لجنة الضمير على الرأي العام بضمير يقظ وبالتزام بكل قيم الصدق والوطنية !! ..وليرد الناس في الشارع " هي الحداية بتجيب كتاكيت ؟! " .. إذا كان حزب الحرية والعدالة قد عمل في يوم من الأيام لصالح الحرية والعدالة حقيقة ، فيمكننا توقع أن تعمل لجنة الضمير لصالح الضمير الوطني !!!
تأمل عزيزي القارئ التصريح التالي " أكد الدكتور محمد شرف، عضو جبهة الضمير، أن الجبهة ليست سياسية، وإنما تعبر عن الضمير و المصلحة الوطنية, مستنكرًا مطالب المعارضة في الشارع التي أحيانًا تكون مستفزة و تخفي وراءها أشياء مما يتنافي مع الضمير الوطني ومنها المطالبة بإسقاط الدستور، رغم موافقة غالبية الشعب المصري عليه في استفتاء ديسمبر الماضي, مشير إلى أن المطالب السياسية مكانها الصحيح تحت قبة البرلمان وليس الشارع.وتابع قائلًا: الدم المصري خط أحمر وعلى الشباب أن يدركوا أن الثورات لا تتوالى، وإنما هناك ثورة شعبية وأخرى مضادة لها بقيادة المخلوع مبارك، وأحمد شفيق بهدف إسقاط الثورة الشعبية والقضاء عليها, مطالبًا الشباب بتقديم الضمير والعقل على الكراهية والدم, عبر الانخراط في العمل، وإجراء حوار وطني حول كيفية بناء مصر و النهوض بها اقتصاديًا, لأن الفوضي المستمرة لن تؤدي سوى للخراب, فالدم المصري خط أحمر .." ..
وبالطبع وببساطة يدرك القارئ مدى ضيق الضمير بالمعارضة " مطالب المعارضة في الشارع التي أحيانًا تكون مستفزة " ثم ممارسة فعل المغالطات السياسية والخارجة عن أي إطار للقيم المشكلة للضمير الحق ، مثل الحديث عن دستور الإذعان ، وحكاية الحرص على الدم المصرية بينما لا يتم البحث عن حلول لوقف مشاعر الغضب التي تأتي كرد فعل لفرض ما لايراه الناس يحقق أمالهم ، فيكون العنف ، وبكل ضمير يحدثنا عضو الجبهة عن ثورة مضادة ، ولايراها استمراراً لثورة شعب قدم الضحايا ولم يحصد سوى المزيد من قهر إرادته ..
إلى القارئ العزيز أهدي بعض ماجاء في الكتاب الشهير " فجر الضمير The Dawn of Conscience " الذى وضعه جيمس هنرى بريستد عام 1934 ترجمة د.سليم حسن هو مؤلف يدلل على أن مصر هى أصل حضارة العالم ومهدها الأول؛ بل فى مصر شعر الإنسان لأول مرة بنداء الضمير، فنشأ الضمير الإنسانى بمصر وترعرع، وبه تكونت الأخلاق، وقد أخذ " بريستد " يعالج تطور هذا الموضوع منذ أقدم العهود الإنسانية ضم هذه الرسالة باقة من المنارات الفكرية للبرديات التى تكشف أعماق الضمير الإنسانى الجميل للمصرى الذى أنجز حضارته وهذه المنارات على سبيل المثال لا الحصر:
" إن الحق جميل وقيمته خالدة، ولم يتزحزح من مكانه منذ خلق لأن العقاب يحل بمن يعبث بقوانينه، وقد تذهب المصائب بالثروة ولكن الحق لا يذهب بل يمكث ويبقى."
" الحياة فيها الكثير مما يجعلنا نحبها، ويجب أن نحظى فيها بقسط وافر من الإستمتاع البرىء. " الإنسان عندما يقوم بأى مهمة يجب أن يتعلق بأهداب الصدق ولا يتخطاه."
" حصّل الأخلاق …واعمل على نشر العدالة وبذلك تحيا ذريتك "
" إن الرجل الحكيم تنعم روحه باستمرار بقاء فضله على الأرض، والرجل العاقل يعرف بعمله، وقلبه ميزان لسانه، وشفتاه تصيبان القول عندما يتكلم، وعيناه تبصران عندما ينظر، وأذناه تسمعان ما يفيد …ويبرأ من الكذب"
" كن ممن يحسنون صناعة الكلام لتكون قوى البأس لأن قوة الإنسان هى اللسان، والكلام أعظم بأسا من كل الحروب "
أخيرا، حدثنا أعضاء لجنة الضمير عن إرادة الحياة ، وأنهم فقط من يدعون للحياة ، فهل إرادة الحياة تأتي بؤاد مظاهر الحياة بحق الناس في معارضة النظام ، وما يحدث ؟!!..