الأب أغسطينوس ميلاد
لكل شخص أناني يبحث عن ملذات العالم، ومن يركب الموجة، ولكل انتهازي أناني يبحث عن مصلحته الشخصية، ويريد مكسبًا خسيسًا، ويجامل على حساب الحق والحقيقة، ويسعى لتحقيق أهدافه على حساب التعاليم الإنجيلية في مجملها وبالقرينة
جاء في إنجيل (مت 18: 6 ـ 10)، و(لو 17: 1-2).
وقال يسوع: "ومن أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي فخير له أن يعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر. ويل للعالم من العثرات! فلا بد أن تأتي العثرات، ولكن ويل لذلك الإنسان الذي به تأتي العثرة! فإن أعثرتك يدك أو رجلك فاقطعها وألقها عنك. خير لك أن تدخل الحياة أعرج أو أقطع من أن تلقى في النار الأبدية ولك يدان أو رجلان. وإن أعثرتك عينك فاقلعها وألقها عنك. خير لك أن تدخل الحياة أعور من أن تلقى في جهنم النار ولك عينان. «انظروا، لا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار، لأني أقول لكم: إن ملائكتهم في السماوات كل حين ينظرون وجه أبي الذي في السماوات. (مت 18: 6 ـ 10).

"وقال لتلاميذه: «لا يمكن إلا أن تأتي العثرات، ولكن ويل للذي تأتي بواسطته! خير له لو طوق عنقه بحجر رحى وطرح في البحر، من أن يعثر أحد هؤلاء الصغار. احترزوا لأنفسكم. 

وقفت أمامها كثيرًا وظللت أفكر في العثرة، ونوعها، وأثرها، ورأيت تحذيرات وردت في الأناجيل في ذات الاصحاح من إنجيل متى: "وإن أعثرتك عينك فاقلعها وألقها عنك. خير لك أن تدخل الحياة أعور من أن تلقى في جهنم النار ولك عينان. (18: 9)
وأيضًا في إنجيل القديس مرقس: " "وإن أعثرتك رجلك فاقطعها. خير لك أن تدخل الحياة أعرج من أن تكون لك رجلان وتطرح في جهنم في النار التي لا تطفأ." (مر 9: 45).

وهنا نقف ونتأمل ما هي العثرة؟ وكيف تحدث؟ وآثارها؟ 
أولا: ما هو تعريف العثرات؟

"عثرات" تعني السقطات، الزلات، والأخطاء، وقد تشير إلى العقبات والمحن في الحياة، مثل "عثرة لسان" التي تعني زلة لسان، أو "حجر عثرة" الذي يعني عائقًا. يمكن أيضًا أن تُستخدم في سياقات أخرى مثل الجهاد والحرب أو بمعنى العثرة أو المصيبة في الحياة بشكل عام. 
الزلات والأخطاء: مثل "عثرة لسان" (زلة لسان) أو "كبوة". 
العقبات والمصاعب: تُستخدم بشكل مجازي للإشارة إلى كل ما يقف حائلًا أو معيقًا، مثل "حجر عثرة". 
الشدائد والمحن: تعني الأزمات والصعوبات في الحياة، ويُمكن أن يُقال "أقاله الله من عثرته" أي أنقذه من محنته. 

ثانيًا: ما معنى كلمة "عثرات"؟
أ ـ "عثرات" هي جمع "عثرة"، وهي تعني السقوط أو الزلل أو التعثر. يمكن أن تشير إلى التعثر الجسدي، أو الأخطاء، أو المشاكل في مشروع ما، أو حتى المشاكل الروحية والدينية. فهي سبب كل خطية، العثرة تؤثر على الإنسان، وتمتد إلى أكثر من شخص يعثر فيسقط في أي خطية مرتبطة بنوع العثرة
ب ـ المعاني المختلفة لـ "عثرة":
1 ـ عثرة جسدية: تعني الزلل والسقوط، مثل "عثر الفرس" أي كبا أو سقط. 
2 ـ عثرة في المعنى المجازي: خطأ أو زلل لغوي: مثل "عثرة لسان". 
3 ـ مشكلة أو عقبة: مثل "تعثّر المشروع". 
4 ـ سوء حظ: مثل "حظ عاثر". 
ج ـ العثرات الدينية: 
قد تشير إلى ما يوقع الإنسان في الخطيئة أو الخطأ. 
1 ـ التعثر في الكلام: تعني التردد أو الارتباك في الحديث. 
مرادفات: تشمل "خطأ"، "زلل"، "سقطة"، "هفوة".
2 ـ الحرب والجهاد: كما وردت في بعض المعاجم بمعنى الجهاد والحرب. 
د ـ تعريف ومعنى العثرة في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي
1 ـ عَثرة: (اسم) الجمع: عَثَرات وعَثْرات العَثْرَةُ: زلّة، هفوة، مِحْنة ...
2 - عثرة: سقطة. 2- عثرة: زلة. 3- عثرة: جهاد وحرب.
هـ العثرة في قاموس المعاني
تعريف ومعنى عثرتي
1- عاثور: ما عثر به. 2- عاثور: حفرة تحفر ليقع فيها الأسد أو غيره.
+ مرادفات عثرة في قاموس المعاني
مرادفات عَثْرَة (اسم): خَطَأ، زَلَل، زَلَّة، زَلْقَة، سَقْطَة، غَفْلَة، غَلْطَة، فَرْطَة، فَلْتَة، كَبْوَة، نَبْوَة، هَبْطَة، هَفْوَة

ثالثًا: ما هي العثرات في الكتاب المقدس؟
  العثرة في الكتاب المقدس: هي كل ما يُسبِّب سقوط الآخرين روحيًا، سواء كان بقصد أو بغير قصد، وتُعد من أخطر الخطايا لما لها من عواقب وخيمة. يشمل ذلك الإغواء، وتسهيل الخطية، وتقديم مفهوم خاطئ عنها، كما حذر يسوع المسيح بشدة من إعثار "الصغار" من المؤمنين، مُؤكدًا على ضرورة الحذر من التسبب في سقوطهم. 

أ ـ مفهوم العثرة:
1 ـ التعريف: 
  العثرة هي أن يتسبب شخص في إسقاط مؤمن آخر، خاصة الذين ما زالوا في بداية طريقهم الروحي. 

2 ـ العواقب: 
  تعتبر العثرة خطيئة خطيرة جدًا، حيث قال المسيح إنه "خير له أن يُعلّق في عنقه حجر رحى ويُطرح في لجة البحر" إن تسبب في عثرة لأحد المؤمنين الصغار. 

3 ـ أنواع العثرة:
ـ العثرة القصدية: وهي التي تتم عن عمد وإصرار، وعقوبتها أخطر من العثرة غير المقصودة. 
ـ العثرة غير المقصودة: وتحدث نتيجة إهمال أو عدم انتباه. 
4 ـ أمثلة وطرق العثرة: ـ 
ـ إغواء الآخرين بالخطية: مثلما فعل الشيطان في إغواء آدم وحواء، وتسببت في دخول الموت إلى العالم. 
ـ تسهيل الخطية: جعل الخطية سهلة أو جذابة للآخرين. 
ـ تقديم مفهوم خاطئ عن الخطية: تقديم الخطية على أنها شيء مفيد أو إيجابي. 
ـإيذاء مشاعر المؤمنين الصغار: إهمالهم أو إبعادهم عن طريق الإيمان، وهي من الأمور التي حذر منها المسيح بشدة في متى 18: 6-7. 

ب ـ ما هي أنواع العثرات؟
1 ـ أنواع العثرات: قد تكون العثرات داخليّة أو خارجيّة... 
ـ العثرة الداخليّة هي أن يكون الإنسان متعثِّرًا في خطيّته، أي يكون ساقطًا تحت نِير خطايا مثل الكراهية أو النجاسة أو الكبرياء.. ولعلّ هذا ما قصده الربّ يسوع عندما أوصانا باستئصال العثرة من حياتنا بقوله: إن أعثرت يدك أو رجلك اقطعها..
وقال يسوع: "ومن أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي فخير له أن يعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر. ويل للعالم من العثرات! فلا بد أن تأتي العثرات، ولكن ويل لذلك الإنسان الذي به تأتي العثرة! فإن أعثرتك يدك أو رجلك فاقطعها وألقها عنك. خير لك أن تدخل الحياة أعرج أو أقطع من أن تلقى في النار الأبدية ولك يدان أو رجلان. وإن أعثرتك عينك فاقلعها وألقها عنك. خير لك أن تدخل الحياة أعور من أن تلقى في جهنم النار ولك عينان. «انظروا، لا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار، لأني أقول لكم: إن ملائكتهم في السماوات كل حين ينظرون وجه أبي الذي في السماوات. (مت 18: 6 ـ 10).
"وقال لتلاميذه: «لا يمكن إلا أن تأتي العثرات، ولكن ويل للذي تأتي بواسطته! خير له لو طوق عنقه بحجر رحى وطرح في البحر، من أن يعثر أحد هؤلاء الصغار. احترزوا لأنفسكم. (لو 17: 1-2). 

ما سبق كان حديث عن السماء ولكننا مازلنا في الأرض وبها عثرات.
ـ العثرات الخارجية: ـ 
العالم الذي نحيا فيه هو عالم شرير، وقد وضع في الشرير. ولا بُد سيأتي ضيق على المؤمنين 
ـ هرطقات، 
ـ كتب وأفلام وصور خليعة مُعثرة 
ـ أصدقاء السوء، والأَردياء.
ـ المسكرات والمخدرات. 
ـ الخصومات والمنازعات (2تي1:3-5). 


ـ عدم حفظ الجسد كهيكل الله وروح الله يسكن، بالخلاعة، ودم الحشمة في الملابس وارتداء ملابس عارية بدلا من الملابس الحشمة
ـ هناك عثرات من الخدام والكهنة، فأخطاء هؤلاء معثرة جدًا. التعامل مع الاخرين بطبع حاد وثوره وعصبيه الذي لا يترفق وليست له حنيه او عاطفة، والتحدث بألفاظ ضاره وكلام معثر والذي له تأثيره الضار جدا على النفوس التي تتعامل مع من يتكلم بهذه الصورة الخالية من احترام وتقدير للآخرين، ولا يتعامل مع الناس بمحبة يخسرهم، من هم ضعاف الفكر والقلب، فتعلو أصواتهم على من يتحدثون معهم، قلة الصبر والاستماع والتفاهم والحوار بين الناس مما يؤدى الى المشاحنات والخلافات بدلا من الاتفاق، التشكيك في فهم المعلومة الصحيحة، الظهور بمظهر لا يليق.

ج ـ كيف نواجه العثرة؟
يجب ألا ننحرف وننجرف إلى كلام شرير معثر في أي من مجالات الحديث.
ـ عدم الظهور بملابس لا تليق، وارتداء الملابس التي تحفظ نقاء الجسد كهيكل الله الساكن فينا  
ـ إن يكون الحديث هادئ وهادف وموضوعه نافع سيفيد من يسمع الكلام 
ـ إن يكون هناك حوار في صوره اسئلة للإجابة عليها
ـ أن يتضمن الحديث مع الآخرين شرح في نقاط معينة على تذكر ما سمعه الحاضرون في الكلمة
ـ ألا ينحدر كلام الناس إلى مستوى لا يصلح فيه استمرارية الحديث
ـ أن نتبع ما أوصى به بولس الرسول في رسالته إلى أهل أفسس: "لا تخرج كلمة رديه من أفواهكم، بل كل ما كان صالحا للبنيان، حسب الحاجة، كي يعطي نعمة للسامعين." (أف 4: 29).

رابعًا ـ طرق تجنب العثرات: ـ 
ـ الصلاة لطلب الحماية: طلب حماية الرب من العثرات والتشويش، وطلب أن يُمكّننا ضمير صالح لتمييز الأمور المخالفة. 
ـ طلب إرشاد الرب: طلب أن يرشدنا الرب في طريق أبدي. 

ـ تجنب دور المُعثِر: عدم القيام بأي شيء يُمكن أن يجعل الآخرين يسقطون في الخطية، وتجنب التسبب في إسقاط أي شخص، خاصة الضعفاء في الإيمان. 
التمسك بالإيمان: السعي لكي نكون مخلصين وبلا عثرة إلى يوم المسيح.

خامسًا: الله والعثرات
  الله ليس هو سبب هذه الضيقات والعثرات، ولكنه هو يعلم أنه لا بُد وستأتي. وللناس الحرية أن يقبلوها أو يرفضوها. وقول السيد هنا ويلٌ = هو إنذار لكل من تسول له نفسه أن يفعل هذا. هؤلاء الصغار= يقصد الرسل والتلاميذ، والمؤمنين البسطاء المتضعين، أو قليلي المعرفة. يطوق عنقه بحجر رحى = هي عقوبة يونانية رومانية. والمسيح لا يدعو للانتحار قطعًا، بل يدعو للتوبة، ولكن معنى الآية، أن عذاب الغرق لثواني أما عذاب الجحيم فأبدي. 
  ومع أن العالم مليء بالعثرات والسماء كلها مجد. لكن لا داعي أن أنتظر حتى أصل للسماء لأفرح بالسماويات. لكن الآيات القادمة ترسم لي الطريق لكي أحيا في السماويات. ولكنها سماويات داخل القلب.

  بعد أن رأى الرب قسوة الفريسيين، ختم كلامه قائلًا إن الذين قسوا قلوبهم تجاه الغريب والمحتاج، ولم تؤثر فيهم كلمة الله، لن يتغيروا حتى ولو قام لهم واحد من الأموات.

وحينئذ وجه كلامه لتلاميذه، وطلب منهم:
  أن يثبتوا، فالعثرات لا بُد ستأتي من الذين يشككون البسطاء في الإيمان. ولكن ويل لهؤلاء الذين يعثرون غيرهم لأنهم لو قورنوا بمن يُلقي نفسه في البحر، سيكون عقابهم أشد. فتنبهوا أنتم لأنفسكم لكي لا تكونوا عثرة لغيركم.

  اصفحوا عن إخوتكم، مهما تكررت أخطاؤهم نحوكم، طالما شعروا بشرهم، وتذكروا أن الله يغفر لنا الكثير في كل يوم.

  وهنا شعر التلاميذ أن الرب يطلب منهم أمورًا يصعب تنفيذها، ولكنها جميلة ومريحة للنفس وتمنحها سلامًا، فطلبوا منه أن يزيد إيمانهم، حتى يقدروا أن يعيشوا هذا الثبات وهذه المغفرة. فقال يسوع: أنكم تملكون إيمانًا يبدو صغيرًا مثل حبة الخردل، وهي أصغر جميع الحبوب، ولكن إذا حاولتم أن تعيشوا بقوة هذا الإيمان فإن فعله سيكون عظيمًا جدًا، حتى يستطيع أن يقلع أكبر الأشجار من مكانها.

  ولا تنسوا الاتضاع، فإن ثبتم وغفرتم وفعلتم كل شيء صالح، أشعروا أنكم تفعلون ما هو واجب عليكم، وأنكم لم تقدموا بعد ما يوفي محبة الله لكم.
  وتعني أن الشكوك أمر حتمي، لكن المصيبة الكبرى تقع على الشخص الذي يتسبب في إيقاع آخرين في الشك والضلال.  
المعنى: تشير العبارة إلى أن مجرد مجيء الشكوك ليس خطيئة بحد ذاته، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في تسبب شخص في إثارة هذه الشكوك وتوجيهها نحو الآخرين ليقعوا هم في الخطأ أو الضلال.

السياق الديني: في سياق الإنجيل، يُستخدم هذا التحذير للتأكيد على خطورة دور من يعمل على نشر الفتنة وإحداث البلبلة والشك في قلوب المؤمنين، وتُشبه بالمثل إلى حد بعيد قول يسوع في إنجيل لوقا ١٧: ١-٤.

القانون الأول:- نعود ونكون مثل الأطفال بقوة وقدرة مسيحنا.
(مت 6:18-7؛ مر 42:9 + لو 17: 1-6‌): -

"ومن أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي فخير له أن يعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر. ويل للعالم من العثرات! فلا بد أن تأتي العثرات، ولكن ويل لذلك الإنسان الذي به تأتي العثرة!" (مت 18: 6-7).

"«ومن أعثر أحد الصغار المؤمنين بي، فخير له لو طوق عنقه بحجر رحى وطرح في البحر. وإن أعثرتك يدك فاقطعها. خير لك أن تدخل الحياة أقطع من أن تكون لك يدان وتمضي إلى جهنم، إلى النار التي لا تطفأ. حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ. وإن أعثرتك رجلك فاقطعها. خير لك أن تدخل الحياة أعرج من أن تكون لك رجلان وتطرح في جهنم في النار التي لا تطفأ. حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ. وإن أعثرتك عينك فاقلعها. خير لك أن تدخل ملكوت الله أعور من أن تكون لك عينان وتطرح في جهنم النار. حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ." (مر 9: 42-48).
"وقال لتلاميذه: «لا يمكن إلا أن تأتي العثرات، ولكن ويل للذي تأتي بواسطته! خير له لو طوق عنقه بحجر رحى وطرح في البحر، من أن يعثر أحد هؤلاء الصغار. احترزوا لأنفسكم. وإن أخطأ إليك أخوك فوبخه، وإن تاب فاغفر له. وإن أخطأ إليك سبع مرات في اليوم، ورجع إليك سبع مرات في اليوم قائلا: أنا تائب، فاغفر له». فقال الرسل للرب: «زد إيماننا!» فقال الرب: «لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل، لكنتم تقولون لهذه الجميزة: انقلعي وانغرسي في البحر فتطيعكم." (لو 17: 1-6).

  نفهم من هذا أن العالم مملوء عثرات والكنيسة ستواجه ضيقات، آلام جسدية واضطهاد واستشهاد وستواجه حروبًا شيطانية وخداعات وتشكيك من هراطقة أو إثارة حب العالم وشهواته في قلوب أولاد الله (1يو19:5)، لكن الله يحفظ أولاده (يو 15:17). ولاحظ فالشيطان يعمل لحساب مملكته بأن يستخدم أولاده وأتباعه ليُعثِروا أولاد الله، إمّا بأن يوقعوا بهم في شباك الخطية أو يضطهدونهم جسديًا. وهذا الأسلوب استعمله إبليس مع يسوع نفسه فهو على الجبل حاول أن يعثر المسيح ويجعله يسجد لهُ ولما فشل دبر مؤامرة الصليب. ولكن الله في مملكته يحفظ أولاده (يو 11:17-12) هؤلاء الذين دخلوا مملكته وذلك بتواضعهم وبساطتهم = الصغار المؤمنين. صغار تعني ضعيف وبسيط ويمكن إسقاطه في الخطية فربما يظن أحد أنه بسبب بساطة ووداعة أولاد الله، فهو يستطيع أن يفعل بهم ما أراد.. ولكن لا فمملكة الله لها ملك قوي يدافع عنهم (خر 14:14) ويا ويل من يقع في يد الله الحي (عب 30:10-31). والوقوع في يد الله ليس هينًا، بل خيرٌ لذلك الإنسان أن يُعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر. وكانت هذه عقوبة رومانية ويونانية.
حجر الرحى = حجر ثقيل يستعمل في طحن الحبوب.

ولاحظ أن الله قد يسمح ببعض الآلام تقع على أولاده من الشرير إبليس أو من أتباعه الأشرار (كما حدث مع أيوب ومع بولس) ولكن يكون هذا بسماح منه لإعدادهم للملكوت ولتأديبهم (عب 5:12-11).

وحجر الرحى هنا هو خطية هذا المعتدي على الكنيسة التي تجعله يغوص في بحر الدينونة الرهيبة. وقطعًا المسيح هنا لا يدعو للانتحار بل أن يعلم المعتدي أن عذاب الدينونة أصعب من الموت غرقًا، وهذا ليكف المعتدي عن عمله العدواني. ولاحظ أن المسيح لم يقل "خير له أن يُطَوِّق هو نفسه بحجر.." لأن هذا يعني الانتحار، بل أن آخرون يفعلون هذا بمعنى تنفيذ العقوبة فيه. فمتى يقول فَخَيْرٌ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ ومرقس يقول فَخَيْرٌ لَهُ لَوْ طُوِّقَ عُنُقُهُ بِحَجَرِ رَحًى. وهكذا في إنجيل لوقا خيرٌ له لو طُوِّقَ عنقه بحجر رحى (لو17: 2).

(لاحظ تشكيل كلمة طُوِّقَ وكلمة يُعَلَّقَ) فالأفعال أتت بصيغة المبني للمجهول، والمعنى أن آخر سينفذ فيه العقوبة. إذن الموضوع ليس انتحارًا بل تنفيذ عقوبة ينفذها آخر فيه.

ولاحظ أن الشرير قد يحاول إثارة اضطهاد ضد الكنيسة أو ضد إنسان مؤمن، حتى يخيفه وينكر الإيمان فيهلك. من كل هذا نفهم أن: -
القانون الثاني: - الكنيسة موجودة في عالم ملئ بالعثرات لكن ملك الكنيسة ورئيسها يحميها وينتقم من أعدائها. [مر 38:9-41 + لو 49:9-50‌]
"فأجابه يوحنا قائلا: «يا معلم، رأينا واحدا يخرج شياطين باسمك وهو ليس يتبعنا، فمنعناه لأنه ليس يتبعنا». فقال يسوع: «لا تمنعوه، لأنه ليس أحد يصنع قوة باسمي ويستطيع سريعا أن يقول علىّ شرا. لأن من ليس علينا فهو معنا. لأن من سقاكم كأس ماء باسمي لأنكم للمسيح، فالحق أقول لكم: إنه لا يضيع أجره." (مر 9: 38-41).

أن من ليس علينا فهو معنا»." (لو 9: 49-50).
يا معلم رأينا واحدًا يخرج شياطين باسمك = طالما يستخدم اسم المسيح فهو مؤمن.
وهو ليس يتبعنا = أي ليس من الاثني عشر أو السبعين. ولنلاحظ أنه ما كان ممكنًا لهذا الإنسان أن يخرج شياطين إن لم يكن مؤمنًا بالمسيح. لكن يوحنا تعجب أنه ليس من تلاميذ المسيح إذ ظن يوحنا أن المعجزات هي للتلاميذ فقط. لكن هذا الإنسان كان يعمل لحساب المسيح بإيمان صادق وإن لم تكن له فرصة للتبعية الظاهرة.

  ونفهم من درس المسيح أن الكنيسة كنيسة واحدة ولا معنى فيها للتعصب لشخص ما أو جماعة ما، وهذا قطعًا لا يعني قبول تعاليم مخالفة لتعاليم وعقيدة الكنيسة. ولكن على الكنيسة أن تفهم أنها متسعة القلب للجميع، لها وحدة ومحبة تجمع الكل خلال إيمان مستقيم. أمّا من يعمل قوات وآيات من خارج إطار الإيمان المستقيم فهؤلاء ينطبق عليهم قول السيد اذهبوا عني يا فاعلي الإثم (مت 22:7-23).

مَن ليس علينا = الذي ليس مخالفاً لنا ولكنيستنا في الإيمان = فهو معنا في وحدة ومحبة. ولكن لاحظ ان هناك من يعمل أعمالا يقال عنها معجزات ولكن ليست باسم المسيح أو من أشخاص ليسوا مقبولين من المسيح، أو بخداع شيطاني. ولاحظ أنه يحدث مع الذين ليسوا من الله أن بعضهم يخرج الشيطان ليخدع هذا الإنسان أو يخدع الناس، ولكنه يعود مرة أخرى، لذلك نسمع قول رب المجد الذي له السلطان الحقيقي يقول للشيطان الذي يخرجه "أَيُّهَا ٱلرُّوحُ ٱلْأَخْرَسُ ٱلْأَصَمُّ، أَنَا آمُرُكَ: ٱخْرُجْ مِنْهُ وَلَا تَدْخُلْهُ أَيْضًا" (مر25:9). وهؤلاء المخادعين أو المخدوعين الذين ليسوا من الله سيسمعون قول المسيح "كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! أَلَيْسَ بِٱسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِٱسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِٱسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! ٱذْهَبُوا عَنِّي يا فَاعِلِي ٱلْإِثْمِ" (مت7: 22-23). فيهوذا أخرج شياطين وصنع معجزات شفاء حينما أرسل المسيح تلاميذه ليكرزوا ويعملوا قوات (مر6:7-13). فعلى الكنيسة أن تميز بعدل وحكمة، فتقبل من يعمل معجزات أو ترفضه.

  وهذه الآيات (مر 9: 38-41) أوردها القديس مرقس مباشرة بعد مشاجرة التلاميذ فيمن هو الأعظم فيهم. ومن هذا نفهم أن العثرة تأتي في الكنيسة من مفهوم من هو الأعظم. فيوحنا اعتبر أن هذا الشخص طالما ليس من مجموعتهم فهو أقل منهم وليس من حقه أن يحصل على نفس مواهبهم في إخراج الشياطين. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والسيد يعلمهم مفهوم آخر، يُفهم أن من ليس ضدنا (ضدنا = يعلم تعاليم مخالفة للإيمان) وهو يحب المسيح ويستخدم اسمه فهو معنا، فالكل جسد واحد والكل في مملكة المسيح لهم سلطان على إبليس. ومن هذا نفهم أن: -

القانون الثالث: - الكنيسة أو ملكوت الله هو ملكوت الوحدة والمحبة بلا شعور بالعظمة. كنيسة واحدة وحيدة مقدسة جامعة رسولية.
  لأَنَّ مَنْ سَقَاكُمْ كَأْسَ مَاءٍ بِاسْمِي لأَنَّكُمْ لِلْمَسِيحِ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يُضِيعُ أَجْرَهُ (آية 41) = قوله لأن في بداية الآية تربط ما قبلها بما جاء بعدها، وهذا لأن الآية أتت بعد أن أعلن السيد المسيح أنه يقبل من يخرج الشياطين بإسمه وهو ليس من التلاميذ. وهذا يعني أنه يقبل المسيح ويؤمن به ولكنه ليس من التلاميذ، ولكنه كان يعمل لحساب مجد الله. وهذا سيكافئه الله لأنه يمجد إسمه. وبهذا نفهم أن كل من يعمل أي شيء مهما كان بسيطاً لحساب مجد الله، فالله لا بُد أن يكافئه، حتى وإن كانت هذه الخدمة تقديم كأس ماء لأحد التلاميذ الذين يعملون في نشر ملكوت الله. وقول الرب وَيَسْتَطِيعُ سَرِيعًا أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ شَرًّا يعني أن هذا الإنسان أحب المسيح وتبعه وآمن بأن إسمه له قوة على إخراج الشياطين ولكنه ليس من الإثني عشر.
  كما يعاقب الله مُعَرِّي الكنيسة نجده هنا يكافئ من يقدم لها الخدمات، ولكن على أن يكون باسم المسيح. فمن يقدم لخدام المسيح لأجل اسم المسيح فهذا ينال مكافأته من الله وبهذا نفهم أن: -

القانون الرابع: - الملك الذي يعاقب أعداء كنيسته هو يجازي (يكافئ) من يخدمها.
[مت 8:18-10 + مر 43:9-48‌]: -
"فإن أعثرتك يدك أو رجلك فاقطعها وألقها عنك. خير لك أن تدخل الحياة أعرج أو أقطع من أن تلقى في النار الأبدية ولك يدان أو رجلان. وإن أعثرتك عينك فاقلعها وألقها عنك. خير لك أن تدخل الحياة أعور من أن تلقى في جهنم النار ولك عينان. «انظروا، لا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار، لأني أقول لكم: إن ملائكتهم في السماوات كل حين ينظرون وجه أبي الذي في السماوات." (مت 18: 8-10).

"وإن أعثرتك يدك فاقطعها. خير لك أن تدخل الحياة أقطع من أن تكون لك يدان وتمضي إلى جهنم، إلى النار التي لا تطفأ. حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ. وإن أعثرتك رجلك فاقطعها. خير لك أن تدخل الحياة أعرج من أن تكون لك رجلان وتطرح في جهنم في النار التي لا تطفأ. حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ. وإن أعثرتك عينك فاقلعها. خير لك أن تدخل ملكوت الله أعور من أن تكون لك عينان وتطرح في جهنم النار. حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ." (مر 9: 43-48).

  سبق السيد وتكلم عن العثرات الموجودة في العالم، فماذا يصنع الإنسان المسيحي أمام هذه العثرات والشهوات المحاربة في أعضائه؟ قطعًا المسيح لا يقبل أن نقطع أيادينا وأرجلنا.. إلخ. بل أن نحيا كأموات أمام الخطية. فإن كانت أعيننا تعثرنا فلنمنع أعيننا من أن تنظر، فهناك من يسير في طريقه وعيناه للأرض ويمنع عن عينه كل الصور المعثرة. وقطعًا في هذا تغصب، ولكن الملكوت يغصب (مت 12:11). ومن تعثره أماكن معينة فعليه أن لا يذهب فيكون كمن قطع رجله، وهناك من يعثره صديق معين أو جماعة معينة، فعليه أن يمتنع عنهم ويكون كمن قد مات.. وهكذا. وهذا ما يُسمى الجهاد، أن تغصب نفسك أن لا تفعل ما ترغب فيه إن كان فيه خطأ وتحيا كميت أمامه. وتغصب نفسك أن تفعل ما لا ترغب فيه إن كان صحيحًا كالمثابرة في الصلاة والمواظبة على الذهاب مبكرًا للكنيسة. والصيام بقدر الإمكان.. إلخ. فهناك عثرات من الآخرين وعثرات من أنفسنا عندما ننخدع من شهواتنا وهذه يجب أن نقطعها مهما كانت عزيزة علينا، كما أن اليد والرجل والعين عزيزة علينا، أي نتخلص مما يسبب لنا العثرة [اليد (نبتعد عن أي عمل رديء) والرجل (نمتنع عن الذهاب للأماكن المعثرة)..] أقمع جسدي وأستعبده (1كو 27:9) ومن يجاهد ويغصب نفسه تملأه النعمة، فالنعمة لا تُعطَى إلاّ لمن يستحقها، وهذه هي معونة الروح القدس لمن يغصب نفسه "لكن ان كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون" (رو8: 13). والنعمة تعطينا أن نكون خليقة جديدة، الشهوات فيها ميتة، خليقة لا تفرح بالخطية ولا تسودها الخطية (رو 14:6). ومن يصلب نفسه عن شهواته يقول مع بولس الرسول "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ (غل 20:2) ويقول لي الحياة هي المسيح (في 21:1) من هذا نفهم أن: -

القانون الخامس: - أولاد الملكوت يحيون كأموات عن العالم لكن أحياء بالمسيح الذي فيهم، المسيح سر حياتهم الجديدة.

  انظروا لا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار.. ملائكتهم في السموات.. ينظرون وجه أبي الصغار هم الأطفال الأبرياء، أو هم الذين بتواضعهم وقداستهم دخلوا من أبواب الملكوت وصاروا أو رجعوا وصاروا مثل الأطفال، هم المؤمنين بالمسيح والمتواضعين الذين يبدو أنهم ضعفاء لا حيلة لهم. وهنا المسيح يحذر العالم أن هناك ملاك حارس معين لمرافقة وحراسة كل منهم وهو غير مرئي، ولكنه قادر أن ينصف هؤلاء الضعفاء، وأن هؤلاء الملائكة ينظرون وجه الآب أي قادرين على حمل البركات منه لهؤلاء الصغار والآن نفهم أن: -

القانون السادس: - ملكوت السموات صار مفتوحًا للأرضيين المجاهدين كما للسمائيين (يو 51:1) والملائكة تحرس أولاد الله.
  ومن هو المُشكِّك غير الَّذي يُعلِّم تعليماً مُغايراً للحقّ، الَّذي يتمرَّد على الوصايا الإلهيَّة ويسلك بحسب مشيئته، من يُجادِل ويُباحث عبثاً إرضاء لأهوائه وعملاً بمشيئته الساقطة، من يشهد للباطل ويُنادي بالظلم ويسلب أموال الأيتام والأرامل، من لا يرحم أخاه ويستغلّ الضعيف ويستهزئ بالبسيط، من يزرع النميمة والشقاق من يكذب ويجتهد في النفاق، من يهمل خلاص نفسه ويتهاون في جهاده ويُقصِّر في رسالته، من يجحد إيمانه ويفقد رجاءه وتفتر محبَّته!
  يخبرنا الكتاب المقدس أن امرأة أيوب كانت تشكك زوجها برحمة الله ومحبته، فجاءت تسحب قلب زوجها للتجديف، تسخر منه وتعاتبه لأنه يصبر على المرض والبلاء والشدة ولا ينحني أمام قوة التجربة، بل كان قلبه محبًا لله، مسبحاً وشاكراً على كل شيء...

  يحذرنا الرب من الشكوك التي لا بُدَّ أن تأتي لكن ليس عن يدنا وأولى الشكوك وأخطرها على الإطلاق تحجُّر القلب، فصاحب القلب المتحجر يحمل طباعاً صعبة وعقلية قاسية منغلقة لا تترك مجالاً لنسمات الروح أن ترطب الأجواء برائحة الحب والغفران، فَمَن لا يعرف حب الله والناس، فلا يقدر أن يغفر ويسامح، لذا خيرٌ له أن يُربط في عنقه برحَى الحمار (حجر المطحنة)، من أن يحمل هذه الطبيعة المتحجّرة والعنُق القاسي الغليظ! فهو بمواقفه المتحجرة أشد قساوة من الحجر وأثقل على الآخرين من رحى الحمار...

  يحذرنا الرب أن هذه العقوبة يستحقها من يشكك صغار النفوس بصدق ونزاهة الآخرين، فيختلق التهم الكاذبة بحق من يعمل في سبيل الخير والحق وميلاد الحياة... يقول عن شخصٍ أو جماعة تخدم في حقل الرب والإنسانية بمجانية أن لهم غايات دنيئة، كالربح والمركز والمكاسب المادية، فيتعثر هؤلاء الصغار ويسقطون!!!! لذلك يقول الرب: "ٱلوَيْلُ لِمَنْ تَأْتِي عَلَى يَدِهِ... الشكوك". أو يختلق الاكاذيب والاحداث المشبوهة التي هي من صنع مخيلته المريضة بداء "الفِتَن" التي يسهل تصديقها لإفشال مشروع يدرّ الخيرات والبركات لأبناء بلده... أو يسعى بكل ما أوتي من غلاظة وخبثٍ إلى إفساد الافراح وتحطيم الإنجازات وتسخيف النجاحات، يقف على باب المعرفة، لا يدخل ولا يسمح لغيره بالدخول...

أغفر لنا يا رب ذنوبنا وخطايانا وعثراتنا وشكوكنا كما نحن نغفر لمن خطئ وأساء إلينا. آمين.
انجيل اليوم: “لا بُدَّ أَنْ تَأْتِيَ الشُّكُوك، وَلكِنِ ٱلوَيْلُ لِمَنْ تَأْتِي عَلَى يَدِهِ”
“لا بُدَّ أَنْ تَأْتِيَ الشُّكُوك، وَلكِنِ ٱلوَيْلُ لِمَنْ تَأْتِي عَلَى يَدِهِ" (لو ١٧: ١ ـ ٤).
قَالَ الرَبُّ يَسُوعُ لِتَلامِيذِهِ: «لا بُدَّ أَنْ تَأْتِيَ الشُّكُوك، وَلكِنِ ٱلوَيْلُ لِمَنْ تَأْتِي عَلَى يَدِهِ!
خَيْرٌ لَهُ أَنْ يُطَوَّقَ عُنُقُهُ بِرَحَى الحِمَار، وَيُطْرَحَ في البَحْر، مِنْ أَنْ يُشَكِّكَ وَاحِدًا مِنْ هؤُلاءِ الصِّغَار.
إِحْذَرُوا لأَنْفُسِكُم: إِنْ خَطِئَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَأَنِّبْهُ، وَإِنْ تَابَ فَٱغْفِرْ لَهُ.
وإِنْ خِطِئَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ في اليَوْم، وَرَجَعَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ قَائِلاً: أَنَا تَائِب، فٱغْفِرْ لَهُ».
التأمل: "لا بُدَّ أَنْ تَأْتِيَ الشُّكُوك، وَلكِنِ ٱلوَيْلُ لِمَنْ تَأْتِي عَلَى يَدِهِ"
  يخبرنا الكتاب المقدس أن امرأة أيوب كانت تشكك زوجها برحمة الله ومحبته، فجاءت تسحب قلب زوجها للتجديف، تسخر منه وتعاتبه لأنه يصبر على المرض والبلاء والشدة ولا ينحني أمام قوة التجربة، بل كان قلبه محبًا لله، مسبحاً وشاكراً على كل شيء…

  وكان اليهود قديمًا في زمن المسيح يعاقبون مرتكبي الجرائم الكبرى بربط عنقهم في حجر وإلقائهم في أعماق المياه، كي لا يكون لهم فرصة أخرى للنجاة، لكن يسوع لا يريد هذه العقوبة البشعة بل يحذر من خطيئة التشكيك ونصب العثرات أمام صغار النفوس والبسطاء، فمن يشكك هؤلاء يكون متحجراً داخلياً وغارقاً في بحر النفاق، وهذا أشد خطورة من الغرق الجسدي في البحر ولو رُبط الإنسان بحجر في عُنقه!
  يحذرنا الرب من الشكوك التي لا بُدَّ أن تأتي لكن ليس عن يدنا وأولى الشكوك وأخطرها على الإطلاق تحجُّر القلب، فصاحب القلب المتحجر يحمل طباعاً صعبة وعقلية قاسية منغلقة لا تترك مجالاً لنسمات الروح أن ترطب الأجواء برائحة الحب والغفران، فَمَن لا يعرف حب الله والناس، فلا يقدر أن يغفر ويسامح، لذا خيرٌ له أن يُربط في عنقه برحَى الحمار(حجر المطحنة)، من أن يحمل هذه الطبيعة المتحجّرة والعنُق القاسي الغليظ! فهو بمواقفه المتحجرة أشد قساوة من الحجر وأثقل على الآخرين من رحى الحمار…

يحذرنا الرب أن هذه العقوبة يستحقها
  من يشكك صغار النفوس بصدق ونزاهة الآخرين، فيختلق التهم الكاذبة بحق من يعمل في سبيل الخير والحق وميلاد الحياة… يقول عن شخصٍ أو جماعة تخدم في حقل الرب والإنسانية بمجانية أن لهم غايات دنيئة، كالربح والمركز والمكاسب المادية، فيتعثر هؤلاء الصغار ويسقطون!!!! لذلك يقول الرب: "ٱلوَيْلُ لِمَنْ تَأْتِي عَلَى يَدِهِ… الشكوك".
  أو يختلق الاكاذيب والاحداث المشبوهة التي هي من صنع مخيلته المريضة بداء “الفِتَن” التي يسهل تصديقها لافشال مشروع يدرّ الخيرات والبركات لأبناء بلده…
  أو يسعى بكل ما أوتي من غلاظة وخبثٍ إلى إفساد الافراح وتحطيم الإنجازات وتسخيف النجاحات، يقف على باب المعرفة، لا يدخل ولا يسمح لغيره بالدخول…
  أليست الانانية هي سبب رئيسي لكل المآسي تقريباً بين الإخوة؟ أليس الطمع هو سوسة “تنخر” العلاقات السليمة “الأخوية” من الداخل وتحطمها من الخارج؟ أليس الحسد هو أشد العثرات فتكاً؟ وعدم الغفران هو أشهر العثرات على الإطلاق؟
  ما الذي يجعلنا نعيش السماء على الارض؟ يجيب أحد آباء الروح: “الغفران” لسبعين مرة سبع مرات… أي الانطلاق والتوجه نحو الاخر دون توقف مهما كانت الأسباب…

  أغفر لنا يا رب ذنوبنا وخطايانا وعثراتنا وشكوكنا كما نحن نغفر لمن خطىء وأساء إلينا. آمين.
  لقد سبق وحذّر الرسول بولس في رسالته إلى أهل كورنتوس أن لا يأكل المؤمنون من ذبائح الأوثان حتّى ولو هم لا يؤمنون بها، حتّى لا يشكّكوا أخوتهم الضعيفي الإيمان فيهلكوا (١ كو ٨: ١٠، ١١).
  لذلك نحن أيضاً فلنسلك بيقظة وروح تمييز في كل ما نعمله حتّى لا نشكّك أخوتنا الضعيفي الإيمان:
  فلا نتعاطى التنجيم والعرّافة حتى ولو نحن لا نؤمن بها بل فقط من باب التسلية، ولا نمارس اليوغا وما شابهها حتّى ولو في حركاتها الرياضيّة دون مبادئها ومعتقداتها، ولا نعيش حياة سطحيّة عالميّة بل نسلك في كل عمل صالح وتقوى، ولا ننطق بكلام بذيء ونشاكل الآخرين في تصرّفاتهم ونحابي الوجوه كي نحافظ على مصالحنا الشخصيّة ...
ويل لنا إن كنّا حجر عثرة لأخوتنا هؤلاء الصغار فدينونتنا ستكون عظيمة!!
لا نكن مسيحيّين في الكلام فقط بل في كل عمل وسلوك صالح طائعين وصايا الرب بالتمام لمجد اسمه!
نجد ذلك في الرسالة الثالثة للقديس يوحنا 1
1 الشيخ، إلى غايس الحبيب الذي أنا أحبه بالحق.
2 أيها الحبيب، في كل شيء أروم أن تكون ناجحا وصحيحا، كما أن نفسك ناجحة.
3 لأني فرحت جدا إذ حضر إخوة وشهدوا بالحق الذي فيك، كما أنك تسلك بالحق.
4 ليس لي فرح أعظم من هذا: أن أسمع عن أولادي أنهم يسلكون بالحق.
5 أيها الحبيب، أنت تفعل بالأمانة كل ما تصنعه إلى الإخوة وإلى الغرباء،
6 الذين شهدوا بمحبتك أمام الكنيسة. الذين تفعل حسنا إذا شيعتهم كما يحق لله،
7 لأنهم من أجل اسمه خرجوا، وهم لا يأخذون شيئا من الأمم.
8 فنحن ينبغي لنا أن نقبل أمثال هؤلاء، لكي نكون عاملين معهم بالحق.
9 كتبت إلى الكنيسة، ولكن ديوتريفس -الذي يحب أن يكون الأول بينهم- لا يقبلنا.
10 من أجل ذلك، إذا جئت فسأذكره بأعماله التي يعملها، هاذرا علينا بأقوال خبيثة. وإذ هو غير مكتف بهذه، لا يقبل الإخوة، ويمنع أيضا الذين يريدون، ويطردهم من الكنيسة.
11 أيها الحبيب، لا تتمثل بالشر بل بالخير، لأن من يصنع الخير هو من الله، ومن يصنع الشر، فلم يبصر الله.
12 ديمتريوس مشهود له من الجميع ومن الحق نفسه، ونحن أيضا نشهد، وأنتم تعلمون أن شهادتنا هي صادقة.
13 وكان لي كثير لأكتبه، لكنني لست أريد أن أكتب إليك بحبر وقلم.
14 ولكنني أرجو أن أراك عن قريب فنتكلم فما لفم.
15 سلام لك. يسلم عليك الأحباء. سلم على الأحباء بأسمائهم. (3 يو 1: 1 ـ 15).

سادسًا: العثرة كنوع من القتل الروحي
  إن قتل الروح قد يأتي عن طريق العثرة. كأن تقدم الخطية لإنسان، أو تغريه بها، فيسقط بسببك، وتكون قد قتلت روحه، ويطالبك الله بدمه. وفي ذلك قال السيد المسيح: "ومَنْ أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي، فخير له أن يعلق في عنفه حجر الروحي ويغرق في لجة البحر. ويل للعالم من العثرات. فلا بد أن تأتي العثرات ولكن ويل لذلك الإنسان الذي به تأتي العثرة" (مت 18: 6-7).
  ولكن لماذا يا رب تلقي الويل على هذا الإنسان ولماذا يكون من الخير له أن يعلق في عنقه حجر رحى وَيُلْقَى في البحر؟ ذلك لأنه قد قتل غيره بالعثرة. فالويل له حينما تؤخذ نفس عوضًا عن نفس. لذلك إحترسوا يا إخوتي من العثرة لئلا تقتلوا نفوسًا يطالبكم الله بدمائها في اليوم الأخير.
  وقد ضرب لنا معلمنا بولس الرسول مثالًا للعثرة في موضوع أكل ما ذبح للأوثان. وقال عبارة المشهورة: "إن كان طعام يعثر أخي، فلن آكل لحمًا إلي البد، لئلا أعثر أخي" (1 كو 8: 13). وقد شرح خطورة ذلك بقوله: "لأنه إن رآك أحد -يا مَنْ له علم- متكئًا في هيكل الوثن. أفلا يتقوَّى ضميره الضعيف إذ هو ضعيف حتى يأكل ما ذبح للأوثان. فيهلك بسبب علمك الأخ الضعيف الذي مات المسيح من أجله. وهكذا إذ تخطئون إلى الأخوة وتجرحون ضميرهم الضعيف، تخطئون إلى المسيح" (1 كو 8: 10-12).

  وهنا قدم لنا الرسول بولس مثلًا رائعًا في خطورة العثرة وفي نوعها. لأنه حتى إن كان العمل بريئًا في ذاته، ولكنه يعثر الضعفاء، فلا يصح أن تعمله مطلقًا حرصًا على ضمير أولئك الضعفاء، لئلا يفهموه فهمًا خاطئًا ويقلدوه فيهلكوا.
  فماذا نقول إذن عن العثرات الواضحة في خطيئتها. ماذا نقول عن الفتاة الخليعة التي تعثر غيرها بملابسها أو بطريقة حديثها أو بإغرائه للسقوط. ألا تكون هذه قد قتلت روحًا لإنسان، وتقف مدانة أمام الله بالوصية السادسة؟! وماذا نقول عن الصديق الفاسد الذي يلح الحاحًا حتى يجر زميلًا له إلي نفس طريقه فيهلكه؟ وماذا نقول عن الذي يغري موظفًا بالرشوة، أو يغري مسافرًا بالتهريب؟ أو يشرح لزميل جديدًا طريقًا لا يعرفها يهرب بها من القانون؟
  وماذا نقول عن الصديق الذي يفتح عيني صديقه على أخبار للخطية لا يعرفها ويفسد عقله البسيط بما يشرحه له وبما يقدمه لعقله من أفكار ولقلبه من شهوات؟! إنه ولا شك قاتل لهذه النفس حتى لو قال إنه لم يمسك سكينًا في حياته كلها!
  ابحث يا أخي في حياتك: هل أنت سبب عثرة لأحد، أو سبب خطيئة لأحد؟ في أي شيء...
ما أشد خطر العثرة، وما أشد عقوبتها.

إن كان القتل عقوبته الموت، فإن العثرة كذلك، بنفس العقوبة. لقد شدد الرب على عقوبتها فقال: "من أعثر هؤلاء الصغار المؤمنين بي، فخير له أن يعلق في عنقه حجر الروحي ويغرق في لجة البحر" (مت 18: 6). ثم صب الويل على من تأتي العثرة بواسطته فقال: "ويل للعالم من العثرات، فلا بد أن تأتي العثرة، ولكن ويل لذلك الإنسان الذي به تأتي العثرة"..
  وفي العقوبة في اليوم الأخير ذكر مسبي العثرة قبل فاعلي الإثم، فقال عن مجيئه الثاني: "يرسل إبن الإنسان ملائكته، فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم، ويطرحونهم في أتون النار. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان" (مت 13: 41-42).
  وهكذا كانت عقوبة بلعام خطيرة، لأنه ألقي معثرة أمام الشعب (رؤ 2: 14). ير بعام بن نباط لأنه جعل الشعب يخطي (1 مل 13: 34) - ما أخطر العثرة، وبخاصة لو كانت عثرة تشمل كثيرين، وتصدر من شخص كبير.

سابعًا: لماذا تكلم الرب عن عقاب الذي يسبب العثرات ويترك الذي حدثت له العثرة؟ مت 18 ولوقا 15
السؤال
  تكلم انجيل متى بوضوح عن تحذير من العثرات وعقاب من يقوم بالعثرات ولكن لا نجد أي شيء في الكتاب عن الشخص الذي تم عثرته وسقط. 
فلماذا لم يقول الكتاب ماذا سيفعل الرب للذي سقط في العثرة؟
وللرد على هذا السؤال: 
  الحقيقة في نفس الاصحاح الرب وضع ماذا سيفعل مع الشخص الذي سقط في العثرة بمثال الخروف الضال الذي ذكره مباشرة في انجيل متى 18 بعد موضوع العثرات
فلو قرأنا سياق الكلام سنجد ان الرب وضح انه لا يترك المعثر بل يبحث عنه حتى يرجعه
"من اعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي فخير له ان يعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر"(مت 18 :6).
  وهنا يبدأ الرب يحذر من العثرات. وصغار النفوس يقصد بهم ضعيف وبسيط ويمكن إسقاطه في الخطية يرٌ لذلك الإنسان أن يُعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر. وكانت هذه عقوبة رومانية ويونانية. وكان يعاقب بها الخونة. وهنا الرب يحذر المعتدي أن عذاب الدينونة أصعب من الموت غرقاً، وهذا ليكف المعتدي عن عمله العدواني.

"ويل للعالم من العثرات فلا بد ان تأتي العثرات ولكن ويل لذلك الانسان الذي به تأتي العثرة" (مت 18 :7).
  ونفهم من هذا أن العالم مملوء عثرات والكنيسة ستواجه ضيقات، آلام جسدية واضطهاد واستشهاد وستواجه حروبًا شيطانية وخداعات وتشكيك من هراطقة أو إثارة حب العالم وشهواته في قلوب أولاد الله (1يو19:5)، ولاحظ فالشيطان يعمل لحساب مملكته بأن يستخدم أولاده وأتباعه ليُعثِروا أولاد الله، إمّا بأن يوقعوا بهم في شباك الخطية أو يضطهدونهم جسديًا. وهذا الأسلوب استعمله إبليس مع يسوع نفسه فهو على الجبل حاول أن يعثر المسيح ويجعله يسجد لهُ ولما فشل دبر مؤامرة الصليب.

"فإن أعثرتك يدك أو رجلك فاقطعها وألقها عنك. خير لك أن تدخل الحياة أعرج أو أقطع من أن تلقى في النار الأبدية ولك يدان أو رجلان." (مت 18: 😎.
  والكلام هنا رمزيًا فيدي لا تعثرني بمعنى حرفي لأني يدي لا تصنع شيء مخالف عن ارادتي بل هي تعمل مشيئتي لان انا ويدي واحد. فالمعنى واضح انه يتكلم رمزيا وقطعا المسيح لا يقبل أن نقطع أيادينا وأرجلنا. ولكن هو يتكلم عن منع الخطية. فكيف امنع يدي من صنع الخطية؟ هو ان لا امدها بإرادتي لصنع الشر. وأيضا كيف امنع رجلي من صنع الخطية؟ هو لا بد ان امنعها من السير في طريق الشر
"وإن أعثرتك عينك فاقلعها وألقها عنك. خير لك أن تدخل الحياة أعور من أن تلقى في جهنم النار ولك عينان." (مت 18: 9).
وأيضا عيني لا تعثرني لوحدها فالعين ليس لها مشيئة مستقلة بل تنظر حسب مشيئتي فالمعنى أيضا واضح انه يتكلم رمزيا عن منع الخطية. وكيف امنع عيني عن صنع الخطية والعثرة؟ هو ان امنعها من ان تنظر للشر ولا تنظر بشهوة. 
"«انظروا، لا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار، لأني أقول لكم: إن ملائكتهم في السماوات كل حين ينظرون وجه أبي الذي في السماوات." (مت 18: 10).
  وهنا الرب يكمل تحذيره من اعثار الصغار والبسطاء لصغار هم الأطفال الأبرياء، أو هم الذين بتواضعهم وقداستهم دخلوا من أبواب الملكوت وصاروا أو رجعوا وصاروا مثل الأطفال، هم المؤمنين بالمسيح والمتواضعين الذين يبدو أنهم ضعفاء لا حيلة لهم. وهنا المسيح يحذر العالم أن هناك ملاك حارس معين لمرافقة وحراسة كل منهم وهو غير مرئي، ولكنه قادر أن ينصف هؤلاء الضعفاء، وأن هؤلاء الملائكة ينظرون وجه الآب أي قادرين على حمل البركات منه لهؤلاء الصغار.

والمسيح لم يتوقف عن هذا بل يوعد انه لن يتركهم فيقول: "لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يخلص ما قد هلك." (مت 18: 11).
فهنا المسيح يوعد بانه يهتم بكل نفس من البسطاء ولا يسمح بهلاكها. فهو يبحث عنها شخصيًا. فالرب يسوع سيسعى وراء الشخص من الصغار الذي اعثر وضل ولن يتركه يهلك.
وليؤكد الرب يسوع هذا ذكر مثلا: "ماذا تظنون؟ إن كان لإنسان مئة خروف، وضل واحد منها، أفلا يترك التسعة والتسعين على الجبال ويذهب يطلب الضال؟" (مت 18: 12).

  فالرب يشبه نفسه بالراعي والمئة خروف هم البسطاء الودعاء مثل الخراف ولو واحد منهم اعثر وضل يظل الراعي الصالح وراء كل منهم حتى يعيدهم فلا يهلك منهم أحد. على أنه يعمل على أن يجذب كل واحد ليخلص، ويعطى كل واحد فرص كثيرة
"وإن اتفق أن يجده، فالحق أقول لكم: إنه يفرح به أكثر من التسعة والتسعين التي لم تضل." (مت 18: 13).
  تعبير وان اتفق وهو جاء في نفس المثل في انجيل لوقا 15 وإذا وجده بمعنى انه يستمر في البحث عنه ومحاولة ارجاعه. وهنا يوضح الرب ان العثرة هي مثل التنقية فالذي انخدع بالعثرة وضل الرب سيبحث عنه حتى يرجعه وهو يفرح به ولكن لو هو رفض الرجوع هذا سيكون اختياره ولكن الرب سيكون أعطاه كل مبررات الرجوع فينطبق القول: "وتزكو في قضائك" أو "تغلب إذا حوكمت". (مز 50: 4 أو 51: 4)
"هكذا يكون الآخرون أولين والأولون آخرين، لأن كثيرين يدعون وقليلين ينتخبون»." (مت 20: 16).

"هكذا ليست مشيئة أمام أبيكم الذي في السماوات أن يهلك أحد هؤلاء الصغار." (مت 18: 14).
  في هذا المثل يكشف السيد عن نظرته للإنسان أنه ليس مجرد فرد في عدد لا يحصى، إنما الله يهتم بكل فرد شخصيًا وباسمه، كل نفس لها قيمة عظيمة عند المسيح. فهذه هي مشيئته ان لا يهلك أحد هؤلاء الصغار حتى لو تم إعثارهم فهو سيبحث عنهم ويستردهم، "لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك»." (لو 19: 10).

"كما يفتقد الراعي قطيعه يوم يكون في وسط غنمه المشتتة، هكذا أفتقد غنمي وأخلصها من جميع الأماكن التي تشتتت إليها في يوم الغيم والضباب." (حز 34: 12).
"أنا أرعى غنمي وأربضها، يقول السيد الرب. وأطلب الضال، وأسترد المطرود، وأجبر الكسير، وأعصب الجريح، وأبيد السمين والقوي، وأرعاها بعدل، وأنتم يا غنمي، فهكذا قال السيد الرب: هأنذا أحكم بين شاة وشاة، بين كباش وتيوس." (حز 34: 15 ـ 17).
  فالله قد يسمح ببعض الآلام تقع على أولاده من الشرير إبليس أو من أتباعه الأشرار (كما حدث مع أيوب ومع بولس) ولكن يكون هذا بسماح منه لإعدادهم للملكوت ولتأديبهم "وقد نسيتم الوعظ الذي يخاطبكم كبنين: «يا ابني لا تحتقر تأديب الرب، ولا تخر إذا وبخك. لأن الذي يحبه الرب يؤدبه، ويجلد كل ابن يقبله». إن كنتم تحتملون التأديب يعاملكم الله كالبنين. فأي ابن لا يؤدبه أبوه؟ ولكن إن كنتم بلا تأديب، قد صار الجميع شركاء فيه، فأنتم نغول لا بنون. ثم قد كان لنا آباء أجسادنا مؤدبين، وكنا نهابهم. أفلا نخضع بالأولى جدا لأبي الأرواح، فنحيا؟ لأن أولئك أدبونا أياما قليلة حسب استحسانهم، وأما هذا فلأجل المنفعة، لكي نشترك في قداسته. ولكن كل تأديب في الحاضر لا يرى أنه للفرح بل للحزن. وأما أخيرا فيعطي الذين يتدربون به ثمر بر للسلام." (عب 12: 5-11).
ولكن مني عثر يذهب ويطلبه ويرده. ولهذا من اعثر أقول له انتظر الرب، "فلا نحاكم أيضا بعضنا بعضا، بل بالحري احكموا بهذا: أن لا يوضع للأخ مصدمة أو معثرة." (رو 14: 13).
"وقال لتلاميذه: «لا يمكن إلا أن تأتي العثرات، ولكن ويل للذي تأتي بواسطته! خير له لو طوق عنقه بحجر رحى وطرح في البحر، من أن يعثر أحد هؤلاء الصغار. احترزوا لأنفسكم. وإن أخطأ إليك أخوك فوبخه، وإن تاب فاغفر له. وإن أخطأ إليك سبع مرات في اليوم، ورجع إليك سبع مرات في اليوم قائلا: أنا تائب، فاغفر له". (لو 17: 1ـ 4).
ولنفهم رسالة القديس بولس لأهل كورنثوس الأولى "لذلك إن كان طعام يعثر أخي فلن آكل لحمًا إلى الأبد، لئلا أعثر أخي." (1 كو 8: 8 ـ 13).
  ولذلك إذا كنت آكل شيئًا ما ويتسبب عن هذا الطعام عثرة لأخي، فلا يجب أن أتناول هذا الطعام مهما كان نوعه حتى لا يعثر أخي بتصرفي. ولكن هذه الآية تضع مبدءًا هاما في المسيحية ليس فقط في أكل اللحم. لكن على المسيحي أن لا يمتنع فقط عما يراه خطأ ولكن ما يجعل الآخر يتعثر، أي عليَّ أن أهتم بأن لا أعثر أحدًا فأنا مسئول عن حياة الآخرين الروحية.
وأيضًا "ولكن انظروا لئلا يصير سلطانكم هذا معثرة للضعفاء." (1 كو 8: 9). يصير سلطانكم = أي علمكم بأن صارت لكم حرية في المسيح أن تأكلوا أي شيء دون أن تتنجسوا، وهذا ما عَلّمَ به السيد المسيح أن ما يدخل الفم لا ينجسه، بل ما يخرج من الفم هو الذي ينجس. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). معثرة للضعفاء = الذين يمتنعون عن الأكل لأن ضمائرهم تحرمهم مما ذبح لوثن يعتقدون أنه إله، إذ هم سيعتقدون أنكم تعبدون إله آخر ويتشككون. وربما ذهبوا ليعبدونه.
"كل الأشياء تحل لي، لكن ليس كل الأشياء توافق. كل الأشياء تحل لي، لكن لا يتسلط على شيء." (1 كو 6: 12).