الأقباط متحدون - أنا والوطن والمسحول
أخر تحديث ٢٢:٥٠ | السبت ٩ فبراير ٢٠١٣ | ٢ أمشير ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٣١ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

أنا والوطن والمسحول


بقلم : مجدي جورج
رغم أنني أعيش بفرنسا منذ أكثر من خمسة عشر عاما إلا أنني لا استطيع ان اتشدق واتباهي كمعظم المغتربين عن أوطانهم وأقول ان فرنسا وطني الثاني ، ففرنسا حاليا هي وطني التي اؤتني في اغترابي وهي التي داوتني في مرضي وهي التي احترمتني وعاملتني مثلي أي مواطن آخر رغم أنني لم اكن احمل أوراق اقامتها بعد .

ولا يعني هذا علي الاطلاق انني ابخس حق مصر ولا اعطيها قدرها ،  او ان أضعها في مكانة ثانية ، لا  فلمصر مكان ومكانة لا يستطيع ان ينازعها فيها احد وهي همي في صحوي وفي نومي وفي رحلي وترحالي .

ولكن الأوطان أيضاً ليست كما ضحكوا علينا زمان بالأغاني والأناشيد الحماسية من عينة :
نموت نموت نموت ويحيا الوطن .
فالعلاقة بين المواطن والوطن كأي علاقة في الوجود أخذ  وعطاء وإذا شعر احد الطرفين بانه يعطي طوال الوقت والاخر لا يبادله العطاء فان العلاقة ستختل وستفتر العلاقات ، وهذا الامر ينطبق علي اي علاقة حتي في العلاقة بين الوطن والمواطن .
اكتب هذه الكلمات بعدما شاهدت الفيديو الجرئ الذي عرضته قناة الحياة عن سحل المواطن حمادة صابر امام قصر الاتحادية بيد رجال الشرطة الأشاوس ، وبعدما رأيت دموعه  في لقاءه مع خالد الابراشي وجرحني بشدة قوله انه يتمني ان تقبله أي دولة عربية كلاجئ لديها لانه لا يستطيع ان يعيش وسط اهله وناسه في وطنه بعد ان جرحت كرامته وبعد ان عروه وضربوه  أهل وطنه ، أحسست بألم الرجل النفسي ، أحسست بكرامته التي اهينت علي مرآي ومسمع من الملايين ، وكنت قد التمست له العذر  وأحسست بمدي هوانه وخوفه عندما انكر كل ما فعلته به الشرطة نتيجة ترهيب او ترغيب من النظام الإخواني القائم .
أحسست ان جروح الرجل وكدماته بما فيها الرصاصة الخرطوش التي استقرت في ساقه لا تساوي شيئا بالمقارنة بجرحه النفسي الذي لا يمكن ان تمحوه السنين .

شعرت بمدي ألمه وهو يتمني من الإعلام إلا يعرض هذا الفيديو مرة أخري .
قدرت واحترمت أقواله عندما طلب الهجرة لأي بلد عربي فهو يبحث عن وطن آخر يحترم أدميته . عن علاقة حب أخري بينه وبين ارض أخري يعطيها فتعطيه  .

ولكنه للاسف أخطا في الاختيار ، فالبلاد العربية  ياحمادة  نحن كمصريون مهانون فيها وان كنت لا تعلم ذلك ،  فاسأل عن الجيزاوي  في السعودية واسأل عن غيره  من عشرات المصريين رجال ونساء ممن جلدوا وأهينت كرامتهم  لان نظامنا الحالي اهان مواطنيه فسهل ذلك علي حكام الدول العربية ان تهينهم هي ايضا . فالاهانة ستلحقك ستلحقك أينما  حللت في  منطقة الشرق الاوسط فغالبية دولها لا احترام فيها لحقوق المواطن والحاكم فيها شبه الله ، وبين ثقافة حقوق الانسان وبين هذه الدول عداء محكم بحجة انها مرة تتعارض مع سيادة الدول ومرة اخري بحجة انها تتعارض مع ثوابت الدين .
يا حمادة دعني ازيد اوجاعك والالامك وآلام القراء ايضا واحكي لك عن بعض من ملامح حقوق الانسان في فرنسا من خلال عيشي ومعايشتي  لها ومن خلال تجربتي الشخصية فيها .

فقديما  قالوا ان الدول تعرف بانها تحترم حقوق الانسان لو احترمت حقوق اقلياتها وهذا الامر أراه  يوميا بفرنسا  فاليهود والمسلمين  (وهما الاقليتان الواضحتان هنا )حقوقهم مصونة ومتساويين قولا وفعلا مع المواطن الفرنسي وربما يفضلا في بعض الأوقات عنه درء لشبهة العنصرية .
ولكني سأزيد اوجاعك يا حمادة وأقول لك ان  حقوق الإنسان في فرنسا مصونة ليس وفقا للمعيار السابق فقط ولكن حتي من خلال تعاملها مع غير المواطنين سواء مقيمون بطريقة شرعية او مقيمون بإقامة محددة المدة وهذا ما عايشته بنفسي .

ففي بداية قدومي لفرنسا  وأنا مقيم أقامه غير شرعية وأثناء عملي ، وكان عملي يتطلب مني تحصيل أموال وشيكات للشركة التي اعمل بها وقد أوقفتني الشرطة في منطقة كانت بها حملة للشرطة ، وعندما أوقفتني سيارة الشرطة تقدم مني الشرطي قائلا بكل أدب : اوراق اقامتك من فضلك ياسيدي .
وعندما أجبته بانني لا املك أوراق إقامة لم تتغير معاملته بل اصطحبني بكل أدب الي سيارة الشرطة التي  نقلتني الي مركز الشرطة وهناك احتجزوني بضع ساعات  في مكتب نظيف جدا وأفرجوا عني  بعدها بعد عمل محضر دون ان يصادروا  لا الأموال ولا الشيكات التي كنت أحملها رغم أنني لا احمل أوراق إقامة رسمية ولا يحق لي العمل  .

ازيدك ايضا فاقول انهم انقذوا حياتي  متكلفين آلاف اليورهات عندما كنت بلا إقامة رسمية لان الحق في العلاج هو حق إنساني أيضاً .
أقولك ايه ولا ايه عن احترام حقوق الإنسان واحترام ادميته بصرف النظر عن جنسه او عرقه او نوعه او دينه .
دعني أزيدك غما علي غم  يا حمادة لو قلت لك ان الغرب هنا لا يهتم  فقط بحقوق الانسان بل يهتم ايضا بحقوق الحيوانات وهناك جمعيات كثيرة جدا مهمتها الأساسية الدفاع عن الحيوانات .

حمادة شعرت بخزيك وجرحك النفسي وشعر بك ملايين المصريين بل الملايين في المسكونة كلها الذين شاهدوا شرطة مرسي وهي تنتهك ادميتك بكل هذا التشفي والقذارة ، ولكن فعلتهم تلك ستلاحقهم طوال العمر وستكون ان شاء الله مسمار يدق في نعشهم وستقربنا فعلتهم هذه وغيرها من أفعالهم الشاذة من طريق الخلاص من هذا النظام الجهنمي الذي استولي علي السلطة بغفلة وهبل من البعض منا  فلا تحزن ولا تبتئس لان جرحك هو جرحنا  ومصابك هو مصابنا وستنقشع هذه الغمة قريبا ، لنعيش في وطن جميل نعطيه فيعطينا نحترمه فيحترمنا ويقدرنا ، وطن لا مكان فيه للقتلة والمجرمين والساحلين ومنتهكي العروض والأوطان .

Magdigeorge2005@hotmail.com
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع