دكتور بول غبريال - راعي الكنيسة العربية الكتابية - شيكاجو
عندما قال الرب يسوع: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ» (يوحنا 14: 6)، لم يكن يتحدث عن فلسفةٍ أو طريقةٍ جديدةٍ للحيا، بل كان يُعلن حقيقة أبدية: أن الحياة الحقيقية لا تُوجد خارج شخصه المبارك. فهو ليس مجرد منبع حياةٍ جسديةٍ، بل هو مصدر الحياة الروحية والاتحاد بالله.
إن نظرنا حولنا اليوم، سنجد أن كثيرين يعيشون بلا معنى. يركضون خلف العمل، المال، الشهرة، العلاقات، والملذات، ظانين أنهم إن نالوا المزيد سيجدون السعادة، لكن ما يحصدونه في النهاية هو الفراغ والإرهاق. قال الحكيم:
«رَأَيْتُ كُلَّ الأَعْمَالِ الَّتِي عُمِلَتْ تَحْتَ الشَّمْسِ، فَإِذَا الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ» (الجامعة 1: 14).
الحياة بدون المسيح تشبه محاولة إمساك بعض الماء داخل قبضك اليد. كل ما هو بعيد عن المسيح يبدو حيويًا ظاهريًا، لكنه خالٍ من النبض الإلهي الذي ينعش النفس. قال الكتاب:
«لأَنَّهُ مَنْ يَجِدُنِي يَجِدُ الْحَيَاةَ، وَيَنَالُ رِضًى مِنَ الرَّبِّ. وَمَنْ يُخْطِئُ عَنِّي يَضُرُّ نَفْسَهُ. كُلُّ مُبْغِضِيَّ يُحِبُّونَ الْمَوْتَ» (الأمثال 8: 35-36).
فالحياة التي يمنحها المسيح ليست مجرّد تنفّسٍ أو استمرارٍ للوجود، بل هي امتلاءٌ بالسلام، ومعنى للوجود، وغفرانٌ يحرر القلب من ثِقَل الخطيئة. قال الرب يسوع أيضًا:
«أَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ، وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ» (يوحنا 10: 10).
نعم، هو الحياة بكل ما تعنيه الكلمة. فيه يجد الإنسان راحته، ومعه يفهم معنى الوجود، وبه يحيا لا كمن يعيش أيامًا تنقضي، بل كمن يتذوّق الأبدية منذ الآن. لأن من يتّحد بالمسيح لا يعود يعيش لنفسه، بل تصبح حياته كلها شهادة على أن يسوع هو الحياة، والنور الذي لا يطفئه ظلام هذا العالم.
«مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ» (غلاطية 2: 20).
فيا من تبحث عن الحياة… لا تبحث عنها في النجاح أو العلاقات أو الممتلكات، بل في المسيح وحده، لأنه هو البداية والنهاية، هو القيامة والحياة (يوحنا 11: 25).
من يلتقي المسيح يلتقي الحياة، ومن يبتعد عنه لا يعرف إلا فراغ الموت وإن ظهر حياً ظاهرياً.





