مارجريت عازر
منذ آلاف السنين ومصر تقف شامخة على ضفاف التاريخ تمد العالم بنور الحضارة ومعانى الخلود. واليوم تستعد مصر لكتابة فصل جديد من مجدها مع الافتتاح المنتظر للمتحف المصرى الكبير الذى يعد أعظم مشروع ثقافى وحضارى فى القرن الحادى والعشرين وأكبر متحف أثرى فى العالم مخصص لحضارة واحدة هى الحضارة المصرية القديمة.
يقع المتحف على مقربة من أهرامات الجيزة الخالدة فى موقع اختير بعناية ليكون بوابة بين الماضى المجيد والحاضر الطموح. تمتد مساحة المتحف على أكثر من ٥٠٠ ألف متر مربع ويضم أكثر من مئة ألف قطعة أثرية، منها ما لم يعرض من قبل للجمهور. وقد سخرت الدولة المصرية كل إمكاناتها لتقديم هذا الصرح فى أبهى صورة ليكون شاهدًا على عظمة مصر القديمة وقدرة مصر الحديثة على الإبداع والتنظيم.
الاستعدادات لليوم المنتظر تجرى على قدم وساق منذ شهور طويلة حيث تشارك الوزارات والهيئات المختلفة فى خطة متكاملة لضمان أن يكون الافتتاح حدثاً عالمياً بكل المقاييس. فالمتحف لا يقتصر على عرض القطع الأثرية فقط بل يمثل تجربة ثقافية وسياحية متكاملة تبدأ من لحظة دخول الزائر مرورًا بالقاعة الكبرى ذات التمثال الضخم للملك رمسيس الثانى وصولًا إلى القاعات المخصصة لمقتنيات الملك توت عنخ آمون التى تعرض لأول مرة مجتمعة فى مكان واحد بعد ترميمها بأحدث التقنيات العالمية.
ومن أبرز ما يميز المتحف قاعاته المتطورة المزودة بإضاءة تحاكى ضوء الشمس المصرية، وتقنيات عرض تفاعلية تربط الزائر بالحضارة الفرعونية بلغة العصر. كما يضم مركزًا للترميم يعد الأكبر من نوعه فى الشرق الأوسط يعمل فيه نخبة من الخبراء المصريين الذين استطاعوا إنقاذ آلاف القطع الأثرية وإعادتها للحياة.
الافتتاح لا يُمثل مجرد تدشين لمتحف جديد بل رسالة من مصر إلى العالم بأنها قادرة على الجمع بين أصالة الماضى وروح التقدم. فبينما تبرز تماثيل الملوك والفراعنة لتروى قصص البناء والعظمة تعكس هندسة المتحف الحديثة قدرة المصرى المعاصر على الإبداع والتخطيط والرؤية المستقبلية.
ومن بين المعروضات الفريدة التى ستبهر الزوار تمثال الملك خفرع الصلب ومراكب الشمس التى كانت رمزًا للخلود وتمثال رمسيس الثانى الذى يتوسط البهو الكبير فى مشهد مهيب إضافة إلى كنوز مقبرة توت عنخ آمون من القناع الذهبى إلى العرش الملكى والعجلات الحربية. كما يضم المتحف قاعة مخصصة للتاريخ المصرى عبر العصور تظهر تسلسل الحضارة المصرية من الدولة القديمة حتى العصر الحديث.
افتتاح المتحف المصرى الكبير هو احتفال بالهوية المصرية ذات الجذور العميقة ورسالة فخر للعالم بأن مصر لا تزال منارة للثقافة والإبداع تجمع بين عبقرية الأجداد وهمة الأحفاد. ومثلما أبهرت مصر القديمة الدنيا بأهراماتها ومعابدها تبهر مصر الحديثة اليوم العالم برؤيتها لتؤكد أن الحضارة المصرية لا تعرف الغروب وأن مصر أم الحضارات كانت وستظل قلب التاريخ وذاكرة الإنسانية.
نقلا عن المصرى اليوم





