(د. أشرف ناجح إبراهيم عبد الملاك)
في اليوم الذي تحتفل فيه الكنيسةُ الكاثوليكيّةُ بعِيد القدّيس فرنسيس الأسيزيّ (4 أكتوبر/تشرين الأوّل)، وَقَّعَ البابا لاوُن الرَّابع عشر، الذي اُختيِرفي يوم الـ8 من مايو/أيَّار لعام 2025، ليكون البابا الـ267 للكنيسة الكاثوليكيّة، على وثيقته الجديدة بعنوان «لقد أحببتُك» (رؤ 3: 9). وستُقدَّم في مكتب الصّحافة التّابع للكرسيّ الرّسوليّ في الـ9 من أكتوبر/تشرين الأوّل من هذا العام الجاري؛ وستُنشَر في اليوم عينه، أي في اكتمال الشّهر الخامس من حبريّته. ويتمحور هذا الإرشاد الرّسوليّ الأوّل للبابا حول "محبّة الفقراء".
[https://www.vaticannews.va/.../leone-xiv-firma-la...]
ومِن جهةٍ أُخرى، يُلاحَظ التّشابه الشّديد بين عنوان هذا الإرشاد الرّسوليّ الوشيك ("لقد أحببتُك") والرّسالة العامّة الرّابعة والأخيرة لمثلّث الطُّوبى البابا فرنسيس "لقد أحَبَّنا" (Dilexit nos)، التي أصدرها في الـ24 من أكتوبر/تشرين الأوّل لعام 2024، أي في السَّنة الثَّانية عشرة من حبريَّته. وقد تمحورت بدورها حول "الحبّ الإنسانيّ والحبّ الإلهيّ في قلب يسوع المسيح".
وكمُلاحظاتٍ أوّليّة، ووفقًاللمختصّين في الشّؤون الفاتيكانيّة، قد بدأت بلورة هذا الإرشاد الرّسوليّ المزمع إصداره قريبًا جدًّا، عندما كان البابا فرنسيس على قَيد الحياة. ولذا، فمن المتوقّع أن يأتي محتواه متشابهًا ومكمّلّا لما جاء في الرّسالة العامّة الرّابعة والأخيرة للبابا فرنسيس. وبكلماتٍ أُخرى، هذا الإرشاد الرّسوليّ الوشيك سيدور حول محبّة الفقراء، الذين هم نحن جميعًا بشكلٍ أو آخر، بعد أن تحدّثت الرّسالة العامّة الرّابعة والأخيرة للبابا فرنسيس عن قَلْب المسيح الأقدس، الذي «هو المبدأ الموحِّد للواقع، لأنّ "المسيح هو قلب العالم، والفصح الذي هو موته وقيامته هو مركز التّاريخ، وهو تاريخ الخلاص"» ("لقد أحَبَّنا"، بند 31).
ولذا، فإنّ محاور هذا الإرشاد الرّسوليّ الوشيك، الذي سيتمحور حول "محبّة الفقراء"، ستكون على الأرجح بعضًا من الموضوعات التّالية، التي باتت بدورها عنواين رئيسيّة في الدّراسات البِيبليّة (الكِتابيّة) والثِّيولوجيّة (عِلْم اللّاهوت) الحالية، وكانت بمثابة نقاط محوريّة في حَبريّة البابا فرنسيس وتعاليمه: تعريف "الفقر" ومستوياته المتنوّعة (المادّيّة، والرّوحيّة، والطّوعيّة أو الاختياريّة)؛ يسوع النّاصريّ والفقراء؛ الفقر الإنجيليّ؛مبدأ "الاختيار التّفضيليّ للفقراء"؛ البُعد الإكليزيولوجيّ (الكَنسيّ) الجوهريّ المتعلّق بـ"كنيسةٍ فقيرةٍ من أجل الفقراء"؛ قضيّة الفقر والفقراء كمشكلةٍ روحيّة وكَنسيّة، بالإضافة إلى كونها قضيّة اجتماعيّة واقتصاديّة وسياسيّة.وأخيرًا، علينا أن نتذكّر بضعةَ أقوال إنجيليّة عن الفقر والفقراء: «طوبى لِفُقَراءِ الرُّوحفإِنَّ لَهم مَلكوتَ السَّمَوات» (متّى 5: 3)؛ «طوبى لَكُم أَيُّها الفُقَراءفإِنَّ لَكُم مَلَكوتَ الله» (لو 6: 20).