بقلم / هاني صبري - المحامي
الأحداث في المغرب تشير إلى تصاعد في الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية، حيث خرج شباب "جيل زد" في مسيرات ومظاهرات في أكثر من 20 مدينة، مطالبين بإصلاحات سياسية واجتماعية. هذه الحركة الاحتجاجية تأتي كرد فعل على ما يعتبرونه تدهورًا في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وعدم استجابة الحكومة لمطالبهم.
المطالب التي قدمتها الحركة يمكن تصنيفها إلى ثلاثة محاور رئيسية:-
1. إصلاحات سياسية: تشمل إقالة الحكومة الحالية، ومحاسبة الفاسدين، وحل الأحزاب المتورطة في الفساد، وتعزيز حرية التعبير والحق في الاحتجاج السلمي.
2. إصلاحات اقتصادية واجتماعية: تشمل تفعيل مبدأ المساواة وعدم التمييز، وضمان فرص متكافئة للشباب في التعليم والصحة والشغل، والإفراج عن المعتقلين المرتبطين بالاحتجاجات السلمية.
3. المساءلة والمحاسبة: تشمل تنظيم جلسة وطنية علنية للمساءلة برئاسة الملك، لمحاسبة الحكومة الحالية أمام أنظار الشعب.
هناك عدة جهات يمكن أن تؤثر في تحريك الأحداث في المغرب، وهي:
1. الملك: يملك الملك صلاحيات دستورية واسعة، ويمكنه أن يلعب دورًا حاسمًا في الاستجابة للمطالب الشعبية.
2. الحكومة: يمكن للحكومة أن تستجيب للمطالب الشعبية من خلال تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية.
3. الأحزاب السياسية: يمكن للأحزاب السياسية أن تلعب دورًا في تمثيل مطالب الشعب والعمل على تنفيذها.
4. الحركة الاحتجاجية: يمكن للحركة الاحتجاجية أن تستمر في الضغط على الحكومة والملك من خلال الاحتجاجات السلمية والمطالبة بالإصلاحات.
قد يتساءل الكثيرين على تأثير جماعة الإخوان المسلمين على الاحتجاجات في المغرب ؟ .
نري ان تأثير جماعة الإخوان المسلمين يبدو محدودًا، حيث إن الاحتجاجات الحالية يقودها شباب "جيل زد" الذين يطالبون بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية. هذه الحركة الاحتجاجية لا تعتمد على أي توجه سياسي أو ديني محدد، بل تركز على المطالبة بالتغيير وتحسين الأوضاع المعيشية والسياسية في المغرب .
جماعة الإخوان المسلمين في المغرب، ممثلة في حزب العدالة والتنمية، واجهت هزيمة انتخابية كبيرة في الانتخابات التشريعية المغربية، حيث فقدت السيطرة على البرلمان بعدما كانت تمثلها بـ125 مقعدًا.
• يُعتبر حزب العدالة والتنمية من الأحزاب التي مارست السلطة في المغرب، ولكنها لم تستطع تحقيق الإصلاحات الكافية التي يطالب بها الشعب المغربي .
الاحتجاجات نابعة من غضب شعبي تجاه الأوضاع الاقتصادية والسياسية في المغرب، وليس لها علاقة مباشرة بأطماع جماعة الإخوان. المسلمين.
لكن ربما تنقض تلك الجماعة على تلك الاحتجاجات إذا استمرت الاحتجاجات وتصاعدت، قد تحاول جماعة الإخوان المسلمين أو أي جماعات أخرى ذات أجندات سياسية محددة أن تستغل هذه الاحتجاجات لصالحها. قد تحاول هذه الجماعات السيطرة على الحركة الاحتجاجية أو توجيهها لتحقيق أهدافها الخاصة.
وهناك عوامل قد تسهل سيطرة الجماعة على الاحتجاجات:
• نقص التنظيم: إذا لم يكن للحركة الاحتجاجية قيادة واضحة ومتماسكة، قد يكون من السهل على جماعة منظمة مثل الإخوان المسلمين أن تسيطر عليها.
• عدم وضوح المطالب: إذا لم تكن المطالب واضحة ومحددة، قد تتمكن الجماعات السياسية من توجيه الحركة الاحتجاجية لتحقيق أهدافها الخاصة.
• الضغوط الخارجية: إذا كانت هناك ضغوط خارجية كبيرة على الحكومة أو النظام السياسي، قد تتمكن الجماعات السياسية من استغلال هذه الضغوط لصالحها.
عوامل قد تحد من سيطرة الجماعة على الاحتجاجات:
• الوعي الشعبي: إذا كان الشعب المغربي واعيًا لأهداف الجماعات السياسية وطرقها، قد يتمكن من مقاومة محاولات السيطرة عليها.
• التنظيم المحلي: إذا كانت هناك منظمات محلية قوية ومستقلة، قد تتمكن من تنظيم الاحتجاجات وتوجيهها بطريقة تقلل من تأثير الجماعات السياسية.
من المتوقع أن تستمر الاحتجاجات في المغرب حتى تتحقق المطالب الشعبية. قد تستجيب الحكومة لبعض المطالب، ولكن يبدو أن الحركة الاحتجاجية تريد إصلاحات جذرية. من المحتمل أن يلعب الملك دورًا حاسمًا في تحديد مصير هذه الأزمة.
والتساؤل الذي يطرح نفسه هنا ما تأثير تلك الاحتجاجات على المنطقة؟
في تقديري أن احتجاجات المغرب قد لا تنتقل بشكل مباشر إلى دول أخرى في المغرب العربي، لكنها قد تؤثر على المشهد السياسي والاجتماعي في المنطقة. الوضع يعتمد على كيفية تعامل الحكومات مع المطالب الاجتماعية والاقتصادية لمواطنيها.
نتمنى للمغرب الخروج من هذه الأزمة بسلام واستقرار، وأن تتحقق المطالب المشروعة للشعب المغربي. بطريقة سلمية، مع الحفاظ على الاستقرار والأمن في البلاد. إن الحفاظ على السلمية والتعبير السلمي عن المطالب هو السبيل الأمثل لتحقيق التغيير الإيجابي. وندين أعمال الشغب والتخريب ، ونأمل أن يجد الجميع سبيلًا للتعاون والعمل المشترك من أجل مستقبل أفضل للمغرب وشعبه.