ظاهرة زرع العملاء فى المواقع القبطية...
بقلم :منير بشاى
كانت وظيفة أجهزة الأمن المصرية، منذ زمن ليس ببعيد، تعتمد على السيطرة على الناس بالتحكم فيما يبث عليهم فى الراديو والتلفزيون ومراقبة ما ينشر فى الكتب والمجلات والجرائد والتصنت على ما يقولوه عبر التليفون. بل وكانوا يحتفظون بصور أشكال حروف كل آلة كاتبة موجودة على أرض الوطن ليعرفوا أين تنسخ المنشورات المضادة للدولة. كانت مهمة الأمن سهلة ومضمونة النتائج، أما اليوم فقد خرج الأمر عن سيطرتهم بعد تطور التكنولوجيا الحديثة وقيام ثورة المعلومات وظهور القنوات الفضائية وشبكة الانترنت وأصبح من المستحيل السيطرة عليها. ولذلك كان لابد لهم من ابتكار وسائل جديدة لتحقيق شىء من التحكم يتمشى مع ما استجد من تقنيات.
فى هذا المقال سوف أتناول كيف تتعامل الآن أجهزة الأمن المصرية مع مواقع الانترنت القبطية للحد من تأثيرها وسوف أحاول التركيز على الظاهرة وأهدافها وليس الاشخاص، فالاشخاص يتغيرون ولكن الظاهرة ستظل باقية معنا.
1- هؤلاء العملاء معروفون للجميع مهما ظنوا انهم نجحوا فى اخفاء هويتهم. وهم عادة يستعملوا أسماء مستعارة توحىى بالوطنية وتبعث الثقة فى نفوس القراء. من الممكن ان يكونوا أقباطا أو مسلمين ويستعملوا لغة تختلف بحسب مواهب وخلفية كل منهم. ومن توجه كتاباتهم يظهر حقيقة دورهم. فهم لا يعلقون الا على المقالات الحقوقية وهدفهم دائما هو احباط اى محاولة لفضح الظلم الواقع على الأقباط ومن ناحية أخرى أخذ جانب النظام بتبرير سياسته المتحيزة.
2- عادة يدخل هؤلاء علينا باسلوب مهذب ومعتدل ويبدأوا بعمل صداقات مع بعض الكتاب والمعلقين البارزين حتى يثبتوا أقدامهم ويستخدموا هذه الصداقات ليؤكدوا بها مصداقيتهم ومكانتهم.
3- وعلى قدر الاعتدال مع البعض فمن الممكن ان يكونوا سليطى اللسان مع البعض الآخر ممن يعارضوهم الرأى حتى يبثوا نوعا من الرعب فى قلوب من يتجرأ على التصدى لهم.
4- لهؤلاء المقدرة على اغراق صفحات الموقع بعشرات التعليقات التى يمكن ان يكون كل تعليق منها أطول من المقال الأصلى، والهدف واضح وهو تشتيت الانظار عن المقال. وهم لديهم الوقت لعمل ذلك كل يوم بالنسبة لعدة مقالات فى اليوم الواحد وهذا يظهر ان وظيفتهم الوحيدة هو هذا العمل.
5- وقد يلجأوا أحيانا لاستخدام اسلوب الاستفزاز بادعاء ان الكاتب قال شيئا بينما هو تحريف ومغالطة لما قاله، أو يأخذوا عبارة قالها بعيدا عن سياقها فتظهر عكس المعنى، وهنا قد يضطر الكاتب الى الرد ليصحح الأكذوبة فيقابل برد مقابل ويستمر السجال، وهذا هو هدفهم. أما اذا رفض الكاتب الرد فهنا يتصيدوا المعلقين على المقال ويدخلوا معهم فى نقاش جانبى فى موضوعات قد تكون بعيدة عن موضوع المقال لابعاد الانظارعن المقال الأصلى..
6- ولكسب ثقة الجمهور أحيانا يتظاهروا بالموافقة على نقطه لصالح الأقباط مثل الاعتراف ان الأقباط لهم مشاكل. ولكن سرعان ما يتجهوا بالنقاش الى ان الحل الأمثل هو القيام بشىء نظرى قد تم تجريبه ولم يوصل لشىء وبذلك ينجحوا فى تضييع وقتنا بحثا عن سراب خادع لا وجود له.
7- من تكتيكاتهم محاولة التخفيف من حجم الظلم الواقع على الأقباط بالقول انه مجرد تمييز وليس اضطهاد. هذا بينما تعريف الاضطهاد المعترف به دوليا انه "تمييز ممنهج" Systematic discrimination بمعنى انه تمييز مدروس ومترسخ ومستمر. والمرء يتساءل اذا كان ما يعانى منه الأقباط هو مجرد تمييز بسيط طارىء فلماذا لا يصحح وينتهى الأمر؟
8- ويدافعون عن ظلم الدولة للأقباط بترديد أكاذيب أو انصاف حقائق. مثل القول انه لو كان فى مصر اضطهادا لما أصبح قبطيا مثل بطرس بطرس غالى سكرتيرا عاما للأمم المتحدة!! وبذلك يوحون ان مصر هى التى منحته وظيفة سكرتير عام الأمم المتحدة، مع ان مصر هى البلد الذى استكثرعليه حتى منصب وزير الخارجية. والحقيقة انه لا توجد دولة لها سلطة التعيين فى الامم المتحدة. ولكن ما حدث هو أن مصر كانت ضمن الدول التى رشحته للمنصب لمصلحتها. ولكن المجلس كله هو الذى انتخبه. ومن ناحية أخرى يمكن أن يقال ان الضغوط التى فرضتها مصر والدول العربية على غالى لينحاز لصالحهم ربما هى التى حرمته من فرصة تجديد وظيفته لمدة ثانية.
9- واذا أثار الأقباط مشكلة مثل ضعف أو غياب التمثيل القبطى فى قطاعات هامة مثل المجالس النيابية واقترح البعض حلا يضمن عدالة التمثيل مثل تطبيق كوتة مؤقتة، فى الحال تقوم القيامة وتقتبس آراء بعض قادة الأقباط الدينيين مثل قداسة البابا وكيف انه لا يوافق على مبدأ الكوتة. مع ان قداسته قالها مرارا ان الكنيسة لا تتدخل فى السياسة، ولكنه من حقه كمواطن مصرى ان يعبر عن رأيه الشخصى فى القضايا السياسية ورأيه السياسى له تقديره ولكنه غير ملزم للشعب القبطى.
10- العلاج الذى يقدموه لحل كل مشاكل الأقباط هو مجرد ترديد شعارات لا تسمن ولا تغنى من جوع مثل شعار "المواطنة هى الحل" فمع ان ذلك الشعار كان موجود فى الدستور المصرى منذ عقود ولكنه لم يرجع فتاة قبطية أختطفت أو يبنى كنيسة هدمت أو أحرقت ولم يساعد قبطيا على الحصول على وظيفة مرموقة أو يساعد آخر على الانتخاب فى البرلمان. واذا طالب الأقباط بتعدى الشعارات الى الأعمال اتهموهم بأنهم لا يؤمنون بالمواطنة وأنهم لذلك غير جديرين ان يكونوا مواطنين والمواطنة شعار جميل اذا ارتبط بتطبيق معانيه أما الهائنا بالشعار دون تطبيق شىء منه فهو وسيلة للمراوغة والخداع.
وبعد.. ليس هذا المقال محاولة للحجر على حرية انسان فى التعبير عن رأيه. فالرأى والرأى الآخر يملأ المواقع القبطية دون اعتراض من أحد. ولكن حرية التعبير تعطينا نحن ايضا الحق فى الرد وفضح مخططاتهم. هذا وهناك خط فاصل بين حق التعبير البناء عن الرأى والعمل كأداة لنشر أجندة خاصة تسعى لترسيخ الظلم.
أخيرا لا بد من الاعتراف ان هؤلاء على درجة مهنية عالية ومدربين على أعلى مستويات التدريب. ولكن مهما بلغت كفاءتهم فعليهم ان يعرفوا ان الأقباط لن يخدعوا فهم يفهمون مخططاتهم جيدا، وسيفضحونها ويفوتوا عليهم الفرصة، لأن الحق فى جانبهم، والحق هو الله ذاته.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :