قصة للأطفال بقلم : زهير دعيم
لاحظت المعلّمةُ هديل في صباحِ يومٍ ربيعيّ جميل ، أنَّ الطّالبَ " كميل "  ما زال يقضم أظفاره كعادته .

وتذكرت المعلّمة أنَّ أمَّ كميل قالت لها  مرّةً بمرارة : كم أرجو أن تساعدينا كي نُخلِّصَ  ابننَا كميل من هذه الخُصلة السّيئة .

فكّرت المعلّمة هديل وفكّرت  ، ثمّ ابتسمت ابتسامةً خفيفة وهي تقول  : اسمعوا يا أحبّائي وانصتوا ، حان الوقت اليوم أن أحكيَ  لكم حكاية ، جميلة البداية والنهاية.

 سكت الأطفال وسادَ الهدوءُ أركان الصّفّ  ، كيف  لا وهم يحبّون القصص والحكايات ؟ !!
" كان يا ما كان ، في صفّ البستان ، في حارة الخوْخِ والرُّمّان ، طفلٌ صغيرٌ يدعى وجدان.
وكان وجدان جميل المنظر ، لطيف المَعشَر ، ناعم الخدِّ أسمر، أحبّه الأهلُ كثيرًا ، والمُعلّمة أكثر .

  إلا أنّه كان يقضم الأظفار  ، عندما يغوص في التفكير والأخبار .
وحاولت امّه  مرارًا أن تنهاه عن هذا السلوك فلم تنجح .

فطلبت الأمّ من المعلّمة  أن تساعدها في الأمر ، فحاولت  المعلّمة وحاولت ولكنها فشلت ايضًا ، فقد كان وجدان يعدها  ، ولكن سرعان ما يعود الى سلوكه القديم .

 إلى أن جاء يوم ، غاب فيه وجدان عن المدرسة ، فاتصلت المعلّمة تسأل امّه عن الخبَر، ولماذا يغيب وجدان الطفل القمر ؟

  فأجابت الامّ باكية  : إنّه في المشفى ، فقد ارتفعت درجةُ حرارته فجأة بسبب قضم الأظفار ، وقد اخبرنا الطبيب هناك ،  أنّ الأمراض والجراثيم  تختبئ تحت الأظفار.

    وتوقفت المعلمة هديل ، وأخذت تراقب الطلاب ، فإذا الجميع ينظرون إلى كميل  الذي أخذ يبكي وهو يخبِّئ يديه الصغيرتيْنِ خلف ظهره . 

اقتربت المعلمة منه وعانقته  بحنانٍ وهي تقول : " نسيتُ أن أخبركم يا أحبائي ،  أنّ وجدان عاد معافى من المشفى ، ورجع إلى المدرسة ، وترك عادة قضم الأظفار".

  رفع كميل رأسه وقال بتصميم طفوليٍّ : معلّمتي وأنا أيضًا سأفعل مثل وجدان، فلن اقضم أظفاري بعد الآن ...

   ضحكت المعلمة هديل وعانقته ثانية،  وطلبت منه ومن باقي الطلاب أن يُغمضوا عيونهم ، ففعلوا،  ثمَّ مدّت يدها إلى حقيبتها وأخرجت منها هدية  ملفوفة بورق ذهبيّ ، ومربوطة بشريط ليْلكيّ، وأعطتها لنادر  وقالت : "   الآن افتحوا عيونكم وقولوا لي ماذا يوجد في هذه الهديّة التي أحضرتها لكميل .

  وتطايرت الإجابات  من كلّ صوْب تملأ الفضاء:   فهذا يقول إنها طابة ملوّنة  ، وتلك سيّارة صغيرة ، وثالث طيّارة ورابع ....  

ضحكت المعلّمة وقالت  : اخطأتم يا أطفالي الأعزّاء.

ثمَّ طلبت من كميل أن يفتح الهدية .

 فبدأ يفتحها والعيون الصغيرة  تراقب .. فإذا به  قلمٌ  فِضيٌّ جميل ، معقود بشريطٍ بلون الخَميل ، منقوش عليه أسم كميل.

 عَلَت الصّيحات والبسمات وملأَ التصفيق أركان الصّف .

 وابتسم كميل،  وظهرت على وجهه الطفوليّ البريء ملامحُ التّصميم والتحدّي.