ماجدة سيدهم

ابنتي ..يوم ما ستغادرينني ..فإطمئني ..سأكون بخير.. ربما متناثرة .. كبقايا كثيرة.. وصديقة مقربة للأشياء والقطع الصغيرة بكل ركن بالبيت ..ثقي سأكون على مايرام حين أعتاد تكرار الأداء اليومي البطيئ..

  فحين تزورينني لا تتذمري في قلبك مني ..فأنا مازلت أجيد قراءة 
ملامحك وأفهم نبرة صوتك جيدا وأترجم وقع خطواتك ..
 
فحين ترين المنشفة ساقطة على الأرض ..فاعلمي أن آلام جسدي
 فاقت قدرتي عن التقاطها وإعادتها لمكانها..
 
حين يستوقفك غبار على زجاج المرأة  فاعلمي لم تعد لدي القدرة لألمعه كل صباح كما كنت بالأمس..
 
 لا تمتعضي من بعض أثار لقهوة عالقة على حافة الفنجان فرؤيتي لم تعد بالكفاءة لأتلقط اللون الداكن عن الأكواب كما السابق ..
ولا تدعي الشبع  فيما أعددته لك من طعام ..طبقك المفضل ..فكل المرطبات يا ابنتي عجزت أن تشد تجاعيد يدي ببعض من الرونق ..
 
واذا أساء في عينيك أظافري غير المشذبة فليس لإهمال مني بقدر أنه لم تعد أصابعي متمكنة لفعل الأمور البسيطة ..
 
ولا تتعجبي إذا رأيتي لم أبدل ثيابي مرة واحدة فربما في الغد أستطيع استكمال مايجب إبداله  ..
ومتى لاحظتي  مرة أن جسدي مبللا في محاولة للإستحمام فأعلمي أني لم أقو على التقاط المنشفة
الملقاة أرضا لأجفف جسدي بشكل مثالي  .. 
  وإذا التقينا بالخارج وكانت ملابسي غير متناسقة الألوان فليس لأني فقدت الذوق أو الإحساس بالجمال لكن بات جذب بعض الثياب عسيرا لي ..وأصبح الذي في متناول يدي هو ما أرتديه حتى لو تكرر كل يوم ..
 
ابنتي أعلم أنك لازلت صغيرة ..وأنا أيضا أتقدم في التعب ..فلا تنسي  كيف كان قدر إهتمامي وعنايتي بالترتيب وإعادة تغير الأماكن للمزيد من الطاقة والبهجة  وتنسيق الأشياء والورد في المزهريات وسكب الماء للعاصافير  كما في السابق   .. 
 
لكنه الغد الذي بات يطرق أبوابه بلا تمهل..فلا تتعجبي من بعض مظاهر غير محبوبة أفعلها رغم مني .. سامحيني..القوة خانتني ..وأشعر بالحرج كثيرا أمامك ..فلم أعد أنا المبهرة التى تفتخرين بها  بين الأصحاب فأعذريني ..لكن أعدك سأبقى لك الاحتواء والصلابة التى عليها تتكئين ..!