عندما كنا نبحث عن سبب معارضتنا لحكم العسكر في بداية حكمهم كانت مصر هي قضيتنا.
و بعد أن نجح العسكر في شق صفوف المصريين ببراعة غير مقصودة. وجدنا أن مصر بدأت تخطوا بل تعدوا إلي الانقسام الممنهج و المنظم بلا تنظيم.
بدأت روح مصر الوطنية في التفتت عندما بدأ حكم العسكر في تقسيم أبناء الوطن إلي عمال وفلاحين إلي ضباط جيش و شرطة و أطباء و معلمين ومهندسين وزراعيين. و انهار الاقتصاد كنتيجة مؤكدة لهذا التقسيم. فلم يعد العامل يرضي بدورة كعامل ولم يعد احد قادر علي إدارة مصر. انهارت خطوط الإدارة انهيار خطير المساواة التي أطلق شعارها العسكر كانت شعارات تقسيم وليست شعارات العدالة الاجتماعية.
وحدث ان تسمع في كل وقت وفي كل مكان عندما يختلف المصريين احدهم يقول أنت عارف أنا مين ؟
وعندما لبس العسكر البدلة العسكرية كوضع مميز في المجتمع بحث بقية القوي المتصارعة علي الحكم بألبسة مختلفة و بصورة تميزهم عن البقية الباقية.
لبس المتأسلمين الجلباب و الطرحة و لبس الأخر ألبدله و أطال الذقن وهذب الشارب فلبس المتأسلمين اللباس الباكستاني او لنقل الأفغاني واخذوا من الجزيرة الغطرة بلا عقال و البعض اتخذ من الشال الفلسطيني طرحة بعد ان اتخذ اليساريين شال الفلسطينية كشعار . وضاعت روح مصر الوطنية في الأرجل.
لم يعد المصريين مميزين عن بقية شعوب العالم إلا في القرى و الفلاحين بجلبابهم المصري الأصيل ولباس الناس من الجلابية البلدي و الطرحة السوداء.
لم تكن هذه مظاهر فقط بل هذه كانت بداية تقسيم مصر إلي فصائل وكل فصيل يعطي علامة للآخرين عن نفسه ولكي يميزون بعضهم البعض و يتحزبون لبعضهم البعض. و لم يتغير الأقباط في كل هذا التغيير . لم يلبسوا غطاء راس لا للرجال ولا النساء و لم يطلق الرجال الشوارب و الذقن و مازلوا . أي بمعني الفصيل الوحيد الذي لم يحاول أن يظهر نفسه حتى لا يساهم في تقسيم مصر.
وحدثت فجوة بين شعب مصر لا يمكن تجاهلها. مصر لم تعد دولة موحدة بل أصبحت دولة أمتيازات . نادي القضاة ونادي الضباط و نادي الأطباء ونادي المحاميين و نادي المدرسين و مستشفي المعلمين و مستشفي ضباط الشرطة و مستشفي ضباط الجيش و حتى هذه المستشفيات انقسمت الي مستشفي العساكر و ضباط الصف و اخري الي رتبة العقيد و أخري للرتب الاعلي من العميد إلي الفريق. و كأن الشعب المصري أصبح طبقات ولكل طبقة مكان مخصص به يعكس مكانته المادية أو ألمكانه المهنية.
اليوم نحصد ما سكتنا عنه سكتنا في كل حالات التقسيم لأننا كنا من المستفيدين، فنحن المتعلمين او لنقل الطبقة المنتمية الي هذه الفئات المهنية. فجاء لنا التقسيم الأعظم، التقسيم علي أساس ديني. وفي هذا التقسيم الديني سقطت الهوية المصرية مثخنة بجراح غائرة تسبب فيها الشعب الذي استطعم أن يكون مميز دون عن الآخرين.
وكما تعلمنا من دراسات طبائع الإنسان التنافسية كلما اتخذ المنافس خطوة نخطو نحن خطوتين في نفس الاتجاة لنثبت أننا الأفضل. حتى ولو كان هذا الطريق سينتهي بموت المتنافسين.
كتب البقال في أول الشارع أفضل بقال في الشارع فكتب البقال اللي بعده أفضل بقال في الحي و البقال التالي لهما كتب أفضل بقال في المدينة و البقال التالي كتب أفضل بقال في المحافظة و التالي أفضل بقال في البلد. حتى جاء أخر وكتب أفضل بقال في العالم، و تجمعوا جميعهم و قالوا له أنت كذاب لان محالنا بها نفس البضاعة التي تبيعها في بقالتك ؟
هكذا أصبح حال مصر كذبة كبيرة أطلقها شخص و مشي في ركبه كل الناس.
خسئتم يا شعب غبي مرغ وطنه في التراب و ركب مركب التقسيم ولا يري أحدكم حتى إلي أين انتم ذاهبون.