كتبها Oliver
-ليس مثل الرب شاهد أمين.فهو الناطق في الناطقين بإسمه.هكذا تعلمت و عشت و رأيت منذ أخذني أبي هليل إلى مدرسته(بيت هليل) و أبي هو مؤسس مدرسة تفسير الشرائع من الأسفار المقدسة.لا أخفي عليكم أنها مدرسة فريسية الهوى.تربيت فيها على تقديس الحرف.فى مدرسة أبي تعلمت الترجمة بعدما صارت ضرورة منذ عاد الشعب من سبي بابل حيث لم نعد نتكلم العبرية بل الأرامية فكان لابد من الترجمة إلى الآرامية.حتى نستطيع أن نقرأ كلمة الله. وقتها أحببت الترجمة..كنا نترجم الكلمات شفوياً ثم إحتاج الأمر إلى الترجمة المكتوبة نح8: 5-9.
- درست ترجمة سيسرون لكتاب الكوميديا اليونانية لكي أتقن اليونانية بعدما صارت لغة التواصل و التجارة و إنتشرت في جميع أنحاء الإمبراطورية..تعلمت منه ترجمة المعني و موازنة الجملة بالجملة و ليس الكلمة بكلمة.حتى صرت معلماً لمادة الترجمة في مدرسة أبي بعد أن مات.كان هناك مترجمون آخرون من مدرسة (بيت شماى الرابي ) و( أكيا الرابي )و كذلك مترجمون من الشتات يهود الإسكندرية و يهود طرسوس.يجتمعون حتى نتوصل إلى تشريعات جديدة.
-ذات صباح دخل المدرسة جنود الملك و بعض كهنة الهيكل أرسلهم أليعازر رئيس الكهنة.طلبوا أن نستعد للسفر إلى فاروس .كنا نعرف الإسكندرية بأنها فاروس أى المنارة .أخبروننا أننا سنقدم خدمة ليهود الشتات بأمر من بطليموس الملك.و كان الملك قد أنشأ مكتبة الإسكندرية و عهد إلى ديميتريوس ليكون مديرها .حين هممنا بالسفر وجدت رفقاء كثيرون من علماءنا ففرحت بلقاءهم .سافرنا و في فاروس تعرفنا على ديمتريوس أمين مكتبة الإسكندرية.عند الميناء كان مندوب الملك و حوله الشعب إستقبلوننا كالأبطال و نحن مندهشون يهتفون حتى وصلنا إلى قصر الملك.فأخبرنا أننا لأجل ترجمة الأسفار المقدسة جئنا.و أن غرف فاروس قد أخليت لأجل راحتنا.كل الأقلام و الأحبار و ماء الذهب قُدمت بوفرة.
-أسكنونا كل إثنين معاً.كان رفيقي رجلاً باراً مدققاً.وزع علينا ديمتريوس البليغ أسفار الكتاب المقدس و كان سفر إشعياء من قرعتي مع رفيقي.كانت مكتبة الإسكندرية تحت تصرفنا.رأيت فيها من العلوم و الآداب و الأسرار ما لم أقرأه و لا سمعت عنه في حياتي.ما كان مسموحا لنا بأن نذهب إلى مكان سوى المكتبة و لا أن نخاطب أحدا.كان العمل شاق و أنا كنت خائف من الخطأ و السهو.أخذت و رفيقي سفر إشعياء و إنهمكنا في الترجمة و كان أحدنا يراجع الآخر في كل شيء.
-ما كان أحدنا منشغل إلا بترجمة السفر الذى وقع فى قرعته.كنا لا نبدأ الترجمة إلا بصلاة.و لا ننتهى من جزء فيها إلا بصلاة.كنا فى مخافة و رعدة من الله.فكل كلمة إلهية لابد أن تترجم لتأخذ نفس مدلولها فى العبرية.و كنا نخشى الخطأ.كانت الترجمة تتم بدقة و الرب أعاننا جداً.حتى وصلت إلى قوله : يعطيكم السيد نفسه آية.ها العذراء تحبل و تلد إبناً و يتدعو إسمه عمانوئيل.إش7: 14.وقفت طويلاً قدام الآية. يكاد الليل ينقضى.قلت في نفسي أن كل عذراء هى فتاة لكنها متى حبلت لن تبق عذراء.فلأكتب : ها الفتاة تحبل و تلد إبناَ . و هكذا إرتاح فكري للترجمة .تعبت فنمت و لم أطلع رفيقي على الترجمة لأني لم أنته منها بعد.
-إستيقظت قلقاً مما رأيت أو مما سمعت أو مما تراءى لى لست أدري. قال لي صوت :أكتُب ها العذراء تحبل و تلد. و أنت لن تمت حتى تري العذراء و تري عمانوئيل إبنها.جريت إلى أوراقي فوجدت الترجمة التي كتبتها بالأمس هوذا الفتاة فإذا هي مكتوبة هوذا العذراء.فعلمت أن ما رأيته هو من الله فأخذت ماء الذهب و كتبت هذه الآية بخط مستقل و صوت الرؤية يخاطبني كل الوقت .رويت لرفيقي الرؤية و أريته الترجمة للآية و أخبرته بأنني سأري العذراء و مولودها..
-إثنان و سبعون يوماً مرت كالسنين متثاقلة.حتى أكاد أقول أننا خرجنا من العالم طوال هذذه المدة.كانت الآيام كصلاة .إرتفعنا إلى السماء و عدنا.ليتنا ما عدنا.نظرت إلى غرفتنا التى رأيت و سمعت فيها كلمة الرب.في هذه الغرفة صار لي عمر خاص و وعد خاص و رجاء يتبلور تفسيره مع الأيام.كتبت على جدار الغرفة هوذا العذراء تحبل و تلد إبنا و تدعوه عمانوئيل أى الله معنا.زخرفت الكتابة التي كتبتها كأنها إقرار مني بصدق الوعد الإلهي رغم إستحالته بالمنطق البشري.
-سلمنا ديميتريوس الأسفار المترجمة.كان يهود الإسكندرية يصرخون للرب.كل سكان فاروس يحتفلون.حتى صار هذا لهم تذكار عيد لسنوات طويلة.كان كل إثنان يخرجان من غرفتيهما و علي الوجوه نور و سلام.كانت دموعنا تنسكب في صمت.لأننا كنا في لقاء فى الأعالي.جالسين في السماء نتعلم اسرار الكلمة الإلهية.و كان الناس يُقًبلون كفوفنا.يجمعون الأقلام المكسورة كأنها كنز.يرفعون قنينات الحبر كالأكاليل.ألهذا القدر كانت تلك النفوس عطشي إلى الكلمة.يقدسون الأسفار الإلهية.
-عدنا إلى أورشليم.عدنا لكن ليس كما ذهبنا.جريت إلى الهيكل بحيوية الشباب.كلنا جرينا دون أن نتفق مسبقاً.هناك إرتمينا قدام الرب.عاد كل واحد إلى مدينته.أما أنا فبقيت فى أروقة الهيكل أنتظر العذراء و المولود .لم يعد عقلي من الرؤية.بل تسمر فيها و تسمرت فيه.و صارت الأيام تنقضي بسرعة ثم تباطئت. لكن ما صار لي في الهيكل أعظم مما ترجوت. سأحكي لكم ما صار معى هناك.