نادر شكري
عندما يُهدم تراث وطن، فالأمر لا يقتصر على سقوط جدران أو زوال مبانٍ، بل هو جريمة في حق التاريخ والذاكرة الجماعية للأمة. فكل حجر من بيوت الأجداد وكل نقش على جدران الماضي، هو شاهد على حضارة وملحمة كفاح. إن تدمير التراث ليس مجرد إهمال أو عبث، بل هو محاولة لطمس الهوية ومحو شواهد العزة، لتُترك الأجيال القادمة بلا جذور ولا ذاكرة. وهكذا يتحول الفعل من مجرد هدم عمراني إلى جريمة حضارية كبرى
هذا ما ينطبق اليوم على جريمة تقع في محافظة السويس، بهدم " بيت بطرس كساب" وعمره 300 عام، ويعد من معالم المحافظة، في خطوة أثارت إستياء مواطني السويس، في هدم قيمة أثرية تاريخية كان البديل إعادة ترميمها وانقاذها لتكون شاهدة على تاريخ هذه المحافظة، ولكن كالعادة بعد هدم مبنى هيئة السكة الحديد برمسيس، تستمر عملية تجريف التراث بهدم هذا المنزل كان مقرًا لجمع الضرائب على التجارة بين مصر والهند، وشهد إقامة الزعيم أحمد عرابي بعد عودته من المنفى، كما صمد شامخًا أمام نيران العدوان الثلاثي وحرب يونيو، ويقع في منطقة الكورنيش بالخور وكانت من أهم الموانىء في الشرق الأوسط قبل بناء قناة السويس، وتعرض هذا المنزل للإهمال على مدار سنوات طويلة مما تسبب في تدهور حالته وتساقط بعض أجزاء منها، وفى عام 2018 صرح محافظ السويس أنه يعمل على ترميم كافة المباني الأثرية وسوف يتم النظر لبيت بطرس كساب، ولكن دون جدوي لتنتهي قصته اليوم ويصبح أكوام من التراب.
• أقيم على انقاض بيت نابليون بونابرت
عندما وصل القائد الفرنسى نابليون بونابرت إلى السويس قادما من القاهرة كان مقر إقامته هو المنزل الذى هدمه بطرس كساب أعاد بناءه وعقب عودة أحمد عرابى باشا من المنفى أقام داخل منزل بطرس كساب عدة أيام ليشهد المنزل التاريخى إقامة وقائع وجلسات تاريخية تزيد من قيمته التاريخية التى أصبحت تاريخا فى الذاكرة والأوراق فقط، بعد أن دمرت الأعوام المنزل بسبب عدم الاهتمام به والتعامل معه على أنه مجرد منزل تساقطت جدرانه مع الزمن.
• أقيم في أهم ميناء تاريخي
المنزل التاريخى الذى يتجاوز عمر بنائه 300 عام يقع بكورنيش السويس القديم أو منطقة الخور القديمة بالسويس، والتى تطل على مياه خليج السويس، والتى كانت منطقة الخور من أهم الموانئ فى الشرق الأوسط، حيث كانت البضائع تمر منها وإليها إلى الهند وكانت حلقة الوصل بين قارة آسيا وأوروبا عن طريق الميناء، كما أن ميناء السويس القديم بالخور كان الطريق الرئيسى والوحيد للوصول إلى الجزيرة العربية لأداء مناسك الحج.
• تدهور حالته
خلال السنوات الماضية تعرض للتهالك ومنها جدران متساقطة تحول إلى مكان لتجمع القامة والحيوانات الضالة، وظهرت ولافتة تحمل اسم صاحب المنزل مازالت تقاوم الإهمال، لتكون شاهدا على التاريخ الكبير للمنزل الذى تم بناؤه قبل إنشاء محافظات بمدن القناة مثل الإسماعيلية وبورسعيد.
وقال باحث تاريخي ، أقيم هذا المنزل على أنقاض منزل التاجر المسيحى عنصرة، الذى أقام به نابليون بونابرت حيث بحثوا عن مكان يليق باستقبال نابليون فلم يجدوا غير بيت عنصرة، وعندما جاءت الإمبراطورة أوجينى إمبراطورة فرنسا حفل القناة نزلت بالسويس قبل سفرها لمشاركة الخديوى حفل الافتتاح، وطلبت أن تزور البيت الذى نزل فيه نابليون فوجدته قد تهدم واشترى الأرض بعد ذلك بطرس كساب وشيد المبنى الموجود حالياً.
وأضاف يحمل المبنى لوحة بالحروف اللاتينية P.KASSAB هى اختصار بطرس كساب جد صاحب منزل بطرس كساب كان المسئول الأول عن جمع الضرائب من الخط الملاحى الذى يربط بين مصر والهند خلال عصر محمد على باشا، وأن مذكرات نوبار باشا مذكور بها معلومات كاملة عن مسئول جمع الضرائب، هذا بجانب أن المنزل التاريخى أقام به القائد الفرنسى نابليون بونابرت وأحمد عرابى باشا عند عودته من المنفى.، وأن المبنى الآن معرض تعرض للأهمال بمدينة السويس دون اتخاذ إجراءات سريعة لانقاذه
وأشار أن منطقة الخور أو ما يطلق عليه الكورنيش القديم بالسويس هى المنطقة التى كانت ميناء قديم للسويس قبل إنشاء قناة السويس حتى عام 1967 كانت ميناء الصيادين وكان يوجد أزق بحرى كبير لإصلاح السفن بمختلف أنواعها، وهنا كانت السويس القديمة وكان يوجد على مسافة 100 مقابر السويس القديمة.