بقلم: أشرف عبد القادر
قرأت اليوم 2013/1/30 ببالغ الأسى،رحيل الصديق والمفكر الإسلامي المستنير،الذي قليلا ما يجود الدهر بمثله، الأستاذ جمال البنا،الشقيق الأصغر لمؤسس الإخوان المسلمين حسن البنا.

المفكر والمجدد جمال البنا ناقش،تقريباً،جميع مشكلات الإسلام في عصرنا،وحاول أن يقدم لها حلولاً دينية إسلامية مستنيرة.وبجراة كبيرة ،وببعد نظر وإخلاص ديني عميق،منذ شعارات الإسلام السياسي المعاصر،من شعاره"الإسلام هو الحل"إلى جعل المتأسلمين" الحجاب" ركناً سادساً من أركان الإسلام. فقد أوضح جمال البنا أن الإسلام ليس فيه حلولاً لجميع مشاكل المسلمين اليوم،وان هذه المشاكل أعقد من أن يحلها أي دين،بل إن المسلمين المستنيرين بعلوم عصرهم هم وحدهم القادرين على حلها،أو على الأقل محاولة حلها.

أما عن"الحجاب"فقد قال المرحوم جمال البنا فيه كلمته، التي سارت مثلاً شائعاً:"لم يفرض الإسلام الحجاب على المرأة، بل فرض الفقهاء الحجاب على الإسلام".وأوضح في كتابه"الحجاب"لمحة تاريخية عن الحجاب،وأعاده إلى قانون أصدره ملك آشوري في القرن الثاني عشر قبل الميلاد،فرض فيه الحجاب على المرأة الحرة،حتى لا يراودها أي ساكن من سكان آشور؛وحرّم الحجاب على المرأة غير الحرة معتبراً أنها مباحة لجميع الناس،وبإمكانهم مراودتها وحتى اغتصابها.

 وهذا ما هو مطبق في الإسلام أيضاً،فالحجاب مفروض على المرأة الحرةنوممنوع على الجارية، ونعرف أن الخليفة الثاني عمر ابن الخطاب راى ثلاث جواري متحجبات فضربهن وأمرهن بنزع الحجاب قائلاً: الحجاب هو للمرأة الحرة فقط.فهل يبقى بعد هذا مجال للشك في أن الحجاب كما قال مفتى مصر السابق وشيخ الأزهر د.طنطاوي،بعد البنا،بأنه"عادة وليس عبادة".بل إنه عادة وثنية تبناها فقهاء الإسلام بغير تفكير في مصدرها الذي لا شك أنهم كانوا لا يعرفونه،وإنما قلدوا اليهودية في إرغام المرأة على ارتداء الحجاب لستر شعرها.

كما أن جمال البنا ساهم بكتابين هامين هما:"جناية قبيلة حدثنا"،و"تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث التي لا تلزم"،طهر فيه هذين"الصحيحين"من مئات الأحاديث الخرافية التي تتعارض صراحة مع القرآن،والتي تضلل المسلمين وتسيء إلى حياة النبي(ص).

أفضل خدمة نقدمها للمغفور له جمال البنا،بعد موته،هي خدمة فكره الإسلامي المستنير الذي لا يموت.

هذه الكلمات يا صديقي العزيز من فيض الخاطر،وأطلب من جميع أنصار الإسلام المستنير أن يقدموا دراسات تفصيلية عن شخصية جمال البنا،وعن فكره الإصلاحي الذي نحن اليوم في أشد الحاجة إليه.

رحمك الله يا صديقي ،ويا هرم مصر الإسلامي المستنير،وطيب الله ثراك،وأسكنك فسيح جنانه.
ashraff3@hotmail.fr