محرر الأقباط متحدون
قام الكاردينال جان-مارك أفيلين، رئيس أساقفة مرسيليا ورئيس مؤتمر الأساقفة الفرنسيين، بزيارة راعوية تضامنية إلى الأرض المقدسة استغرقت خمسة أيام. هدفت الزيارة إلى التعبير عن القرب الروحي والدعم للمسيحيين المحليين، والاستماع مباشرة إلى شهاداتهم في هذه الأوقات العصيبة، والتأكيد على أن الرجاء بالمسيح يبقى الأساس والمرساة الثابتة في هذه الأرض.
رافق الكاردينال أفيلين في زيارته كلّ من المطران بونوا برتران ورئيس الأساقفة فانسان جوردي، نائبي رئيس مؤتمر الأساقفة الفرنسيين، وقد شملت الزيارة محطات لقاء مع المؤمنين والمكرّسين وأبناء المجتمع المحلي في أبو غوش والطيبة وبيت لحم والقدس، حيث أكد الكاردينال في كل محطة على أهمية الشركة الأخوية والدعم الروحي لـ "الحجارة الحيّة" للكنيسة الأم.
الإيمان الحي في الطيبة
يوم الأحد 17 آب، ترأّس الكاردينال أفيلين القداس الإلهي في رعية المسيح الفادي للاتين في بلدة طيبة، والتقى بأبناء الرعية والشباب والقادة الكنسيين والمدنيين. وقد رحّب به غبطة البطريرك السابق ميشيل صبّاح و الأب بشار فواضلة، كاهن رعية الطيبة.
تأمّل الكاردينال أفيلين في كلمات البطريرك صبّاح حول صمود الكنيسة المحلية في مواجهة المحن، مستشهداً بتعبيره أن مسيحيي الأرض المقدسة يختبرون امتداد آلام المسيح وخلاصه في حياتهم اليومية.
زيارة بيت لحم
في اليوم التالي، توجّه الوفد إلى مدينة بيت لحم برفقة المطران وليم شوملي، النائب البطريركي العام، حيث زار دير عمّانوئيل القريب من الجدار، ورفع الصلاة في كنيسة المهد، كما التقى الكاردينال وزير السياحة والآثار، السيد هاني الحايك، الذي قدّم شرح مفصل حول الأوضاع الصعبة التي تمرّ بها المدينة نتيجة غياب السياحة والتضييقات المختلفة بالإضافة إلى تحدّي هجرة المسيحيين.
وخلال زيارته لجامعة بيت لحم، اجتمع الكاردينال مع الأساتذة والطلاب، مؤكدًا على دور الجامعة الحيوي في إعداد أجيال متعلمة وملتزمة بخدمة المجتمع.
القدس: غنى وتنوّع الحياة المسيحية
وفي القدس، ترأس الكاردينال القداس الإلهي في كنيسة القيامة، حاملاً نوايا المؤمنين الكاثوليك في فرنسا ليضعها في وحدة صلاة مع الكنيسة المحلية، كما زار راهبات الكرمل في دير "أبانا"، والتقى عددًا من الجماعات الرهبانية الناطقة بالفرنسية في الصرح البطريركي، مسلّطًا الضوء على غنى وتنوّع الحياة المسيحية في الأرض المقدسة.
زيارة تتجلّى فيها روح الإصغاء واللقاء
يوم الثلاثاء 19 آب، التقى الكاردينال أفيلين بغبطة الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، وبالأساقفة والكهنة المعاونين، وخلال لقائه بالصحفيين في دار البطريركية، أكد أن زيارته كانت "حجًا للإصغاء والفهم"، تمّت ببركة من قداسة البابا لاوون الرابع عشر، كعلامة قرب ورحمة من كنيسة القدس.
كما أجرى الكاردينال اتصالًا هاتفيًا مع الأب جبرائيل رومانيلّي، كاهن رعية العائلة المقدسة في غزّة، ليؤكد له تضامن الكنيسة في فرنسا واتحادها بالصلاة مع إخوتها المتألمين، معربًا عن تقديره للقوة الروحية والإتكال العميق على العناية الإلهية التي يجسّدها الكهنة والمؤمنون في ظل المعاناة، معبراً بقوله: "غزّة تسكن دائمًا في قلوبنا وصلواتنا."
الحج كمسيرة تضامن
من أبرز ما شدّد عليه الكاردينال أفيلين خلال زيارته هي الدعوة إلى استئناف تدريجي للحج إلى الأرض المقدسة، وفي تصريحات سابقة نقلها الفاتيكان نيوز، دعا المؤمنين إلى أن يكون حجّهم ليس فقط لتعميق إيمانهم أو لالتقاط الصور، بل للقاء المؤمنين المحليين الذين يعيشون هنا. وأوضح أن الحج الحقيقي يتطلّب ارتدادًا داخليًا، قائلاً: "الحاج الذي يفهم أنّ هناك مسيحيين في هذه الأرض لا يستطيعون القيام بالحج الذي يقوم به هو… حج يتحوّل إلى خبرة شركة كنسية وتضامن."
روابط متجددة بالشركة والرجاء
رغم التحديات، شدّد الكاردينال أفيلين، كما نُقلَ عن فاتيكان نيوز، على عمق الرجاء المسيحي الحي بين المؤمنين، بقوله: "الرجاء ليس مجرد اندفاع مؤقت، بل هو فرح عميق، فعندما تختفي كل أسباب الرجاء البشري، يبقى رجاء القيامة حاضرًا في قلوب من يؤمنون بالمسيح." واستشهد بالراهب الترابيستي أندريه لووف قائلاً: "الله قادرٌ أن يصنع روائع من أنقاض أحلامنا، هنا تحطمت أحلام كثيرة، وملأ الأنقاض المكان، ومع ذلك، يبقى الرجاء الذي جئنا لنشاركه، وهو رجاء القيامة."
وفي ختام الزيارة، عبّر رئيس أساقفة مرسيليا عن امتنانه الكبير لحفاوة الاستقبال التي لقيها من البطريركية اللاتينية في القدس ومن مختلف الجماعات المسيحية في الارض المقدسة، مؤكّدًا أنه سيحمل أصواتهم وشهاداتهم إلى فرنسا وأوروبا لتعزيز الوعي والتضامن مع الكنيسة في الأرض المقدسة.