هاني صبري – الخبير القانوني والمحامي بالنقض
تُثير مسألة احتجاز أو حبس الأشخاص المتحولين جنسيًا إشكاليات قانونية وحقوقية معقدة، تتقاطع فيها اعتبارات الأمن، وحقوق الإنسان، والاحتياجات الطبية والنفسية. 

وفي مصر، لا توجد حتى الآن نصوص قانونية واضحة تحدد كيفية أو مكان احتجاز المتحولين جنسيًا، مما يترك القرار في كثير من الأحيان لاجتهادات السلطات الأمنية أو القضائية، وهو ما قد يترتب عليه تحديات عملية وانتهاكات محتملة.

فالقانون المصري، وبخاصة قانون تنظيم السجون رقم 396 لسنة 1956 وتعديلاته، يخلو من أحكام صريحة تنظم تصنيف أو احتجاز هذه الفئة.

* يتم توزيع المحتجزين عادةً حسب الجنس المسجل في الأوراق الرسمية، بغض النظر عن مظهرهم الجسدي أو هويتهم الجندرية.
هذا يخلق فجوة قانونية، حيث قد يتم حبس شخص متحول جنسيًا في بيئة لا تتناسب مع هويته أو حالته الجسدية.

الإشكاليات الناشئة عن الوضع الحالي:
    1. خطر الاعتداءات والانتهاكات
    •    إيداع المتحولين جنسيًا في عنابر لا تتوافق مع هويتهم الجندرية قد يجعلهم عرضة للتحرش أو العنف من باقي النزلاء.

2. المعاملة التمييزية •قد يتم عزل بعض المحتجزين عزلاً انفراديًا “لأسباب أمنية”، إلا أن العزل لفترات طويلة قد يرقى إلى معاملة قاسية أو لا إنسانية.

3. المشكلات الصحية •حاجة بعض المتحولين جنسيًا إلى أدوية هرمونية أو رعاية طبية متخصصة، وهي غالبًا ما تكون غير متاحة في أماكن الاحتجاز.

4. غياب الوعي والتدريب نقص التأهيل والتدريب للعاملين بالسجون قد يؤدي إلى سلوكيات مهينة أو تنمرية تجاه هذه الفئة.

** نظرًا لغياب نصوص واضحة، نقترح إضافة مادة جديدة إلى لائحة السجون المصرية تنص على ما يلي:
“يُجرى فور استقبال أي شخص متحول جنسيًا فحص طبي شامل وتقييم نفسي واجتماعي بواسطة لجنة متخصصة، لتحديد مكان الإيداع الأنسب بما يضمن الحماية اللازمة ويحفظ الكرامة الإنسانية.

يُحظر اللجوء إلى الحبس الانفرادي كوسيلة حماية إلا للضرورة القصوى، ولمدة لا تتجاوز خمسة عشر يومًا، مع توفير الرعاية الطبية اللازمة وضمان استمرار أي علاج هرموني ضروري.

تُصدر مصلحة السجون لائحة تنفيذية تُحدد إجراءات تطبيق هذه المادة بما لا يتعارض مع القانون.”

أهداف المادة المقترحة:
    1.    سد الفراغ التشريعي بوضع إطار قانوني واضح للتعامل مع المتحولين جنسيًا في أماكن الاحتجاز.
    2.    حماية الكرامة الإنسانية بما يتماشى مع المادة (55) من الدستور المصري التي تحظر إيذاء المحبوسين بدنيًا أو معنويًا.
    3. تحقيق التوازن بين الأمن والحقوق من خلال تحديد أماكن الاحتجاز بناءً على تقييم مهني شامل.
    4. توفير الرعاية الطبية الملائمة بما في ذلك استمرار العلاجات الضرورية.
5.    توحيد المعايير بين مختلف السجون وأقسام الشرطة بدلًا من القرارات الفردية المتباينة.

يرتكز هذا التعديل على المعايير الدولية، ومنها،  قواعد نيلسون مانديلا (2015) بشأن معاملة السجناء.، مبادئ يوغياكارتا، التي توصي بـ:
•    تقييم حالة كل محتجز متحول جنسيًا بشكل فردي لتحديد مكان احتجازه الأنسب.
• توفير بيئة آمنة تحترم الهوية الجندرية.
• ضمان استمرار أي علاج هرموني أو طبي كان يتلقاه المحتجز قبل الحبس.
• تدريب موظفي السجون على التعامل باحترام ومهنية مع المتحولين جنسيًا.

ونري إنه في ظل غياب تشريع مصري واضح، تبقى قضية مكان احتجاز المتحولين جنسيًا محل اجتهادات قد تضر بحقوقهم أو سلامتهم. ومن ثم، فإنني أطالب بإحالة هذا المقترح إلى وزارة الداخلية ومصلحة السجون لدراسته ودمجه في اللائحة التنفيذية لقانون السجون، مع إصدار تعليمات تدريبية للعاملين، سيكون خطوة أساسية لضمان التوازن بين مقتضيات الأمن واحترام الكرامة الإنسانية، بما يتوافق مع الدستور المصري والمعايير الدولية.